عشرات الأمتار فقط تبعد منطقة الكسارة بمنطقة الضبوعة محافظة تعز عن سوق المدينة المركزي وعند الولوج إلى ذات الحارة نجد أن اسم الكسارة قد أتخذ من مسماه عنوان حيث أضحى التكسير الجيولوجي مع العامل البشري هو سيد الموقف في حارة جمعت بين المصائب ومصاعب الحياة ,, وقد تشكل من الكسارة ثالوث مرعب , الصخور من الأعلى والمجاري من الأسفل وبينهما حالات استنفار تعيشها الحارة عند سقوط الأمطار حيث تتحول غرف المنازل إلى حمامات سباحة مع الأخذ بالفارق أن مياه الأمطار تتخللها مياه الصرف الصحي في هذه الأماكن .. ثلاثة محافظين تعاقبوا على تعز بدءاً من القاضي/ أحمد الحجري ثم أبو راس وانتهاءً بالصوفي المحافظ الحالي وحسب الأهالي فإن الحجري وأبو رأس قد زارا المنطقة ومع ذلك لم تثمر زيارتهما بأي نتيجة سوى وعود على ورق وتوجيهات لم ترَ النور حتى اللحظة , ليبقى الأمل معقوداً بالمحافظ الأخير بالنظر إلى حارة الكسارة التي أضحت تشكل خطورة على القاطنين فيها من أبناء المحافظة .. هو نداء استغاثة من الأهالي لرئيس الجمهورية والسلطة المحلية بالمحافظة بسرعة تدارك المكان قبل أن تحصل كارثة – وقد أضحت وشيكة – حينها تصبح كل روح أزهقت في ذمة من ولاه الله أمر هذا الحي بدءاً بالمجالس المحلية بالمديرية والسلطة المحلية في المحافظة وكل من عين على الرعية مسئولاً .

يتحدث المواطن/ عبدالله ناجي فارع السامعي من أهالي منطقة الكسارة بالضبوعة أن عدة لجان نزلت لحارتهم وقامت بمعاينتها وذلك بعد زيارة كل محافظ تعاقب على تعز بدءاً بالقاضي/ أحمد عبدالله الحجري، ثم المحافظ/ صادق أمين أبو راس ومع ذلك كل الوعود التي قطعت على الأهالي لم تكن سوى حبر على ورق.. بنوع من الحسرة يتحدث ناجي عن المصائب التي تنهال عليهم بحكم موقع حارتهم في مساحة هابطة حيث الصخور تهددهم من الأمام ومن الأعلى وعلى بعد عدة أمتار تتواجد مساحة مستوية فيها عدة منازل حيث يتخذ الأهالي من الجبل مسلكاً لمياه الصرف الصحي ( المجاري ) وتصب جميعها على حارة الكسارة.. يتنهد الرجل الخمسيني وهو يردف بالقول : اتخذ السكان في الأعلى من ذات الجبل أيضاً مقلباً للقمامة التي تتكدس فيه فبين الفينة والأخرى ترمى القمامة فوق رؤوسهم , تشبع الجبل بالمجاري ما يجعله أكثر خطورة على الانهيار فوق رؤوس الأهالي, خاصة وعشرات الصخور تقبع بجوار المنازل وحسب الأهالي فإنها تتساقط من الأعلى أحياناً حيث تضرر منزل أحد المواطنين في آخر انهيار صخري شهدته المنطقة .
حالة استنفار
مشاكل حارة الكسارة لا تنتهي عند الصخور وما يفتعله الساكنون في الأعلى بالتعجيل بالكارثة من خلال مياه الصرف الصحي وتلويث البيئة بمخلفاتهم من القمامة.. يقول المواطن عبده إن هطول مطر في تعز يجعلهم يعيشون في حالة استنفار قصوى حيث يرتفع منسوب إلى المياه إلى متر بجوار منازلهم لعدم وجود أي عبارة لتصريف مياه الأمطار، كون حارتهم منخفضة، مما يساعد في دخول هذه المياه إلى غرف منازلهم وغرقهم فيها.. ويوضح عبده الذي يقطن في منزله منذ 30 عاماً أن قادم الأيام لا يبشر بخير خاصة وأن الأمطار غزيرة هذا العام بما يعني أن فصل الشتاء سوف يشهد أمطاراً خفيفة وهي تمثل خطراً حقيقياً لهم من حيث تعجليها بتساقط الصخور وغرق منازلهم بالمياه.. ويضيف الرجل أن معظم المواطنين هاجروا المكان بسبب وضعه الجيولوجي والبيئي وهو القرار الذي لم يستطع أن يتخذه هو وبقية مواطني الحارة، كون منازلهم ملكاً وهي مكلفة عليهم .
المواطن/ محمد شرف يوضح بدوره أنهم تقدموا بعدة شكاوى للجهات المختصة بالمديرية والمحافظة من أجل عمل حلول للمكان , لتكون الوعود المتكررة هي التي يجنوها في كل طلب يتقدمون به إلى الجهات المعنية.. وينوه شرف أن ما يحدث في حارتهم عند سقوط الأمطار قد لا يصدقه الآخرون، كون الحارة خالية من مجاري الصرف الصحي وما فيها عبارة عن بيارات بجوار المنازل وعند نزول الأمطار فإن هذه البيارات تمتلئ بالمياه وبالتالي هذه المياه بمياه المجاري وتتسرب إلى داخل المنازل، مما ساعد في انتشار كثير من الأوبئة والأمراض في حيهم .
مصدر للأوبئة والأمراض
على ذكر الأمراض والأوبئة وبالعودة إلى عبدالله ناجي السامعي فإن الرجل يؤكد أن تمويل محافظة تعز بالبعوض الناقل لحمى الضنك والملاريا مصدره حارتهم، فالمياه ترتفع إلى متر وتخلف عدة مستنقعات بما يشكل بيئة مناسبة لتوالد البعوض خاصة وقد اختلطت هذه المياه بالصرف الصحي والقمامة النازلة من الجبل وكذا بيارات المواطنين أنفسهم بعدما تمتلئ بمياه الأمطار وهو ما انعكس سلباً على مواطني الكسارة الذين يعانون من مختلف الأمراض وخاصة الملاريا وحمى الضنك .
تتذكر أم فكري ما تخلفه الأمطار من معاناة لديهم تكاد تضج مضاجعهم في أي ساعة من النهار أو وقت من الليل وما تسببه هذه المياه من خراب لمنازلهم , موضحة : الغرف حقنا قاهن معفنات والأفرشة نطلعهم كل يوم للسقف وقدهم معطبين من الرطوبة حق جدران الغرف وعلى هذا الحال مين لما عمرنا حقنا البيت.. أم فكري لا تريد من الجهات المختصة بالمحافظة سوى عمل حلول لهم وهي تردف: نشتي من المحافظة أن يصحلوا بيوتنا ولا نشتي أي حاجة منهم ولا نشتي لا أكل ولا شرب , نأكل لقمة وماء بس يصلحولنا دجا بيوتنا لما يجئ الماء نتحاصر داخل ولو مصلحوش نسلم أمرنا لله , معاناة أم فكرة كبقية الجيران فيما تخلفه المستنقعات من أوبئة قد تصيب قريب أو حبيب قائلة : المجاري تسبب كل الأمراض ومرض 24 ساعة الشيبة ( زوجها ) مايقومش من فوق الفراش ولو يسحبوه سحب , تستطرد : أيش نعمل ما في بيدنا شيء من زمان وهم يوعدونا ,, والورافي ( عضو محلي ) قالنا نجحتو أو مانجحتوش بالانتخابات قسماً لصلح من كيستي ( مالي الخاص ) وبعدين نجح ولا عصلح شيء ولا حاجة.
تتلون المياه وتتضاعف المعاناة
معاناة أخرى في حارة الضبوعة يرسمها المواطن عارف العامري عندما يهطل الأمطار ويبقى هو زوجته وأطفاله طول المطر يغرفون المياه من داخل بيتهم وإخراجه إلى الخارج , العامري قد يرضى عن حاله خاصة وانه قد تعود على، الأمر منذ 7 سنوات لكن، أكثر ما يزعجه وأهل بيته عندما تختلط مياه الأمطار بالصرف الصحي، لذلك يكمن مطلبه من المجالس المحلية بالمديرية بإيجاد عبارة وخروج المياه التي تسبب لهم كل هذه المشاكل.. العامري باستطاعته التغلب على المشكلة والبحث عن منزل آخر كونه يسكن بالإيجار، إلا أن عسر الحال هو ما منعه ،فإيجار بيته يتناسب مع دخله 12.500 شهرياً علاوة عن تعاون صاحب المنزل معهم .
يقول رشاد القدسي عاقل حارة الضبوعة إن متابعة الجهات المعنية مستمرة من أجل وضع حلول للمنطقة ومع ذلك لم يتم إيجاد أي حلول جذرية حتى اللحظة، منوهاً بأن مناقصة بعمل عبارات نزلت قبل سنة ورست على أحد المقاولين الكبار في المحافظة والذي بدأ بالتخطيط في وقتها ولكنه توقف فجأة لأسباب وصفها بالغامضة.. عاقل الحارة يطالب الجهات المختصة بالمحافظة بسرعة إنقاذ الأهالي الذين يعيشون تحت تهديد الصخور ومياه السيول والمجاري وهو مطلب يشاركه فيه كافة أبناء المنطقة ومن ذلك ما يؤكد محمد شرف بأن مطالبهم حقوقية كأي مواطنين عليهم واجبات يدفعونها للدولة وعلى الدولة أن تفي باحتياجاتهم .
تستمر الوعود وتتفاقم المشاكل
يوضح الحاج/ عبدالله ناجي أن رئيس المجلس المحلي السابق وعلى إثر زيارته للمنطقة وعدهم بعمل حلول للحارة حيث وعدهم أن العمل بإنشاء العبارة سوف يبدأ خلال يومين وهو ما نشرته إحدى الصحف الرسمية في حينها ولكن اليوم تحول إلى سنة ومضى للآن أكثر من عامين ولم ينجز أي شيء على الواقع , الجبل الصخري لا يمثل تهديداً على الأهالي بوقوع الانهيارات الصخرية وإنما يمثل خطراً أيضاً على المارين فيها وحسب المواطن عبده فإن ثلاثة أشخاص سقطوا من ذات الجبل وقد فارقوا الحياة وذلك خلاف الإصابات حيث كان آخر من سقطوا منه ابنه ماجد الذي تعافى من مصابه بعد 6 أشهر من سقوطه .
الجهات المختصة في المديرية كان لها رأي في مشكلة حي الكسارة بوادي الضبوعة ومن ذلك ما يوضحه الأستاذ /عبدالملك أمين منصور - رئيس لجنة الخدمات بمديرية القاهرة – بالقول: المجلس المحلي في متابعة المشكلة بدأ من عام 2007م وقد نزل المحافظ الحجري إلى المكان، يليه المحافظ أبو رأس.. يخلص منصور المشكلة أن الصخور تحتاج إلى شركات متخصصة بحيث لا تسبب أي ضرر على المواطنين، بما لا يؤثر على أرواحهم ومنازلهم أثناء تنقيب الصخور وتم عرض الأمر على إحدى الشركات الخاصة التي تمتلك تأميناً بما يعود بالنفع على المواطن في حالة لو قدر الله وتضررت بعض هذه المنازل، غير أن ذات الشركة اعتذرت .
البحث عن مصدر للتمويل
وينوه رئيس لجنة الخدمات بأن الصخور بحاجة إلى فريق متخصص بالجيولوجيا من أجل عمل دراسة عن نوعيتها وكذا شركة متخصصة بمثل هذه الأعمال ولها تجارب سابقة من أجل سلامة المواطنين , مؤكداً أن المجلس المحلي يشارك مواطني الحارة همومهم بالرغم من عشوائية البناء تحت الكسارة وعدم وجود مجاري المياه الأمطار ومنافذ للصرف الصحي , مشيراً إلى أن أحد المناقصات رست على أحد المقاولين، إلا أنه لم يقم بتنفيذ المشروع حتى اللحظة , مضيفاً أن مشاكل حارة الكسارة تحتاج إلى موازنة كبيرة لمعالجتها وهي لا تتناسب وإيرادات المجلس المحلي بالمديرية وتم الرفع إلى التطوير البلدي الذي كان رده بأن المشروع أغلق وعلى المجالس المحلية أن تقوم بإعداد دارسة للتكلفة والبحث عن مصدر للتمويل , مردفاً : كان المفروض على التطوير البلدي أن تضع مثل هذه الاهتمام بالبداية , فالمنطقة فيها نوع من الصعوبة لهبوطها، الأمر الذي على ضوئه سيتم تشكيل مهندسين متخصصين لدراسة التكلفة وقد رفعت مذكرة إلى الأشغال العامة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات ويجري حالياً البحث عن مصدر التمويل سواءً من المجلس المحلي بالمحافظة أو من صندوق التنمية أو أي جهة أخرى .
ويختتم منصور أن المجلس المحلي يبذل قصارى جهده من أجل الخروج بحلول لمشكلة الكسارة، مؤكداً أن العضو/ عبدالرحمن الروافي متابع ومهتم بملف الحارة غير أن العوائق تكمن في الجانب الفني والمالي .