الأزمة اليمنية ومخاطر التدويل

2010-01-21 05:30:25



صحيفة "الأهرام وتحت هذا العنوان أشارت إلى أن
اليمن يشكل مع دول مجلس التعاون الخليجي نسيجاً واحداً انطلاقاً من اعتبارات إثنية
وتاريخية تعكس دلالات استراتيجية مهمة تتجاوز النظرة التقليدية الضيقة التي ترى في
التشابه السياسي والاقتصادي والاجتماعي متطلبات لأزمة بالتكامل الخليجي اليمني،

وتضيف:بالرغم من أن اليمن ليس عضواً
في المجلس، ذلك التجمع الذي ولد جامعا مانعا عام 1981، إلا أن اليمن بحكم الموقع
يعد عنصراً رئيساً من عناصر الأمن الإقليمي الخليجي ويتفاعل معه تأثراً وتأثيرا ً،
وهو الأمر الذي أكدته الأزمة الحالية في اليمن التي بدأت محلية ثم إقليمية مع دخول
المملكة العربية السعودية على خط التفاعل للدفاع عن أراضيها التي استهدفها الحوثيون
.
ومع التسليم بأن أطراف الأزمة حتى الآن محلية وإقليمية فإن إعلان كل من
الولايات المتحدة وبريطانيا عن اعتزامهما تقديم دعم أمني لليمن من خلال التدريب
والتسليح وتبادل المعلومات يعني أن تدويل الأزمة اليمنية يظل خياراً غير مستبعد
والذي سيكون تدويلاً للأمن الإقليمي الخليجي ذاته، بما يعنيه ذلك من دلالات ليس
أقلها انعدام فرص إقامة هيكل أمني إقليمي يضم دول الإقليم وفق معادلة "6 2 1 " دول
الخليج الست، بالإضافة إلى إيران والعراق واليمن، تلك المعادلة التي أيدتها
المملكة العربية السعودية غير ذي مرة، إذ أنه من أهم متطلبات تحقيق الأمن الإقليمي
هو إصلاح الوحدات المكونة لهذا الأمن، بل إنه من مستجدات السنوات اللاحقة على
الغزو الأمريكي للعراق ظهور متغير جديد علي صعيد الأمن الإقليمي عموما تجسده جماعة
الحوثي في اليمن بوضوح، وهو الجماعات دون الدول التي يتخطى تأثيرها حدود دولها،
اعتمادا علي عوامل دينية ومذهبية، هذه الفواعل الجدد من شأنها تغيير معادلة الأمن
الإقليمي انطلاقا من أيديولوجيتها وارتباطها الإقليمي بل وربما ارتباطها بتنظيم
القاعدة لما لذلك من دلالات أهمها اختزال الصراع الحالي في اليمن ذي الأبعاد
السياسية و الاقتصادية والمذهبية في عنوان عام هو "التدخل الدولي في اليمن ضرورة
استراتيجية ضمن الحرب علي الإرهاب".
وبالرغم من معاناة دول مجلس التعاون
الخليجي من تلك الظاهرة عموماً والمملكة العربية السعودية خاصة التي تشارك اليمن
بحدود تتجاوز 1500 كم، بما يعنيه ذلك من أن اليمن سيكون مرتكزاً جديداً لانطلاق
الجماعات الإرهابية باتجاه دول الخليج، فضلا عن تهريب المخدرات والأسلحة وأوضحت
الصحيفة أن تدويل الأزمة اليمنية علي هذا النحو من شأنه أن يمثل أشكاليات أربع
للدول الخليجية.
أولاها : استمرار معاناة تلك الدول من حالة الاحتقان الطائفي
الذي يهدد وحدتها الوطنية بما يضع صانع القرار الخليجي أمام معضلة التوفيق بين
الأمن والديمقراطية، حيث تشير الخبرة التاريخية القريبة إلى تفاعل التيارات
الإسلامية في دول الخليج، وبقوة مع الأزمات الإقليمية.
ثانيتها : قد تكون دول
الخليج مدعوة لدعم التدخل الدولي في اليمن ماليا ً، في ظل إعلان مصادر رسمية
أمريكية أن الولايات المتحدة تعتزم إنفاق مبلغ 63 مليون دولار كمساعدات لليمن حتى
منتصف عام 2011 بيد أنها لا تمتلك موارد كافية لمواجهة التهديدات الإرهابية في
اليمن وبافتراض صحة هذا الطرح فإن ذلك يعيد الجدل مجدداً في دول الخليج حول معادلة
مفادها الأمن أولا أم التنمية؟ في ظل تذبذب أسعار النفط، وبخاصة أن دول الخليج لا
تزال هي الأعلى إنفاقا في مشتريات السلاح علي مستوى العالم.
ثالثتها : في ظل
التقديرات العسكرية التي تؤكد أن إنهاء ذلك الصراع ليس من السهولة بمكان وفق معادلة
صفرية، بالنظر إلى الطبيعة الجبلية الوعرة لليمن وتسلح الحوثيين عالي المستوي،
فضلا عن وجود مؤشرات قوية لدعم إيراني للحوثيين وهو الأمر الذي من شأنه إطالة أمد
ذلك النزاع فإن خيارات دول الخليج بشأن الحفاظ علي تدفق النفط للخارج ستكون منعدمة
إذا سعت تلك الدول لبحث طرق نقل بديلة يمربعضها من الأراضي اليمنية وصولا إلى
المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حال قيام إيران بتنفيذ تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز إذا
ما احتدمت أزمتها مع الغرب جراء الملف النووي، حيث تشير التقديرات إلى أن مضيق باب
المندب يشهد يومياً مرور 3. 3 مليون برميل من النفط للدول الغربية.
رابعتها :
المشهد الإقليمي الجديد ودلالته ومن مؤشراته سعي الصين لإنشاء قاعدة بحرية دائمة
لها في خليج عدن لدعم القطع البحرية الصينية في تعقب القراصنة الصوماليين، إضافة
إلى وجود سبع قطع بحرية عالية التسليح تابعة لحلف الناتو في تلك المنطقة للغرض ذاته
، وجميعها مؤشرات تعكس وجود توجهات نحو تدويل الأمن في تلك المنطقة التي ستكون ساحة
جديدة للتنافس الدولي.
ما سبق يشير إلى أن انهيار اليمن لا يعني سوى انهيار
لمنظومة الأمن الإقليمي برمتها التي شهدت خللاً واضحاً مع ضرورة خروج العراق من
معادلة التوازن الإقليمي عام 2003، وأن طوق الأزمات حول دول الخليج سيكون قد اكتمل
( العراق إيران اليمن الصومال ) مما يمثل تحدياً أمنياً هائلاً لدول الخليج
كدول نفطية صغرى مما يعني تهديد الاقتصاديات العالمية التي لم تتعاف من أزمتها بعد
.
ومع الأخذ بالاعتبار ضرورة تحول دول الخليج إلى قوة موازنة حقيقية لضبط حركة
التفاعلات الإقليمية عموماً ومن مؤشراتها الإيجابية الاتفاق علي قوة للتدخل السريع
ومقرها مدينة الملك خالد العسكرية شمال السعودية يبقي المدخل التنموي لحل الأزمة
اليمنية هو أفضل الخيارات الخليجية الممكنة للتعامل مع تلك الأزمة، وهو ما بدأته
دول الخليج في مؤتمر المانحين بلندن.
حيث بلغ إجمالي الالتزامات الخليجية تجاه
اليمن حوالي 7. 3 مليار دولار، وربما تكون السعودية مدعوة لاتخاذ زمام المبادرة في
هذا الشأن والتي كثيرا ما دعت لضم اليمن إلى تجمع دول مجلس التعاون الخليجي
.
وأخيرا وليس آخراً يتعين علي دول الخليج أن تكون طرفا رئيسياً في المؤتمر
الدولي المزمع انعقاده بلندن نهاية الشهر الحالي وفق رؤية خليجية جماعية تجسد هواجس
تلك الدول ومخاوفها، إذ تشير الخبرة التاريخية إلى أن الصراعات ذات الأبعاد
الدينية والإثنية لن يكون التدخل الدولي حلاً ناجعاً لها بل ربما يكون أحد عوامل
إطالة أمدها.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد