كارثة تهدد حياة الآلاف: المياه المالحة تفتك بالنازحين في مأرب

2024-10-16 01:15:54 أخبار اليوم / قناة بلقيس نت

   

يعاني معظم النازحين في محافظة مأرب من مجموعة من الأمراض المتكررة، بما في ذلك أمراض الكلى والمثانة، نتيجة لاستخدامهم مياه غير صالحة للشرب.

من بين هؤلاء المرضى، محمد منصور، الذي أوضح لموقع بلقيس أن الطبيب قد أكد له أن المياه التي يتناولها ثقيلة وغير صحية، حيث تحتوي على مستويات مرتفعة من الملوحة، مما يؤدي إلى تراكمات مضرة في الكلى.

يجلب محمد منصور (55 عاما) مياه شرب -هي المتوفرة والمصدر الوحيد لسكان المخيم- من مزرعة "البرتقال" القريبة من المخيم، حيث يحمل قنينة الماء على كتفه المُنهك من آثار الحرب والنزوح، وتحدّيات العيش في مخيم يفتقر لكل مقوّمات العيش من خدمات؛ وتم اختيار مساحته وبُني عشوائيا للنازحين في صحراء شرق محافظة مأرب.

نزح منصور مع أسرته الكبيرة من مديرية الجوبة - جنوب غرب محافظة مأرب- قبل ثلاثة أعوام؛ إثر هجمات مسلحة شنتها ميليشيا الحوثي الإرهابية على المناطق الجنوبية للمحافظة، وهجَّرت سكانها المدنيين، الذين استقر بأغلبيهم الحال إلى جوار منصور في مخيم "السميا"- شرق مدينة مأرب، وبعيدا عن خطوط المواجهات.

تقول إدارة النازحين إن عدد النازحين في المخيم بلغ 20 ألف نازح؛ مؤكدةً أن عددهم في عموم اليمن بلغ 329,746 ألف أسرة نازحة؛ لا تتوفر لها مياه صالحة للشرب.

يقول منصور، لموقع "بلقيس": "نحن أهالي مخيم السميا نعاني من انعدام مياه الشرب الصحية، ونشرب مياه مالحة من آبار مياه زراعية، وغير مخصصة للشرب، لكننا نضطر؛ لعدم وجود بديل، ولا يوجد أي معالجة للمياه المالحة في المخيم".

- غير كافية

يوضّح منصور أنه والنازحين في المخيم يعيشون في صحراء خالية من كل شيء، وأنهم مضطرون لشرب مياه مالحة، ويكتفون بقبول ما توفّر لهم، وأنه لا قدرة لهم لتغيير واقع المعاناة إلى واقع أفضل.

وأضاف: المياه -التي وفرتها إدارة المياه في مأرب بالتعاون مع منظمات إغاثية- هي كميات غير كافية للأسر، بالإضافة إلى أنها مياه مالحة وغير صالحة للشرب، وغير معالجة أيضا.

وأشار إلى أن الكثير من النازحين يضطرون إلى قطع مسافة أكثر من كيلو متر لجلب مياه إضافية من إحدى مزارع البرتقال القريبة جدا من المخيم.

- آلام في كل أسرة

تقول الطبيبة إيمان أحمد (تعمل في المركز الصحي الوحيد بالمخيم): "لا يوجد أسرة نازحة في مخيم السميا إلا وفيها واحد أو أكثر يعاني من آلام الكلى بنسب مختلفة".

وتضيف: "هناك معاناة واسعة بين النازحين بمن فيهم أطفال يعانون من أمراض الكلى، وهناك أعداد متزايدة للإصابة بالفشل الكلوي".

وأكدت أن هناك وفيات بين المصابين بالفشل الكلوي حدثت في المخيم، مرجعة سبب ذلك إلى المضاعفات المتسارعة بفعل تناول المرضى مياه شرب مالحة وغير معالجة وغير صالحة، بمن فيهم أطفال ونساء وكبار السن.

وأشارت إلى أنه لا يوجد أي مصدر للمياه الصحية وغير المالحة في المخيم؛ كون المنطقة صحراوية، وكل الآبار من حولها مياهها مالحة تُستخدم للزراعة فقط، فيما المياه الصالحة للشرب تتوفّر في مناطق بعيدة جدا.

وأوضحت أن المياه المالحة في المخيم باتت كأنها أمر لا يمكن معالجته، مشيرة إلى الجهات المعنية لم تقدّم أي سُبل للحماية، أو معالجة المياه المالحة، التي يتناولها النازحون حتى الآن.

وأكد أنه بالإمكان وضع حلول، ولو مؤقتة، كفلاتر تصفية المياه في الخزانات؛ لتخفيف من الأملاح المستهلكة كل يوم.

- ارتفاع الحالات

يقول جمال شداد -مدير مركز الغسيل الكلوي في مأرب- إن المركز -بعد افتتاحه عام 2017- استقبل 35 حالة من النازحين ومن سكان المحافظة مصابة بفشل كلوي مُزمن، لكن -ومع مرور الأيام- زادت الحالات أكثر فأكثر حتى أصبح عدد الحالات المصابة بالفشل الكلوي المزمن والحاد أكثر من 400 حالة حتى منتصف العام الجاري.

وأضاف: الأسباب، التي أدت إلى ارتفاع حالات الإصابة بالفشل الكلوي المتعددة، كثيرة؛ منها مشاكل الحرب، التي تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وأمراض السكر.

وأوضح أن هناك أسبابا وراثية أيضا، فيما هناك أسباب أخرى رئيسية، وهي التهاب المسالك البولية المزمن في ظل عدم الاهتمام، ومراجعة الأطباء أولا بأول.

وبيّن شداد أن هناك أسبابا أخرى، وهي مرحلية، وتؤدي في نهايتها إلى الإصابة بالفشل الكلوي، مثل تراكم الأملاح في الجهاز البولي، وتكوّن الحصوات في الكلى.

وأشار إلى أن كل تلك الأسباب تؤدي في نهايتها إلى فشل كلوي مزمن، مرورا بآلام الكلى، والالتهاب الكلوي الحاد، ثم الفشل الكلوي المزمن -حسب وصفه.

ويرى أنه من الطبيعي ارتفاع حالات الإصابة بالفشل الكلوي وأمراض الكلى في ظل ارتفاع الأملاح في المياه بمحافظة مأرب، حيث أصبحت تلك المشكلة قائمة دون علاج حتى الآن.

"ويرجع الناس تناولهم مياه غير مُعالجة وغير صحية ومالحة إلى عدم القدرة على توفير مشاريع تحلية، أو تنقية، أو إيجاد بديل لتلك المياه القاتلة"- حسب قول شداد.

وقال: "عندما نزلنا إلى بعض مصانع المياه، وفحصنا عيّنات، وجدنا أنها لا زالت تحمل الكثير من الشوائب، ولا تعمل بالمعايير المعتمدة للمياه عالميا، أو في محافظات مجاورة على الأقل".

ودعا شداد السلطات المحلية والمختصة إلى إلزام مصانع تحلية المياه العمل والالتزام بمعايير الجودة الدولية والمعايير المحددة؛ كون تلك المياه تقتل المستهلكين على المدى الطويل، وبشكل تراكمي.

                           

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد