8 وصايا في وداع شهر رمضان

2022-04-26 03:22:42 أخبار اليوم/ رمضانيات

 

بالأمس القريب استقبلنا شهر رمضان، شهر المغفرة والعِتق من النار والعبادات والطاعات والرحمة؛ استقبلناه بالفرح والحبور والسعادة والأمل الكبير بأن تشملنا رحمة الله سبحانه وتعالى ومغفرته ورِضوانه علينا وتقبُّله أعمالنا، وها نحن شارفنا على وداعه، وإنَّ خير الأعمال خواتمها؛ لذا فلنودِّع هذا الشهر وداعاً يليقُ بعظمته، فمن يدري، فربَّما لا يعود على أحدٍ منَّا رمضان مرةً أخرى بعد هذا العام، فاحرصوا على استغلال كلِّ يومٍ متبقٍ في هذا الشهر المُبارك.

سنحاول قدر الإمكان أن نقدِّم إليكم بعض النصائح والوصايا لوداع هذا الشهر الفضيل بأفضل الأعمال وأحسنها:

  1. اغتنم العشرة الأخيرة: ففي أحد الليالي الوترية من هذه الأيام العشرة تكون ليلة القدر، وقال الله تعالى في كتابه الكريم عن فضلها: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. [سورة القدر]. وعن أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". ولكن، من كان لديه واجباتٌ تجاه أبوين كبيرين، أو واجباتٌ تجاه أبنائه، أو غيرها من الواجبات المسؤول عنها؛ عندها يُقدَّم الواجب. لكن، يحبَّذ ألَّا تضيِّع أجر هذه الليالي الفضيلة، فمن لم يستطع الاعتكاف في الجامع طيلة هذه الأيام العشر، فليعتكف من بعد أذان المغرب إلى أذان الفجر؛ ومن لم يستطع فلا أقلّ من أن يقوم مع الإمام حتَّى ينصرف في أيِّ مسجدٍ كان؛ وذلك لأنَّ من قام مع الإمام حتَّى ينصرف كُتِب له قيام الليلة، لكن بشريطة ألَّا يرتكب أيَّ معاصٍ، وأن يقوم في هذه الليلة بالذكر وقراءة القرآن، فديننا دين يُسرٍ لا دين عُسر، وبإمكانك أن تكتسب الحسنات بكلِّ فعل خيرٍ تقومُ به مهما كان صغيراً؛ فمن كان عمله ليلاً، فإنَّ العمل عبادة، ولكن لا تنسى استحضار النية، وطيِّب لسانك بذكر الله تعالى. كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته، ومن واجبك كمسلمٍ أن تحُثَّ أهل بيتك وتُرشدهم إلى فضل هذه الليالي وكيفية استغلالها في العبادات لكسبهم أجرها.
  2. ليكن دأبك دأب الصالحين المُوَفَّقِين: وذلك بأن تكون نيتك وهمّك الأكبر في صيامك وقيامك وعبادتك أن يتقبَّل الله عزَّ وجلَّ هذه الأعمال، وهذا دأب الصالحين، والذين وصفهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}، [سورة المؤمنون، الآية: 60]. عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: "يا رسول الله، يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عزَّ وجل؟" قال: "لا يا بنت الصديق، ولكنَّه الذي يُصلِّي ويصوم ويتصدَّق وهو يخاف الله عز وجل"، وفي رواية الترمذي وابن أبي حاتم (وهم يخافون ألَّا يُتقبَّل منهم).
  3. اعرف أنَّ الحسنات يُذهبن السيئات: قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ كفاراتٌ لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر". وقال الله سُبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}. [سورة هود، الآية: 114].

والحمد لله ربِّ العالمين بعد قيامنا بصلواتنا، ودوامنا عليها دون أيِّ انقطاع، وبعد أن التزمنا بالاستغفار وبكلِّ عباداتنا المفروضة علينا خلال هذا الشهر الكريم، عسى أن يتبدَّل ما سلف من سيئاتنا بالحسنات، وأن يغفر لنا الله عزَّ وجلَّ جميع ذنوبنا الماضية؛ ولكن يجب علينا أن نتجنَّب الكبائر، وأن نستمرّ بالطاعات، عسى أن تكون نهايات رمضان بدايةً جديدةً لحياةٍ مليئةٍ بالخشوع والرضا.

  1. اعلم أنَّ خير الأعمال أدومها وإن قَلّ: في شهر رمضان المُبارك تتضاعف الحسنات وأجر العمل الصالح، ولكنَّ أبواب الخير والطاعات ما زالت مفتوحةً لكلِّ من أراد أن يَلِجَ منها؛ ولذلك كان دينُنا يحثُّ المؤمن على الاستدامة بالعمل، وأن يكون مُبادراً للخير في كلِّ يومٍ من حياته وليس في شهرٍ مُعينٍ فحسب، وأن يستمرَّ بالعمل الصالح حتَّى يُفارق هذه الدنيا الفانية، كما أُمِر نبينا -صلَّى الله عليه وسلم- بقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. [سورة الحجر، الآية: 99]. والمُداومة على العمل الصالح هو من أحبِّ الأعمال إلى الله ورسوله، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سُئِل النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلم: أيُّ الأعمالُ أحبُّ إلى الله؟ قال: "أدومُها وإن قَلَّ". وقال: "اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ".
  2. أوفِ العهد إنَّ العهد كان مسئولاً: في كلِّ رمضانٍ يأتي نُعاهد الله عزَّ وجل على فعل الخيرات والطاعات وترك المنكرات وتجنُّبها، ولكن يجب علينا الالتزام بعهودنا مع الله سُبحانه وتعالى، حيث أنَّ الطاعات والعُهود لا يجب أن ترتبط بشهرٍ واحدٍ فحسب، قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. [سورة الإسراء، الآية: 34]، ولقد بشَّرنا الله سبحانه وتعالى بأنَّهُ من حافظ على عهوده التي عهد بها فإنَّ له أجراً عظيماً، فقد قال الله تعالى في كتابه المُبارك: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}. [سورة الفتح، الآية: 10].
  3. لا تفوِّت أجر آخر ليلةٍ من رمضان: إن فاتكَ أوّلُ الشهر، فلا تفوِّت مُنتصفه؛ وإن فاتك مُنتصفه، فلا تفوِّت العشرة الأخيرة؛ وإن فاتتك العشرة الأخيرة، فلا تدع آخر ليلة تفوتك؛ لأنَّ لله سُبحانه وتعالى في كلِّ ليلةٍ من ليالي رمضان يَعتِقُ من النار، وفي آخر ليلةٍ من رمضان يَعتِقُ الله عز وجل بعددِ ما أعتق طوال الشهر، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "أُعطِيَتْ أمَّتي خمسُ خصالٍ في رمضانَ لم تُعطَهنَّ أمَّةٌ قبلهم، خَلوفُ فمِ الصَّائمِ أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسكِ، وتستغفرُ لهم الحِيتانُ حتَّى يُفطِروا، ويُزيِّنُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلَّ يومٍ جنَّتَه ثمَّ يقولُ: يُوشِكُ عبادي الصَّالحون أن يُلقوا عنهم المُؤنةَ ويَصيروا إليكِ، وتُصفَّدُ فيه مَرَدَةُ الشَّياطينِ فلا يخلُصوا فيه إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرِه، ويُغفرُ لهم في آخرِ ليلةٍ، قيل يا رسولَ اللهِ أهي ليلةُ القدرِ؟ قال: لا، ولكنَّ العاملَ إنَّما يُوَفَّى أجرَه إذا قضَى عملَه". 7. عليك بصدقة الفطر: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "زكاة الفطر طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةٌ للمساكين، من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات". صدقة الفطر فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ لديه ما يزيد عن قوته وقوت عياله، وعن حاجاته الأصلية في يوم العيد وليلته، وتمتازُ بأنَّها على الأشخاص لا على الأموال، أي أنَّها فُرِضت لتطهير نفوس الصائمين، لا لتطهير أموالهم؛ وهي فريضةٌ على الكبيرِ والصغير، والذكر والأنثى، والحُرِّ والعبد من المُسلمين؛ وتَجِبُ على الرجل وعلى كلِّ من تلزمه نفقته من زوجةٍ، وأبوين فقيرين، وأولادٍ ذكورٍ حتَّى يبلُغوا الحُلم، أو البالغين العاجزين عن الكسب، والإناث حتَّى يتزوجن. والمقدار الواجب في زكاة الفطر هو أن يخرُج عن الفرد صاعٌ من التمر أو من الزبيب، أو صاعٌ من قمحٍ أو من شعيرٍ أو من أرز، ويُجزِئ الدقيق إذا كان يساوي الحَبَّ في الوزن، فإن لم يجد أحدٌ هذه الأنواع، أخرج ما يقوم مقامه من كُلِّ ما يصلِحُ قوتاً من ذرةٍ أو عدسٍ أو غيره، ولا يجزئ الخُبز لأنَّهُ خارجٌ عن الكيل والادخار. ويجب عليكم قبل إخراجها تَذكُرِ قول الله تعالى في كتابه الكريم: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. [سورة آل عمران، الآية: 92].
  4. لا تنسَ التكبير: قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه العظيم: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. [سورة البقرة، الآية: 185]. من العبادات والسُنن التي شُرِّعت في نهاية هذا الشهر -أي بعد غروب آخرِ يومٍ من أيام رمضان- التكبير، أي بعد انتهاء عدة شهر رمضان الفضيل، والتكبير يكون على النحو التالي: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صَدَقَ وَعْدَه، ونَصَرَ عَبْدَه، وأَعَزّ جُنْدَه، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدِّين ولو كره الكافرون، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذُرَيّة سيدنا محمدٍ وسلم تسليماً كثيراً". ويكون التكبيرُ في البيوت، والأسواق، والمساجد، ووسائل النقل، وكلِّ مكانٍ يَصِّحُ لذلك، ويُسَنُ الجَهر به للرجالِ دون النساء. وبذلك عزيزي القارئ نكون قد قدَّمنا إليك أهمَّ 8 وصايا يمكنك اتباعها والأخذ بها لوداع شهر رمضان الفضيل. اللَّهم اجعلنا من المقبولين، واجعلنا ممَّن قام رمضان إيماناً واحتساباً وفاز بعفوك وغفرانك.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد