قبل أكثر من 700 عام تم بناء جامع النور في قرية القطابا شمالي مديرية الخوخة في محافظة الحديدة على الساحل التهامي.. وضمن مساعي وأهداف طمس الهوية اليمنية والموروث الثقافي التاريخي لليمن، وكل ما يتصل بالشواهد التاريخية للحضارة اليمنية الضاربة جذورها في التاريخ. والسعي الممنهج لتدمير كافة المواقع والمعالم الأثرية التاريخية، وبعد تدمير أكثر من 30 معلما أثريا إسلاميا في عديد من المحافظات اليمنية.

ها هو جامع النور الأثري يتعرض للاعتداء والتدمير بهدمه في 8 يوليو 2022م.. من هم المعتدون على الجامع ؟.

ولماذا قاموا بهدمه ؟.

وما هي ردود الفعل الرسمية والشعبية ؟..

وما موقف السلطات والجهات الرسمية من ذلك؟.

 في هذا التقرير نسلط الضوء على هذه القضية …

هدموا الجامع وأرهبوا المواطنين

في ساعة متأخرة من ليل يوم الـ 8 من يوليو 2022م قامت مجاميع مسلحة بهدم جامع النور الأثري التاريخي في قرية القطابا شمالي مدينة الخوخة في محافظة الحديدة على الساحل التهامي. ووجه مواطنون في المنطقة مناشدة عاجلة لكل الجهات والأجهزة الأمنية بالساحل وقيادة الألوية وكل الوحدات القريبة من قرية القطابا.

وقالوا: أنه في تحدي سافر للدولة الغائبة والسلطة المحلية بعد أن التزم لنا القائمون على ترميم وبناء الملحق المستحدث لجامع النور التاريخي بالقطابا مجاميع مسلحة يعتقد انتمائهم للجماعات الإرهابية تقوم بهدم المبنى التاريخي الذي يبلغ عمره 700 سنة كما تقوم بإرهاب المواطنين وتهديدهم..” اغيثونا اغيثونا قبل أن ينتهي كل شيء”..

انحراف قبلته لا يبرر هدمه

تساءل كثيرون عن الأسباب التي تقف خلف هدم الجامع فكانت بعض الإجابات أن السبب وجود ضريح أو قبر بينما الأخ / راشد معروف في تغريدة له على تويتر نفى وجود قبر أو ضريح , وقال : تم التأكد بأن جامع النور في القطابا لا يوجد فيه أي ضريح وأنه تم التواصل مع بعض القيادات ممن وجهوا بهدم الجامع بعد التأكد منهم عن سبب الهدم أكدوا بأن الجامع. منحرف عن اتجاه القبلة.

وعلى ذمة الأستاذ سعد سليكة مدير مكتب الثقافة في محافظة الحديدة في منشور له على صفحته في الفيس بوك بتاريخ 10 يوليو 2022م قوله بأنه تواصل مع بعض مشايخ السلفيين ومنظريهم ومن بينهم احمد الذاري القائم على عملية توسعة وترميم الجامع وسألهم عن مدى صحة وجود قبر أو ضريح في الجامع أو انحراف قبلة أو الدائم اشترط هدمه فكانت إجاباتهم بالنفي مؤكدين أن انحراف قبلته لا يوجب هدمه وهناك الكثير من الحلول..

وخلص سليكة في منشوره قوله : إذا لم يكن هدمه بقناعة دينية فإن هناك علامات استفهام تشير إلى وجود روابط خفية للموضوع بمافيا الآثار ..الأمر الذي دفعه إلى أن يتحمل مسؤوليته فقام وكما قال بأنه رفع بكل المعلومات المتعلقة بعملية الهدم وأسماء المتهمين بهدم الجامع إلى السلطة المحلية والأجهزة الأمنية للقيام بدورها للقبض على الجناة وإيداعهم السجن والتحقيق معهم ولم نتلقى إلى الآن أي معلومات عن ذلك..

رفض وإدانة وإهابه

حتى 11 يوليو 2022م لم يتم القبض على الجناة ومحاسبتهم.. الأمر الذي دفع بمكتب الثقافة في محافظة الحديدة إصدار بيان بتاريخ 12 يوليو 2022م عبر فيه رفضه كافة الانتهاكات والجرائم التي خلفتها تداعيات الحرب في اليمن المستهدفة  طمس الهوية اليمنية في تهامة وشواهدها التاريخية.. واستعرض البيان عددا من الانتهاكات من 2015م إلى 2022م في عموم محافظات اليمن واصفا هذه الانتهاكات بالأثمة في حق تراثنا وموروثنا الحضاري الإنساني.

وأشار البيان إلى آخر تلك الانتهاكات بقوله : ولقد كان آخر تلك الانتهاكات ما قامت به مجاميع متطرفة بتاريخ 2022/07/08 من جريمة بشعة بمديرية الخوخة بقرية القطابا وأرعبت أهلها لتقوم بهدم جامع النور التاريخي بالقطابا الذي يبلغ عمره التاريخي 700 والذي يعود إلى عصر الدولة الطاهرية لتحوله خلال نصف ساعة إلى ركام ..

وأكد البيان رفضه وإدانته لما وصفه بالعمل الإجرامي ودعا البيان حكومة الشرعية وفي مقدمتها وزارة الثقافة وقيادة السلطة المحلية بالحديدة وأجهزتها الأمنية والقضائية لضبط الجناة ومحاسبتهم وإثبات هيبة الدولة..

كما دعا البيان منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات والمنظمات الدولية والمجتمعية المعنية بالتراث الثقافي شجب هذه العمليات الإجرامية المستهدفة للآثار والموروثات الثقافية الحضارية الإنسانية ..

مكتب الثقافة يوجه بلاغا

لم يكن لبيان مكتب الثقافة في محافظة الحديدة آذانا صاغية الأمر الذي اضطره لتوجيه بلاغ رسمي بتاريخ 21 يوليو 2022م إلى النائب العام للجمهورية اليمنية وعديد من الجهات الحكومية الأمنية والعسكرية والحكومية المدنية والمجتمعية الحقوقية والتخصصية.. تضمن البلاغ توجيه تهمة هدم جامع النور وإرهاب المواطنين إلى 10 أشخاص ذكرهم البيان بالاسم والصفة بينهم أفراد وقادة عسكريين ينتمون إلى ألوية عسكرية.. وجاء في البيان المطالبة بضبط المتهمين كل بحسب صفته وموقعه ومسؤوليته المناطة به في ظل قضية رأي عام تمس التراث والموروث الديني الذي نعتز به وتهدد التراث الإنساني للبشرية والذي تربط اليمن به اتفاقيات ومواثيق أممية ودولية للحفاظ عليه.

هدم ما تبقى وطمس معالمه

في الـ 13 من أغسطس 2022م، ناشد مدير مكتب الثقافة بمحافظة الحديدة الأستاذ سعد مسعود سليكه نائب رئيس مجلس جامع النور الأثري في الحديدة من هدمه إلى طمس معالمه (تقرير) القيادة الرئاسي رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية العميـــد الركن/ طارق محمد عبدالله صالح بالتدخل العاجل في منع اقتراف جريمة انتهاك جامع النور الأثري بقرية القطابا مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة الذي سيتم هدم ما تبقى من آثاره وطمس معالمه واستحداث بناء حديث بدلا عنه صباح الأحد الموافق 2022/08/14 من قبل مدير شرطة أمن محافظة الحديدة العميد نجيب ورق.

سنعيد بنائه بطابعه المعماري

قبل هدمه كان هناك ممول لتوسعته وترميمه وليس هدمه.. وفجأة يتم الهدم.. ومنذ واقعة الهدم وخلال شهرين تم فيها الرفع من قبل مكتب الثقافة في محافظة الحديدة بما حدث إلى السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في المحافظة وصدر عن المكتب بيان إدانة ومناشدة وبلاغ رسمي وإدانات ومطالبات رسمية ومواطنين في المنطقة بالقبض على الجناة ومحاسبتهم وتم تبادل الاتهامات بين أطراف رسمية مدنية وأمنية ومواطنين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ..وفي معمعة هذه الوقائع وفي 28 أغسطس 2022م صدرت تصريحات للعميد نجيب ورق مدير عام شرطة محافظة الحديدة مما جاء فيها قوله : أن قيادة القوات المشتركة ممثلة بالنائب طارق محمد عبدالله صالح قائد المقاومة الوطنية حرصت على الحفاظ على المباني الأثرية القديمة في المناطق المحررة حيث نعمل على إعادة الجامع بطابعه المعماري بعد أن أقدمت جماعات متشددة على هدم أجزاء منه.

وقال ورق: قد كلفنا فريق مختص بالمباني الأثرية بتوفير المواد المناسبة للبناء وسوف يعود كما كان في السابق.. مؤكدا على التوجه لأجل الحفاظ على المباني الأثرية القديمة في هذا الوضع الاستثنائي ولن نسمح بالاعتداء عليها خدمة للمشاريع الحوثية. وختم تصريحه بالتأكيد على توحيد الخطاب الإعلامي في وجه العدو وعدم الانجرار وراء مطابخ الحوثي التي تستغل هكذا أعمال وتجييرها لصالح مشاريعه الإيرانية المدمرة لليمن والمنطقة..

لنكن عند مستوى المسؤولية

ذلك ما لدى من حيثيات عن القضية وعلى متقدم تم إغلاق ملف القضية , هدم جامع النور بعد أن التزم القائمون على ترميم وبناء الملحق المستحدث لجامع النور التاريخي ثم طمس ما تبقى من معالمه والالتزام بإعادة بنائه كما كان في السابق.. ورغم المبادرة الطيبة من النائب طارق محمد عبدالله صالح قائد المقاومة الوطنية وقيادات في الألوية العسكرية للقوات المشتركة ومحافظ المحافظة الدكتور حسن علي طاهر ومدير عام شرطة محافظة الحديدة العميد نجيب ورق ومدير مكتب الثقافة الأستاذ سعد سليكة, القاضية بإعادة بناء الجامع كما كان في السابق ..إلا أننا وحتى لا نساهم في توظيف تشويه المقاومة من قبل الميليشيات الحوثية نتمنى من جميع المعنيين بالقضية مدنيين وعسكريين أن يكونوا عند مستوى المسؤولية ..تجاه كل ما يتعلق بالأرض والإنسان والتاريخ وقيمه الثقافية والدينية والحضارية ..