كنت أود كتابة شيء مغاير هذا العام لنتذكر ما هي أسباب ما آلت إليه أوضاع اليمن، في الذكرى الثالثة والستين لثورة سبتمبر.
وقد كتبت، لكنني أحجمت عن النشر الآن، ربما حفاظًا على “وحدة الصف” كما يتردد؛ وليس بالضرورة وحدة الهدف، ووحدة الوطن. وهذه هي الفريضة المغيبة، أو الغائبة.
وما الذي تعنيه وحدة الصف، دون وحدة الهدف ووحدة الوطن؟
لم تعد وحدة الوطن تشكل أولوية عند بعض “الجمهوريين” و”الثوريين”، وقد صارت الوحدة قابلة للأخذ والرد والمساومات. حتى إن رئيس مجلس الرئاسة يزيل كلمة الوحدة، أينما وردت، وآخر مرة أمس، عندما أُزيلت من خبر لقائه برئيس الوزراء المصري في وكالة سبأ، لكنها موجودة في وسائل الإعلام المصرية، كما تحدث بها رئيس الوزراء المصري.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُزال فيها كل ما يتعلق بالوحدة من أخبار رئيس مجلس الرئاسة، ولن تكون الأخيرة.
وهذا لن يلفت نظر كثير من “الثوريين” والجمهوريين” خاصة الجدد، وقد يبررون ذلك كعادتهم.
كنت أود أن نتذكر أيضًا أن الحـ ـوثي حسين، عندما بدأ تمرده المسلح في 2004، لم تكن الجمهورية بعافية، فقد صارت شيئًا أدنى بكثير من جمهورية حقيقية، بل إن حقيقة الدولة الحازمة العادلة كانت ضعيفة ومتلاشية كثيرًا، وقد سُرقت الثورة والجمهورية على مراحل.
ولو كانت الدولة حازمة وعادلة، وما تزال الثورة والجمهورية بخير، بمعانيها وقيمها وأهدافها، لما تجرأ الحـ ـوثي أن يطل برأسه، ولو فعل، لحُسم أمره على الفور، ولما تجددت حروبه حتى سيطر على صنعاء.
الثورة والجمهورية مبادئ وسلوك وممارسات والتزام، وليست مجرد مزاعم وشعارات وادعاءات.
أما عندما اجتاح الحوثي صنعاء وسيطر عليها في 2014، فلا يستطيع أحد أن يقول إن الذين تواطؤوا والذين تخاذلوا، والذين وقّعوا معه اتفاق السلم والشراكة، والذين تحالفوا معه، لهم علاقة بحقيقة الجمهورية أو الثورة، ولا بمعانٍ أخرى تتعلق بالكرامة والوطنية اليمنية، مع أننا لا نرغب في توزيع الصكوك.
وهناك الآن من يتحدث عن اليمن وعن الثورة والجمهورية، وهو عمليًا يخدم أهداف الخارج في تجزئة بلادنا وتقسيمها وإهانتها.
وإذا تشرذمت اليمن وتجزأت وفقًا لمشيئة الخارج، والتبعيات والعمالات من الداخل، فما الذي سيتبقى من الثورة والجمهورية، ومبادئهما وأهدافهما؟
ونعلم أن تحقيق الوحدة كان أحد أهداف الثورة اليمنية قبل أن تتحقق. أما بعد تحقيقها، فإن المساومة حولها أو التفريط فيها خيانة عظمى، وفقًا لقوانين الجمهورية اليمنية.
حتى وإن كان عيدروس وداعموه يهدفون من وراء تجزئة اليمن إلى إقامة علاقة مع نتـنياهو، كما يقول عيدروس.
أو أن هاني بن بريك يريد زيارة اليـ ـهود “الجنوبيين” في إسرائـيل، كما سبق وصرّح!
وقلت له حينذاك، إنه سيجدهم هناك وحدويين أيضًا. وبإمكانه ملاحظة أن موني، وهو من يهـ ـود لودر، وحدوي تمامًا، ويتوشح علم اليمن باستمرار. وغيره كثير من اليـهود اليمنيين لا يتنكرون لليمن، مثل أصحاب الجنوب العربي، وإنما يعتزون بالانتماء إلى اليمن تمامًا.
نثق أن أحرار شباب اليمن، يتواجدون الآن بين الصفوف، وسيكون عليهم البروز إلى المقدمة، وسيُترَك كل الزيف في مكانه الطبيعي، في الخلف تمامًا.
وستنتصر اليمن.
كل عام وأنتم بخير.