2024-12-04
التكروري صوت الثقافة اليمنية وأيقونة الأدب اليمني.. صوت من تهامة: آدم يحيى التكروري والمساهمة في الحفاظ على التراث
تناول شخصية وطنية عملاقة بحجم وقامه وقيمة وروح الراحل العظيم إبراهيم محمد الحمدي، كتجربة وطنية ملهمة وجادة لبناء الدولة وترسيخ مشروعية الإنجاز،
والوقوف على عمق التجربة ودلالاتها في استعداد المجتمع اليمني للنهوض الحضاري.
نتناول في هذه السطور لمحة تاريخية موجزة عن حياة الشهيد وظروف المرحلة التي عاشها:
أولا: النشأة والميلاد
ولد رحمة الله عليه في العام 1943م واليمن ترزح تحت أسوء حكم كهنوتي عرفه التاريخ وفي فترة من أشد فترات التاريخ اليمني قتامة وأكثرها ظلما واعتاها بلادة وأشدها قسوتا وأكثرها تمزقا وانقساما.
في واحدة من أجمل وأروع بقاع اليمن وأكثر تضاريسها سحرا وروعة وبهاء والتي تنتمي إليها والدته في مديرية قعطبة. الجامعة لكل شتات اليمنيين من جغرافيا لها أهمية خاصة في وقتي السلم والحرب وجسر عبور لتلاقي إرادة اليمنيين فهي التي تربط اليمن السعيد شماله وجنوبه، وكانت ملجأ نضاليا لثوار وأحرار أكتوبر المجيد.
ترجع جذوره العائلية وامتداده الأسري إلى قبيلة عيال سريح من أعمال محافظة عمران شمال اليمن والتي تتميز بطبيعتها الخلابة وتتشارك مع صنعاء بهوائها العليل وأنسامها الرقراقة وجمالها الساحر الفتان.
ينتمي لأسرة يمنية متوسطة فوالده يرجع لجذور أسرية من مناطق شمال الشمال لليمن الحبيب في مديرية ثلاء ومن عائلة تتوشح العلم وتمارس مهنة القضاء.
تربى في حاضنة يمنية صرفه وفي بيت علم وصلاح وعاش في بيئة اجتماعية وسطية تعلي من العلم وتعتز بجذورها القحطانية وانتمائها العروبي وثقافتها الإسلامية الأصيلة.
عاش فترة مقدرة من طفولته في مقر عائلته الرئيس في منطقة ثلاء أحد مسارح جمال الطبيعة على ثرى أرض السعيدة من أعمال محافظة عمران المتاخمة للعاصمة صنعاء سيدة مدائن الأرض.
في العام 1364هـ انتقل مع والده القاضي العلامة محمد الحمدي -رحمة الله تعالى تغشاه- إلى انس من أعمال لواء ذمار ليشغل القاضي منصب عامل انس وقضى فيها برفقة والده قرابة السبعة أعوام مخضرة خصبة وارفة الظلال.
وهنالك ختم القرآن الكريم في قت مبكر من ربيع عمره المبارك ودرس المتون التي تمثل القالب الشعري والتعليمي لمجموعة العلوم الشرعية والإنسانية وفنون المعرفة على يد أستاذه العلامة مطهر العيزري رحمة الله تعالى تغشاه.
انتقل إلى ذمار وفي المدرسة الشمسية التي تدرس العلوم الشرعية وخصوصا المذهب الزيدي والهادوية التي تؤهل للعمل في سلك القضاء والفصل في الخصومات بالطرق الشرعية.
بداء طورا جديدا في مسيرته التعليمية على يد فقيه اليمن وحجة الجزيرة ومفتي الديار اليمانية أمام الحديث وحامل لواء السنة القاضي العلامة أحمد بن أحمد سلامة عليه من الله شائبيب الرحمة وجميل المغفرة بالإضافة إلى كوكبة نيرة من علماء وأساتذة تلك الفترة منهم من فضلاء بيت الأكوع الأسرة الشهيرة بالعلم ولاسيما التاريخ وبالنضال الوطني المناهض للاستبداد الإمامي.
لازم والده القاضي محمد الحمدي وعمل معه في سلك القضاء والذي أكسبه خبرة جيدة في التعامل مع قضايا المواطنين وبث روح العدالة وعزز لدية معرفة ممتازة بالمواطن اليمني وعاداته الاجتماعية وظروفه السياسية وأوضاعه العامة.
تعلم الحمدي الفتى ودرس وفقا لمعطيات وإمكانيات تلك المرحلة والتحق بكلية الطيران ولم يكمل دراسته.
درس في الطويلة سفر التاريخ وعلوم السير وأحبار الأمم وتضاريس الأرض وعلوم الجغرافيا على يد المؤرخ الجهبذ والجغرافي الألمع حسين الويسي -رحمه الله- واستمر في أخذ العلوم على يديه في مدينة ذمار وعمل معه مساعد له حين كان عامل لذمار فأشاد بقدراته وملكاته وسبقه لسنه في مضمار الحياة العملية.
سافر مع والده في رحلة علاجية إلى إيطاليا وهو في مقتبل العمر لا شك أنها أكسبته معرفة قوية بما وصل إليه العالم من تطور ورقي.
وهاله الفارق الشاسع بين التقدم الحضاري التي وصلت إليه البشرية والتخلف الرهيب الذي يعيشه وطنه المكلوم.
والتقى خلالها بالطاغية أحمد حميد الدين، والذي تفرس في الفتى نبوغ مبكر ونجابة متفردة فاقت ما سمع عنه من عامل ذمار وربما من مصادر متعددة.
طرح على الفتى حديث السن جملة من الأسئلة.
فقدم شهادة في حضرة التاريخ مرغما أو قل إن شئت في لحظة أنصاف قل إن تتكرر من مثله.
"إن ابنك هذا يا قاضي محمد سيكون له شأن عظيم وبين أيامه مستقبل زاهر ".
ثانيا: مرحلة الثورة
أكمل تعليمه النظامي الثانوي في المدرسة التحضيرية وفيها تعرف على كوكبة من شباب اليمن الذين مثلوا جزء من النواة الوطنية لجيل الضباط الأحرار والتحق بكلية الطيران التي لم يكمل الدرجة العلمية فيها.
قدم أساتذته ورفاق دربه شهادات تاريخية منصفة عن الرجل أنه تميز بحدة الذكاء وسرعة البديهة وقوة الفهم واستنارة الفكر ومنهم المؤرخ الوشلي والأديب الشاعر الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح، والذي درسه في المرحلة الثانوية، وأكد أنه من أنجب والمع وإذكاء طلاب جيله.
اندلعت أكرم وأعظم وأقدس ثورات الدنيا في 26 سبتمبر من العام 1962م والشهيد إبراهيم الحمدي في ربيعه التاسع عشر من العمر.
ذلك الشاب المتميز والذي يقوم بعمل والده بالنيابة في القضاء في لواء ذمار وكإجراء احترازي وقائي أمني قامت به الثورة تحسبا لأي محاولة تربص بمسيرة الثورة الوليدة من الشخصيات البارزة والمؤثرة من رجال العهد البائد فقد أمرت قيادة الثورة بالتحفظ على كل من يشك بسعيه لإعاقة الثورة الوليدة والوقوف ضد مسيرتها الظافرة وكان ضمن من شملهم كشف التحفظ القاضي محمد الحمدي والذي لم تعثر عليه أجهزة أمن الثورة فأوقفت ابنه والقائم بأعمال أبيه بغرض الضغط على والده لتسليم نفسه وعند علم مجموعة من زملاء وأصدقاء إبراهيم الحمدي المنتمين لتنظيم الضباط الأحرار والفاعلين في قيادة الثورة قاموا بزيارته وأبدوا استغرابهم لاحتجازه ومن ثم اقنعوا الرئيس السلال بإلغاء قرار اعتقال القاضي محمد الحمدي وإطلاق إبراهيم على الفور لعلمهم بعدم تعصبهم للنظام الأمامي وعدم معاداتك للثورة وانتفاء اي خطر منهم على الجمهورية ومن ثم أطلق سراحه من المعتقل وعاد للدراسة في كلية الطيران بصنعاء والالتحاق بركب الثورة.
ثالثا: بناء الدولة
تدرج الشهيد الحمدي في المناصب الإدارية والقيادية ما أكسبه خبرات تراكمية وأرضية معرفية ممتاز وشبكة علاقات فاعلة حيث، تولى قيادة قوات الصاعقة، وترقى في المناصب القيادية حتى أصبح قائدا لقوات الاحتياطي العام وقوات العاصفة.
عين في 1967م وكيلا لوزارة الداخلية، ثم قائدا للمحور الغربي الشمالي، ثم قائدا للمنطقة المركزية، فسكرتيرا للقائد العام. الفريق حسن العمري. ثم قائدا لقوات الاحتياطي وفي الفترة 1972/ 1973م.
عين نائب لرئيس مجلس الوزراء مع احتفاظه لقيادة قوات الاحتياطي. وعندما استقالت حكومة الأستاذ محسن العيني رقى المقدم إبراهيم الحمدي إلى رتبة (عقيد) عين نائبا للقائد العام.
في عام 1972م عمل على إنشاء هيئة تعاونية لتطوير المنطقة الغربية الشمالية واختير رئيس لها وطور فكرة التعاونيات على امتداد الساحة اليمنية وتراس الاتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير في عموم مديريات الجمهورية وقد أحدثت تحولات اجتماعية كبيرة في مجالات شق الطرق وبناء المدارس وتنمية الأرياف بدعم الدولة ومساعدة المنظمات الدولية وبتعاون المواطنين وتفانيهم في إنجاح وإسناد التجربة التعاونية.
في 13 يونيو 1974م، قاد المقدم إبراهيم الحمدي انقلابا أبيض سمي بـ«حركة 13 يونيو التصحيحية» لينهي حكم الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني.
وترأس «مجلس القيادة» ووسع دور الجيش في النظام السياسي والحياة العامة.
والتقليل من دور ونفوذ مشائخ القبائل.
شهدت فترة حكمه تطورا ملحوظا في الاقتصاد، مع إرساء الأمن والاستقرار وانتعاش التنمية، والإصلاح المالي والإداري للرقابة على المؤسسات الحكومية للحد من الفساد، وفي الجانب السياسي والمؤسسي فقد جمّد العمل بالدستور وحل مجلس الشورى المنتخب.
عمل على تسريع وتيرة العمل الوحدوي وكانت أهم الخطوات الوحدوية مقررة أثناء زيارة لعدن في 13 أكتوبر/تشرين الأول، والذي اغتيل قبلها بيومين -مع شقيقه عبد الله الحمدي قائد قوات العمالقة- يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 1977 في ظروف غامضة وشكلت حالة صدمة في وجدان المجتمع اليمني.
رابعا: إنجازات المرحلة
إنجازات الرئيس الشهيد الحمدي خلال 46 شهراً من قيادته للجمهورية العربية اليمنية.
في مجال إعادة تنظيم الدولة واستكمال أطر بعض المؤسسات كإعادة تنظيم الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية وإنشاء اللجنة العليا للتصحيح والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وإصدار العديد من القرارات الجمهورية لتنظيم عمل المصالح والمؤسسات الحكومية.
إنجاز العديد من الطرق الإسفلتية الرابطة بين المحافظات والمدن الرئيسية وإنشاء المدن السكنية العمالية.
- إنشاء شركة الخطوط الجوية اليمنية بالشراكة مع المملكة العربية السعودية في 20 /5 /1975 م.
وإنشاء المؤسسة العامة للنقل البري قانون رقم (23) لسنة 1977م.
وتمت تحسينات هامة في مطاري صنعاء وتعز، وبناء مركز المراقبة الجوية، وتحسين وتطوير الموانىء وتوسيع شبكة الاتصالات والكهرباء
أنجز أكثر من مائة مشروع مياه على مستوى الجمهورية وإنشاء مشاريع التعليم والصحة والثقافة بمساعدات خليجية من السعودية والكويت والإمارات.
إقامة العديد من المجمعات الصناعية والعقارية والاستثمارية، وإنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والزراعية ومؤسسة التجارة الخارجية وتطوير البنوك وغيرها من مظاهر التنمية التي ما زالت شواهدها ماثلة حتى اللحظة.
خامسا: تقيم التجربة
الراحل وإن كانت فترته قصيرة لكنه قدم نموذج رائع يحتاج للوقوف مع كل مفردة من مسيرة عطائه الوطني على حدى بموضوع مستقل يتحدث عن أعماله وقراراته ورؤاه من خلال خطاباته ومنظومة الإنجاز التي مدت من شرعيته الشعبية والأخلاقية بعد رحيله وستستمر كمشروعية تاريخية حتى يتكرر النموذج.
حظي الرجل بشبه إجماع شعبي وكان محط الأمل الكثير من اليمنيين في إمكانية استنهاض واقعهم المرير واستعادة دورهم الريادي.
استفاد الحمدي من المداميك الجمهورية الصلبة التي شيدها أبطال سبتمبر المجيد وورث أرضية مناسبة من التجربة الجمهورية الوليدة لبناء الدولة وهي الميزة التي حرم منها النظام الجمهوري ذاته الذي بداء تأسيس الدولة من الصفر لأن النظام الإمامي لم يورث حتى واحد بالمئة من شبه دولة ذلك أنه قائم على نظرية سياسية مناقضة لفكرة الاستقرار ومتصادمة مع فلسفة قيام الدولة واستقرار النظام السياسي على العكس من الجمهوريات الوليدة في الوطن العربي التي ورثة مؤسسات دولة وتراكم فلسفي ومعرفي وقانوني لأسس بناء الدول.
- مارس الرجل قدر كبير من العمل السياسي والمناورة وبذل الجهد البشري في الوصول إلى السلطة، مستفيدا من الكثير من العوامل التي ساعدته وأعطته أسبقية على الكثير من اقرانه الذين عملوا بنفس الوتيرة والطموح ولعل أهم تلك العوامل هي الكاريزما القوية التي يتمتع بها الرجل، وقدرته الخطابية القوية على حشد الرأي العام.
- استعصى على ملذات الفساد والاستئثار بالمال العام ناهيك عن حالة الاقتراب من المزاج الشعبي المتطلع إلى مفردات المساواة والحرية وتفعيل القانون واستنهاض عوامل النهوض الحضاري.
- حقق قدر لأبأس به من التنمية مستفيدا من رغبته الذاتية في تحقيق ذلك وموظفا الطفرة المالية للاقتصاد اليمني بفعل وفرة عائدات المغتربين والنشاط الاقتصادي القوي في دول الجوار وجودة أداء وإخلاص وكفاءة العامل اليمني في مواطن الاغتراب على مستوى العالم.
- قدم تجربة فريدة في العمل التعاوني المجتمعي والمشاركة الجماهيرية في عملية التنمية من خلال مسيرة هيئات التعاون الأهلي للتطوير التي أحدثت نقلة نوعية في التنمية والتعليم والصحة.
- حظي بمساندة الكثير من الشخصيات اليمنية التي تعلي من المصلحة الوطنية العليا حتى أن الرئيس الإرياني -رحمه الله- أوصى كل من كان يحسب عليه بالتعاون مع الرئيس الحمدي رغما على أنه أتى من خلال انقلاب أبيض على القاضي الإرياني نفسه.
- عمل على احتوى وتوجيه التيار الإسلامي النشط في تلك الفترة الزمنية والمقبول إقليميا لمواجهة المدى الشيوعي ودمجه تحت سمع وبصر النظام من خلال إنشاء الهيئة العامة المعاهد العلمية ومكتب الإرشاد.
- حاول إيجاد قدر من الاستقلال للقرار الوطني وتحجيم مراكز النفوذ القبلية وتوطيد علاقته بالرئيس سالم ربيع علي رحمه الله على طريق المشروع السلمي المتكامل لتحقيق الوحدة اليمنية.
- عزز من علاقته بالمملكة العربية السعودية الشقيقة التي قام بأول زيارة خارجية لها وحظي بدعم وإعجاب الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- والذي قدم للحمدي دعم كبير في مواجهة ما كان يسمى المد الشيوعي حين ذاك.
- مما أعاق نجاح واستمرار تجربة الحمدي الفريدة أن الحامل السياسي الشريك له في السلطة المتمثل بالحركة الناصرية والذي كان في حينه أقوى الحركات السياسية المنظمة والمتوغلة في كل مفاصل السلطة والجيش والأجهزة الصلبة لم تكن تملك من الأدوات والبرامج والطموحات وبرامج الحماية الأمنية والذاتية ما يتواكب وما يحمله الرجل أو ما قدمه للدولة والمجتمع من إنجازات بالإضافة إلى الاختراقات القوية للتيار الإمامي المتربص بالدولة والجمهورية والتي حدثت بشكل قوي في فترة الرئيس الحمدي رحمة الله تغشاه.
- تميز بالنزاهة والشفافية في الجانب المالي وكانت معركته تنموية بفريق أمني من فلول الإمامة وقد تجاوز استكمال معركة ترسيخ مبادئ النظام الجمهوري والمؤسسات الديمقراطية الشعبية لمواجهة النفوذ الإمامي المتنامي وتكونت في عهده تكتلات داخل القوات المسلحة.
كانت تجربة الرئيس الحمدي ملهمة وما زالت حاضرة في الوجدان الوطني على امتداد اليمن من أقصاه إلى أقصاه.
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
تحرير دمشق .. تمهيد الطريق لتحرير صنعاء !!
2024-12-09 03:15:40
2024-10-14 03:09:27
الرئاسي والحكومة.. أسود على الجيش نعام على المليشيات
2022-11-30 09:33:59
في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد