يقظة شعبية وروح ثورية... ذكرى الـ 26 من سبتمبر على غير عادتها.

2022-09-28 21:39:45 أخبار اليوم – تقرير خاص

 

على غير السنوات السابقة، حظي العيد الوطني لذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر أيلول 1962 هذا العام، باهتمام بالغ، ففي حين يحتفل اليمنيون في كل عام بحلول ذكرى ثورة الجمهورية التي خلصتهم من الحكم الإمامي، بعد أن ظل لقرون طويلة يهوي باليمن بين مستنقعات الجهل والتخلف والفقر.

وعلى غرار إحياء ذكرى الثورة مع قدومها من كل عام، إلا أن اهتمام بالغ حظي به العيد الوطني للجمهورية اليمنية، فما الأسباب والمتغيرات التي حدثت ليجد اليمنيون أنفسهم، يحتفون بذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر بهذا الزخم الغير مسبوق، وما العوامل التي فرضت هذا الواقع بعد مضي ثمانية أعوام منذ تمرد مليشيات الحوثيين على الحكومة الشرعية في اليمن.

احتفالات شعبية ورسمية وعروض عسكرية وتظاهرة إلكترونية تصدرت الترند العربي في تويتر، ابتهاجاً بالعيد الستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، وهي احتفالات أكدت مجدداً على تمسك الشعب بثورته ورفضه لأي محاولات قد تمس هذا المنجز التاريخي الكبير.

 يقظة شعبية.

في السياق يقول الكاتب والصحفي يعقوب العتواني عن احتفالات اليمنيون بالذكرى الستين لثورة الـ 26 من سبتمبر: "كان الاندفاع الشعبي للاحتفاء بذكرى الثورة لهذا العام أكبر من أي وقت مضى، وقد لحظنا ذلك بشكل بارز على أوجه المواطنين والبسطاء من العمال والفلاحين".

وأضاف العتواني في حديثه لـ"أخبار اليوم" قائلًا: "وجد اليمنيون أنفسهم هذه المرة في مواجهة مباشرة مع مخاوفهم التي صنعتها لهم الحركة الحوثية المتمرة، وهي تسعى للعودة باليمنيين إلى ما قبل الجمهورية، حيث العهد الإمامي الرجعي وحقبة السنوات السوداء من تاريخ اليمن".

وتابع: "أناس بسطاء لا يعرفون من هو رئيس الحكومة ولا يمتلكون أية معرفة سياسية في بلادهم، غير أنهم وجدوا أنفسهم محاطين بتحد كبير أشعرهم بالخوف، استشعروا معها خطر عودة الإمامة مرة أخرى بعد أن خلصتهم من شبحيتها ثورة سبتمبر المجيد، فاندفع الناس هذه المرة لإحياء الثورة بنزق غير مسبوق".

وأردف العتواني: "العروض العسكرية لجماعة الحوثيين التي شهدتها مناطق سيطرتهم مؤخرا، لاسيما مع حلول ذكرى النكبة المتمثل بيوم الـ21 من سبتمبر، وهي يوم انقلاب الميليشيات على الحكومة الشرعية، كانت تلك الحشود مع مساعي مليشيا الحوثيين لطمس هوية ثورة 26 سبتمبر كافية لتضع اليمنيين أمام خيار وحيد وهو الدفاع عن جمهوريتهم ومهما كلفهم الثمن".

وفيما يتعلق بالحراك الثوري المناهض للفكر الإمامي الذي تنشره مليشيات الحوثيين ومحاولتها قمع مظاهر الحرية في مناطق سيطرتها، يقول العتواني: "ما شهدته اليمن خلال ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر، كان مؤشرًا حقيقيًا لمدى تآكل سلطة الحوثيين القمعية، وترجمة عملية لارتفاع مستوى الوعي الجماهيري بخطر الإمامة، ودليل قوي على أن ثورة التخلص من سيطرة الميليشيات قد اقتربت ساعتها".

وعي جماهيري.

تدرك مليشيا الحوثي مدى ارتباط اليمنيون بهذه الثورة وحبهم وتقديسهم لها كعقيدة وطنية، حيث يرون في المناسبة إرثا نضالياً وحقوقياً ومقوماً أساسياً لحياتهم لا يجوز المساس بها لذلك تتجنب الميليشيات نكرانها رسمياً تجنباً لسخط وغضب اليمنيين".

ففي الواقع، تمثل ثورة الـ26 من سبتمبر المجيد، محطة مهمة في حياة اليمنيين، حيث تجسد من خلالها أرقى نماذج الحرية التي هبّت على أرضهم، ومنحت حياتهم قيمة وجودية، بعد أن عصفت بعروش أئمة الضلال والإجرام وأعادت لليمنيين حقهم المستلب وكرامتهم المهدورة.

قيمة 26 سبتمبر لا تكمن في القضاء على الكهنوت والظلم والاستبداد فقط، لكنها كانت المحور الذي بدأت من خلاله مسيرة إعادة توحيد شطري الوطن الواحد ودعم الثورة في الجنوب ضد المستعمر البريطاني.

وفي حين جاء التمرد الحوثي على الحكومة الشرعية في الـ21 من سبتمبر 2014 لإعادة إعمار الإرث الإمامي والتخلص من مسمى الجمهورية والحرية، إلا أن ذلك كان كافيًا لتتحول معه ثورة 26 سبتمبر إلى عقيدة وطنية، لتتعاظم مكانتها يوم بعد آخر نتيجة الشعور بالمخاطر التي تهدد بقائها، والمساعي الحثيثة من ورثة الإمامة لطمس ميراثها.

وفي السياق، يقول الكاتب والصحفي محمد المياس: "الحوثي في السنوات بعد الانقلاب حاول يحتفل بثورة سبتمبر ولكنه في السنوات الأخيرة ترك ذلك الاحتفال واحتفل بمناسباته فقط؛ وهذا أمر طبيعي؛ فكيف سيحتفل أصلا بثورة قضت على أدواته؟"..

وأضاف المياس في حديثه لـ"أخبار اليوم": "أصبح الشعب يدرك أكثر من أي وقت مضى أن هذه الأدوات ليست إلا بيادق على رقعة الشطرنج لا مشروع لها وسيرفضها المجتمع قريباً، ونحن نراهن بدرجة أساسية على هذا الوعي الشعبي المتصاعد".

وتابع: "الحوثي يعتبر ممثلاً غير شرعي ولا يحظى بالتفاف جماهيري، وصعوده جاء بوصاية وأهداف خارجية ولا يملك قرار مستقبل، ولا مشروعاً وطنياً، ولا يختلف عن أية جماعة إرهابية تسعى لفرض سلطتها بقوة السلاح قاتلة بذلك أحلام الشعوب".

مشوار متجدد.

تسعى ميليشيات الحوثي الانقلابية اليوم، إلى طمس ذكر ثورة الـ26 من سبتمبر العظيم، واستبداله بعيدهم البائس 21 سبتمبر للانتقام من ثورة سبتمبر التي اقتلعت حكم الأئمة الطائفي الظلامي.

لا تؤمن مليشيا الحوثيون بالجمهورية والحرية والديمقراطية، بل إنهم يكرهون ثورة الـ26 من سبتمبر ورموزها، لا سيما وقد تغلبت على نظام الخرافة الذي حكم اليمن بالظلم والتعطش للدماء والنهب.

في السياق يقول المواطن محمد محسن على ذكرى ثورة 26 سبتمبر: "ثورة سبتمبر / أيلول 1962م، هي في الواقع ثورة الانعتاق من قيود الإمامة المتخلفة التي جعلت من اليمنيين محط سخرية العالم ونشرت الفوضى والتخلف والجهل والتعصب بين أبناء الشعب، في مثل هذا اليوم الأغر قال الشعب كلمته، وصدقه القدر، وانتفض العالم العربي تأييداً ومباركة لهذه الثورة العظيمة الخالدة".

وتابع محسن في حديثه لـ"أخبار اليوم" بالقول: "أن 26 سبتمبر لم تكن نهاية مشوار النضال بل كانت بدايته فالإمامة الكهنوتية ضربت في اليمن منذ مئات السنين، وهذا كانت ولايزال اليمنيون حتى هذه اللحظات، يخوضون حروب العزة والكرامة ضد تلك الفئة الضالة وقد عقدوا العزم على اقتلاعها نهائيا مهما كان الثمن وكانت التضحيات".

وقال "يعيش اليمنيون هذه الأيام نفس الزخم الذي سبق ثورة ٢٦ سبتمبر المجيدة، الثورة التي قامت ضد الظلم والكهنوت والتخلف، وصنعت حاضراً مشرقاً لليمن ولليمنين الذين ثاروا ضد أسرة حاقدة لم يروا في عهدها خيرًا ولا أسلمت اليمنيين من شرهم".

وأردف: "تحاول مليشيا الحوثيون اليوم العودة وتمييع الثورة والبطش باليمنيين والانتقام منهم بكل الوسائل لكن اليمنيين لن يعودوا لزمن العبودية والقهر بعد أن تذوق طعم الحرية أبدا، وسيقاوم هذا الفيروس الحاقد بكل ما أوتي من قوة وما حصل يوم أمس من احتفال لا يصدقه عقل خير دليل أن الشعب لا زال حيا وأن محاولات تدجينه ستبوء بالفشل الذريع".

وأشار محسن إلى أن: "ذكرى ثورة 26 سبتمبر " خالدة بخلود اليمن وتاريخ وحضارة اليمن ومطبوعة في أذهان اليمنيين جيلا بعد جيل".

وقال: "مهما حاولت مليشيا الحوثيون طمس هذه الثورة بنسختهم المشوهة فالفرق واضح بين ثورة من أجل شعب وبين انقلاب من أجل عائلة دخيلة، وستظل أغاني أيوب طارش الوطنية تملؤنا بالحماس والفخر بذكرى الثورة، ولن تعود الإمامة البغيضة الحاقدة للحكم من جديد تلك التي عبثت بهذا الوطن وسلمت اليمن بكل حضارته وتاريخه العمائم إيران الفرس".

                          

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد