ابتزاز واستـغـــلال ومعاناة ووعــــــــــــــــود والتقطع سيد الموقف.. أزمة غاز خانقة .. يعيشها المواطنون والشركة توسعهم وعوداً وتهديدات

2010-01-18 03:59:37


تحقيق

برغم التفاؤل الذي أبداه بعض المواطنين مع حلول العام الجديد 2010م وبأنه سيكون أفضل من سابقه، فإن الأزمة التي طرأت على مادة الغاز ا لمنزلي بددت ذلك التفاؤل خاصة وتلك الأزمة تأتي لتثبت أن ما سبق وأن أعلنت عنه بلادنا رسمياً وهو دخولها نادي الدول المصدرة للغاز الطبيعي وكان هذا في مطلع نوفمبر من العام الماضي حيث تم تدشين أكبر مشروع لتصدير الغاز في الوطن العربي بحسب وسائل الإعلام الرسمية، وما نقلته بوصفها لذلك بالمشروع الاقتصادي الاستراتيجي العملاق والمتمثل بتصدير الغاز الطبيعي المسال وما كلف بلادنا ذلك المشروع بلغ ما يقارب "خمسة مليارات دولار"، حتى أنها خلال الشهور السابقة كانت قد صدرت الغاز إلى كوريا وشرق آسيا ومن ثم الأمريكيتين، وذلك بحسب تأكيدات وزير النفط والمعادن/ أمير سالم العيدروس الذي أشار حينها إلى أن مشروع الغاز يعتبر أكبر مشروع اقتصادي في اليمن المعاصر ورافداً حقيقياً للتنمية، إلا أن الملاحظ أن المسافة تبدو ضئيلة بين الإعلان عن تصدير الغاز وبين ما يشهده الواقع مع فارق التناقض بين المسافتين حيث تبدو الأزمة واضحة للعيان، وهو ما يؤكد إخفاق الدولة وفشلها في توفير أسطوانة الغاز التي تعد من السلع الضرورية لاستقامة الحياة في هذا العصر.
وتبدو أزمة الغاز التي تشهدها معظم المدن اليمنية شاهد عيان على فشل تلك السياسات وقد كانت الحكومة في فترات سابقة تتعامل مع تلك السلعة بأقل من الانفلات الموجود حالياً بالنظر لتصاعد سعرها وانعدامها.
بل أن مصادر رسمية تؤكد أن اليمن لجأت خلال هذا الشهر إلى استيراد شحنات غاز ثلاث مرات لسد الاحتياج الذي مازال قائماً.
وهو ما يؤكد بأن صانعي القرار الاقتصادي يقفون من خلال أخطائهم وراء تلك الأزمة لعدم وجود ضوابط محددة بين الاستيراد والتصدير، مما جعل المواطنين يتساءلون هل اليمن فعلاً مصدرة لمادة الغاز؟، أم أنها مستوردة لتلك المادة ؟ وقد كان الأحرى بالقائمين على السياسية الاقتصادية قبل الدخول في مغامرة التصدير إن صحت أن يكونوا لديهم رؤية اقتصادية واضحة لتغطية السوق المحلية من خلال وضع الدراسات والأبحاث المتكاملة لأعوام قادمة لكن بحسب رأي مختصين كان الإقدام على هذا الإجراء مجرد طفرة استعراضية لا تعبر عن حقيقة دخول مادة الغاز كعنصر أساسي في الاقتصاد الوطني مما يجعل اليمن غنية عن استيراد تلك المادة.
إلا أن العشوائية والمزاجية التي يتمتع بها القائمون على تلك السلعة جعلتهم يخلطون بين الاستيراد والتصدير لتحقيق مصالح شخصية دون النظر للمصالح العامة للمواطنين وقد تساءل كثير من المواطنين موجهين أسئلتهم للجهة المعنية عن حقيقة الناتج المحلي من الغاز الطبيعي؟ حيث لا يعقل أن تكون اليمن مستورة للغاز ومصدرة في آن واحد لأن الدول التي لا تنتج غاز وهي وصفت ضمن الدول المستوردة لتلك المادة بينما اليمن تعاني من تلك الأزمة وإن كانت معالمها اتضحت في الآونة الأخيرة بشكل أكبر وذلك من خلال حالة الطوارئ غير المعلنة في معظم البيوت اليمنية واستنفار أبنائها بحثاً عن هذه المادة الهامة.
ويؤكد العديد من المواطنين أنهم باتوا عرضة للنصب من قبل باعة الغاز الذين يبيعونه في السوق السوداء بأكثر من الضعف حيث تجاوز سعر اسطوانة الغاز 2000 ريال هذا في حال تم العثور عليها.
المواطن بندر نشوان إلتقيناه في جولة الجامعة الجديدة حيث أوضح ل(أخبار اليوم ) أنه وبعد أن نشر أولاده في جميع محلات بيع الغاز وذهب هو الآخر منذ الصباح الباكر للبحث عن اسطوانة غاز في محطة وهاس وشارع هائل وشارع حدة لكنه وبعد كل هذه المشاوير عاد خائبا ولم يتمكن من شراء اسطوانة الغاز بسبب عدم توفر الغاز وفي حال توفره فلابد أن تنتظر خلف عدد كبير من الناس وفي النهاية يخبرونك أن الغاز قد نفق، إضافة إلى تلاعب أصحاب المحلات وبيعهم الغاز للمواطنين بحسب هواهم.
جمال عبده الوصابي -معلم - يؤكد أنه ترك التدريس وظل من الساعة السابعة صباحا وحتى الثالثة عصرا أمام أحد معارض شركة الغاز للحصول على أسطوانة غاز خصوصا وأن عدد أفراد أسرته كبير جداً، يقول: انتهى الغاز من المنزل ولم يكن أمامي خيار آخر سوى البحث عن الغاز في أي مكان خاصة وإنه يوجد في البيت ثمانية أفراد ولا يمكن أن ألبي طلباتهم من مأكل ومشرب من البوفيات أو والمطاعم فكان حتما علي أن اخرج إلى الشوارع بحثا عن الغاز ولكن دون جدوى بسبب اختفاء الغاز في كل مكان وإن وجد في محلات قليلة يحتكره أصحابها حسب مزاجهم ويرفعون أسعاره بحسب الطلب ولا حياة لمن تنادي في ظل هذا العبث الذي يتكرر كل فترة وبعد معاناة طويلة ورحلة شاقة مع اسطوانة الغاز وبعد طابور طويل حصلت على إسطوانة غاز بعد مشاهد من الفوضى والاعتداء على رجال الأمن ممن أتوا لتنظيم الطوابير المنتظرة.
طوابير وفي أحد الطوابير أمام محلات الغاز يقف المواطن رفيق الصلوي وتحت حر الظهيرة ينتظر دوره في الحصول على إسطوانة غاز من ساعات الفجر الأولى بمرارة وحرقة بسبب التلاعب الذي يتعرض له ومعه الكثير من المواطنين من قبل بائعي الغاز.
ويبدي سخطه الجم من هذه الأوضاع التي تتكرر ما بين فترة وأخرى وعلى الغاز رغم حاجته له لأنه سبب له الذل والإهانة مضيفاً أن المستهلك أصبح عرضة للابتزاز من قبل أصحاب المحلات وأصحاب العربيات ويقول: ( أنا من وقت صلاة الفجر انتظر لأحصل على "دبة"غاز ولم احصل عليها. ويبدو أنني لن احصل عليها في ظل هذه الزحمة وأنا لم يعد يهمني سعر الاسطوانة وما يهمني هو الحصول على "دبة"غاز ملآنة بدلاً من الانتظار. .
استغلال أصحاب المحلات يرجعون هذه الزحمة أمام محلاتهم إلى أزمة الغاز الخانقة والتي طالت جميع محلات بيع الغاز وأنهم ليس لهم ذنب ولا يتلاعبون بإخفاء اسطوانة الغاز كما يقول المواطنون وأنهم ملتزمون بسعر محدد للاسطوانة وهو (650) ريالاً ولكن يبقى التوزيع من المؤسسة الرئيسية هو السبب.
لكن أصحاب العربيات يقومون ببيع اسطوانة الغاز بسعر مضاعف عما هو عليه في المحلات بل وبأكثر من ذلك أحد بائعي الغاز ويدعى (الزبيدي ) عندما سألته عن سعر الاسطوانة قال إن سعرها( 2000) ريال ولا يمكن أن يبيع بأقل من ذلك لأنه تعب في الحصول عليها من أحد محلات الغاز ومن يعجبه وإلا يذهب يشتري له من أيّ مكان آخر. .
بينما صاحب عربية أخرى يبيعها ب1500ريال ويقول بأنه اشتراها من ديّنات الشركة التي تبيع الغاز على المواطنين بألف ريال وهو يبيعها على المواطن بزيادة 500ريال والمواطن هنا مجبر على شرائها في ظل انعدام الغاز على حد قوله.
أزمة ووعود الدكتور نجيب العوج - نائب المدير التنفيذي لشركة الغاز أكد أن الشركة قامت باستيراد كمية تقدر ب 50 ألف طن متري من الغاز المسال للسيطرة على الأزمة الحالية للغاز، وقد وصلت أول سفينة محملة ب 4 آلاف طن من الغاز المستورد بقيمة مليوني دولار قبل أيام.
وأرجع العوج أسباب أزمة الغاز الموجودة حالياً إلى أعمال التقطع في طريق مأرب - صنعاء الذي استمر لأكثر من أربعة أيام ما أدى إلى توقف أسطول الغاز في صافر والمرحلة إلى جميع المحافظات وتسبب في خسارة تقدر ب 100 مليون ريال وعلى سبيل المثال تم إخراج (5445اسطوانة ) من موقع ذهبان إلى معارض الشركة المنتشرة في معظم أحياء أمانة العاصمة أيضا تم إخراج (3060اسطوانة)من موقع الصباحة عبر موقع أرتل إلى معارض الشركة المنتشرة في معظم المديريات في الأمانة كذلك تم توزيع (656اسطوانة ) على معارض الوكلاء ليصل إجمالي ما تم توزيعه من اسطوانات الغاز في أمانة العاصمة إلى (9161اسطوانة ) والتي تم توزيعها على المواطنين في أمانة العاصمة (17987اسطوانة) وهكذا الحال سيستمر في بقية الأيام حتى تنفرج الأزمة.
إجراءات ويقول: هناك العديد من الإجراءات التي اتخذتها الشركة حيال هذه الأزمة ومنها النزول والبيع المباشر للمواطنين وذلك عن طريق الاستعانة بالمخزون الاستراتيجي لدى الشركة.
وأشار العوج إلى أن الشركة ستقوم بضخ الكميات المطلوبة لاحتياجات السوق من الغاز بما يضمن استقرار السوق خلال الثلاثة الأيام القادمة ، داعياً الجهات المعنية إلى التعاون لمنع الاحتكار والنزول إلى أسواق البيع وضبط أي زيادة أو استغلال في الأسعار، مهيباً بالمواطنين سرعة الإبلاغ عن أي تاجر يقوم برفع الأسعار أو إخفاء مادة الغاز وذلك عن طريق الاتصال برقم غرفة العمليات (533303 -01) للإبلاغ عن أي احتكار يتمثل في بيع الغاز بأسعار مبالغ فيها أو إخفاؤه من قبل بعض المحلات.
حماية المستهلك وعن دور جمعية حماية المستهلك في إيجاد الحلول لهذه المشكلة وإجراءاتها المتخذة يقول ياسين التميمي الأمين العام المساعد للجمعية: من المؤسف أن الشركة اليمنية للغاز التي تدير عملية تداول مادة الغاز المستخدم للأغراض المنزلية تفقد على الدوام سيطرتها على تداول هذه المادة وتوفرها في الأسواق بالسعر الرسمي، وهذا يضاعف من معاناة المستهلكين اللذين يواجهون تحديات ارتفاع أسعار السلع الغذائية في مختلف المواسم كقُبيل الأعياد ومع قدوم شهر رمضان.
ولقد وجهت الجمعية كعادتها رسائل إلى الشركة اليمنية للغاز أثارت من خلالها اختفاء مادة الغاز وارتفاع أسعارها وكانت ومازالت حريصة على تحقيق أفضل معايير الأمان في اسطوانات الغاز، وعلى حق المستهلك في الحصول على هذه المادة الحيوية بسهولة ويسر وبالأسعار المحددة.
غير أنه من المؤسف أيضاً أن هذه المشكلة لا تزال تتكرر كل شهر، ومن أبرز مظاهرها اختفاء مادة الغاز مما يولد حالة قلق شديدة لدى المستهلكين والسبب يعود في اعتقادي إلى غياب خطة تموينية واضحة، ينبغي أن تشترك فيها الشركة اليمنية للغاز ووزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها في المحافظات، بحيث يتم فرض إجراءات مشددة على معارض بيع الغاز التابعة للشركة، وعلى شركات القطاع الخاص التي تستأثر بنصيب مهم من سوق بيع مادة الغاز.
وتتجلى مظاهر أزمة الغاز من خلال الآتي غياب خطة تموينية واضحة سنوية وموسمية، تكفل استمرار إمداد المستهلكين بهذه المادة الحيوية بإنسيابية كاملة وبدون صعوبات.
- فوضى الأسعار التي تكبد المستهلكين خسائر كبيرة نتيجة اضطرارهم لشراء مادة الغاز بأسعار مرتفعة ، عندما يقل المعروض من هذه المادة.
وهنا تدعو الجمعية اليمنية لحماية المستهلك الحكومة إلى تبني خطة متكاملة لتوزيع مادة الغاز، تبدأ بتوفير المادة على مدار العام وفرض رقابة مشددة على عملية تداولها بحيث لا تنتهي إلى الباعة المتجولين، وفي الوقت ذاته، المطلوب من الحكومة تشجيع القطاع الخاص لإنشاء شركات توزيع للغاز تكفل وصول هذه المادة إلى المنازل من خلال المرور الدوري أو من خلال خدمة الطلب عبر الهاتف.
مصادر خاصة في شركة الغاز أوضحت أن الحكومة باتت عاجزة عن ردع المتقطعين ، لأنها دأبت على أساليب المداراة والإرضاء والتسامح مع هؤلاء الذين يتسببون في قطع أرزاق الناس وتعطيل أعمالهم وإثارة الهلع والتسبب في أزمات متلاحقة جراء انعدام مادة الغاز.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه: لقد تحولنا من دولة مصدّرة للغاز إلى دولة مستوردة وهذا شيء مخجل ومعيب في الوقت ذاته ، والسبب تهاون الجهات الرسمية وخصوصا الأمنية في تأمين طريق صافر مأرب والضرب بيد من حديد على هؤلاء المبتزين الذين دأبوا على ممارسة هذه الأساليب التي لن توقفها سياسة الإرضاء والمنح والتوظيف ، بل ستجعلهم يتمادون في تصرفاتهم وفي خلق المزيد من الأزمات.
وإن حكومة تعجز عن توفير مادة أساسية وضرورية كمادة الغاز لهي أعجز عن تحقيق الأمن والاستقرار.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد