من جروف صعدة الى دار الرئاسة... سياسة الثعالب في أدبيات الجماعة

2022-04-12 04:59:59 اخبار اليوم/ تقرير خاص

 

 



يزخر تاريخها بالخروقات واستخدام المعاهدات كوسيلة لنيل أهدافها، فمنذ نشأتها مرت بتجارب كثيرة لم تحفظ فيها عهد ولا ميثاق، بل كانت تستخدم هذه المعاهدات للنيل من خصومها ولشرعنة تمردها وإطالة أمد حربها، سواءً ضد الحكومة اليمنية أو القبيلة.

استعملت جماعة الحوثيين هذه الإستراتيجية لتغذية بقائها، ولكسب مزيد من الوقت، لتنظيم صفوفها وسد فجواتها، واستفادت منها كأداة للاحتيال والمكر بخصومها، وذلك لتصل الى غايتها التي تعتقد أنه حق سماوي يمنحها السلطة القهرية وسيادة الشعب والبلاد.

منذ بداية تمردها ضد الحكومة اليمنية أوائل القرن الجاري، حظيت جماعة الحوثيين بالكثير من المعاهدات التي وفرت لها غطاء العودة مجددًا، فهي التي كانت تعمل جاهدة بعد نفاذ قوتها للدفع بالحكومة اليمنية للمهادنة، فكانت هذه فرصتها لإعادة تموضعها والانقضاض مرة اخرى، والتاريخ يشهد لها بذلك.

يكشف مركز أبعاد للبحوث والدراسات الإستراتيجية، في دراسة له بعنوان "الاتفاقيات الهشة مع الحوثيين وفشل مبادرات السلام في اليمن" التاريخ الأسود للجماعة منذ أولى أيامها وحتى بلوغها دار الرئاسة في صنعاء، وهي دراسة معمقة تتناول الطبيعة الغير قابلة للسلام والتي تهدد الهدنة الأممية في الوقت الحالي.

تشرح الدراسة استغلال الحوثيين للاتفاقيات المحلية، كأداة سياسية وعسكرية في سيطرتهم على البلاد، وتقدم نماذج لهذه الاتفاقات ودوافع نقضها بناء على السياقات المحلية والإقليمية.

اتفاقيات الخيبة.

بعد ستة حروب اطالت امدها بالمراوغة والتنصل عن مسؤولياتها والالتفاف على المعاهدات المبرمة مع الحكومة اليمنية، وصالت الجماعة تحركها حتى وصلت دار الرئاسة في صنعاء، وهنا كانت قد ذبحت القبائل من الوريد الى وريد، واحتالت وخدعت كافة القوى السياسية في اليمن.

وفيما يتعلق بالاتفاقيات السياسية بين الجماعة الحوثية والقوى اليمنية المحلية ما بين 2011 وحتى 2014م، تشير الدراسة الى أنه "مع انتهاء الحروب الست ودخول الخلافات السياسية بين السلطة والمعارضة –اللقاء المشترك– إلى طريق مسدود، وتعاظم مشكلات السلطة الداخلية بما في ذلك الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال".

هنا" كان الحوثيون يستغلون ذلك في بعث موفدين لشيوخ قبائل ومناطق نائية للحصول على تأييد ودعم، وركز الحوثيون على المناطق ذات الأغلبية "الزيدية" والتي فيها عائلات تنتمي لسلالة الهاشميين من الذين يدعون نسبهم إلى الرسول محمد، للحصول على المزيد من المقاتلين والمجندين" بحسب الدراسة.

وأوضحت الدراسة "كانت إيران في مثل هذه الفترة (2011-2010) تدرس المزيد من الخيارات لتقديم دعم أوسع للحوثيين مع توجه الغرب لزيادة العقوبات عليها وحاجتها إلى مؤثر من خارج مياه الخليج العربي لاستخدامه في المستقبل وكان مضيق باب المندب ذو الأهمية الكبيرة يلوح في تصوراتها، إضافة إلى تهديد دول مجلس التعاون الخليجي بجماعة مسلحة قريبة منها، لممارسة الضغوط عليها في ملفات أخرى في سوريا والعراق ولبنان".

وبحسب أبعاد فقد "مثلت التظاهرات ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح فرصة مواتية للحوثيين لتأكيد انخراطهم في المجتمع، وتحسين صورتهم بعد الحروب الست والحملات الإعلامية ضدهم من قبل السلطة، واستقطاب أو تحييد الشباب النشط تجاه الجماعة، لذلك تحول بعض الشباب كممثلين للحوثيين في معظم الاعتصامات في المحافظات الشمالية".

وقالت "وبالفعل انخرط الحوثيون في التظاهرات ضد "صالح" مع احتفاظهم بالأسلحة والمعدات، وبدأوا بنقض اتفاق 2010 اتباعاً واستعادة المواقع العسكرية التي كانوا قد سلموها للجيش عقب الإعلان عن اتفاق "إنهاء الحرب" بل ومحاولات تمددهم باتجاه المحافظات المجاورة لمعقلهم في حجة والجوف".

وأضافت "مثلت الاتفاقات التي عقدها ممثلون عن جماعة الحوثي بين (2014-2011) مرحلة أخرى من مراحل تطور الجماعة التي تمكنت من السيطرة على العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات اليمنية مع مطلع مارس/ آذار 2015 م".

توظيف الاتفاقيات.

في السياق، قالت دراسة أبعاد "استغل الحوثيون المرحلة الانتقالية في تحقيق أهدافهم حيث كانت معظم مؤسسات الدولة تعاني صراعاً بين الموالين لـ"صالح" والموالين للانتفاضة، فقد جرى تقاسم السلطة السياسية مناصفة بين حزب المؤتمر الذي يقوده "صالح" والمعارضة السياسية التي دعمت المتظاهرين".

وأضافت أنه في "معظم بنود الاتفاقيات نلاحظ تكرر "التعايش السلمي، والطريق الرئيسي"، موضحةً أن "ذلك يشير إلى أن الجماعة الحوثية كانت تدرك أن فكرها الأيديولوجي والسياسي مرفوض من قبل الشعب اليمني، وإلا ما الحاجة لذكر بند التعايش السلمي، واليمن لا توجد فيه واثنيات ولا أعراق مختلفة".

وترى أنه "إضافة إلى ذلك، كانت تركز الجماعة على "الخط الأسود" والمقصود هنا فتح الطريق الرئيسي الذي يمر بين التجمعات السكانية "و باتجاه المدن الرئيسية".

فيما أوضحت أنه "بين 2011 و 2013 عمدت جماعة الحوثي على استخدام الاتفاقيات لتأمين معقلها في صعدة وتأمين مرور الأسلحة والمال القادمين من الخارج عبر ميناء ميدي للوصول الى صعدة لكنها في الوقت ذاته نقضتها وفرضت هيمنتها بالقوة المسلحة وتدمير البنية التحتية لتلك القبائل وتجريدها من قوتها حتى لا تتمكن من اعتراضها أو مواجهتها".

وذكرت "زادت إيران من دعمها للحوثيين في تلك الفترة مع التكلفة الباهظة التي تنفقها في سوريا من قواتها وأموالها، إذ أن بعض دول الخليج كانت تدعم بالمقابل الجماعات المسلحة المناهضة لبشار الأسد وتعمل الرياض بدون كلل على عرقلة اتفاق نووي إيراني مع الغرب قبل عدول إيران عن التمدد خارج حدودها، خاصة مع حماس الولايات المتحدة في ذلك الوقت- إدارة باراك أوباما- للتوصل إلى اتفاق".

"استفاد الحوثيون من تنصل الجيش والأمن عن مسؤولياته في مواجهة الحوثيين وتحول السلطة الانتقالية إلى وسيط بين الحوثيين كجماعة متمردة والمجتمع". بحسب أبعاد.

وقالت "أعطت تلك اللجان الرئاسية صبغة الرسمية لتحرك الحوثيين وتمددهم، إذ أن المؤسسة العسكرية لم تدخل إلا في حالات نادرة وكانت معظمها بتمرد من القادة العسكريين وتعرضوا لغضب وتوبيخ من الرئاسة ووزارة الدفاع".

وأكدت أنه "مع رفض السلطة حماية المجتمع كانت معظم القبائل غير قادرة على مواجهة ترسانة الحوثيين العسكرية فلجأت للاتفاقات لتأمين مناطقها حتى يتفرق مقاتلو القبيلة ويخلون مواقعهم العسكرية، فيهاجم الحوثيون ويستولون عليها، حدث ذلك في "همدان" و "بني مطر".

يلجأ الحوثيون للاتفاقات لتفكيك وحدة القبائل الرافضة لوجودهم، ومعظمها كذلك وبث الخلافات بينها، استخدم الحوثيون شبكة "صالح" في الحصول على مواقف متناقضة من تلك القبائل.

كما حدث مع قبائل حاشد في محافظة عمران أثناء اجتياح المحافظة والسيطرة عليها وكيف عمد الحوثيون على استخدام الغرف والنظم القبلية لصالحهم، حتى يتمكنوا ثم ينقلبوا على الاتفاقات مع تفكك وإزاحة المخاطر.

استخدم الحوثيون بذكاء الاتفاقات مع الأطراف السياسية والقبائل في المحافظات بعد السيطرة على صنعاء لضمان نفوذهم وإبراز هيمنتهم.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد