مؤتمر الرياض... حاجة خليجية أفزعتها المتغيرات الإقليمية

2022-03-28 09:02:07 اخبار اليوم/ تقرير خاص

 

 



بعد انقضاء ثمانية أعوام من عمر الأزمة اليمنية، والتي تواجدت فيها الرياض ودول مجلس التعاون الخليجي كلاعبين أساسيين في تشكيل مساراتها وتحديد أجندتها، باتت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مع مختلف الأطراف المحلية على مقربة من موعد إطلاق مؤتمر الرياض الثاني والمزمع عقده في التاسع والعسرين من مارس الجاري، باستثناء جماعة الحوثيين التي رفضت المشاركة في هذه المشاورات.

تثير أسباب مؤتمر الرياض الثاني والذي أعلن عنه في هذا التوقيت تحديدًا، الكثير من التساؤلات اما سياسية أو شعبية، فهي أسباب بدت مجهولة نسبيًا بالنسبة للبعض، وفي موضع مزايدات للبعض الآخر، لاسيما وأن الإعلان عنه قد جاء في توقيت حساس، فمن جهة، هنالك الحرب الروسية في أوكرانيا، ومن جهة أخرى الموقف الخليجي من هذه الحرب، ناهيك عن تحول جماعة الحوثيين الى خطر يتهدد الأمن القومي لمعظم دول مجلس التعاون.

مركز أبعاد للدراسات والبحوث، نشر دراسة معمقة تحمل عنوان "هل مخاوف الخليج بشأن الملف اليمني يدفع الى مبادرة خليجية ثانية" وهي الدراسة التي تناولت بشيء من العمق طبيعة المرحلة الراهنة في ظل حالة التوتر السياسي التي تشهدها مراكز القوى العالمية، وعلاقتها بالملف اليمني.

دوافع المبادرة.

تتساءل دراسة مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عن السبب وراء مبادرة مؤتمر الرياض الثاني، طالما وأن موقف جماعة الحوثيين معروف منذ البداية بالنسبة لعموم دول مجلس التعاون الخليجي، فما السبب وراء هذه المبادرة التي مثل غياب جماعة الحوثيين عنها تحديًا حقيقًا في تحديد جدواها.

وفي السياق، تقول الدراسة "يثير الحوثيون مخاوف كبيرة على دول مجلس التعاون الخليجي، وتحتاج دول المجلس إلى رؤية موحدة تجاه الأحداث في اليمن خاصة بعد توالد الانقسامات داخل الصف الخليجي بشأن اليمن خلال السنوات السبع الماضية. ويعود ذلك إلى أمرين مهمين".

 بداية أشارت الى أن الأمر الأول هو "استهداف الحوثيون أبو ظبي في يناير/كانون الثاني الماضي، أدى ذلك إلى إنذار في العواصم الخليجية أن الحوثيين كجماعة مسلحة أصبحت خطراً فعلياً على الأمن القومي في شبه الجزيرة العربية".

وأوضحت "امتلاك الحوثيين لهذه التقنية يجعل منهم خطراً على المؤسسات النفطية والتجارية في دول الخليج حتى في حال جرى التوصل إلى اتفاق سلام في اليمن برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة".

وثانيًا "استولى الحوثيون على سفينة شحن ترفع علم الإمارات كانت تبحر في المياه الدولية في مطلع العام الحالي وسُحبت إلى ميناء الحديدة. وزاد الحوثيون من تهديداتهم باستهداف السفن وما يهدد الشحن العالمي عبر باب المندب. بما فيها تهديد بالاستيلاء على السفن التجارية وسحبها إلى المياه اليمنية".

ومن جهة أخرى، ذكرت الدراسة أن ثمة أسباب أخرى دعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى توحيد سياستها تجاه الأخطار التي تواجهها، ويمكن اعتبار اليمن كاشفاً لمدى إمكانيتها الصمود في سياسة موحدة تجاه قضايا أخرى مثل:

 أولا بحسب الدراسة "الاتفاق النووي الإيراني الذي اقترب بالفعل العودة إليه حسب مصادر في الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وتحتاج دول الخليج إلى سياسة موحدة في التعامل مع تأثيرات هذا الاتفاق على الأمن القومي لشبه الجزيرة العربية خاصة أن كل دولة في المجلس تملك سياسة منفصلة تجاه إيران".

وثانيًا "سياسة "الحياد" التي تنتهجها دول مجلس التعاون الخليجي في الحرب الروسية على أوكرانيا وإمكانية تنسيق السياسات من أجل الصمود في وجه الضغوط الغربية بشأن زيادة انتاج النفط والغاز، ودفع الغرب إلى الاهتمام بمخاوف دول المنطقة".

حاجة خليجية.

ما أن أعلن عنها، حتى خرجت جماعة الحوثيون ترفض هذه المبادرة التي أطلقها مجلس التعاون الخليجي، كما طالبت بحوار مع دول التحالف العربي في دولة محايدة يركز على الجوانب الإنسانية.

تقول دراسة مركز ابعاد "يرفض الحوثيون الحوار مع الحكومة اليمنية أو أي طرف يمني بل ويعتبرونهم مارقين وعملاء يمثلون رأي السعودية والإمارات، لذلك لم يكن رفضهم لمبادرة مجلس التعاون مفاجئاً على الرغم من حجم العزلة الذي ستعانيه الجماعة محلياً، وإقليمياً، ودولياً، قبل وعقب هذا الاجتماع".

وأوضحت "تأتي مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي بعد نحو عام من مبادرة أطلقتها السعودية في 22 مارس/آذار2021 تقوم على عدة عناصر: وقف إطلاق النار في جميع أنحاء اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لبعض الوجهات الإقليمية والدولية، والسماح باستيراد المواد الغذائية والمنتجات النفطية؛ وفتح ميناء الحديدة مقابل أن تدفع العائدات كرواتب للموظفين اليمنيين، وبدء مشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي. وهو أمرٌ رفضه الحوثيون بالكامل".

وبحسب الدراسة فانه ليس من الغريب أن تتقدم دول مجلس التعاون الخليجي العربية (ككيان) بمبادرة خاصة بالأزمة اليمنية سبق ذلك "المبادرة الخليجية" في 2011 التي أجبرت الرئيس السابق علي عبدالله صالح بتسليم السلطة بعد 33 عاماً من بقاءه فيها، لنائبه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي".

وذكرت "جاءت المبادرة الخليجية في وقت كانت يمثل فيه ما عُرف بـ"الربيع العربي" واحداً من أبرز مهددات الأمن القومي الخليجي في ذلك الوقت". ونوهت أنه "لذلك فإن المبادرات الخليجية تأتي في حال حدوث مهدد قوي للأنظمة الخليجية وأمن شبه الجزيرة العربية".

وفي سياق متصل، أفادت الدراسة "تَعتبِر الحكومة اليمنية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني- (2013-2014) - الذي جاء كمخرج من المبادرة الخليجية اثنين من ثلاثة ثوابت للسلام في اليمن إلى جانب قرار مجلس الأمن 2216 الذي يؤكد على شرعية الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي".

"كان الحوثيون قد رفضوا المبادرة الخليجية في ذلك الوقت -ولا زالوا- لكنهم انخرطوا في الحوار الوطني اليمني وحصلوا على عدد كبير من المقاعد يقترب من أكبر الأحزاب المعارضة، والذي استمر 10 أشهر تحت رعاية الأمم المتحدة، وتوصل إلى اتفاقات متعلقة بالدستور وشكل الدولة. لذلك فإن الحوار سيكون قائماً بوجود الحوثيين أو بدونهم" بحسب الدراسة.

وكما أشارت سابقاً، أوضحت دراسة مركز أبعاد إن دول مجلس التعاون تقدم مبادراتها ككيان عندما تشعر بوجود مهددات للأمن القومي لشبه الجزيرة العربية، في مسعى لتوحيد سياستها تجاه هذه الأخطار. وهنا يدفعنا التساؤل ما الأهداف التي يريد مجلس التعاون الحصول عليها من هذه الحوار اليمني؟


 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد