حين يُشعل أولاد الحارة النيران..
المحرر السياسي
المحرر السياسي

لم نكن نعرف أن هذا العبثي من الموت والحصار المجاني من أن تحيا الحياة ومحاربة الجمال هو ديدن الفاشيين من أولاد الحارة، ولم نكن على تثبت أن لديهم هذه المغولية المتفردة في هذا العصر، ليعلنوا حصاراً دامياً موجعاً، وقتلاً على مهل فينا، بتأمل مركز، ورغبة نفس تعشق التقتيل وتتلذذ به كأنهم ليسوا بشراً، وكأن القاتل ـ الجوع الذي يجهزونه يومياً لهذا الشعب المسكين المكافح الصابر ـ يأبى أن ينقشع من بيننا ويظل فينا، في ساحاتنا، يلوث الحلم ويقلق الروح من أن تكون جميلة..
لم نكن على دراية أن أولاد الحارة يلعبون بالنار فينا ويمارسون الغواية قتلاً وحصاراً وفجائع، وأنهم يخترقون حاجز الصوت وحاجز الرصاصة ليصلوا إلى ساحاتنا، جنون وهستيريا تمنع اللقمة من أن تصل إلى فم مسكين، فيما هم يكركرون على شعب أعطاهم بلا حدود، ويتفرسون يوماً قادماً أشد حلكة وأمضى سلاحاً، يكون الفقير قد وصل إلى مرحلة الهلاك وشارف على النهاية المؤلمة، هؤلاء الذين يريدون علواً في الأرض، وفساداً، يقدمون المؤلم هدية لوطن منحهم الحب، فخلقوا الكراهية، أرادهم أسوياء، وأرادوه مريضاً.. تسللوا إلى مفاصله ليدقوا في العظم.. إما حكاماً قابعين ومتسلطين بقليل قوت أو حصار يلفه حصار يصل إلى جريمة حرب بإتقان عجيب يجيدونه كأحلامهم السوداء التي تنهب وتلهب الأرض ومن عليها.. كأنهم لا يريدون الاستمتاع بالعملة المختلف ألوانها، ويصرون على القبح حتى مداه، ويواصلون الحرب على الوطن الصابر المرابط بلا هوادة، يريدون أن يخرج كالأسد الهصور عليهم.
هم لا يعرفون الجوع، لأنهم في بروج عاجية يعيشون، هم لا يعرفون ما الذي سيحدث لهم إن ظلوا هكذا يحاصرون، ويحاصرون شعباً بأسره، قد يزمجر ويرعد ويتحول إلى طوفان، يحقق نبوءة عرافهم "عليّ وعلى أعدائي يا رب".. واليوم، ولم يبق سوى ثلة أولاد الحارة يشعلون الحرائق على ظن منهم أنهم سيكونون بمنأى عنها، ولم يعرفوا بعد أن الشعب زلزلة عاتية، وأنه الليث إن فلت لن يكف عن التهامهم بكل ما جمعوه منه..
وليتهم يعقلون.. وليت ساسة المشترك الذين لا يقلون مرضاً عن أولاد الحارة يدركون حماقاتهم، وهم يقفون باسم الحكمة ضد تيار الثورة، تيار التغيير، تيار الحرية.
ليتهم يدركون مدى الإحباط الذي مارسوه بلا سبب سوى أنهم أشبه بالمتعسي الخائب الذي يرجو السماحة من بخيل، ولا سماحة لدى هذا السلطوي وهو يقهر الحياة فينا ويحاصرنا في قوتنا ويتلذذ بالطوابير الطويلة على المحروقات وأسطوانة الغاز وظلام دامس يحتل أرجاء وطننا.
والمشترك المستغفل يظل في غفلة يداري ويداري كأنه وجد سياسياً للمداراة وتجميل القبح، ولم يخض مرة واحدة معترك النضال، كأنه يخون دماء ساحات الحرية، ويذهب في غيه لدرجة تبادل الحصار، لخلق حصار إضافي ضمن حوار يجره حوار، ولا جديد منذ أن نزلت الجماهير الساحة.
وإذاً ليس سوى الجماهير من يحمل رايات النصر وبيارق الحرب على أعداء الوطن، وإشعال ما لابد منه ضوءً واستبسالاً لينتصر الوطن الإرادة، ولتنتصر الجماهير وتخرج من عنق الزجاجة، من حصار يطالها وقد مسها الضر منه، الحصار الذي يريد موتها على مهل، ويسكن في الأزقة والحارات ويتربص بها المنون، الحصار الذي يوشك أن يجعل الوطن كله نائحة كبرى... وليس سوى الجماهير ترفض الموت، تهزم الحصار، تحاصر الحصار،ترديه دفعة واحدة وأصحابه، فمن المستحيل أن تبقى في هذه الضائقة تنتظر لفظ أنفاسها رويداً رويداً خير لها أن تموت واقفة وبشموخ من أن تكون رابضة في ساحة أوخيمة أو رصيف تنتظر حصاراً اضافياً وموتاً على مهل.
الموت يأتي مرة واحدة ( فإما حياة تسر الصديق.... وإما ممات يغيض العدى)، والشعب اليوم كاد (في الانتظار المر ينفجر).. أوشك أن يحدد خياراً حاسماً، ويا أولاد الحارة وأصحابهم من المشترك: اتقوا الحليم إذا غضب، والشعب قد نفذ صبره، وأقسم أن سينالكم غضبه إن لم تستوِ الحياة كما يريد الشعب لا كما تريدون أنتم من مؤامرات، ونقسم أنكم الأخسرون أموالا إن غضب بما تكتنزونه من الثمين وملذات لا تنتهي.
ونصيحة أخيرة: قوموا، ارحلوا عنه ولا تتأخروا.. الشعب جبار وغضبته قوية.
في الأحد 26 يونيو-حزيران 2011 04:06:55 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64860