قرابة 12 مليون دولار صُرفت لقائمة الإعاشة الخاصة بالمسؤولين في الخارج، بينما تم وقف صرف الإعاشة المقررة لضباط وجنود الجيش الوطني المرابطين في الخنادق والجبهات.
إعاشة الجندي المعتمدة من وزارة المالية لا تتجاوز 800 ريال يمني في اليوم الواحد لتغطية ثلاث وجبات، في حين أن أصغر موظف مدرج ضمن قائمة الإعاشة الخارجية يحصل على ما لا يقل عن 80 دولارًا يوميًا، أما المسؤولون الكبار فتصل إعاشتهم اليومية إلى 2000 دولار!
فأي حديث بعد ذلك عن "إصلاحات اقتصادية" يبقى بلا معنى أمام هذا الجُرم الفادح في ميزان العدالة؟
ذهبوا ليحاسبوا جيشًا استقطع ضرائب القات في محور تعز باعتبارها مخالفة للقانون، بينما غضّوا الطرف عن أنفسهم وهم يرتكبون جريمة مكتملة الأركان: صرف استحقاقات غير قانونية تمثل عملية سطو وسرقة منظمة.
إن مبلغ 12 مليون دولار، أي ما يعادل عشرين مليار ريال يمني، كان كفيلًا بتغطية إعاشة الجيش الوطني وقوات الأمن لثمانية أشهر متواصلة. فأين الأولويات؟ في زمن السلم تكون أولوية الجيش حاضرة، فكيف الحال ونحن في زمن الحرب؟
إنني أقولها بوضوح: التوجه نحو الإصلاح لم يكن سوى كذبة مفضوحة، فيما نحن ما زلنا نقف على حافة انهيار اقتصادي واجتماعي.
وبدلاً من اتخاذ قرارات إصلاحية جادة لتعزيز ثبات سعر العملة وحماية ما تبقى من موارد الدولة، مضوا في صرف إعاشة خارجية قائمة على أسماء لا يستحق أصحابها شيئًا، بل هم – في نظر القانون والعدالة – لصوص مختلسون ينهبون المال العام ويأكلون الحرام في الحرام.
إلى كل الضمائر الحية الغيورة ..
ألم يحن الوقت لكشف هذه المهازل؟! ألم يحن الوقت لوقف هذا العبث الذي ينهش كرامة الجندي ويهدر قوت الشعب؟
لقد آن أوان أن يرفع الجميع أصواتهم في وجه هذا الفساد المستشري، وأن نطالب بمحاسبة كل مسؤول استباح مال الدولة بينما الجندي المرابط على خطوط النار يبحث عن لقمة عيشه.
إن الصمت على هذه الجرائم هو خيانة لدماء الشهداء وحقوق الأبطال، وإن التستر على هؤلاء الفاسدين هو مشاركة في الجريمة.
فلنقلها جميعًا وبصوت واحد: أعيدوا أموال الشعب إلى الشعب.. أوقفوا سرقة الإعاشة.. الجندي أولًا!