تحويل التعليم إلى سلاح: الحوثيون وعسكرة المدارس والجامعات في اليمن

2025-02-05 09:54:44 أخبار اليوم/متابعات

 

   

في ظل استمرار الحرب في اليمن، لا تقتصر معركة مليشيا الحوثي الإرهابية على الجبهات العسكرية، بل تمتد إلى المدارس والجامعات التي أصبحت ساحة لتغيير الفكر وتجنيد الأجيال القادمة، حيث يتعرض الطلاب لعملية غسيل دماغ ممنهجة تهدف إلى تحويلهم إلى قنابل فكرية موقوتة.

 

احتلال ثقافي وتغيير عقائدي

تفرض ميليشيا الحوثي عقيدتها الطائفية على الطلاب، و تمارس عملية "احتلال ثقافي" ممنهج، عبر تعديل المناهج الدراسية، وإجبار الطلاب على حضور دورات فكرية وتدريبات عسكرية، مما يمثل أكبر تغيير ديموغرافي ثقافي قسري في تاريخ اليمن.

 

هذا "الاحتلال الثقافي" الذي تمارسه الميليشيا يشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل اليمن، حيث يُجبر الطلاب على تبني عقائد السلطة الطائفية  المتناقضة مع عقائد المجتمع، ومصالحه، ومحيطه، وتاريخه.

 

أدخلت الميليشيا تعديلات جوهرية على المناهج الدراسية، وأصبحت الدورات الفكرية والتوجيه العسكري جزءًا من الحياة اليومية للطلاب، الذين يتم استقطابهم وتدريبهم ليكونوا أدوات عسكرية تخدم الميليشيا وأهدافها، مما يهدد الهوية الوطنية ويزرع التطرف في عقول الطلاب.

 

ميليشيا الحوثي تسعى جاهدة لتغيير هوية الجيل الجديد، وتسخيره لخدمة مشروعها الانقلابي، وهذه الممارسات الخطيرة تستدعي تحركاً عاجلاً لإنقاذ مستقبل اليمن من براثن التطرف والجهل."

 

التعليم.. أخطر جرائم الحوثي

يقول الباحث في الفكر الإسلامي، الدكتور عبدالله القيسي خلال تصريحه لموقع بلقيس نت: “إذا عددنا جرائم الحوثي منذ الانقلاب، فإن إجبار طلبة المدارس والجامعات على حضور دوراته الطائفية، وتغيير مناهج التعليم، يعد من أعظم الجرائم، لأنها قنابل موقوتة تهدد المستقبل.”

 

وأضاف: “تركّز ميليشيا الحوثي بشكل كبير على التعليم، لأنها تدرك أن الطلاب هم الفئة الأنسب للتجنيد، وغسل الأدمغة، والتجييش. فهناك جيل كامل نشأ بعد 2011، ولا يعرف شيئًا عن الأحداث التي سبقت عام 2014، وهذا الجيل مهيأ تمامًا ليتم استقطابه عبر المدارس، أو الجامعات، أو الدورات الطائفية.”

 

وتابع: “حوّلت الميليشيا المدارس والجامعات إلى ثكنات عسكرية، لتدريب الطلاب بشكل إجباري. وهذه خطوة كنت أتوقعها، بل ستفعل ما هو أسوأ، لأنها تريد أن تسابق الزمن، وهي تشعر بأنها لن تبقى في السلطة طويلًا.”

 

وأردف: “بعد أن فقدت ميليشيا الحوثي حلفاءها في المنطقة، خصوصًا في سوريا ولبنان وإيران، أصبحت ضعيفة ومهددة، لذا تلجأ إلى التحشيد الكبير، وخلق شخصيات إيديولوجية تستخدمها في المفاوضات والقتال.”

 

وأضاف: “تستنزف الميليشيا اليمنيين إلى أبعد مدى للبقاء في السلطة، وتهرب من الانهيار الاقتصادي والتدهور السياسي نحو التجييش المستمر، لتوهم الناس بأنها في حالة حرب دائمة.”

 

وأشار إلى أن: “في البداية، استخدمت الميليشيا دعاية (العدوان)، ثم دعاية (القدس وغزة وفلسطين)، وتبرعّت بمرتبات الموظفين لدعم هذه القضايا، لكنها في الحقيقة تخلق شعارات جديدة فقط لخدمة مشروعها الطائفي.”

 

استغلال التعليم: سلاح الميليشيا الأخطر

يؤكد القيسي أن: “لم يسبق أن استخدمت أي جماعة التعليم بهذه الطريقة، ففي الدول المستقرة، هناك رقابة تمنع انتشار الأفكار المتطرفة، لكن هذه الميليشيا وجدت ضوءًا أخضر إقليميًا ودوليًا لإغراق اليمن في الحروب، وتحقيق أجندات خارجية.”

 

وأضاف: “الميليشيا تُصنع منها بطلة في بعض الأحيان، بطريقة (التخادم)، فالضربات الخارجية تستهدف البنية التحتية لليمن، بينما تبقى الميليشيا بمنأى عن أي استهداف، فتستغل ذلك للتحشيد الداخلي، وزرع خطاب المظلومية.”

 

وأكد أن: “التعليم هو أخطر شيء في صناعة الفكر، فهو أشبه بدستور ثقافي يحمي المجتمعات، وحين يتم اختطافه، يصبح وسيلة لتشكيل أجيال مؤدلجة.”

 

جيل مفخخ.. الأرض ليست الهدف الوحيد

يقول الأكاديمي في جامعة إقليم سبأ، الدكتور يحيى الأحمدي لموقع بلقيس نت: “الجرائم التي لحقت بالتعليم في اليمن لا تقتصر على الطالب أو المدرس، بل تشمل كل مكونات العملية التعليمية، من المناهج إلى الإدارة وحتى المباني، التي حوّلتها مليشيا الحوثي إلى مراكز لنشر الفكر الطائفي، بل وثكنات عسكرية.”

 

وأضاف: “ما حدث خلال عشر سنوات كفيل بإنتاج جيل منفصل عن هويته، معزول عن فكره الحقيقي وعن الحياة بشكل عام. هذا الجيل نشأ على رؤية واحدة متطرفة، ترى الآخرين أعداء وخصومًا، وترى أن القرار الوحيد والصوت الوحيد هو صوت هذه الميليشيا.”

 

الاحتلال الثقافي والتجنيد الإجباري

وبحسب تقرير لمنظمة صحفيات بلا قيود، حوّلت الميليشيا الحوثية 30 جامعة ومعهدًا إلى مراكز تعبئة عسكرية، حيث يتم إجبار الطلاب على الانخراط في دورات تدريبية، تشمل استخدام الأسلحة والتلقين الفكري. وتشير التقارير إلى أن الرفض يقابل بالطرد أو الاعتقال، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.

 

كما فرضت الميليشيا التجنيد الإجباري على آلاف الطلاب، خصوصًا عبر ما يسمى بـ"دورات سيل الأقصى"، التي تركز على الأيديولوجيا القتالية، بينما خضعت الطالبات لدورات مشابهة تحت إشراف "الزينبيات".

 

تصعيد غير مسبوق وانتهاك صارخ للحقوق

يشير التقرير إلى أن تصعيد مليشيا الحوثي في قطاع التعليم يتزامن مع التوترات الإقليمية، حيث تسعى الميليشيا إلى تعزيز التجنيد مستغلة الصراع القائم. هذه الممارسات تنتهك القوانين الدولية، مثل المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تضمن الحق في التعليم دون إكراه، والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحمي حرية الفكر والمعتقد.

 

دعوات للتحرك الدولي

دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية التعليم في اليمن، ووقف عسكرة الجامعات والمدارس. كما شددت على ضرورة مساءلة ميليشيا الحوثي عن انتهاكاتها، وضمان حق الطلاب في التعلم بعيدًا عن الأدلجة العسكرية.

 

ختامًا، ما يحدث في اليمن ليس مجرد صراع عسكري، بل معركة على هوية الجيل القادم. تحويل المدارس إلى مراكز تدريب، وتغيير المناهج لتتوافق مع أيديولوجية طائفية، يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل البلاد، ويستدعي تحركًا حازمًا لإنقاذ اليمن من دائرة التطرف والصراع المستمر.

       

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
بن مبارك يكشف من واشنطن حقيقة الانفصال والتطبيع ومساعي إنهاء الحوثي

أشاد رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة إدراج مليشيا الحوثي الإرهابية على لوائح الإرهاب. كذلك علّق بن مبارك في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" على قضايا مختلفة تشهدها المنطقة ومنها رؤية مشاهدة المزيد