الهدنة الأممية... بين خروقات الحوثيين وتنصلهم

2022-05-28 08:55:59 أخبار اليوم /تقرير خاص


  


يبدو أن الهدنة الأممية ومبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن ما زالا يواصلان أدوارهما غير النزية في اليمن، وعلى ما يبدو كذلك أنها وكما هو معروف عنها ليست سوى خدمة أممية فرضت لتجني بعض التنازلات السياسية من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.

وعلى الأرجح فإن هذه الهدنة بظاهرها الذي بدا أشبه بهدية مجانية لميليشيا الحوثي الانقلابية ويد تعمل على تقديم طوق نجاة من أية خسائر قد تحصدها الجماعة الحوثية التي وجدت نفسها وقد استهلكت كامل قواها في حربها ضد الإنسان اليمني.

فعلى غرار اتفاق ستوكهولم الذي لم يتم تنفيذ أي من بنوده وتم الانقلاب عليه من قبل ميليشيات الحوثي دون حراك أممي، أتت مبادرة المبعوث الأممي لدى اليمن هانس غروندبيرغ هي الأخرى لتقديم مزيد من المنافع للجبهة الحوثية.

ماذا قدمت

على الرغم من أن ميليشيا الحوثي الانقلابية بدأت بكسر هذه الهدنة خلال الـ 24 ساعة من إطلاقها في عدد من الجبهات ومنها جبهة مأرب والساحل الغربي، غير أن هذه الخروقات حظيت بتغاض أممي مريب، وسارت في خط تحقيق الخدمات للميليشيات الحوثية.

حصار تعز الملف الإنساني الأبرز، وهو الملف الذي حظي ببند خاص في قائمة بنود مبادرة المبعوث الأممي لدى اليمن، وهي البنود التي على أساسها اعلنت الهدنة وبدأ سريانها، وكذلك كان الحال مع مطار صنعاء وميناء الحديدة الذي حظي بجهود أممية منذ أول يوم لإعلان الهدنة.

نجحت الهدنة الأممية بفتح مطار صنعاء الدولي وكذلك ميناء الحديدة الذي قامت بفتحه منذ أول يوم للهدنة الأممية، وبضغوطات أممية اخرى اعتمدت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا جوازات السفر الصادرة من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، على أمل أن تساهم في تخفيف معاناة اليمنيين وبادرة لإظهار حسن النوايا تجاه اية تقارب لإنهاء الأزمة والحرب في اليمن ولإحلال سلام مستدام.

في المقابل قدمت جماعة الحوثيين مزيد من المراوغة وكثرت العراقيل أمام ملف تعز الرازحة تحت حصار جماعة الحوثيين الانقلابية منذ ثمانية أعوام، فيما تغاضى المبعوث الأممي وبدا موقفه متراخيًا جدًا حيال التصرفات المستفزة لجماعة الحوثيين في ملف انساني كملف حصار مدينة تعز الأكثر كثافة سكانية.

يقدم المبعوث الأممي لدى اليمن الكثير من المراضاة للحوثيين، فيما يرفض الحوثيون فتح منافذ مدينة تعز المحاصرة، في وقت طالبوا بفتح مطار صنعاء الدولي كمطلب إنساني استجابة له الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، ليتنكر صراحة أمام بند فتح الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية لمدينة تعز، وهي المطالب الإنسانية ذاتها.

وفيما يتعلق بملف تعز، ذكر السياسي والكاتب الصحفي صدام الحريبي في مقال له أن "الحوثيون مازالوا يماطلون حتى الآن "ظهر الجمعة" في فتح منافذ تعز ويصرون على حصار 5 مليون مواطن في المدينة رغم أنهم كانوا يتحدثون عن الجانب الإنساني عندما كانوا يطالبون بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة".

وقال الحريبي "الحوثيون أتوا للتفاوض من أجل فتح طريق غريب عجيب تمر منه الحمير والجمال ويبعد عن المدينة 30 كيلو متر، يبدأ من منطقة الزيلعي بخدير وينتهي أسفل صبر في صالة، وهو مثل الطرق البديلة وليس هناك أي جديد".

وتابع "لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إنه ومن شدة بجاحة ووقاحة الحوثيين فقد اعتبر رئيس وفد الجماعة هذا الطريق هدية من جماعته الإرهابية لأبناء تعز، غير مهتم أنهم هم أصحاب الأرض وهو مجرد إرهابي محتل جبان، ولولا القوى الزائغة التي تحميه وتدعمه لما كان الآن موجود في كل اليمن وليس في تعز فقط".

وأفاد الحريبي في مقاله أن "لجنة فك الحصار برئاسة الأستاذ عبدالكريم شيبان أعطت وفد الحوثيين مهلة إلى مساء الجمعة، وإلا فستضطر اللجنة إلى التوقف عن الحوار، وليتحمل المبعوث الذي قاتل من أجل إرضاء الحوثيين مسؤوليته".

وتابع "هذا التعنت يفضح جماعة الحوثي أمام العالم بوضوح، وقد حان الوقت لأن يستحي من لا زال يدعم هذه الجماعة الإجرامية من المنظمات ويؤيده من الجهلة، فقد أثبت الحوثي للجميع أنه مجرم إرهابي وعدو للإنسان واليمن ولا عهد له ولا ذمة وأنه يكذب".

وبملاحظة مهمة قال الحريبي "أن هذا يثبت أن مطالبة الحوثي بإلحاح في فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة ليست إنسانية، لأنها إن كانت إنسانية لبادر هو قبل غيره بفتح منافذ تعز".

وأردف مشيرًا "لكن هذا التنصل يعزز فكرة أنه سيستخدم المطار وميناء الحديدة لأغراض عسكرية تعرفها الأمم المتحدة، إنما استخدم الستار الإنساني لتمرير مخططه على بعض الأغبياء من اليمنيين، أما العالم فهو يعرف نيته وهناك من يدعمه في ذلك، وهذا ما أكده رفضهم لفتح منافذ تعز المحاصرة".

عجز أممي

تكشف البنود المتعلقة برفع الحصار عن مدينة تعز عجز الأمم المتحدة عن تنفيذ أو مراقبة أي من قراراتها أو مبادراتها، وهو ما سيجعلها أمام المجتمع الدولي غير فاعلة في أي نزاع ولذا سيتم تحييدها، وستفقد ثقة المجتمع الدولي.

كما أعطت المبادرة الأممية التي عجزت عن تحقيق تقدم يذكر بملف تعز ، أعطت الدليل للشعب اليمني أن ميليشيا الحوثي الانقلابية هي العدو الأول والوحيد للشعب وأنها مشروع تخريب إيراني برعاية خارجية دولية.

وعلى غرار ذلك فإن افشال الحوثيين للمبادرة الأممية وتنصلهم عن رفع الحصار عن مدينة تعز وفتح منافذها، تضع الحكومة الشرعية أمام مكاشفة خائبة وقد قدمت كل التنازلات لإنجاح هذه الهدنة ولتحقيق السلام، غير أن جماعة الحوثيين نجحت بتوظيفها بما يخدم مشروعها ويغذي معسكراتها لإطالة أمد الحرب.

لم تتمكن الهدنة الأممية من تحقيق بنودها الإنسانية في اليمن، غير أنها تمكنت من فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي، فيما أبقت على مدينة تعز المتعبة مرمية تحت ويلات الحصار لأكثر من ثمانية أعوام.

يتبادر السؤال في الوقت الحالي عن جدوى الهدنة بالنسبة للحكومة الشرعية التي خرجت منها بتنازلات كثيرة ولم تجني منها سوى الخيبة، فما جدواها وقد أحالتها الميليشيات الحوثية الى رماد، بعد أن حظيت بمكاسب سياسية واعتمادات لم تكن لتحلم بها.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد