المحسوبية أو الإهمال.. مصير المساعدات الطبية المجانية في ظل الحوثيين

2024-10-19 02:43:40 أخبار اليوم / بلقيس نت- كريم حسن

   

تتحكم سلطات مليشيا الحوثي الإرهابية الصحية في توزيع الأدوية المجانية المخصصة للمصابين بأمراض مزمنة، والتي تتلقاها منذ سنوات كمعونات علاجية طارئة من منظمات صحية دولية تدعم القطاع الطبي في اليمن.

تقوم سياسة توزيع هذه الأصناف على أساس انتقائي، حيث تعتمد على معايير خاصة تتعلق بولاء المستفيدين للميليشيات. وفي الوقت ذاته، حرمت أعداد كبيرة من المرضى من الحصول على الجرعات العلاجية الضرورية، رغم وجود كميات هائلة منها في المخازن المركزية التابعة لوزارة الصحة في صنعاء، الخاضعة لسلطة مليشيا الحوثي. وغالباً ما تؤول هذه الكميات إلى التلف وتبقى متكدسة في مستودعات التخزين، مما يعد عقاباً جماعياً للمرضى الذين لا ينتمون إلى المليشيات أو لم يدينوا لها بالولاء، أو لم يكن لأحد من أقاربهم أي ارتباط بها.

- أولويات حوثية للصرف

مئات الأطنان من المستلزمات العلاجية والوقائية والطبية قدّمتها منظمة الصحة العالمية ومنظمات أممية أخرى لمساعدة القطاع الصحي في كافة مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، تحتوي على شحنات دوائية متنوّعة بغرض مساعدة الشعب اليمني، الذي يعيش أوضاعا صحية مأساوية؛ نتيجة الحرب والنزاعات الدائرة في البلاد.

يقول عدد من المصابين بأمراض مُزمنة -كداء السكر، الفشل الكلوي، الأورام وغيرها- لموقع بلقيس: "عملية الصرف المجاني للدواء تكون للمحسوبين على الميليشيات، أو لأقاربهم".

وأضافوا: "إجراءات توزيع أدوية الأمراض المزمنة بمزاجية ميليشيا الحوثي، وحسب تصنيف تبعية المرضى، أحياناً يصرفوا جرعة للمصابين بالسكر، أو بالفشل الكلوي، أو بأمراض مُزمنة، يتحكموا بالمريض، ولم يصرفوا له الجرعات الكافية".

بناءً على أولويات لم تكشف عنها الميليشيات، في آلية توزيع العلاج المجاني على المصابين، تبرز معايير مختلفة في عملية الصرف طبقاً لمحددات خاصة بالمليشيات.

يقول أحد المصادر الطبية في وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء -فضَّل عدم الكشف عن هويته- مرتبط عملياً بإجراءات صرف الأصناف الدوائية المجانية، لموقع "بلقيس": "هناك أولوية في صرف الأدوية مجاناً، تشمل المرضى المقربين للميليشيات، أقارب الجرحى وأسر الشهداء، جميع المصابين ممن لهم ارتباطات بالحوثي، نحن في المخازن المركزية بوزارة الصحة نوزِّع شحنات الدواء المقدّمة من منظمات دولية للمستشفيات في صنعاء، وكذلك بعض المحافظات، لكن الخلل في عملية الصرف تتم هناك".

وأضاف: "كثير من الأدوية، التي تحصل عليها الوزارة مجاناً، من الأصناف ذات الجودة الممتازة، أسعارها مرتفعة جداً، وغير متوفرة في الأسواق، تأتي كمساعدات للقطاع الصحي المنهار، لكن التلاعب والمتاجرة تحدث بسبب لوبي الفساد".

- غياب رقابي

لا يستفيد معظم اليمنيين المصابين بأمراض مزمنة من تلك المساعدات العلاجية المجانية القادمة بهدف تخفيف أوجاعهم، في ظل سيطرة مليشيا الحوثي على عملية صرفها بالتحايل والخداع، منذ استقبالها وإيداعها في مخازن الوزارة.

 يقول الناشط الصحي، فهيم الطلبي، مؤكدا لموقع بلقيس: "الحوثيون يستخدمون التمويه على فِرق المنظمات الطبية الدولية بأن يباشروا استلام الأدوية لإيصالها إلى مخازن الوزارة، حتى يقوموا بتوزيعها على المراكز والمستشفيات المستهدفة، في مختلف المناطق والمدن اليمنية، وتحقيق الاستفادة للمصابين بأمراض مزمنة، لكن لا توجد رقابة على إجراءات التوزيع والصرف، بعضها يُباع من المخازن إلى السوق، وما تبقى ينتهي داخل المخازن".

بينما يعاني عشرات الآلاف من المصابين أوجاع المرض وبؤس وقسوة ظروف العيش، إذ تحولوا -خلال مرحلة الصراع- إلى ضحايا الأطماع المتسلطة، التي تهتف بمعاناتهم، من أجل المتاجرة والتكسب من جحيم مأساتهم.

يقول "عابد عبد الله" -مريض بفشل كلوي- لموقع "بلقيس": "قضيت أكثر من أسبوعين رقود في قسم الكلى بمستشفى الثورة، لم أحصل حتى على حقنة علاج مجانية، كل الأدوية كنت أشتريها من الصيدليات الخارجية، جرعات الغسيل الكلوي لم تصرف لأي مريض، هذا المستشفى حق الدولة وليس خصوصي، لكن لو تريد أي خدمة أو علاج لازم تدفع من جيبك".

بانعدام المسؤولية وغياب الجانب الرقابي، يواجه المرضى تجارب مريرة، بدءاً من طوارئ الاستقبال إلى البحث عن وصفة طبية ملائمة، حتى صيدليات المشافي التي حولت العلاجات المجانية إلى مجالاً للمتاجرة والربح من معاناة المرضى الأليمة.

يقول الصيدلاني مصطفى الصلوي لموقع "بلقيس": "انهيار القطاع الصحي خلفه حالة تواطؤ كبيرة، المنظمات الطبية التي تقدم أدوية مجانية تغض بصرها عن الجماعة، لا رقابة ولا أداء حقيقي لتوزيعه على المستحقين من المرضى".

بينما يشهد القطاع الطبي اليمني انهياراً غير مسبوق على كافة الأصعدة، استفادت الجماعة من شحنات الأدوية المجانية، وحوّلتها إلى مصدر تمويل لأنشطة مخالفة؛ هدفها الاستثمار أو التخريب فحسب.

                 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
استعدادات الحكومة للحسم العسكري: وزير الدفاع يكشف خطط المواجهة مع الحوثيين

وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد