مجلس القيادة الرئاسي ما بين رهانات الربح والخسارة

2022-09-01 07:38:47 اخباراليوم / تقرير خاص

 

بعد مضي ثمانية أعوام من عمر الأزمة اليمنية، وهي الفترة التي كشفت فشل التحالف العربي وعجزه عن احتواء الملف اليمني، جاء إجماع دول مجلس التعاون الخليجي عموما، والتحالف العربي خصوصا، على ضرورة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي لإدارة البلاد.

وبعد فترة طويلة، عاشتها الحكومة الشرعية في حالة احتقان سياسي حرجة، روج لمجلس القيادة الرئاسي، بمسميات الشراكة السياسية، لكونه ذا طبيعة توافقيه، اجتمعت فيه مختلف المكونات السياسية التي تكون منها قوام الحكومة الشرعية.

غير أن المفارقة العجيبة تكشفت عنها حقيقة تمكين المجلس الانتقالي وإضعاف ما بقي من وجود للحكومة الشرعية، في وقت يشهد فيه المعسكر الحوثي حالة من النمو والازدهار، ونشاط مريب لدولة الإمارات جنوب البلاد.

مفارقة عجيبة.

تحولت حقيقة الضرورة التي جاء بموجبها قرار تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، لتنذر بفشل سياسي جديد، ففي حين اعتبر تشكيل المجلس قرارًا لتوحيد الصف وإعادة ترتيب الأولويات في الجانب الحكومي، كانت التحركات المريبة للمجلس الانتقالي كفيلة بنفي مزاعمهم.

وفي حين أن مجلس القيادة الرئاسي مطالب بهيكلة مختلف الفصائل المسلحة وضمها إلى قوام وزارتي الداخلية والدفاع، إلا أنه ما يزال قابعًا تحت حماية المجلس الانتقالي الذي يسيطر عسكريًا على المحافظات الجنوبية، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن.

غير أن موقف مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، تحول بفعل الظروف، ليكشف عن حقيقة ضعفه التي حولته إلى شماعة يمتطيها المجلس الانتقالي لشرعنة ممارساته التي يسعى من خلالها لتنفيذ أجندة الإمارات.

كانت شبوة والجنوب عمومًا أولى اختبارات فشل أمامها مجلس القيادة الرئاسي في ردع ممارسات الانتقالي بداخلها، ليستمر في معاركه العسكرية، بتغطية مباشرة من مجلس القيادة الذي توجه رئيسه رشاد العليمي أثناء اندلاع المعارك في زيارة غير رسمية إلى دولة الإمارات الراعية الأولى لأنشطة الانتقالي.

يقول الصحفي محمد المياس: "فشل مجلس القيادة الرئاسي من حماية نفسه في شبوة من بطش الانتقالي، وفشل أيضاً في تصدر المشهد كحكومة شرعية تحظى باعتراف دولي".

وأضاف المياس في حديثه لـ"أخبار اليوم": "لا يبدو مجلس القيادة الرئاسي واثقًا من نفسه، لا سيما وقد بدا في ركيكا في مواقفه مع التطورات الأخيرة على الساحة اليمنية خصوصاً في الجنوب".

وتابع: "كنا نتوقع أن تأتي مواقف مجلس القيادة لتردع ممارسات الانتقالي، إلا أن كل قرار يصدره المجلس يأتي لتمكين الانتقالي أكثر، وهو ما يشعرنا كما لو أن ثمَّة سياسة مباشرة تمارس لخلق فصيل مواز للحكومة".

أجندة إماراتية.

عندما وجدت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات نفسيهما في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، بعد فشلهما في تحقيق تقدم يذكر في حربهم التي جاءت تحت غطاء دعم الشرعية اليمنية، لاسيما وقد وجدت الدولتان أمنهم القومي عرضةً للخطر الحوثي، عملن جاهدتين لفرض معادلة جديدة تستر عورة الفشل وان مؤقتًا، فكان مجلس القيادة الرئاسي.

قد يبدو مسمى الانفصال جذابًا بالنسبة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أنها تريده انفصالاً غير شرعي، انفصال قائم على أبدية الصراع في اليمن، وذلك من خلال تمكين ميليشيات صنعتها بنفسها لتنفيذ أجندات مرسومة مسبقًا.

تحاول الإمارات الإبقاء على الحكومة الشرعية تحت رحمة المجلس الانتقالي الجنوبي، مستغلة بذلك ضعف مجلس القيادة الرئاسي وتماشيه مع فرضيات أبو ظبي والرياض، فتعمل على تقزيم التواجد الحكومي وتوسيع رقعة المعسكرات الخارجة عن إطار الدولة.

لن يكون خيار الانفصال الذي يسعى لتحقيقه الانتقالي خيارًا مقبولًا بالنسبة للإمارات، إذا ما حاول شرعنته كدولة مستقلة، بل تريد الإبقاء على الجنوب في لباس ملشاوي لا يجبرها على التعامل معه كحكومة مركزية ذات سيادة وسلطة سياسية شرعية.

فتعمل الإمارات من هذا المنطلق، على تفتيت الحكومة الشرعية، دون القضاء عليها نهائيًا، فهي بحاجة لبقاء مسمى الحكومة لمنع فصيل آخر من أخذ اللقب الشرعي، لتظل هي بدورها تسرح وتمرح في مشاريعها المريبة، دون أن تكون مضطرة للتعامل مع دولة سيادية، وهو ما يوفره لها المجلس الانتقالي الجنوبي.

يقول الناشط الإعلامي فضل الصوفي: "تتعمد الإمارات تقويض سلطة الحكومة الشرعية، وفي المقابل تدفع بمن جعلت منهم قوة موازية للحكومة، للسيطرة على الأرض".

وأضاف الصوفي بحديثه لـ"أخبار اليوم": لا تكترث دولة الإمارات فيما إذا كان سيكتب لمجلس القيادة الرئاسي عمرًا أطول، أم أنه سيذهب أدراجه في ظل ما تقوم به من ممارسات تنتهك سيادة البلاد وتقوض سلطة الحكومة والمجلس".

وتابع: "ما تريده الإمارات هو قطعة أرض فارغة من الدولة، تعيد تشكيل موازين القوى بداخلها بالطريقة المناسبة لها، وتعمل على تمرير أجندتها دون حسيب أو رقيب، وهذا بالفعل ما يحدث حالياً جنوب اليمن".

                      

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد