الجماهير هي التغيير!!
المحرر السياسي
المحرر السياسي

هذا الطغيان اليوم يوشك أن يسقط.. إنه أمام فعل التغيير بروح شبابية تؤمن بالمستقبل، ترفض الإغواء والإغراء والتوجيه وكل أشكال استلاب الإنسان لهويته الوطنية، لأن ثمة ضرورة للوقوف ضد ما يريد الوطن قابلاً للانكسار، للتشطي، لإحداث خلخلة في مفاهيم هي من ستشكل السياج المنيع ضد التجزئة.
 من أجل ذلك يأتي فعل التغيير ليقدم رسالة قوية لذلك التآمري والذي لم يقلع عن محاولاته في نصب الفخاخ للقوى الوطنية وتركها تعيش أزمات واحتقانات يظن أنه من خلالها يستطيع السير نحو تكريس حكم الفرد وتوطيد دعائم ملكه، ولم يكن يدرك أنه بفعل هذا النهج كان يحمل بذرة زواله وتغييره وأن التداعي الوطني كما أراده يستحيل أن يصير إلى كارثة يتمتع بها السلطوي.. من أجل ذلك يأتي فعل التغيير معززاً بهوية وطنية واحدة وشعار واحد، ونهج واضح محدد، يأتي ليشكل اللحمة الوطنية التي لم تكن في حالة اهتراء وجفاف، إلا بفعل السلطوي الذي عمد إلى تصدير التناقضات إلى الشارع اليمني بثقافة "ميكافيلية" لم تدرك أبداً أن الوطن أكبر من فعل المؤامرة وبرامج تحريك الشرائح الاجتماعية من موقع إلى آخر لإحداث خلل في النسيج الاجتماعي.
الذي اعتقد أن ما يكفل له الاستمرارية، في احتواء مقدرات بلاد بأسرها لصالح مجموعة أفراد لهم كامل الحرية في السطو على الثروات ونهب الخيرات وجعل الفساد هو القاعدة وما عداه الاستثناء.
ولعل اثنين وثلاثين عاماً من التسلط قد أثبتت بجدارة أنه لم يحدث طوال هذه السنوات العذاب إحالة فاسد واحد إلى القضاء، ولم يحدث أن تعيين واحد في مستويات القيادة تم خارج الوساطة والمحسوبية والقرابة وأعطي للكفاءة والقدرة مكانتاهما.
اثنان وثلاثون عاماً من مشاريع وهمية وبرامج تنموية أشبه بالكهرباء النووية والقطار السريع ـ لا وجود لها إلا في خيالات وأوهام من يطلقونها، طناً أن الجماهير تقبل بالوعود الهلامية في كل مناسبة انتخابية.
اثنان وثلاثون عاماً من تفشي الأمراض والأوبئة والنكد الحياتي الملازم للإنسان وبناء المستشفيات بلا أسرة أو بسرقة إمكانياتها وبيعها للقطاع الخاص الصحي.
 اثنان وثلاثون عاماً لم يحدث أن منزلاً واحداً على مستوى الخارطة اليمنية عرف الكهرباء متواصلة دون انقطاع ليوم واحد.
 اثنان وثلاثون عاماً من خلق التناقضات والاحتقانات وتجديد الأزمات وتوسيع نطاقها من حراك انفصالي إلى تمرد حوثي وقاعدة إرهابية.. سنوات طويلة لم يحدث فيها أن قاتلاً واحداً هو رأي للعين سلم للقضاء وأتخذ فيه شرع الله..
مجرمون بلا حدود، يسفكون الدماء ويسطون على الأراضي وينهبون البحر والبر عبر شركات وهمية، ولم يتوقف واحد منهم حياءً أو خجلاً، ولم نرَ قانوناً يطبق في أحدٍ منهم.
 اثنان وثلاثون عاماً مليئة بالأحزان وهواجس المستقبل الذي يبعث على الشعب والتساؤل متى يحدث الانفراج.. من حرب إلى أخرى ومن أزمة إلى ثانية وثالثة متواليات التعب والضيق والنكد عناوين هذا التسلطي القمعي، المبدع في إنجاز المواعيد واختلاقها وتركها تتدحرج إلى مالا نهاية.
سنفعل وسنقوم وسنعمل وسنبني. السين وسوف هي ما نأكله زمناً غير قصير ونتمتع به والتسلطي في حالة استخذاء وارتياح كبيرين للإطراء.
إنه الواحد الأحد القادر القاهر المبدع الملهم الرمز الضرورة..... إلخ .. هذه الألقاب والنياشين التي تأتي من قبل شلة الانتهازيين حوله ونافخي الكير، من لا يقدرون إلا على عبادته بما يجعله في حالة نرجسية تامة لم يستطع اليوم الخلاص منها ويدرك أن إرادة الشعب اليوم غيرها بالأمس وأن دولاب التغيير الكبير تحرك إلى الأمام.
اثنان وثلاثون عاماً وكل ما يقدمه للشعب هبة ومكرمة، تحولت الجماهير بفعلها إلى شحاتة وليست صاحبة امتياز وامتلاك للوطن وثرواته ـ هو وحده المعطي والمانع والمانح، إن قدم شيئاً فهو مكرمة منه لشعب لا يستحق.. هكذا أهدرت آدمية الإنسان ليجد نفسه إما في فقر مدقع أو فاغراً فاه لما يأتي به التسلطي من زيادة أجور هي أشبه بالمداراة وليست استحقاقات.
اثنان وثلاثون عاماً تعطل فيها الدستور والقانون وحلَّ بدلاً عنها الوجيه والهجر وعفى الله عما سلف ويصير الوطن اقطاعين بيد الحاكم بأسره..
هكذا نحن نجد أنفسنا في حالة لا نستقر فيها على ما يحترم الإنسان ويحقق له السعادة ويحترم كرامته، لم نجد غير مصادرة حريات وشهود زور بأن كل شيء على ما يرام.
فيها الحفر والمطبات ونكد العمر هو الذي نجده، ومازال ذات الحاكم يظن أنه صاحب منجزات وليس للوطن الأحقية في أن يكون إلا من خلاله.
اثنان وثلاثون عاماً من رياح وغبار وقراطيس في الفضاء وأكياس قمامة ورشاوي وسطو ونهب وابتزاز وعصابات تستمد من غياب الدستور والقانون مع سبق الإصرار والترصد.
اثنان وثلاثون عاماً تعثر فيها الانتماء إلى الأرض وساد الهرج والمرج وغابت الروح الوطنية ومعنى القيم والأخلاق والضمير المهني والوطني.
لكنها الآن بفعل ساحات التغيير تنهض.
من جديد كالعنقاء، تحدد بوصلة شعب أين يسير وحاكم إلى أين يتجه.. وحدها الجماهير من تنجز الفرح، وتعتق وطناً من براثن التخلف والفساد والفوضى.. وحدها الجماهير من تفتح أفقاً بقدر الوطن وتوظف كامل إمكانياته في الاتجاه الصحيح.. الجماهير الجماهير هي التغيير وكل ظالم وطاغية مصيره للزوال.
في السبت 05 مارس - آذار 2011 04:38:49 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63792