المتطرفون وممارسة التبجيل للإمارات
عادل الشجاع
عادل الشجاع
  

بين فترة وأخرى يثور بركان التطرف، يتلبس القضية الوطنية ويتواطأ باسمها مع الطرف الذي يقف في صفه، ومن يتتبع مسار هؤلاء المتطرفين، سيجدهم إما أنهم كانوا بالأمس متطرفين مع الحوثي وأصبحوا اليوم متطرفين مع الإمارات، أو أنهم كانوا بالأمس متطرفين مع الثورة والتغيير وضد التوريث وأصبحوا اليوم ضد الثورة وضد التغيير ومع التوريث .

 

رغم مضي سبع سنوات من الحرب واليمن مازالت مصلوبة على صليب التحالف الذي جاء لينقذنا فنكل بنا ومزق وجودنا، لكن الكثيرين حتى من شرفاء النضال لم يتبينوا جيدا طبيعة التحالف، فهل يعقل أن يتحرك العالم كله نتيجة لسقوط طائرة ورقية في أبو ظبي ويصمت عن كل ما تلقيه الطائرات الحربية والصواريخ والقنابل الذكية على اليمن واليمنيين؟ 

 

وحينما نقول طائرة ورقية، فإننا نعي ما نقول، لأن مثل هذه الطائرات لو كانت تملك مثل هذا المفعول لاقتناها العالم واستبدل بها طائرات حربية نفاثة تكلف صفقاتها المليارات ويجد مقتنييها صعوبة في الحصول عليها، لكن ما يجري متفق عليه، بحيث تحدث هذه الطائرات الورقية هذه الضجة الإعلامية المتفق عليها، مثلما أحدث كورونا تلك الضجة الإعلامية بهدف هندسة تفكير العالم وإعادة صياغة رأس المال العالمي .

 

إنه من قبيل استبهال الناس أن يزعم التحالف أنه مع استرجاع الدولة اليمنية وهو يؤسس لانقلابات أخرى تضاف إلى انقلاب مليشيا الحوثي، ومع ذلك هناك من يرى أن هذه المليشيات الانقلابية التي يبنيها التحالف تعتبر حركة تحرر وطني .

 

لست أدري كيف يفهم من يحترم عقله سلوك التحالف الذي يزعم أنه مع الشرعية وفي الوقت نفسه يبني مليشيات تعمل ضد الدولة ومؤسساتها وتعمل ضد وحدة اليمن جغرافيا وتاريخيا، فما الذي يفرق بين انقلاب الانتقالي في عدن وانقلاب الحوثي في صنعاء .

 

إن تطرف البعض مع التحالف وإحاطته بهالة من التبجيل وسقوط هذا البعض في هاوية من أخذته العزة بالإثم وتمسك بخطيئته محاولا تقديم الجزء على الكل وتضخيم المعارك الجزئية على المعركة الكلية، فهؤلاء كما يبدو أنهم بلا شغل فيشتغلون بنا، أو أنهم يبحثون عن بطل ولو كنا جميعا أبطالا، لما بقي الحوثي حتى اليوم، ونحن هنا لا نقلل من المعارك الجزئية بقدر ما نريد أن تكون المعركة مفتوحة في وجه الحوثيين ولا نرتد إلى معارك جانبية تنبئ بها المسميات الحالية وممارسات التحالف نفسه .

 

إنها لاشك جرثومة المال الإماراتي السعودي الذي يمول مواقع إعلام تطرح نفسها بديلا للأحزاب الوطنية فتملي على المسامع ما يمكن أن يقود إلى هلاك الوعي، وخاصة الوعي الشبابي، ولا أجانب الصواب إذا قلت إن هؤلاء المتطرفين كانوا بالأمس متطرفين مع الحوثي، فأصبحوا اليوم متطرفين مع الإمارات أو مع السعودية على حساب الوجود اليمني .

 

رأفة بوعي الجيل الجديد كي لا تلوثوه بهذا الوباء، فحبذا لو تحتفظون بانخداعكم لأنفسكم فقط، وأقل ما يمكن أن تفعلوه هو مطالبة التحالف بإنجاز اتفاق الرياض الذي أسسته الإمارات بمليشيات انقلابية وشرعنتها السعودية بهذا الاتفاق الذي شلت به حركة الشرعية .

 

اعتاد التحالف على أن يرمي لكم بالونات عديدة وأنتم تتقافزون لالتقاطها واللعب بها، ولا يقلقنا تطاول ألسنتكم علينا، فما يفصل بيننا وبينكم، هو ما ينجزه التحالف على الأرض، والمشترك بيننا وبين التحالف هو قيام الدولة اليمنية، وما هو قائم على الأرض هو تفتيت هذه الدولة ومصادرة قرارها .

 

وهنا أختم بما قد يفيد القارئ الوطني البريء: الإمارات جاءت لنصرة الشرعية وانتهت ضد الشرعية، فهل تستحق كل هذا التبجيل أو حتى غض الطرف عن ممارساتها واعتبار ما تفعله بحق اليمن واليمنيين من انتهاكات يعد مكسبا لهم، فاليمن ليست إيران ولا الإمارات ولا السعودية، فهل التبعية لأي منهم فخر لكم؟

     
في الأحد 30 يناير-كانون الثاني 2022 02:42:06 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=84849