مجلس القيادة الرئاسي.... تحديات وجودية يضاعفها الفساد.

2022-06-07 07:57:55 أخبار اليوم /تقرير خاص


  


بعد أن فقدت حكومة الرئيس السابق قدرتها على البقاء في العاصمة المؤقتة عدن، وتحولت بمركزية الدولة الى خراج الوطن، لا سيما وقد فقدت تواجدها العسكري في معظم الجنوب، وتحول المشهد ليصبح خارج نفوذ الدولة، وليسيطر المجلس الانتقالي على الساحة، فقدت الحكومة توازنها ودخلت بحالة أشبه ما يكون بالموت السريري.

بعد غربة طويلة، أصبح تحدي العودة والبقاء في أرض الوطن، أحد الرهانات الخسارة لحكومة هادي، فكان ذلك بمثابة فقدان شبه كامل لوجودها الميداني، وهو أما أبعد الحكومة ونفاها لتصبح خارج حدود السيادة السياسية للبلاد، الأمر الذي انهارت على إثره كل مؤسسة تنتمي للحكومة.

ثمانية أعوام عاشها الرئيس السابق هادي وحكومته في الغربة، وكان لذلك ثمن باهظ دفعتها الحكومة وتشارك في دفعها اليمنيين عمومًا، لتجد الحكومة نفسها بصدد تشكيل مجلس قيادة رئاسي لإدارة البلاد، ذلك كنتيجة طبيعة لغياب الحكومة كل هذا الوقت، فهل يدرك المجلس أهمية تواجده في وتمسكه للبقاء في أرض الوطن، أم انه يقترف الاخطاء ذاتها ليعود بنفسه الى نقطة الصفر.

تساؤلات كثيرة بشأن البقاء وفرض الوجود السياسي لسيادة الدولة اليمنية من خلال مجلس القيادة الرئاسي، وكلها أسئلة يجيب عليها مركز أبعاد للدراسات والبحوث، من خلال دراسة معمقة بعنوان "تحديات تواجه المجلس الرئاسي.. تعقيدات السلام وواقع الحرب في اليمن".

تجادل دراسة مركز أبعاد للدراسات والبحوث في أن التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي الجديد لا تختلف عن التحديات التي واجهت الشرعية وحلفائها الاقليميين السعودية والإمارات.

وتشير الدراسة الى أن هذه التحديات هي التي أدت إلى اتفاق الرياض، الذي لم يكتمل تنفيذ معظم بنوده العسكرية والأمنية، وأي نجاح للمجلس الرئاسي في توحيد أطراف الشرعية "المتشاكسين" وتخطي هذه التحديات وكسب ثقة المجتمع اليمني سيكون عامل ضغط مباشر على الحوثيين للقبول باتفاق سلام عادل أو التوجه للخيار العسكري.

تحدي البقاء.

في السياق، تشير دراسة مركز أبعاد للدراسات والبحوث، الى أن استعادة ثقة اليمنيين بالدولة، يفرض على "المجلس الرئاسي" البقاء في العاصمة المؤقتة عدن، وتجنب العودة إلى الخارج، وعودة المؤسسات الأخرى مثل مجلس النواب إلى داخل البلاد باعتبار البرلمان منتخباً من اليمنيين.

وقالت "عاد المجلس الرئاسي والحكومة والبرلمان إلى عدن، وقام رئيس وأعضاء المجلس بأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان الذي عقد جلسته الأولى للمرة الأولى منذ 2015 في مدينة عدن، بعد أن استمر المجلس الانتقالي الجنوبي يرفض رفضاً قاطعاً انعقاد البرلمان في مدينة عدن، ما جعله يعقد جلسة سابقة في سيئون حضرموت أبريل/ نيسان 2019".

فيما تعتقد الدراسة أن البقاء في عدن -أي لرئاسة وأعضاء المجلس الرئاسي والبرلمان والمؤسسات الأخرى- ليس خياراً من ضمن خيارات متعددة ومتاحة، بل طريقاً إجبارياً لتأكيد تطبيع الأوضاع وإنهاء الانقسام مع تمثيل جميع الأطراف في المجلس الرئاسي.

وترى أن ذلك ما فطن له رئيس المجلس الانتقالي الذي أصبح عضوا في المجلس الرئاسي "عيدروس الزُبيدي" ووافق على انعقاد البرلمان في عدن وليس مكانا آخر "لتأكيد واحدية المجلس الرئاسي".

"لكن من دون السيطرة على الشؤون الأمنية والعسكرية في عدن، سيكون المجلس الرئاسي والحكومة مُعرّضين إما للطرد -كما حدث في 2019- أو الاستهداف من قِبل الحوثيين أو الجماعات الإرهابية الأخرى، وسيكون ذلك سبباً رئيسياً في انهيار المجلس الرئاسي وقد يؤدي ذلك به إلى الانقسام ونقل مقره إلى محافظة أخرى أو العودة للخارج" بحسب أبعاد.

فيما أشارت الى أن "ثمة خطاب يتم تقديمه من أعضاء وقيادات في المجلس الانتقالي يقول إن رئيس المجلس الرئاسي تحت حماية الانتقالي في عدن، وبالتالي يظهر الأمر وكأن المجلس الرئاسي أضفى شرعية على المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات أخرى خارج إطار الدولة مثل قوات طارق صالح والعمالقة فقط".

وأوضحت أن: الهدف الحقيقي لتشكيل المجلس الرئاسي هو توحيد الملف الأمني والعسكري، الذي أشار له من قبل "اتفاق الرياض" الذي يعتبر الممهد للوصول إلى "المجلس الرئاسي" كحل لاستكمال تنفيذه.

فيما ذكرت أن "هجوم الحوثيين باتجاه شبوة نهاية العام الماضي، وتهديد مدينة مأرب، وهجمات الحوثيين على عدن وعلى المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط2022م، كلها تؤكد على ضرورة بقاء المجلس الرئاسي ومؤسسات الدولة الأخرى في مدينة عدن".

غير أنها تعتقد أن ذلك لن يتحقق إلا بسلطة الدولة على كل الأجهزة الأمنية في عدن، وإعادة هيكلة الوحدات العسكرية والأمنية - لتحقيق الاستقرار والتنمية.

وترى في الوقت ذاته، أنه ودون تقديم مدينة عدن كنموذج للاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي والتنموي، فإن وجود "المجلس الرئاسي" لن يحدث تغييراً عن عهد الرئيس السابق، ولن يحصل على الدعم الشعبي الذي نتمناه، وستتضاءل الآمال باستعادة ثقة اليمنيين بمؤسسات الدولة إذ ستنعدم معها المحفزات للاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي في كل المحافظات. بحسب ما ذكرت الدراسة.

محاربة الفساد.

ليس البقاء وحده معيارا كاف لبرهنة نجاح مجلس القيادة الرئاسي، بل أن ثمة عوامل كثيرة مثرة في تحقيق هذا النجاح الذي لطالما انتظره اليمنيين، وأبرزها تفعيل السلطة الرقابية لمحاربة الفساد الذي بات مستشريًا في صلب الدولة.

تقول دراسة مركز أبعاد "إذا ما حققت الحكومة والمجلس الرئاسي الاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن، فسيكون ذلك واضح بعمل مؤسسات الدولة الرسمية، وتوفير الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتها، وبالتالي فإنها مطالبة بتفعيل مؤسسات مكافحة الفساد في كل المؤسسات المدنية والعسكرية".

وأوضحت الدراسة "هناك تضخم للفساد خلال سنوات الحرب وثرى مسؤولون وقادة بتوسع اقتصاد الحرب على الجهتين. لذلك فإن رقابة هيئات مكافحة الفساد في الوزرات مهم للغاية لتحقيق استقرار حكومي واقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا".

"وفي الوقت ذاته، وفيما لا تزال آلية عمل المجلس الرئاسي وقواعده قيد التجهيز، من المهم وجود رقابة وإجراءات بصلاحيات المحاسبة لمنع التضخم الوظيفي والتعيينات المتضاربة لأعضاء المجلس الرئاسي، أو منع قيام أعضاء من المجلس بحماية مسؤولين حكوميين/ عسكريين متهمين بالفساد المالي والإداري لاعتبارات الانتماء أو القرابة السياسية أو الاجتماعية" بحسب أبعاد.

وأشارت الى إن "عمل مؤسسات مكافحة الفساد يضمن عدم تحوّل الأفراد والكيانات المسلحة إلى مراكز مالية جديدة، كما سيؤدي ذلك لمحاربة المضاربة بالعملة الوطنية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد