الطاولة السعودية.... تاريخ زاخر بالمصالحات العرجاء في اليمن.

2022-10-01 16:57:21 أخبار اليوم - تقرير خاص

 

بعد ثمانية أعوام من الحرب في اليمن، أوجدت الرياض وأبو ظبي، حكومة مفتتة تتخطفها الفصائل المسلحة والمليشيات الخارجة عن إطار الدولة، وهي الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، والتي قدمت السعودية ودولة الإمارات بتحالف عسكري بدعوى إعادتها إلى العاصمة صنعاء، بعد تمرد مليشيات الحوثيين وانقلابهم على الدولة عام 2014م.

الأهداف السامية التي أعلن عنها المتحدث العسكري لما عرف حينها بعاصفة الحزم، لم تلبث حتى تبخرت، ليبدو الدور العسكري للسعودية والإمارات مريبًا بالنسبة لليمنيين الذين وجدوا أنفسهم أمام كيانات وفصائل مسلحة تسعى كل منها للنيل من الحكومة، وليبدو التحالف معها كمحتل يسعى للسطو على السيادة اليمنية.

وعلى غرار الواقع المأساوي للحكومة الشرعية، والذي فرضته السياسة المشبوهة للرياض وأبو ظبي في اليمن، وجدت السعودية نفسها في مأزق سياسي يهدد أمنها القومي، بعد أن ساهم فشلها العسكري في الجانب الحكومي على دعم الجبهة الحوثية الانقلابية وتنمية قواه العسكرية، وكذلك الحال بالنسبة لدولة الإمارات التي لم يعرف بعد سبب وجودها في اليمن، وهي البعيدة كل البعد عن حرب الحوثيين.

شهد المعسكر الحكومي خلال فترة الحرب وهو المتهوم بدعم دول التحالف، تدهورًا كبيرا، فيما تنامت قوى الفصائل المسلحة، لتجد الحكومة نفسها أضعف الأطراف المتصارعة في الساحة اليمنية، لتشهد انقلابات وتمردات أخرى في مناطق نفوذها، وفي المقابل تنمو مليشيات الحوثي وتزداد قدراتها العسكرية، الأمر الذي دفع بالتحالف العربي لإنشاء مجلس القيادة الرئاسي، في محاولة منه التستر على فشله الذريع في اليمن.

احتقان سياسي.

شكلت السياسة السعودية والإماراتية أهم عوامل تفتيت الحكومة الشرعية خلال الأزمة اليمنية، فمنذ انقضاء أحداث ثورة الـ11 من فبراير، تطفلت الرياض وأبو ظبي للنيل من اليمنيين الذين قاموا بالثورة، فبعثت إليهم بمليشيا الحوثيين وأسقطت حكومتهم، ثم عادت مرتدية عباءة الفضيلة الكاذبة.

ما أن طردت مليشيا الحوثي من العاصمة المؤقتة عدن، حتى تكشف زيف التحالف وكذبه، ففي الوقت الذي ظن اليمنيين خيرا بالسعودية والإمارات، حتى كشف الزيف وظهرت سوءاتهما، لتبدأ الدولتان مشروع تقسيم اليمن بين المليشيات الموالية لهما، في حين تكبدت الحكومة فاتورة الخيبة.

وفي سياق الأحداث المتسارعة على ملف الأزمة اليمنية، شهدت الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً انقلابًا آخر في آخر معاقلها السيادية، إلا أنه جاء هذه المرة بتمويل مباشر من الرياض وأبو ظبي، وكان المجلس الانتقالي الجنوبي بطل المشهد.

وبعد أن ابتلع الانتقالي العاصمة المؤقتة عدن، سارعت الرياض بدعوة للحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، لعقد اتفاق الرياض الذي بقي عالقًا في دهاليز وأدراج السعودية والإمارات، وبقيت الحكومة جائعة إلا من الخيبة.

مصالحات عرجاء.

بعد توقيع كلا من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي على ما عرف حينها باتفاق الرياض، روجت السعودية للاتفاق الذي جعلت منه في أنظار الناس مخلصًا حقيقًا لحالة الاحتقان السياسي بين الأطراف المكونة للحكومة، لتبدو كمن أنقذ مصير اليمن عامة.

تعمدت الرياض إبقاء الاتفاق عالقًا، لتبقي لنفسها على ورقة ضغط تخيف بها الحكومة الخائفة في عدن تحت رحمة الانتقالي المنفذ العسكري لسياسات الإمارات شريك السعودية في حرب اليمن، فلم تكن الرياض حينها تنوي إنهاء الأزمة في عدن، بل تلميع نفسها أمام اليمنيين الذين طفحوا كيلا بسياستها المريبة.

كان ذلك مصير اتفاق الرياض، وحين جاء وقت تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، أكدت الرياض صدق مساعيها لإنقاذ الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، إلا أن الأهداف التي نصت على وحدة الصف وترميم الحكومة اليمنية، سرعان ما فضح كذبها مع انقضاء الأشهر الأولى للمجلس.

عاد معسكر المجلس الانتقالي مرة أخرى للانقضاض على ما بقي من وجود للحكومة في الجنوب، وعادت الإمارات مرة أخرى لدعم تحركاته، فيما التزمت الرياض الصمت كعادتها، وبقي مجلس القيادة والدولة اليمنية تتفرجان بعجز الضعيف، وكذلك كان الحال في كل مرة.

وعلى غرار ذلك، عادت صور المساعي السعودية لتظهر من جديد، حيث التقى وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، يوم الأربعاء، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، وأعضاء المجلس.

فيما نشر موقع "العربي الجديد"، تصريحا لمسؤول حكومي قال: "إن اللقاء بحث الخلافات التي تعصف بالمجلس وأدت إلى تعطيل اجتماعاته منذ مغادرة العليمي عدن في 15 أغسطس/آب الماضي".

ووفق "العربي الجديد"، فإن أبرز ما تم بحثه في الاجتماع كان "التوافق على إصدار القرارات، حيث يتهم بعض أعضاء المجلس العليمي بإصدار قرارات تحابي المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، فيما يطالب طارق صالح بضمانات أمنية لحماية قصر المعاشيق بعد اقتحام مقر سكنه عشية عيد الوحدة، مضيفاً: "تم بحث أيضاً اللائحة المنظمة لأعمال المجلس وصفات وصلاحيات الأعضاء".

ويتشكل المجلس الرئاسي، الذي أعلن عنه في السابع من إبريل/نيسان الماضي لتولي الحكم خلفاً للرئيس السابق عبدربه منصور هادي، من مختلف المكونات المتباينة والمناوئة للحوثيين الانقلابيين.

وفي الآونة الأخيرة، اشتدت الخلافات بين أعضاء المجلس على خلفية ما يعتبره البعض استحواذ طرف متمثل في المجلس الانتقالي على قراراته، وغياب التوافق بين مكوناته المختلفة، والتي برزت بوضوح في التعيينات الأخيرة في الجيش والأمن والقضاء.

بدورها، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، إن "العليمي استقبل في الرياض، الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، وذلك بحضور أعضاء مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، سلطان العرادة، طارق صالح، عبدالرحمن المحرمي، عبدالله العليمي، عثمان مجلي، وفرج البحسني".

ووفق الوكالة، فقد تطرق اللقاء إلى "مستجدات الوضع اليمني، والإصلاحات التي يقودها مجلس القيادة الرئاسي في المجالات الاقتصادية والخدمية، والدعم المطلوب للمضي قدماً في هذه الإصلاحات".

وتحدث العليمي "عن مسار الهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة، وفرص تجديدها في ظل استمرار خروقات المليشيات الحوثية، وتنصلها من التزاماتها"، حسب الوكالة.

إلى ذلك، قال بن سلمان، في حسابه على "تويتر"، إنه "استعرض مع العليمي خلال اللقاء مستجدات الأوضاع في اليمن".

بتوجيهات سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- التقيت فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي، نقلت لفخامته تحيات وتقدير قيادة المملكة لجهود المجلس، وتمنياتها بعودة السلام والاستقرار والتنمية لليمن.

وأكد "حرص التحالف بقيادة المملكة على دعم اليمن وشعبه، وتطلّعه إلى أن يحقق المجلس الرئاسي آمال الشعب اليمني الشقيق بتحقيق الاستقرار والأمان، والانتقال باليمن إلى السلام والتنمية".

لا جديد والحال هذا، ففي وقت صمتت الرياض فيه عن كل هذه المتغيرات، عادت من جديد لتتغنى بوحدة صف الحكومة الشرعية، بعد أن جمعت أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في صورة مشابهة لكل ما سبق، فما الذي سيتغير اليوم، وما مدى صدق الرياض وقد كذبت مرارًا.

                          

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد