وسط تجاهل المجلس الرئاسي والحكومة.. سقوط تاريخي للريال أمام الدولار متجاوزاً عتبة الـ2000 ريال

2024-10-15 02:39:50 أخبار اليوم - متابعات

  

أثارت الأزمة الحادة التي شهدتها العملة المحلية تفاعلاً واسعاً بين اليمنيين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المواطنون عن استيائهم من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بسبب غيابهما عن الساحة خلال هذه الأزمة الاقتصادية.

وشهدت أسعار صرف العملات الأجنبية في المناطق المحررة تدهوراً حاداً للعملة المحلية خلال الساعات الماضية، فيما يظل الصمت مسيطراً على الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

ووفقاً لمصادر مصرفية في العاصمة المؤقتة عدن، فقد قفز سعر صرف الدولار الأمريكي إلى أكثر من 2000 ريال للبيع و2015 ريالاً للشراء، بينما بلغ سعر صرف الريال السعودي 525 ريالاً للبيع و527 ريالاً للشراء.

وكشفت مصادر موثوقة أن أسعار الصرف شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال فترة زمنية لم تتجاوز 12 ساعة. حيث أظهرت البيانات أن الفارق بين سعر صرف الدولار والريال السعودي منذ مساء الأمس وحتى صباح الإثنين بلغ حوالي 50 ريالًا و11 ريالًا على التوالي.

وأشارت المصادر إلى أن شركات الصرافة تبرر هذا الانخفاض الكبير بوجود طلب مرتفع على العملات الصعبة. ومع ذلك، لم توضح الشركات ما إذا كان هذا الطلب ناتجًا عن نشاط حقيقي أم أنه مجرد عمليات مضاربة.

وفي 30 مايو/ أيار المنصرم، أصدر محافظ البنك المركزي اليمني في عدن، أحمد غالب المعبقي قراراً قضى بإيقاف التعامل مع 6 من البنوك والمصارف اليمنية، في صنعاء الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية بعد انتهاء المهلة المحددة بـ60 يوماً لتنفيذ قراره بنقل مراكزها الرئيسية إلى عدن. كما أبلغ نظام الـ "سويفت" بوقف التعامل معها. وهو ما أدَّى إلى تصاعد التوتُّر بين ميليشيا الحوثي من جهة والحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى.

وهددت ميليشيا الحوثي -على إثر هذه القرارات- باتخاذ عمليات عسكرية ضد المصالح السعودية، وهو ما استدعى تدخلًا مِن قبل مبعوث الأمين العام للأمم المتَّحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، حيث طالب بتأجيل تنفيذ هذه القرارات إلى نهاية شهر أغسطس القادم.

وقوبل إعلان التراجع عن القرارات بغضب شعبي واسع في أوساط اليمنيين حيث اعتبره البعض أخر فرص الحكومة والتي لن تتكرر، وعزوا هذا التراجع إلى التهديدات التي أطلقها زعيم ميليشيا الحوثي ضد السعودية، مؤكدين أن هذا الخذلان المتكرر يفقد الحكومة ثقتها بالناس ويجعلها مرتهنة للسعودية بكامل قراراتها.

وقال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن وصول الريال اليمني عتبة الألفين ريال مقابل الدولار أمر كارثي على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية، مشيرا إلى أن الريال اليمني بذلك يفقد أكثر من ثمانية أضعاف قيمته أي بنسبة تتجاوز 800 بالمئة منذ بدء الحرب.

‏وأضاف أن "الموظف الذي كان يتقاضى 60 ألف ريال شهريا تعادل 270 دولار تقريبا أصبح يتقاضى 30 دولار ويمكن قياس بقية المهن"، مؤكدا أن تدهور الريال بهذه الصورة المريعة هي حرب مباشرة على المواطن اليمني وسرقة لقوته اليومي ومدخراته.

فشل الحكومة

الصحفي والخبير الاقتصادي، رشيد الحداد، يرى أن "انهيار سعر صرف العملة في المحافظات الجنوبية نتيجة لفشل حكومة أحمد عوض بن مبارك في تنفيذ إصلاحات اقتصادية، سبق أن وعدت بتنفيذها ولكنها عجزت عن ذلك، وخاصة ما يتعلق بتحسين معدل الإيرادات العامة الخارجة عن سيطرتها والواقعة تحت سيطرة مراكز القوى العسكرية، يضاف إلى استمرارها بصرف 120 مليون دولار شهريا كمرتبات لكبار الموظفين في الخارج".

وأضاف الحداد إن "فشل الجهود الأمنية في أحداث اختراق بشأن ملف إعادة تصدير النفط الخام والغاز، مقابل صرف مرتبات الموظفين السابقين، وارتفاع معدل الإنفاق لتلك الحكومة وغياب سياسة مالية حقيقية على الأرض، يضاف إلى الفراغ الذي يعانيه بنك عدن منذ أشهر، من أسباب تراجع سعر الريال اليمني".

يضيف "قرار التراجع عن نقل البنوك لا علاقة له من قريب أو بعيد، فالمشكلة ناتجة عن غياب دولة حقيقية قادرة على استعادة إيراداتها المستلبة من قبل مراكز قوى تمارس سلطات الدولة وتنازعها في صلاحياتها ومهامها".

وبحسب الخبير الاقتصادي الحداد فإن هذا الانهيار يقود نحو انهيار متسارع إذا لم يتم اتخاذ إجراءات كفيلة بوقف الانهيار وإقرار معالجات سريعة تبدأ بخفض نفقات حكومة بن مبارك وتوقف صرف المرتبات بالدولار وتعمل على استعادة الإيرادات الخارجة عن السيطرة.

ويرى أن "هذا الانهيار الذي سيضاعف معاناة المواطنين سيدفع نحو إعاقة الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة لإحداث اختراق في الملف الاقتصادي، كون توحيد العملة بين صنعاء وعدن سيصبح مستحيلاً خلال الفترة المقبلة، مالم يتم التوافق على عملة موحدة بسعر موحد وهذا يتطلب وقت وجهد كبيرين"، حد قوله.

وأكد الحداد أن "المشكلة الاقتصادية في تلك المحافظات عميقة، وأي محاولات للتهدئة بتغيير مجلس إدارة البنك المركزي في عدن، إجراء وليس حل ولا علاقة له بالمعالجات الحقيقة التي هي من اختصاص الحكومة في عدن، وليست من اختصاص السلطات النقدية".

وسخر العديد من الناشطين من أداء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة في مواجهة هذه الكارثة، مشيرين إلى تراجعهم عن القرارات التي اتخذها البنك المركزي تحت ضغط تهديدات مليشيا الحوثي، بالرغم من أن تلك القرارات كانت تهدف إلى ضبط سوق الصرف في المناطق المحررة.

                 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد