تسود أجواء من المنافسة الخفيّة بين كبار القيادات داخل تنظيم المليشيا الحوثية الإرهابي، تتمثل في استغلال الممتلكات العامة وممارسة أعمال السلب والنهب. ومن بين أبرز هذه الممارسات، تأتي عملية الاستيلاء على أراضي جامعة صنعاء، والتي تمت بشكل غير قانوني، متعارضة مع جميع القوانين اليمنية المعمول بها.

إذ تداول ناشطون محليون -مطلع أغسطس الفائت- وثيقة حوثية تؤكد حقيقة تصرّف الجماعة بمساحة واسعة من أرض الحرم الجامعي لصالح أحد المستثمرين الموالين لها بذريعة إنشاء مدينة طبية.

لكن سرعان ما تحوّل الملف إلى قضية رأي عام، كشفت العملية على نطاق محلي واسع، جوبهت بالصمت كإجراء حوثي مؤقت، تسعى الجميليشيات -من خلاله- تمرير مخططها لاحقاً، ثم الاستيلاء وتدشين مشروعها الاستثماري.

- مصير غامض

تمثل عملية السطو الحوثي على الأراضي الجامعية أبرز قضايا النهب الشائكة والخطيرة على الأملاك العامة، باعتبارها استباحةً لحرم التعليم الجامعي، وللمصالح العامة والوطنية، على حدٍ سواء، إضافةً إلى التدمير المقصود للعملية التعليمية بدوافع الحقد والانتقام من أجيال اليمن الجمهوري ومصالحه العامة.

يقول "عبده مدهش" -نقابي في جامعة صنعاء- لموقع "بلقيس": "أكثر من 10 آلاف لبنة سيتم استقطاعها من أرض الجامعة؛ لإقامة مشاريع استثمارية حوثية تُدر أموالا لهم، واعتمادها مصدر دخل للميليشيات مستقبلاً".

وأوضح: "لديهم مخطط إستراتيجي طويل لاستغلال ممتلكات الدولة، وكذلك مصادرتها، والاستيلاء عليها".

لم تعد المساحات البيضاء من أراضي الجامعة حقا عاما تملكه مؤسسة أكاديمية رسمية في زمن مليشيا الحوثي، التي تبذل مساعيَ حثيثة لاستغلالها وتحويلها إلى أنشطة استثمارية حوثية.

يقول عدد من أكاديمي جامعة صنعاء لموقع "بلقيس": "هناك تناقضات كثيرة في تصريحات القيادات الحوثية -فيما بينهم- حول ملف أرض الجامعة، مصير القضية أصبح غامضا برغم كل التحرّكات لإيقاف السطو على ملكية الأراضي الجامعية".

وأوضحوا: "إحاطة هذا الملف بالغموض هدفه الإرباك والتشويش، وانتظار الفرصة المناسبة لاستكمال عملية الاستيلاء، وإقامة مشروعهم الخاص".

تأتي حالة الغموض في إطار منهجي للجماعة كسياسة رسمية لها؛ للتعامل مع هكذا قضايا، بحيث يُترك الملف معلقاً بلا إغلاق أو مُعالجة: تحيناً لظرف وتوقيت ملائم.

- إجراءات باطلة

قضت التوجيهات الحوثية بمنح أحد مستثمريها مساحات واسعة من أراضي الحرم الجامعي، تقدّر بعشرة آلاف لَبنة (وحدة قياس محلية)، أي ما يعادل 444.440 مترا، تم تصنيفها كعملية استهداف مستمرة لتدمير بنية التعليم الأكاديمي، وإعاقته من أي تطوير مستقبلاً.

يقول الناشط "علي عبد الوهاب" -من نقابة العاملين في جامعة صنعاء- لموقع "بلقيس": "الجماعة مركِّزين على توزيع أراضي الجامعة، مستثمر تابع لهم لديه توجيهات بـ10 آلاف لبنة من مساحة أرض كلية الطب، و40 ألف لبنة من أملاك الجامعة في بني مطر، تُصرف على مرحلتين".

وأضاف: "كذلك نيّتهم التصرّف بمساحة المزرعة والمعامل التابعة لكلية الزراعة في جامعة صنعاء، هذه استباحة كاملة، وتدمير مُمنهج للعمل الأكاديمي".

وسخّرت مليشيا الحوثي جميع الإمكانيات الرسمية، بما في ذلك الموارد والممتلكات، لصالح مشروعها السلالي والطائفي، وخدمةً لأهداف أنشطته المستوردة.

يقول المحامي "هاشم شرف الدين" إن "قرار تمليك مساحة عشرة آلاف لبنة باطلٌ؛ وذلك لمخالفته الدستور والقوانين اليمنية النافذة".

وأوضح: "التوجيه الصادر ليس لصاحبه الحق ولا لغيره التصرف بالتمليك أو التأجير للأراضي المملوكة للدولة، وحرم جامعة صنعاء مخصص للمنفعة العامة، لذلك جميع التوجيهات باطلة بطلاناً مُطلقاً".

ودعا كل الجهات التنفيذية إلى يقاف العبث بأموال وممتلكات الدولة، ووقف إجراءات هذا المشروع، ومحاسبة المتورِّطين، وعلى رأسهم صاحب المشروع.

يهدف المشروع -بصورة رئيسية- إلى الاستيلاء على الحرم الجامعي وامتلاكه مجاناً.

- عبث بممتلكات الدولة

لم ينتهِ مسلسل النَّهب الحوثي عند أراضي الحرم الجامعي في صنعاء، بل امتد إلى أراضٍ جامعية في مناطق أخرى، وكذلك مساحات تابعة لبعض المصالح الحكومية في العاصمة، وغيرها.

يقول المهندس "عادل الرماح" -من هيئة أراضي وعقارات الدولة- لموقع "بلقيس": "كل ما يجري من استيلاء على أملاك الدولة واستثمارها من قِبل جماعة الحوثي عبث واستغلال ليس قانونيا؛ يمنع التصرّف بها تحت أي مُسمًى كان".

وأضاف: "الجماعة يمارسون عملية تصفيات لأراضي وعقارات الدّولة، هذه إجراءات مرفوضة، وغير صحيحة".

نماذج سطو مختلفة؛ من ضمنها أراضي الحرم الجامعي في مدينة ذمار، هي الأخرى طالتها أيادي عصابات النَّهب الحوثية، إضافةً إلى إقدام المدعو شرف الكحلاني على مصادرة نحو 600 لبنة تملكها الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات في صنعاء، التي ينتحل المذكور صفة "مديرها العام".