الحـــــــديدة عـــــروس البـــــحر الأحمـــــــــر ..حارات مهملة وأحياء فقيرة تقبع على مستنقعات من البيارات

2006-11-23 06:38:59


استطلاع/ فهد جبران

بعد خمسة عشر عاماً من التغيرات الجوهرية في اليمن شملت توحيد الشمال والجنوب، ووضع حد لاندلاعات الحرب الأهلية المتقطعة ودعودة ما يقرب من مليون يمني من الخليج في عام 1991م ، شرعت البلاد في تطبيق برنامج هام لتغيير وضعها كواحدة من أفقر دول المنطقة.

ومنذ عام 1990م تضاعف الانتاج المحلي في اليمن قياساً بإجمالي الانتاج المحلي وخلال الفترة زادت معدلات الالتحاق الشامل بالتعليم الابتدائي من 57 الى «78%» في عام 2001 وفضلاً عن ذلك انخفضت أمية الذكور من 45 الى «32%» فيما انخفضت الأمية بين الاناث من 87 الى «75%»، وهبط عدد الوفيات من الاطفال الذين لم يبلغوا السنة الأولى من العمر من 110 الى 79 «لكل 1000 من المواليد الاحياء» وزاد العمر المتوقع من 52 الى 57 سنة، وحقق اليمن أيضاً تقدماً في توفير الخدمات الاساسية مثل التعليم الاساسي والصحة وفي توفير امكانية الحصول على المياه النقية والوصول الى الطرقات والكهرباء.

ومع كل هذا التقدم الذي حققته اليمن إلا أن محافظة الحديدة تعتبر من أشد المحافظات اليمنية فقراً حيث تجد أهلها أو الكثير منهم ضمن أعداد البطالة بدون عمل أو أعمال بالأجر اليومي ناهيك عن مستوى غلاء المعيشة التي تطحن البلاد كلها، إلا أن هذه المحافظة يتزايد فيها الفقر والفقراء ومع وجود الكثير من الشركات والمصانع، وفي الوقت الذي يعول على محافظة الحديدة في تنمية الاقتصاد الوطني كونها الميناء التجاري والمدينة التي تحتوي على العديد من الشركات الملاحية والتجارية والمصانع .

لكن أهلها يعانون من الفقر المدقع الذي جعل هذه المحافظة تمثل أكبر نسبة للتسول فيها سبب قلة الأعمال وسوء الحال وضعف الحيلة وانعدام الوسيلة لكسب المال الذي يكفي لإعالة أسرة حتى ولو ليوم واحد.
ويمثل الفقراء في هذه المحافظة ما يزيد عن ثلثي سكان المحافظة، هؤلاء من لا تشملهم رعاية المسؤولين في المحافظة ويعدون مهمشين ومعدمين وقد يدرجون ضمن المناطق التي تعاني من المجاعة.
بينما يمثل أصحاب الطبقات المتوسطة والغنية ما نسبته ثلث سكان المحافظة هؤلاء هم من يتمتعون بالمال والسكن الجيد والغذاء.
سعف النخل وأشجار جوز الهند وأعمدة من أشجار أخرى تسمى باللهجة الدارجة «قير» وحبال وقطع من الزنك والاخشاب قد اكلها الصدى تكاد لا تقيك من الغبار والاتربة..!!
عشش متناثرة هنا وهناك تسمى ببيوت تأوي فيها أسر بأكملها يفترشون التراب ويلتحفون السماء، بيوت لا كهرباء فيها ولا ماء..!! كيف يعيشون؟ كيف يمارسون حياتهم في ظل دولة بها الأمن والاستقرار؟!! خطوط الكهرباء موصلة الى أقرب منزل لهم لكنهم لا يستطيعون أن يمدوا خيطاً يحمل لهم بصيصاً من الأمل والاحلام.
يشربون من مياه الجوامع والحارة فهي أقرب مصدر للماء ويكاد أن يكون الوحيد.
يستخدمون الجاز «القاز» والفوانيس والنوارات للاضاءة، حالتهم يرثى لها..!!
يشكون من إهمال الجهات المختصة في هذه المحافظة التي لم تعرهم أي اهتمام لكن حبهم للرئيس لا زال موجوداً ويأملون به خيراً لعله يلتفت إليهم بخير ، فلا زالت صوره معلقة على أبواب عششهم رغم ما يعانونه من ضيق الحال وسبل العيش.
وإذا ما قمت بجولة داخل المدينة تجدها تعاني هي أيضاً، فالشوارع المسفلتة هي الشوارع الرئيسية والتي هي على مرأى من الجميع، أما داخل الحارات وخاصة مدينة العمال وخاصة باتجاه شارع الستين تجدها مبنية على مستنقع من البيارات والمجاري بالاضافة الى شوارع ترابية وأخرى مكسرة ومهددة بالسقوط في أي لحظة.
وهذه الحارات التي تقع على مستنقعات من البيارات هي تعد من الحارات الفقيرة رغم أنها قريبة من الميناء التجاري .
أما إذا تجولت في الاحياء الراقية ومنها الحي التجاري تجد كل الشوارع التي كانت ترابية أصبحت مسفلتة وتحسن حالها إلا أن المجاري لازالت طافحة على السطح تؤذي المارة ، لكن هذه الشوارع أصبحت أفضل من قبل، لكن بطبيعة الحال أحياء التجار والمسؤولين لها رونقها وشكلها الخاص الذي يختلف عن الكثير من الاحياء الفقيرة..!!
يعاني الكثير من سكان الحديدة من سوء الحال وبالذات العائدين من الخليج عام 1990م أبان حرب الخليج الثانية حيث يقيمون في أماكن لا تليق بالحيوان فكيف بالانسان؟! فهناك من يذهب لينام في الحديقة والآخر لا يجد بداً من الشارع لينام وبطونهم خاوية على عروشها من الجوع. الكثير من سكان الحارات والاحياء الفقيرة ينتظرون يد العون من المحسنين فيتهافتون على موائد الافطار ويزدحمون على ما يوزع لهم وحتى كسرات الخبز والروتي..!!، وآخرون قد ينامون وبطونهم خاوية إلا من كسرات خبز وماء..!!
تنتشر الجريمة في محافظة الحديدة بشكل ملحوظ وذلك مع تزايد الفقر والبطالة وعودة الكثير من المغتربين الذين أصبحوا بلا مأوى إلا من قش يقي أجسادهم حرارة الشمس الحارقة وسخونة الصيف ولهيب الرمال وملوحة الماء.
حيث تنتشر جرائم أخلاقية مختلفة من الزنا واللواط والسرقة وهذه الجرائم أصبحت ملحوظة وسببها -حسب اعترافات بعضهم- الحاجة والجوع، وهذه الظاهرة أصبحت تشكل مشكلة خطيرة لدى أجهزة الأمن والقضاء والنيابات، لا سيما مع عدم وجود مشاريع استثمارية أو مشاريع صغيرة في الكثير من مديريات محافظة الحديدة لسد حاجة المواطن وتشغيل الشباب حتى تقل البطالة.
فالسلطات المختصة في الحافظة لا تعير هذه المشكلة إلا القليل من الاهتمام لتفادي تفاقم هذه المشكلة حتى تتفشى الظاهرة لنكون مجتمعاً منحلاً بدون حياء أو أخلاق.
السجون في مختلف مديريات محافظة الحديدة تعج بالمسجونين والذين تقرحت أجسادهم من زنزانات السجن الذي هو عبارة عن غرف من البلك مع فتحات تهوية صغيرة جداً، ناهيك عن عدم وجود مراوح لتبريد وتلطيف الهواء، وإن وجدت المراوح انعدمت الكهرباء، فهناك سجن أصبحت فيه أجسادهم مجربة، ورائحتها نتنة ومتعفنة، هؤلاء المساجين لا يلقون أدنى درجات حقوق الانسان ليعاملوا بها كبشر، فمعتقلات جوانتانامو أفضل بكثير من هذه السجون التي أصبحت أشبه بالمدافن..!!
الشيخ في بعض مديريات الحديدة يحبس، والمدير يحبس.. وهكذا وعلى أبسط الاسباب وأتفهها فقد يحبس أحدهم لاختلائه بامرأة أجنبية على الطريق العام -حيث اعتبروا ذلك خلوة- أو وقوفه الى جوار نافذة شخص حتى ولو كان من غير قصد وهكذا.
وفي نهاية الاستطلاع الذي حاولنا فيه جاهدين مقابلة محافظ المحافظة لكن المفاجأة أن مدير مكتب المحافظ قابلنا باسلوب غير لائق، فعندما طلبنا مقابلة المحافظ واجهنا مدير المكتب باسلوب غير حضاري وقال: أين ستقابلون المحافظ في الهواء ؟ وما كنا نعلم أن المحافظ طيار حتى نقابله في الهواء.
وبالمختصر المفيد نقول: إن لم يُلفت إلى محافظة الحديدة بعين الاعتبار فإنها لفقرها تصبح أرضية ومرتعا خصبا للفساد..!!!

ومع كل هذا التقدم الذي حققته اليمن إلا أن محافظة الحديدة تعتبر من أشد المحافظات اليمنية فقراً حيث تجد أهلها أو الكثير منهم ضمن أعداد البطالة بدون عمل أو أعمال بالأجر اليومي ناهيك عن مستوى غلاء المعيشة التي تطحن البلاد كلها، إلا أن هذه المحافظة يتزايد فيها الفقر والفقراء ومع وجود الكثير من الشركات والمصانع، وفي الوقت الذي يعول على محافظة الحديدة في تنمية الاقتصاد الوطني كونها الميناء التجاري والمدينة التي تحتوي على العديد من الشركات الملاحية والتجارية والمصانع .

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد