لماذا ينزعج السعوديون من هزيمة منتخبهم الرياضي ولا ينزعجون من هزيمة بلادهم أمام مليشيا الحوثي؟
عادل الشجاع
عادل الشجاع
  

حينما يهزم منتخب المملكة العربية السعودية أمام أي فريق رياضي آخر تقوم الدنيا ولا تقعد ويتم إقالة المدرب ويوبخ اللاعبين ويذرف الشعب السعودي الدموع على هزيمة منتخبهم ، وهذا حق لهم ، لأنهم يرون أن ما أنفق على منتخبهم يجعله في مصافي المنتخبات العالمية ، لكن الأمر يبدو ملفتا للنظر هذا الصمت على هزيمة الدولة كلها بما تملكه من ترسانة أسلحة أنفق عليها المليارات ، إضافة إلى ما سمعوه ويسمعونه كل يوم في إعلامهم من الانتصارات على الحوثيين وسحقهم في الجبهات ، لكنهم على أرض الواقع يسمعون دوي انفجارات تخلفها صواريخ الحوثي وطيرانه المسير على بلادهم .

 

يقف المواطن السعودي مشدوها فاغرا فاه أمام صمود جبهة مأرب

بتلك الطريقة التي جعلتها تطرح اسئلة محرجة على المملكة ، فكيف تمكنت مأرب من كسر جحافل المهاجمين لها وسحق عشرات الآلاف منهم ، بينما أخفق تحالف دعم الشرعية بترسانته العسكرية الضخمة وبمليشياته المسلحة التي تمتد من الحديدة غربا إلى عدن والضالع جنوبا ، وتقهقر في بقية الجبهات ؟

 

لاشك أن المواطن السعودي يتمزق ألما على الهزائم المتتالية التي تتلقاها بلاده أمام جماعة ليس لها من مقومات البقاء سوى خطأ في إدارة المعركة ، لكن المواطن السعودي لا يدرك أن هذه الأخطاء مقصودة من قبل قيادات بلاده ، فالقضاء على الحوثي سيجرد بلاده حجة لطالما تذرعت بها ، وهي مواجهة الخطر الإيراني في اليمن .

 

لذلك تحرص المملكة على إيقاف كل الجبهات وترك الفرصة للحوثي يحشد كل قواته إلى جبهة مأرب ، لأنها في الأساس لم تأت لحماية شرعية اليمنيين كما زعمت من الخطر الإيراني ، بل لمقاربة الخيارات العسكرية والأمنية التي تخصها ، وهي تمارس شراء الوقت بوجبات محسوبة من القصف الجوي في جبهة مأرب للتغطية على مخططاتها في هذه الحرب .

 

سيقول المتقولون إننا نتجنى على المملكة ، فنقول لهم ، لماذا الحوثي حدد مكان المعركة مأرب وفرضها هناك ، في حين أن جميع الجبهات متوقفة كلية ، ولماذا بنيت مليشيات بعشرات الآلاف من المقاتلين ولم يدفع بها إلى جبهات القتال مع الحوثيين ، والأهم من هذا كله ، لماذا لا يشارك طيران الأباتشي في معركة مأرب ، ولماذا يقصف الطيران في مأرب ولا يستهدف معسكرات التدريب التابعة للحوثيين أو الإمدادات التي تصل إلى مأرب عبر الطرق المفتوحة والممتدة إلى هناك ؟

 

بكل بساطة، إن تخفيف آلام اليمنيين لا يندرج في قائمة التحالف الذي تقوده السعودية، وربما يكون هذا مبررا لو أن المملكة تقدم مصالحها السياسية على المصالح اليمنية، لكنها في حقيقة الأمر تضحي بمصالحها ومصالح اليمن بسبب، إما غباء السياسيين في هذا البلد أو أن النظام مخترق ويعمل لصالح الهاشمية التي تمثل ركيزة أساسية لتصدير الثورة الإيرانية والتي لن تقبل بأقل من رأس النظام السعودي .

 

ولكي نكون منصفين ، فإن مطالبة التحالف بتدخل حاسم لصالح شرعية اليمنيين ، أقل ما يمكن القول عن مطالبة كهذه ، إنها تنم عن عدمية سياسية ، وعن خلط بين ما هو كائن وما يفترض أن يكون ، خاصة وأن الحرب في اليمن هي لإعادة ترتيب المنطقة ، والذي أجل أو أخر هذا الترتيب ، هي مأرب التي استعصت على التطويع كونها متحررة من التحالف إلى حد كبير ، ومنطق السعودية والإمارات يقول : إما أن نتدخل بشروطنا ووفقا لمصالحنا أو فلتذهبوا إلى الجحيم ، وهم لا يدركون بأن جحيمهم أقرب من جحيمنا ، فهل يعوا ما يراد للمنطقة ويساوى بين مصالحهم ومصالح اليمن ، أم أنهم سيستمرون بالدفع بالمنطقة إلى حضن إيران ؟

   
في الأربعاء 08 ديسمبر-كانون الأول 2021 08:27:00 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=84736