طوال 34عاماً لم يتم إنشاء مُستشفى حكومي وخدمات القطاع العام لا تتعدى25%, فيما95%من قيمة الخدمة يدفعها المواطن

المستشفيات العامة.. لا دواء وأجهزة محدودة وكادر يتسرب

2013-01-30 15:02:39 تحقيق/ماجد البكالي


طوال 34عاماً لم يتم إنشاء مُستشفى حكومي.. وخدمات القطاع العام لا تتعدى25% و95%من قيمة الخدمة يدفعها المواطن؟ المستشفيات العامة في بلادنا تبدو في المحصلة كوسيط بين المريض وطبيب القطاع التجاري.. فإن أردت أن تتلقى العلاج فلتدخل فالأبواب متعددة, ولكن ليس لك دواء وربما قد لا تجد سريراً يحتضنك ولو لتتوجع.. فإن رقدت فلترقُد بالآمك ولتصطحب معك فرشاً يقيك برد الشِتاء, وأدعية تجلب لك طبيباً ينظُر حالتك ويطمئنك حتى نفسياً.. بعدها أطمئن ونم، فالممرضين علمهم عند الله, وعليك أن تشحذ من همتك للمعاملة التي تسبق علاج أي مريض، فخطوات معاملتك الواحدة لن تنتهي في يوم؛ لأن فلان ما غير موجود, وعلان يتجول ولا يعرف مكانه لكنه داخل المستشفى, وهذا انتظره لبعدين.. مُرافقك عليه أن يعمل حسابه بأن يكون لديه الوقت الكافي للتعرف بكُل الصيدليات المختبرات, الكشافات, المجاورة للمستشفى؛ لأن كُل ما سيحتاجه الطبيب لمريضك من دواء وفحوصات, أشعات, سيشير لك الطبيب ويوجهك إلى تلك الأماكن؛ لأن مهمة المستشفى أن يرقد مريضك ويتألم فقط ويصيح إن زاد الألم.. "ولكن يصيح لوما يموت فالطبيب مشغول خارج واصل (خاص)" ودوامه الحكومي ساعات في الأسبوع فقط؟؟ واقع التسيب والإهمال وشبه الغياب التام للخدمات الطبية الفعلية في المستشفيات الحكومية بأمانة العاصمة، يدفعنا لوضع مثير أسئلة، منها: هل هي الموازنات المالية لهذه المستشفيات, أم الكادر الطبي والتمريضي؟ أم التجهيزات, أم الإدارات؟؟ هذه الأسئلة وغيرها التي نستشف من إجاباتها تفسيراً حقيقياً وواقعياً عما تعانيه الخدمات الصحية العامة في العاصمة صنعاء -التي يرى فيها الكثير من أبناء اليمن أحسن حالاً من غيرها من المحافظات- من تدني وما يعانيه المريض في المرافق الحكومية.. ما أرادت "أخبار اليوم" الإجابة عليه من خلال التحقيق التالي والذي نتخذ فيه من أمانة العاصمة نموذجاً فإلى الحصيلة:

دواء.. ووقت
عن معاناة المرضى في المستشفيات العامة بأمانة العاصمة تحدث الأخ/ ناجي العدواني ـ مرافق لمريضه في المستشفى الجمهوري ـ بقوله: إن أبرز صعوبة تواجهني هو الوقت الذي أمضيته حتى الآن في المستشفى 8 أيام ونحن بانتظار إجراء العملية المرارة, وكل يوم علاجات من خارج,صرفت إلى الآن صرفت 60000ريال حق العلاج فقط بدون حق العملية والرقود,وكم سأصرف حق علاجات بعد العملية وكم بانجلس والحالة ياأخي تاعبة هذه الفترة عند كُل الناس).

إهمال
من جهته يؤكد الأخ/محمد سعد صالح ـ مرافق لكريمته في مستشفى الثورة العام بصنعاء ـ أنه أحس بالقنوط واليأس وسوء الخدمات منذ أن مكث 24ساعة في الطوارئ مع مريضه، متسائلاً هل هذه طوارئ أم رقود ولماذا سموها طوارئ علاوة على أنه لم تُقدم للمريض بـ3كسور طوال 24ساعة سوى إبرة مُهدئة يتألم المريض ويصيح ولا جدوى أو مُجيب وكأنك في صحراء مليئة بالمتهربين كل واحد نفسي نفسي.. وبعد أن حصل على الرقود يتألم المريض ليومين على التوالي ولا ممرضة أو طبيب يعطيه دواء أو يكتب "روشتة" دواء أو يعمل أي إجراء.. وبعد صياح وتعب ومُعاناة يأتي طبيب ويحدد موعداً للعملية, ويمر الموعد الأول, والثاني, و.. ولا عملية، فلا ندري على أي أساس يقررون ولا لماذا يتخلفون أو ينسون, ولا كيف عمل الأطباء في بلادنا؟ الأدوية وما يحتاجه المريض يتم شراؤه من خارج المستشفى باستثناء كنيولات, وفلاشات، وبعض الفحوصات, بدفع رسوم المجتمع مقابل الفحص, الممرضات والأطباء يظهرون على المرضى كما يظهر سُهيل بين النجوم (لمرة واحدة في اليوم)
سمسرة
 من جانبه يؤكد الأخ (س,ص,م) طالباً عدم الإفصاح عن اسمه أنه رافق أخيه في مُستشفى الثورة إثر حادث سير تعرض له ورغم المعاناة المتنوعة التي لاقاها حتى أدخل أخاه للرقود يفاجئ بأحد الأطباء العابرين إلى غرفة الرقود ويُدعى (ع) وكان المرافق يظن أن الطبيب جاء للقيام بواجبه تجاه المرضى، لكنه تفاجأ به يقول له: أنت تشتي مريضك يتشافى وتنجز عمليتك بسرعة وبلا ضياع وقت ولا مخاطر شلُه (ن) " اسم مستشفى خاص", وإن كُنت تشتيه يموت خليته هنا، مؤكداً أنه صدق كلام الطبيب وكان يتمنى أن يفعل ذلك، لكن ظروفه المادية المتعبة والتي لا تحتمل رسوم عملية في مستشفى خاص لنقل أخيه فوراً إلى حيث نصحه الطبيب.
 يبقى الإشارة إلى أن لدينا من شواهد تنوع المعاناة في المستشفيات الحكومية بأمانة العاصمة، عشرات الحالات لا يتسع المقام لسردها نعمد إلى متابعة محاور أسباب تلك المعاناة وردود ومواقف إدارات الهيئات الطبية منها..


واقع
هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء يؤكد الواقع منذ عرف اليمنيون الصحة أنه المستشفى المركزي الأكثر خدمات ودواماً والأفضل موازنات وكادر طبي، تتوافد إليه الحالات المرضية من كل محافظات الجمهورية,وتحول إليه كل الحالات الخطرة من المستشفيات الحكومية والأهلية وينفرد بعلاج أكثر الأمراض خطورة وأكثرها كُلفة..فكم هي موازنته؟وعدد كادره؟وأسرة الرقود فيه؟وغرف العناية بما يمكنه من القيام بمهامه؟.. ثم كم عدد الوافدين إليه؟وكم العمليات الجراحية ونسبة المجانية في الخدمة كمؤشرات تعكس أداء فعلياً واهتماماً حكومياً بصحة المواطن؟.
يؤكد د.أنور مغلس، نائب رئيس هيئة مُستشفى الثورة العام بصنعاء، أن موازنة الهيئة هي:9,90000000 تسعة مليار وتسعمائة مليون ريال منها:7,60000000 ريال سبعة مليار وستمائة مليون ريال من الخزينة العامة للدولة,و 2,30000000 ريال مليارين وثلاثمائة مليون ريال هي إيرادات المستشفى,مُشيراً إلى أن 3مليار ريال من الموازنة هي مُرتبات للموظفين و4مليار ريال اعتمادات أدوية ومستلزمات طبية(أجهزة,محاليل,مواد,و)..
أما تجهيزات المستشفى وكادره فيصفها بالأكبر والأفضل في اليمن، بل وتضاهي دول الخليج؛كونها في الغالب أجهزة حديثة ذات جودة ودقة تواكب التطورات في عالم الطب,وكذا الأطباء على مستوى عال من التأهيل والخبرة، حيث يوجد لدى المستشفى 460 طبيباً يمنياً مختصاً من حملة البورد، فيما إجمالي موظفي المستشفى 2150 موظفاً رسمياً ما بين أطباء كما أسلفنا,وفنيين وإداريين.. وتبلغ عدد آسرة العناية المركزة فيه: 80سريراً لمختلف العنايات(قلب, مُخ وأعصاب, عِظام, أطفال, نساء,و..) وتبلغ عدد غُرف العمليات فيه24غُرفة، كما تبلغ سعته السريرية900سرير للرقود,غير أن الشغال منها منذ2011م وحتى اليوم هي:620سرير فقط وذلك بسبب رحيل الممرضين الهنديين والروسيين..
وعن الحالات المرضية التي تفد للمستشفى والعمليات الجراحية التي ينفذها، يؤكد د.مغلس:أن الحالات المرضية الوافدة للمستشفى لم تقتصر على أمانة العاصمة بل إنها تفد من كل محافظات الجمهورية، بل ويتم التحويل من مختلف المستشفيات الحكومية والخاصة بالحالات الحرجة وبالحالات التي لا تتوفر مراكز مختصة لعلاجها سوى في الثورة.
 مضيفاً: بل أن عدداً كبيراً من الحالات يتركون مستشفيات بدأوا بالعلاج فيها ويأتون للمستشفى ودافعهم في ذلك هي الثقة التي عرفوا بها مستشفى الثورة وتميز الكادر والخدمة ولكن ذلك يضاعف من أعباء المستشفى وضغط غريب ومستمر ـ حسب تأكيده.. مُشيراً إلى أن الحالات التي تفد للمستشفى تفوق3000حالة مرضية في اليوم الواحد..فيما العمليات الجراحية التي ينفذها المستشفى يقول إنها 50000عملية جراحية في العام ومن واقع إحصائيات الأعوام السابقة، أي بمعدل140عملية جراحية يومياً.
وعن أبرز الصعوبات التي تواجه المستشفى وتمثل معاناة له، يؤكد المغلس أنها عدة يأتي في مقدمتها نقص في الكادر الطبي، لاسيما بعد أن رحل عدد من الأطباء الروس والهنود من المستشفى في 2011م، حيث رحل عدد750ما بين أطباء وممرضين وفنيين،وهو ما جعل المستشفى يعاني نقصاً كبيراً في الكادر الطبي.
ولحل جزء من احتياجات التمريض يؤكد أن وزير المالية قد تعاون مع المستشفى ووضعه بتوظيف عدد107من خريجي المعاهد والكليات الطبية حملة تخصص التمريض.. ومن الصعوبات أيضاً الزحام الشديد على المستشفى من مختلف محافظات الجمهورية وكثرة الحالات الحرجة المحولة من المستشفيات الحكومية والخاصة من كل المحافظات..علاوة على الوضع الاقتصادي المتدني لغالبية الحالات الوافدة للمستشفى والتي تتطلب الإعفاءات والتخفيضات من رسوم مخفضة أصلاً.
صعوبات
أما المستشفى الجمهوري ومن خلال لقائنا بـ د.عبد الباسط عبد الصمد درويش، نائب رئيس الهيئة استشاري جراحة المسالك البولية وزراعة الكلى، وحصيلة المعلومات التي أكدها: أن السعة السريرية الفعلية للمستشفى 502 أسرة رقود,و14سريراً للعناية المركزة,أما موازنة المستشفى فهي: مليار وأربعمائة واثنان وأربعون مليون,ومائتان وأربعة وأربعون ألف ريال,علاوة على إيرادات رسوم المجتمع,ومبلغ250مليون ريال للمشاريع ولا صِلة له بالموازنة..
موضحاً أن مبلغ170مليون ريال هو مخصص الأدوية ضِمن الموازنة، واصفاً ذلك بالمبلغ الزهيد جداً,فيما إجمالي القوى العاملة بالمستشفى1122عدد835منهم هم الموظفون الرسميون و150متعاقدي, وبقية العدد إضافيين (أي أجانب أو من يعملون وفق الحاجة إليهم ولأوقات محددة).. ما يهم في إحصائية الكادر هو عدد الأطباء العاملين بالهيئة، حيث لا يتجاوز عددهم156ما بين جراحين وأطباء اخصائيين و106فنيين,175ممرضين فيما27هم المخبريين,و23صيدلاني.. أما عدد الحالات التي تفد للمستشفى يومياً وبمعدل متوسط حسب إحصائيات المستشفى فهي1100حالة,فيما متوسط عدد العمليات هو70عملية في اليوم,قرابة60%منها عمليات كُبرى,والبقية متوسطة وصغيرة.
وتطرق نائب رئيس هيئة المستشفى الجمهوري إلى الصعوبات الأبرز التي تواجه الهيئة وهي:تواضع الميزانية مقارنة بحجم الضغط على الهيئة وعدد الخدمات المطلوبة ـ حد قوله ـ علاوة على المديونية على الهيئة من سنوات سابقة وهي700مليون ريال تقوم الإدارة الحالية بسدادها بشكل أقساط منذ تولي الإدارة في 31/5/2012م، حيث تم سداد ما يقارب140مليون حتى الآن،كذا تعطل الجهاز الطبقي المحوري بالمستشفى منذ2009م وحتى اليوم وتجميد معاملة إصلاحه في أمانة العاصمة رغم التوجيهات الصريحة لأمين العاصمة الحالي بإصلاح الجهاز وتلك من الصعوبات التي تواجه المستشفى.. كذا الاختلالات المالية والإدارية التي عانتها الهيئة، حيث أن اتباع نظام المناقصات والإعلان عنها لم يتم طوال تاريخ المستشفى الجمهوري إلا منذ النصف الثاني من العام2012م، مؤكداً أن إدارة الهيئة ماضية في تحقيق الهيكلة لإنهاء الاختلالات الإدارية,وفي إصلاح النُظم المالية لإنهاء الإختلالات المالية وأنه قد تم التدوير لعدد من الإدارات وكذا تشكيل مجلس تأديبي للتعامل مع أي أخطاء طبية,والعمل جار لاستكمال باقي الخطوات..ورغم الصعوبات يبدي تفاؤله في تعاون أمين العاصمة وتوجيهه بتزويد المستشفى بجهاز رنين مغناطيسي، آملاً أن لا تتعثر معاملته كما تعرقلت معاملة إصلاح جهاز الطبقي المحوري,وكذا تعاون وزير الصحة والذي وعد بتزويد طوارئ المستشفى بعدد من الأجهزة الطبية الهامة والحديثة.
واقع عليل
من جهته يؤكد د.عبد القوي الشميري نقيب الأطباء والصيادلة اليمنيين أن الوضع الصحي في اليمن مُتدنٍ للغاية واصفاً ألواقع بأنه شبه خال من الصحة العامة، موضحاً أن إجمالي ما تقدمه كل المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية من خدمات صحية لليمنيين لا يتعدى25%،فيما75%من الخدمات الطبية يتلقاها اليمنيون من القطاع الطبي الخاص, وأن ما تدفعه الحكومة للمواطن من قيمة الخدمات الطبية لا يتعدى5%، فيما 95%من قيمة الخدمات الطبية يدفعها المواطن عن نفسه.
ويرجع د.الشميري تدني الخدمات الطبية العامة إلى ثلاثة عوامل هي:الضعف الشديد للمخصصات المالية، مؤكداً على أن موازنة مُستشفى وإحدى في أحد الدول المجاورة أضعاف موازنة وزارة الصحة اليمنية ككل.. أما العامل الثاني:فهو غياب العدالة في توزيع المخصصات المالية والكادر الطبي بين المحافظات,والمديريات في إطار المحافظة الواحدة,وعدم الأخذ بعامل الكثافة السكانية كعامل رئيس وهام.. فيما العامل الثالث هو الإدارة الصحية.. مُشيراً إلى أن النظام السابق كان يتعامل مع الصحة والتعليم كأعداء لذا وعلى مستوى أمانة العاصمة والتي يراها الجميع أفضل من غيرها وتحظى بنسبة20%من موازنة وزارة الصحة لم يتم فيها إنشاء مُستشفى حكومي طوال 34عام,وليس فيها سوى 4مُستشفيات معروفة لدى الجميع وهي: الثورة,الجمهوري,السبعين,الكويت,وجميعها هبات من دول صديقة، أي لم يتم إنشاء مُستشفى يمني واحد بموارد يمنية خالصة منذ بداية العهد الجمهوري,ورغم الـ20%من موازنة الصحة لأمانة العاصمة فهي لا تكفي ويعتمد75%من سُكان الأمانة على الخدمات الطبية الخاصة ويدفع المواطن قيمة الخدمة كاملة.
ويضيف أن اليمن تعاني أيضاً بكل قطاعها الصحي "عام وخاص" من عجز شديد في عدد الأطباء المختصين والمؤهلين، حيث أن نسبة عدد الأطباء الحاليين إلى عدد السكان وبمعدل متوسط يعني أن لكل 4500مواطن طبيب,مؤكداً أن بعض المديريات النائية يوجد لكل 40000مواطن طبيب واحد..
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن الواقع الصحي لم يشهد تغيراً من بعد الثورة الشعبية حتى في بعض جزئياته؛لأن هيكلة وزارة الصحة بدءاً من وزيرها وكل ما فيها ما يزال امتداداً للنظام السابق.. مُوضحاً أن لدى نقابة الأطباء والصيادلة رؤية وبرنامج تطوير وإصلاح للقطاع الصحي وتحقيق تغيير فعلي يقدم خدمات فعلية للمواطن وأن تطبيق تلك البرامج مرهون باستكمال أهداف الثورة الشعبية.
حقائق
الملاحظة الأبرز على المستشفيات الطبية الحكومية في أمانة العاصمة والتي تقدم الخدمات الصحية للمواطن أنها ذات المستشفيات منذ بداية العهد الجمهوري:الثورة,الجمهوري,السبعين,الكويت، جميعها تعود لبدايات العهد الجمهوري ولا مستشفى عام يماثلهما أو بحجم إحداها وجد خلال 34عام تقريباً، فإذا كان ذلك حال أمانة العاصمة فكيف هو الحال في باقي محافظات الجمهورية؟ وتلك ملاحظة تنبهنا لها أثناء إجرائنا لهذا التحقيق وأكدها لنا كل من تحدثنا معهم، موضحين أن ما حدث في السابق هو إنشاء أقسام أو مراكز تابعة لهذا المستشفى أو ذاك,أو مراكز خارج المستشفى هروباً من المناقصات ومن شفافية الإجراءات المالية وذلك فساد في حد ذاته، علاوة على أن ما تم إنشاؤه كان غالبيته بلا دراسات جدوى ولا استراتيجيات,ولا أهداف مهنية وفعلية...
وما تلمسه أيضاً كحقائق تمثل طابعاً للقطاع الصحي العام هي حقائق عدة أبرزها:الاختلاف بين المستشفيات الطبية من حيث الموازنات، مع أن جميعها ضعيفة ولا تمكن من تقديم ما يحتاجه المواطن من خدمات صحية، فتجد مستشفى موازنته مليارات الريالات في العام ومستشفى أخر لا تتعدى موازنته 50مليون ريال في العام رغم التقارب في كم الكادر.
الكادر:
تلاحظ تركز للعدد الأكبر من الأخصائيين والكفاءات في هذا المستشفى,وافتقار البقية لنسبة معينة من الكادر المختص من ذوي الكفاءة الفعلية, وفي الوقت ذاته ويقر الجميع بافتقارهم للكادر الطبي المختص في عدد من الأقسام والتخصصات الطبية الهامة:كالتخدير,والعِظام،والعيون,و..
التجهيزات الطبية:
تلاحظ تفاوت في التجهيزات الطبية بين هذا المستشفى وذاك من حيث كم الأجهزة وجودتها وحداثتها وفي ذات الأقسام المتوافقة في التسمية والهدف.
عدد الأقسام
كذا الأقسام مما تراه أيضاً أن مستشفى فيه 10أقسام,وآخر22قِسماً,وثالثاً,أكثر من25قِسم.. وبالتأكيد تخلص إلى نتيجة مفادها أن عدد الأقسام وحجم التجهيزات,والسعة السريرية،وغُرف العناية المركزة,وعدد الكادر,ومؤهلاته,عوامل هامة في التفاوت بين موازنات المستشفيات وهي بالتأكيد لا تمثل كُل عوامل تحديد موازنة هذا المستشفى أو ذاك..لكن ما يبعث على التساؤل ليس الموازنات الحالية للمستشفيات، بل ما المعايير التي تم على أساسها توزيع الكادر والتجهيزات والأقسام،و..بين هذا المستشفى وذاك، خصوصاً تلك التي تقع في نطاق جغرافي واحد يتمتع بالكثافة السكانية..فما هي المعايير التي تعتمدها واعتمدتها وزارة الصحة حتى وإن كان لدينا مستشفى جيد ويضم كل التخصصات ويعالج كل الأمراض ما فائدة أن تكدس كل الخدمات الطبية في مستشفى واحد في الجمهورية؟, أولم يتم التفكير في نقل المريض من محافظة لأخرى وأضرار ذلك على صحة المريض وعلى القدرات المالية للمواطنين؟, ثم ألم يتم التفكير بالزحام الحاصل والذي يعانيه مستشفى الثورة العام؟..أوليس التوزيع للكادر والتخصصات والخدمات الطبية وفق معايير تراعي النطاق الجغرافي,والقدرات المالية للمواطنين ومعنى المرض,وعلاقته بعامل الزمن سواء زمن النقل أو زمن الانتظار على أسرة الرقود حتى يأتي دور العملية لهذا المريض أو ذاك,و..وغيرها ألم تكن أجدر بالعمل ومنجاة من معاناة الواقع الصحي الحالي؟
أما جوانب الاتفاق وسمات التقارب بين المستشفيات الحكومية، فهي الإهمال، فلكي يتم إنقاذ مريض في الطوارئ,أو في الرقود,أو تنفيذ عملية في موعدها فإن على مرافق المريض أن يصرخ (يثير فوضى برفع صوته),ويتابع متابعة دون جدوى لا يحلها سوى الصُراخ أو الاستعانة بمرافقين آخرين، كل يزحم من جهته ويسأل عما يعملونه ويتابع يتابع...
الزحام:
على مدى الدقيقة تجد الزحام في كل المستشفيات الحكومية وتحديداً الثورة العام,فتجد المريض وحالته طارئة ينتظر في الرقود أياماً بل أسابيع,بل وفي أوقات عدة لا يوجد أسرة لرقود المرضى لانتظار دورهم للعمليات الجراحية ووضعهم تحت الإشراف الطبي للحفاظ على استقرار حالتهم,وفي أقسام طبية عدة ولعمليات جراحية ضرورية يُطلب من المريض أن ينتظر لأشهر قد تتجاوز مع البعض نصف عام أي يُعطى موعد بأن يأتي بعد أن يموت ربما بـ4أشهر مثل عمليات القلب,والغسيل الكلوي,و...,ومما تتفق فيه أيضاً غياب الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لخدمة المريض واعتماد كل مريض على نفسه في شراء الدواء,والخيوط,والشرنكات,والمغذيات,والعطب,و..كل شيء، رغم أن كل المستشفيات لديها موازنة للدواء وبالإمكان توفير وإن نسبة محددة مما يحتاجه المرضى من دواء طارئ أولاً.
خلاصة
على المستشفيات الحكومية أن تتذكر مسئولياتها تجاه المريض ومتابعة الممرض والطبيب أولاً ليقوما بواجبهما المهني العملي تجاه المرضى..وأن تحذر إدارات الهيئات الطبية والمستشفيات الحكومية أن تكون جزءاً مما لمسناه فيها وهو مشروع التآمر على القطاع الطبي العام وتنفير المواطنين منه باتجاه القطاع الطبي التجاري المحض,وتعمل على الحد من أي ممارسات تخدم هذا المشروع,سواءً المماطلة من الأطباء أو التحويل إلى جهات خاصة إلا للضرورة القصوى,وغيرها من الأساليب التي يعيها جميعهم..
كما وعلى الحكومة أن تضع صحة المواطنين ضمن أولوياتها، والعمل على تحسين الخدمة المقدمة للمواطن والتي تكاد حالياً منعدمة، وعلى وزارة الصحة أن تعمل على حل المشاكل الصحية في كافة المرافق ومعاقبة المتسيبين من الأطباء وتغليب مصالحهم الشخصية على صحة المواطن من خلال اهتمامهم بعياداتهم الخاصة أو الالتزام في القطاع الخاص.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد