حوثنة السلام... أيديولوجيا الجماعة تغتال قيم المعاهدات

2022-04-14 05:00:38 اخبار اليوم/ تقرير خاص

 

  

على مدار العقديين الماضيين، نشأت جماعة الحوثيين في ظل سجال من التحولات السياسية التي خدمت مسيرتها نحو السلطة، وساهمت بصورة مباشرة في تنمية معسكراتها وتوسع رقعة تمردها ضد الدولة في مساع متواصلة للسيطرة على البلاد وانتزاع ما تعتقده حقها الإلهي في الحكم.

ففي العقد الأول من القرن الجاري، استغلت جماعة الحوثيين الكثير من الأحداث التي ساعدتها في تثبيت بقائها كقوة مناهضة للحكومة اليمنية، وذلك من خلال توظيفها للمعاهدات والاتفاقيات المحلية والخارجية التي أبرمتها في مراحل ضعفها مع الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وفرت حالة الانسداد السياسي التي شهدتها في فترة ثورة الـ11 من فبراير، بيئة مناسبة للمشاركة كمكون سياسي مناهض للنظام حينها، وكان تواجدها في الساحة آن ذاك محكوم بتخليها عن سلاحها ومظاهر العنف الذي اعتمدت عليه فيما سبق، والالتزام ببقائها كمشارك سلمي مؤمن بالشراكة السياسية، إلا أن ذلك لم يدم طويلًا، وسرعان ما تخلصت من الحكومة اليمنية، ونصب رئيس جديد للبلاد حتى نقضت وعادت لحمل بندقيتها.

استمرت الجماعة على مدار الأعوام السابقة في توظيف كل ما من شأنه أن يوفر لها غطاء يؤمن بقائها ويواري سياساتها الانتهازية، حتى تمكنت من ابتلاع مؤسسات الدولة وفرض حضورها رغمًا عن الجميع، وبذلك وصلت الجماعة دار الرئاسة في صنعاء بعد أن وظفت اتفاقياتها لخدمة تحركاتها العسكرية.

يكشف مركز أبعاد للبحوث والدراسات الإستراتيجية، في دراسة له بعنوان "الاتفاقيات الهشة مع الحوثيين وفشل مبادرات السلام في اليمن" التاريخ الأسود للجماعة منذ أولى أيامها وحتى بلوغها دار الرئاسة في صنعاء، وهي دراسة معمقة تتناول الطبيعة الغير قابلة للسلام والتي تهدد الهدنة الأممية في الوقت الحالي.

وتشرح دراسة "الاتفاقيات الهشة مع الحوثيين وفشل مبادرات السلام في اليمن" كيف استغلال الحوثيين للاتفاقيات المحلية، كأداة سياسية وعسكرية في سيطرتهم على البلاد، وتقدم نماذج لهذه الاتفاقات ودوافع نقضها بناء على السياقات المحلية والإقليمية.

ما بعد فبراير

في السياق، ذكر "أبعاد" أن "مواقف الحوثيين السياسية والعسكرية في تلك المرحلة 2011– 2014 كانت تقوم على أساس التحولات الطارئة في مؤسسات الدولة والتغيرات في المرحلة الانتقالية، إذ كان الحوثيون الأشد تطرفا تجاه أي انتقال سلمي".

وأضاف "فقد أعلنوا معارضتهم للمبادرة الخليجية التي وقعها صالح والمعارضة في 23 نوفمبر /تشرين الثاني 2011 م لانتقال السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، ومنعوا إجراء الانتخابات الرئاسية في فبراير/ شباط 2012 م في أغلب مناطق صعدة".


وأشارت الدراسة الى أنه "صعد الحوثيون في مارس/آذار 2012 من عملياتهم القتالية للسيطرة على الأرض وكان هذا العام هو بمثابة عام غزوات لهم حاولوا فيه السيطرة على ميناء ميدي في حجة وحصار معهد للسلفيين في دماج شمال صعدة والوصول الى مركز محافظة الجوف شرقا. كما رفضوا رفع مخيمات الاعتصامات من ساحة العاصمة صنعاء بل حولوا أماكن الاعتصامات السلمية إلى اعتصامات مسلحة".

وفي السياق ذاته، قالت الدراسة "حاول الرئيس هادي البدء في هيكلة المؤسسة العسكرية إلا أن أعمال العنف تصاعدت من قبل الحوثيين وداعمهم صالح منعا للانتقال وهو ما جعل مجلس الأمن يصدر في يونيو /حزيران 2012 القرار 2051 يهدد فيه بعقوبات على من يقوضون المرحلة الانتقالية".

وأفادت أن "التحركات العسكرية للحوثيين استدعت الرئيس هادي في سبتمبر /أيلول 2012 م إلى توجيه اتهامات مباشرة لإيران بتغذية العنف في اليمن".

فيما تعتقد أن "الحوثيون استفادوا من إعادة هيكلة القوات المسلحة في العام ذاته بإزالة القادة العسكريين الذين كانوا يواجهونهم بمن فيهم الجنرال علي محسن الأحمر (نائب الرئيس اليمني في وقت نشر الدراسة).

وأوضحت "اندفع المقربون من "صالح" للانخراط مع الحوثيين ومساعدتهم ضمن تخادم وتحالف مع علي عبدالله صالح الذي قرر الانتقام من القوى التي أزاحته من السلطة وكان الحوثيون هم الأكثر تطرفاً إزاء هذه المرحلة".

وترى أن "الحوثيون حرصوا على تطمين الأطراف والسلطات في صنعاء والأمم المتحدة أن حروبهم مع "قوات من الجيش اليمني" و "رجال القبائل" في عدة محافظات في الجوف و "حجة وعمران وصعدة" بين 2012 وحتى يوليو/ تموز 2014، لا تشكل خطراً على الحكومة المركزية في صنعاء والأطراف السياسية والقبائل وقدموا تلك الحروب كانتقام فقط من القبائل والشخصيات التي أيدت وشاركت في الحروب الست ضد الجماعة".

غفلة أممية

خلال الفترة بين 2011– 2014 برز دور الأمم المتحدة بشأن الحوثيين، حيث كان المبعوث الأممي جمال بن عمر يدير معظم الشؤون السياسية في البلاد ويقدم التقارير إلى مجلس الأمن الدولي بشكل دوري، وظل دور الأمم المتحدة بشأن الحوثيين محل تشكيك الكثير من النخبة اليمنية.

وأشارت الى أن "جماعة الحوثي في الحقيقة تمكنت من تضليل القوى السياسية اليمنية بسلوك تمددها وتطمينها للأطراف بأنها لا تستهدفها كما أسلفنا".

وقال أبعاد في دراسته "برز موقف الأمم المتحدة في موضوعين رئيسيين: مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة".. مشيرة الى أن ذلك باعتبار أن "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية" هي جهد خليجي ومسؤولية الأمم المتحدة هي تنفيذها".

وأردف "أيضًا أن الحوثيين لم يكن لهم ارتباط فيها بالموافقة حتى يتم نقضها، كما أن الحوثيين في تلك الفترة كانوا باعتبارهم جماعة متمردة".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد