بعد سنوات من الانتظار والخذلان والتجميد، لم يعد الداخل اليمني يحتمل مزيدًا من الصمت. كل المعادلات التي صيغت لإطالة أمد الصراع وتحييد قرار التحرير بدأت تتآكل، ليس بسبب تغيّرات إقليمية أو ضغوط دولية، بل لأن الداخل اليمني بلغ حد الانفجار.
في الشارع، في الجبهات، في قبائل الشمال والجنوب، في الأوساط الشعبية والنخب السياسية، يتشكل وعي جديد: لا يمكن استمرار الاحتلال الإيراني تحت أي ذريعة، ولا يمكن القبول بمليشيا تتغذى على تواطؤ الصمت الإقليمي والدولي.

التحالف العربي، الذي كان يُنظر إليه كشريك استراتيجي في معركة استعادة الدولة، بات اليوم أمام اختبار حقيقي: إما أن يكون جزءًا من لحظة الحسم التاريخي، التي يترقبها الشعب أو ينسحب بوضوح، ويكفّ عن تعطيل القرار الوطني، وتمزيق الجبهات، وصناعة المعارك البديلة في المناطق المحررة.
لقد نفد رصيد الثقة. فالتجربة أثبتت أن كل لحظة ضعف حقيقي لجماعة مليشيات الحوثي الارهابية كانت تُقابل بتحريك فتيل أزمة داخلية في الجنوب أو الشرق، وأن كل فرصة سانحة للتقدم كانت تُجهض بتفاهمات غامضة ومبادرات لا تنتهي.
الجيش الوطني ومقاومة الساحل، والمقاومة الشعبية، والقبائل، باتوا على قناعة تامة بأن معركة صنعاء لن تُمنح لهم من الخارج، بل يجب أن تُنتزع بإرادة الداخل، مهما كانت التحديات. وهذا الإدراك هو بذرة الانفكاك عن الرهانات القديمة، والتمهيد الفوري لقرار وطني خالص، لا ينتظر ضوءًا أخضر من أحد.
التحرير ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل أصبح ضرورة وجودية. استمرار الاحتلال الإيراني يعني مزيدًا من الكارثة الإنسانية، ومزيدًا من الانهيار الاقتصادي، ومزيدًا من التصدع في بنية الدولة والمجتمع. واليمن، بكل ما مرّ به، لم يعُد يحتمل.
إن الرسالة اليوم يجب أن تكون واضحة: اليمن لا يطلب إذنًا من أحد ليحرر أرضه. إن كان التحالف جادًا في مواجهة المشروع الإيراني، فالمعركة معه، أما إن كان غير ذلك، فليفسح الطريق. فالتاريخ لا ينتظر المترددين، والشعوب لا تُهزم حين تقرر أن تنقذ نفسها بنفسها.
التحرير قادم...
بكم أو بدونكم.