حكومة المجلس وتحديات الاقتصاد والإنسان.

2022-06-06 10:16:31 أخبار اليوم /تقرير خاص


  


خلال ثمانية أعوام من عمر الأزمة، انعكس الانفلات السياسي الذي خلفته حكومة هادي ليترك بلدًا ممزقًا سياسيًا واقتصاديًا، لتصبح بذلك اليمن بين مطرقة الانحطاط الاقتصادي وسندان التضييق السياسي الذي انعكس سلبًا على كل ما من شأنه أن ينتمي للدولة.

في نهاية المطاف، أنتج كل ذلك دولة فقيرة، في بلد غنية، غير أن خيراتها تذهب هباءً بين كيانات ونافذين، عزز موقفهم الفساد وغياب مؤسسية الدولة والرقابة، الأمر الذي على ضوءه انحسرت حياة اليمنيين ليجدوا أنفسهم بين تضييق الوضع المعيشي والتراجع التنموي في بلد غارق بالأزمات.

على هذا الحال قدم مجلس القيادة الرئاسي الى سدة الحكم، ليجد أمامه بلد مهزوم محليًا وإقليميًا، فيما يتقاسم النافذين إيرادات البلاد وتحبط بذلك خزينة الدولة، فهل يتمكن المجلس من استعادة سيطرته على الإيرادات، وهل بمقدوره فعلا توحيد العملة الوطنية التي انقسمت الى عملتين بين شمال اليمن وجنوبه.

تتزاحم التساؤلات بشأن إمكانية انقاذ العملة الوطنية وعودة الإيرادات الى خزينة الدولة، وبدء مجلس القيادة الرئاسي بتحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد، وكلها أسئلة يجيب علها مركز أبعاد للدراسات والبحوث، من خلال دراسة معمقة بعنوان "تحديات تواجه المجلس الرئاسي.. تعقيدات السلام وواقع الحرب في اليمن".

حيث تجادل دراسة مركز أبعاد للدراسات والبحوث في أن التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي الجديد لا تختلف عن التحديات التي واجهت الشرعية وحلفائها الاقليميين السعودية والإمارات.

عملة جائعة.

في السياق، يقول مركز أبعاد للدراسات والبحوث "يحتاج المجلس الرئاسي إلى تحقيق نقلة نوعية في اقتصاد البلاد المنهار في مناطق سيطرته الرئيسية، ويفترض أن يكون هذا الأمر عاجلاً في محورين رئيسيين: احتكار تحصيل الإيرادات، وتنشيط مصادر الإيرادات المجمدة".

تعتقد الدراسة أن ذلك سيمنح الحكومة المعترف بها دولياً، سيولة نقدية كبيرة في البنك المركزي اليمني، ويجفف مصادر ثراء المجموعات المسلحة التي تتحصل على الإيرادات الحكومية، والجبايات الأخرى. كما يفرض سلطة المجلس الرئاسي على المحافظات الأخرى.

ومن بين ذلك أشار أبعاد "إلى أنه وخلال الثلاثة الأشهر الأولى من فرض المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية (ابريل/نيسان-يوليو/تموز2020) تحصل على إيرادات تتجاوز 320 مليون دولار".

وأضاف" يتحصل المجلس الانتقالي الجنوبي إيرادات جمركية من ميناء عدن، كما أن بقية الموانئ قد لا تورد الأموال إلى حسابات البنك المركزي، بلغت إجمالي الإيرادات الجمركية خلال 2021 أكثر من نصف ترليون ريال (512 مليون دولار)".

فيما أفاد أنه "يمكن أن تحوّل جزء من هذه الإيرادات لتطوير ومعالجة مينائي عدن والمكلا، يحتاج الميناءين إلى 49 مليون دولار فقط لإعادتهما إلى الوضع الذي كانا عليه قبل الحرب والمحافظة على قدرتهما التشغيلية الحالية: 21 مليون دولار لعدن و27مليون دولار للمكلا".

فيما أشارت الدراسة الى أنه "سيكون على حضرموت ومأرب وباقي المحافظات توريد الأموال إلى البنك المركزي في عدن، وعدم الاحتفاظ بها في خزائنهم" مضيفةً أنه "يفترض الحد من أن يمنح منصب عضو المجلس الرئاسي لمحافظي المحافظتين سلطات أعلى في محافظتهم بشأن صرف الإيرادات".

من جهة أخرى، ذكرت الدراسة أن "مواجهة حملة الجبايات والأموال غير القانونية التي تقوم بها السلطات الموازية للدولة مهم لتحقيق أثر ملموس في حياة سكان محافظة عدن -على وجه التحديد- وباقي المحافظات الأخرى تحت سلطة المجلس الرئاسي".

أهمية الإنسان

وفي سياق متصل، قالت دراسة أبعاد "من المهم أن يشعر السكان في مناطق الحوثيين أن "المجلس الرئاسي" يتحدث بحقوقهم ويلبي احتياجاتهم ويدفع مرتباتهم، ولأجل ذلك يحتاج المجلس الرئاسي للضغط من أجل إجبار الحوثيين على الوفاء بالتزاماتهم في اتفاقية "ستوكهولم" باستخدام إيرادات ميناء الحديدة الحيوي في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرته".

وأضافت "منحت الاتفاقية الموظفين الحكوميين إيرادات ميناء الحديدة، وعلى الرغم من موافقة الحوثيين على وضعها في حساب خاص بالبنك المركزي في الحديدة إلا أنه سرعان ما انقلبوا على الاتفاق وسحبوا الأموال من الحساب لصالح المجهود الحربي".

وذكرت" منحت الهدنة الأخيرة (ابريل/نيسان2022) سفن المشتقات النفطية الوصول إلى ميناء الحديدة، لكنها لم تشدد على أن تكون إيرادات الميناء لهذه السفن لصالح رواتب الموظفين. تشير التقديرات إلى أن إيرادات ميناء الحديدة الشهرية 14 مليار ريال يمني (23.3مليون دولار)".

"إضافة إلى ذلك فإن من الأهمية بمكان إعادة تنشيط الإيرادات من النفط والغاز. فمنذ عام 2015 تستخدم الإمارات منشأة بلحاف في شبوة كموقع عسكري، كان هذا الميناء يساهم بمقدار مليار دولار في الميزانية العامة للدولة قبل الحرب" بحسب أبعاد.

وأوردت "تُتهم أبوظبي هي الأخرى بمنع الحكومة اليمنية من تصدير النفط، حيث تسيطر على معظم الموانئ لتصدير النفط: "النشيمة" في شبوة، و"الشحر" في حضرموت.

وأشارت الى أنه "في مارس/آذار 2022 زار وفد أمريكي رفيع، بشكل مفاجئ، محافظتي شبوة وحضرموت، بالإضافة إلى محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان؛ فيما يبدو أنها رغبة أمريكية أخرى في ضرورة إعادة تفعيل صادرات البلاد من الغاز والنفط مع الحرب الروسية في أوكرانيا".

وعلى غرار ذلك، أوضحت دراسة أبعاد أن "الإيرادات تمنح العملة الصعبة فرصة للعملة الوطنية في التعافي، ودفع مرتبات الموظفين الحكوميين".

فيما تعتقد أن المنحة السعودية الإماراتية 3.3 مليار دولار -التي أُعلن عنها عقب إعلان المجلس الرئاسي- تعطي للحكومة اليمنية قدرة على تقليص تباين قيمة العملة في مناطقها والحوثيين، ما سيخفف من حدة المجاعة والأوضاع الاقتصادية السيئة.

وعلى الرغم من ذلك، الا ان دراسة أبعاد ترى أن ذلك ليس كافيا إذا لم يتم تنشيط مصادر الدخل من النفط والغاز والموانئ.

"من الواضح أن المجلس الرئاسي يرى في موظفي الدولة والجيش والأمن في مناطق سيطرته أولوية قصوى في انتظام دفع المرتبات". بحسب أبعاد.

فيما قال أبعاد "يرى أن الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين مرتبط بتسليم الجماعة المسلحة لإيرادات ميناء الحديدة- كما يوضح "الرئيس رشاد العليمي" يوم 21 مايو/أيار 2022".

وأضاف "يحتاج ذلك إلى ضغط دولي حقيقي على الحوثيين للالتزام بتعهداتهم السابقة والتي نص عليها اتفاق ستوكهولم، ولا يعفي ذلك المجلس الرئاسي من دفع مرتبات كل موظفي الدولة وفق بيانات 2014".


 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد