بحسب وكالة رويترز، أغلق الرئيس احمد الشرع مكتب شقيقه جمال بالشمع الأحمر، بعدما أنشأ شركةً للاستيراد، وكان يتردد على الفنادق بسيارةٍ فارهةٍ لا تحمل لوحات.
مجرد شركة تجارية وسيارة فارهة كانت كافية لأن يهتز ضمير الدولة، فيتحرك الشرع لا لمعاقبة شقيقه فحسب، بل ليضع حدًا لكل مظاهر الثراء المفاجئ داخل إدارته.
صادر جميع السيارات الفارهة التي امتلكها مسؤولون في حكومته، وأعاد للدولة هيبتها قبل أن يلتهمها الفساد.
أما نحن في يمن اليوم، فالأمر مختلف تمامًا.
لن تجد مسؤولًا يغلق مكتب شقيقه، بل ستجد الأشقاء والأبناء شركاء في اقتسام الدولة؛ أحدهم يملك ميناء، وآخر يدير مطارًا، وثالث يحتكر موارد محافظةٍ بأكملها، يتصرف فيها كما لو كانت ضيعته الخاصة.
أحد “المسؤولين الكيوت” استولى على حاوياتٍ من العملة الصعبة ونقلها إلى منزله، وآخر يمتلك سفنًا تجارية، وثالث يتحدث علنًا عن أن المحافظة الفلانية “تابعة له” بإيراداتها وقراراتها.
تحولت الشرعية إلى غنيمةٍ مفتوحةٍ للمنتفعين، تآكلت فيها القيم وتراجعت المسؤولية، وتحوّل المنصب العام إلى استثمار شخصي، يُدار بالعائلة والولاء لا بالكفاءة والواجب.
وما زاد الكارثة سوءًا أن هذا العبث يجري في زمن الحرب، بينما الجيش بلا رواتب، والشعب غارق في الفقر، والعدو يتوسع يومًا بعد يوم.
لكن مهما بلغ فساد هذه الشرعية، فإنه لا يقارن بما ترتكبه مليشيات الحوثي الإيرانية من جرائم بحق الوطن والدين والإنسان.
تلك المليشيا لم تكتفِ بسرقة المال العام، بل اغتالت فكرة الدولة، وبدّلت العقيدة، وحوّلت الدين إلى سلاحٍ للطغيان، واليمن إلى مزرعةٍ تابعةٍ لملالي طهران.
إنها مشروعٌ للاجتثاث لا للحكم، للاحتلال لا للإدارة، وللاستعباد لا للمواطنة.
وما بين فسادٍ يُفقر الناس، واحتلالٍ يُذلهم، ضاعت الدولة، وتشوّهت صورتها، وغاب صوتها.
ولذلك فإن إصلاح مسار المعركة الوطنية بات ضرورة وجودية، تبدأ من اقتلاع الفساد داخل مؤسسات الشرعية، وتتجه مباشرةً نحو تحرير صنعاء من عبودية المشروع الإيراني.
اليمن لا يُنقذ بالتصريحات، بل بتحرير القرار الوطني من الفاسدين، وتحرير الأرض من المليشيات.
فعدوّنا واحد، وإن اختلفت وجوهه…
وجهان لخيانةٍ واحدة: أحدهما ينهب الوطن ويجوع الجندي ويفقر المواطن باسم السلطة، والآخر يدمره باسم “الولاية” والحق الإلهي في استعباد شعبا باكملة ونهب المال العام والخاص ورهن اليمن لمشاريع ايران الفارسية الطائفية!!