أكــاديميون واجتماعـيون واقتصاديون ونفسيون يتحدثون لـ ( أخبار اليوم ) عن :ظاهرتي الاختطافات والتقطعات .. وأثرهما على السلم الاجتماعي والاقتصاد الوطني

2010-01-25 04:20:22


تحقيق

د. الشرجبي: الاختطافات تلحق بالتنمية والسياحة أضرارا بالغة د. علي قائد: الأوضاع الاقتصادية لا تتحمل مسؤولية الاختطافات والتقطعات تعدُ الاختطافات والتقطعات حالة شاذة لاتعبر عن السلوك الطبيعي للمجتمع اليمني ، وأساسها يرجع إلى ضعف الوعي الوطني ، لأنها تهدد السلم والأمن الاجتماعيين ، ولها أضرار بالغة تلحق بالتنمية الاقتصادية ، ولهذا لابد أن يتصدى كل أبناء المجتمع لهذه الظاهرة ، ومعالجتها وذلك من خلال تقوية ثقة المواطن في القضاء وفي المؤسسة العسكرية حامية هذا الوطن ، وذلك حتى لايصبح الخاطفين أداة لإثارة النزاعات الأهلية خارج إطار السلطة القضائية والمحاكم المعنية ، وهذا يستوجب أن نضع الحلول لهذه الظاهرة السيئة ونقتلعها من جذورها ، نشر التوعية القانونية والحقوقية ، وهذا لن يتحقق إلا بتضافر الجهدين الرسمي والشعبي ، الأمر الذي من خلاله نستطيع القضاء على ظاهرتي الاختطافات والتقطعات ، وهذا ما أوضحه عدد من الأكاديميين في حديثهم ل ( أخبار اليوم ) في سياق حديثهم عن الظاهرة وأسبابها ، وطرق معالجتها.
بداية قال الدكتور / عادل مجاهد الشرجبي - أستاذ علم الاجتماع المشارك جامعة صنعاء - إن انتشار ظاهرة الاختطافات والتقطعات تفقد الأمن الاجتماعي ، وتجعل المواطن يخشى المرور في بعض الأماكن والطرق وبالذات في المحافظات ذات البنية القبلية القوية ،ناهيك عن أنه ينتج عنها جملة من الآثار فهي تحد من تحركات المواطنين والمسافرين ، وتعوق التنمية على اعتبار أن حرية الحركة ترتبط ارتباطاً مباشراً بقضايا التنمية سواءً تعلق الأمر بالسياحة أو الاستثمار وإنشاء المشروعات الخدمية والتنموية ، وهذه الآثار - بحسب الشرجبي - لاتقتصر على الجماعات التي تقوم بالاختطاف أو الأشخاص المختطفين وإنما تنعكس أضرارها على المجتمع بشكل عام ،وبالذات النشاط السياحي ، مع أن بلادنا تعد من الناحية الطبيعية والثقافية واحدة من البلدان ذات الإمكانات السياحية العالية في الوطن العربي ، لكنها مع ذلك لاتستقبل إلا عدداً محدوداً جداً من السواح نتيجة للاختطافات التي زادت معدلاتها خلال السنوات الأخيرة ، وقد أدى هذا إلى تدني المردود الاقتصادي من السياحة.
وأضاف الشرجبي : وقد قامت وزارة السياحة هذا العام بمحاولات وجهود في الترويج السياحي من خلال الإعلانات التي نشاهدها في بعض الفضائيات العربية ، إلا أن السائح الأوروبي مازال يتخوف من القدوم إلى اليمن خشية ان يقع ضحية لأحد الاختطافات. ومن آثارها السلبية تراجع حركة الاستثمارات بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين ، وتعد الاختطافات سبباً مباشراً في إحجام المستثمرين عن الاستثمار ، حيث يمكن الربط بين ظاهرتي الاختطافات والتقطعات وبين الاستثمار ذلك أنه كلما توفر الأمن في المجتمع كلما ارتفعت معدلات الاستثمار في البلاد والعكس.
دور أبناء المجتمع وأوضح الشرجبي أن دورنا كأفراد في المجتمع تجاه هذه الظاهرة التي شوهت سمعة اليمن وألحقت الكثير من الخسائر بالاقتصاد الوطني هو أن التوعية بأضرار ومخاطر هذه الظاهرة وأثرها على السلم الاجتماعي والاقتصاد الوطني ، كما ينبغي علينا نشر وإشاعة المفاهيم الديمقراطية والمجتمع المدني ، وحقوق الإنسان في المناطق الريفية وفي أوساط التجمعات القبلية.
مشيرا إلى أن الدور الرئيسي والذي يعول عليه في الحد من هذه الظاهرة السيئة يقع على الدولة ، فينبغي عليها إنفاذ القوانين الخاصة بمثل هذه السلوكيات الخارجة على النظام والقانون ، والمنافية لكل الأعراف والعادات والتقاليد ، ومتى ما طبقت الدولة القانون على كل من يختطف فإنها تستطيع أن تحد من هذه الظاهرة.
تطبيق القانون وأكد أستاذ علم الاجتماع على أهمية تطبيق القانون الخاص بالاختطافات والذي يجرم هذه الظاهرة ، كما انه تضمن عقوبات شديدة يجب أن تتخذ بحق كل من يختطف شخصاً سواءً كان أجنبياً زائراً للبلاد أو مواطناً من أبناء البلد ، وما على الدولة إلا العمل بمواد ونصوص هذا القانون وتحويل تصريحات المسئولين من أقوال إلى أفعال خصوصاً وأننا نسمع مثل هذه التصريحات منذ ما يقارب عقدين من الزمان ، لكن الاستمرار في تحييد القانون أو عدم العمل به أسهم وشجع بعض الجماعات والأفراد من القبائل وغيرهم على ممارسة الاختطافات والاشتراطات التعجيزية والمطالبات غير الشرعية ، كما يجب أن يكون دور المجتمع تجاه هذه الظاهرة دوراً مسانداً للدولة ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار ، لأن المسؤولية لاتقع على عاتق الدولة وحدها بل لابد أن يشارك كل أبناء المجتمع في محاربة هذه الظاهرة والتحذير من مخاطرها.
الأسباب الإجتماعية للظاهرة ويذكر الشرجبي أن من أسباب الظاهرة طبيعة البنى الاجتماعية التي تتميز بأنها ذات طابع قبلي ، وظهور القبيلة كجماعة مسلحة وشبه عسكرية ، وكذلك الثقافة القبلية السائدة التي تميل غالباً إلى حل النزاعات بالعنف ، كما أن من أسباب تنامي ظاهرة الاختطافات والتقطعات عدم بسط الدولة لهيمنتها على مختلف مناطق البلاد ، وضعف الدور الذي تقوم به المؤسسات القضائية والأمنية، ذلك أنه لوقامت هذه المؤسسات بأدوارها المناطة بها على أرض الواقع تجاه هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية ، وضبط الجناة وتقديمهم للمحاكمة لاختفت ظاهرة الاختطافات أو لقلت حدتها ،إضافة إلى الأسباب الثقافية والاجتماعية هناك أسباب سياسية تتعلق بمستوى وطبيعة بناء الدولة ، التي يجب أن تبنى بناءً قويا ومتيناً، وأن تمنح الصلاحيات الكاملة التي يخولها بها الدستور والقانون ، بعيداً عن التدخلات في أعمال مؤسسة الشرطة باعتبارها مؤسسة وطنية ، وكذلك الجهاز القضائي ، وأرجع الشرجبي أسباب الظاهرة إلى ما أسماه بتكامل بين العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية وهي التي أدت إلى ظهورها وبروزها ، ولذا ينبغي دراسة كل هذه العوامل والعمل على معالجة أوجه القصور فيها بنشر التوعية المجتمعية والحقوقية ومحددات السلم والأمن الاجتماعيين وشروط توفرهما.
آثار إقتصادية مدمرة واعتبر الدكتور /علي قائد - أستاذ الاقتصاد المشارك كلية التجارة جامعة صنعاء - تحميل البعض الأوضاع الاقتصادية مسؤولية الاختطافات وتبريرها ، مع أن الهدف منها السعي إلى تحقيق مصالح شخصية وابتزاز الدولة أو بعض الجهات وإجبارها على الرضوخ والاستجابة لمطالبهم من خلال القيام بمثل هذه السلوكيات المشينة اعتبر كل ذلك من قبيل الحجج الواهية ، كون الاختطافات أو التقطعات وسيلة مرفوضة ومفهوم خاطئ ، لأنها تعتمد إطفاء النار بالنار ، وقال إن مثل هذا السلوك هو سلوك مجرّم ، كونه يعيق عملية التنمية في المجتمع ، ويسهم في إحداث المزيد من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
مشيراً إلى أن الاختطافات سواء طالت أجانب أو مواطنين يمنيين فإنها تسهم في إعاقة وتوقيف الكثير من الأنشطة والمشاريع الاقتصادية ، كما أنها تنعكس سلباً على كافة القطاعات الداعمة للاقتصاد في الوطن ، كما يظهر تأثيرها على القطاعات الاقتصادية الواعدة ، كقطاع السياحة الذي لحق به وبالعاملين فيه ضرر كبير جراء هذه السلوكيات حيث أحجم المستثمرون عن الاستثمار فيه ، وتحوّل من كانوا يعملون في هذا القطاع وهم بأعداد كبيرة إلى عاطلين ، وما ذلك إلا بسبب الأعمال المنافية للعادات والقيم ، وبحسب قائد فإن الأضرار لم تقتصر على قطاع السياحة بل شملت القطاعات الإنتاجية الأخرى ، كقطاع الملاحة البحرية والثروة السمكية وغيرها ، كما شوّهت سمعة البلد الأمر الذي ترتب عليه تجمد معظم الأنشطة الاقتصادية والسياحية والصناعية ، وأدت أيضاً إلى رفع نسبة التأمينات من قبل البواخر على السلع المستوردة التي تمر عبر المياه الإقليمية والموانئ.
إحجام المستثمرين وأضاف : ناهيك عن زعزعة الأمن والاستقرار داخل المجتمع نتيجة لتلك الممارسات اللا إنسانية ، واللذان يعدان شرطان أساسيان لتحقيق التنمية في أي مجتمع ،ذلك أن المستثمر الأجنبي عندما يسمع أن اليمن تشهد مثل هذه الأعمال التخريبية يحجم عن الاستثمار فيها ، مع أن الاستثمار يعتبر محركاً أساسياً للعملية التنموية والنهضة الاقتصادية في البلد ، وبدون استثمار لايمكن لأي نشاط اقتصادي أن يتطور وينمو، ولايمكن أن يزداد الناتج المحلي ، ويقل دخل الفرد والعاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة في اليمن ، كما تسهم الاختطافات والتقطعات والقرصنة في تعكير المناخ الاستثماري وجعله غير ملائم.
وأوضح أستاذ الاقتصاد أنه لايمكن أن يتحرك دولاب الاقتصاد ويرتفع دخل الفرد وتتولد الدخول مالم يكن هناك استثمار ،ولن يحدث استثمار مالم يكن هناك استقرار وأمن ، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى طرد وانسحاب رؤوس الأموال من اليمن سواء كانوا مستثمرين يمنيين أو أجانب ، وأدى أيضاً إلى ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل ، وظهور سلوكيات وممارسات مرفوضة منها انحراف الشباب وتفكك المجتمع جراء تدني مستوى المعيشة ، وافتقار أفراد المجتمع للسلع الأساسية فتزداد نسبة الفقر وترتفع معدلات البطالة.
منوهاً إلى أن النشاط الاقتصادي حساس للغاية ووثيق الصلة بالأمن والاستقرار ، حيث لايمكن لمستثمر أن يستثمر في بيئة يجهل حجم عائدات استثماراته ورأس ماله فيها.
واجب الدولة ولكي نحد من هذه الظاهرة يطالب قائد الحكومة بإتباع أسلوب القوة والصلابة في التعامل مع من يثبت ممارستهم لمثل هذه الأعمال ، وألا تتبع أسلوب التفاوض أو المهادنة معهم ، بل يجب عليها أن تتخذ إجراءات حاسمة ورادعة ضد مثل هؤلاء الخارجين عن الدستور والقانون وذلك حتى تهيئ مناخاً استثمارياً آمناً.
حملات توعوية كما ينبغي القيام بحملات توعوية تعّرف المواطنين بمخاطر وأضرار الاختطافات والتقطعات ، وذلك من خلال منابر المساجد وخطباء الجمعة ، وعبر وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية حتى يرتفع منسوب الوعي لدى كل المواطنين ، فينظرون إلى هذه الأعمال باعتبارها أعمالاً مجّرمة وعقوبتها شديدة.
ولاتقع المسؤولية في مكافحة هذه الظاهرة على الحكومة فحسب بل يشاركها هذه المسؤولية كل المكونات الاجتماعية أفراداً وجماعات ومنظمات مجتمع مدني ونشطاء حقوق الإنسان ، كما إنه لابد أن يتعاون الجميع لدحر هذه الظاهرة واجتثاثها وما ينتج عنها من آثار كارثية على مستقبل الاقتصاد في الوطن.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد