قطر في سباق مع الزمن لتجهيز أماكن إقامة لأكثر من مليون زائر بالمونديال

2022-10-04 23:27:16 أخبار اليوم/ متابعات

 

تسابق السلطات القطرية ومن ورائها المئات من العمال الأجانب الزمن لضمان تسليم مشاريع فندقية مترفة من جهة، وأخرى معقولة الثمن لأكثر من مليون زائر، قبل خمسين يوما من انطلاق مونديال كأس العالم. وفيما سينفق الأثرياء آلاف الدولارات في الليلة الواحدة على غرف مزودة بأقبية نبيذ رخامية داخل فندق تتمتع ردهته بإحدى أكبر الثريات في العالم، ستلعب غرف العمال البسيطة دورا رئيسا في إسكان مشجعي المنتخبات المشاركة.

ينكب العمال على صب الإسمنت ويجهدون طوال الليل لبناء فنادق مترفة وأماكن إقامة معقولة الثمن لأكثر من مليون زائر، قبل خمسين يوما من انطلاق كأس العالم لكرة القدم في قطر.

وينشط المئات من العمال الأجانب داخل أبراج كتارا البالغ ارتفاعها 211 مترا والمتخذة شكل سيوف متشابكة، حيث سيقيم كبار ضيوف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خلال البطولة التي تنطلق في 20 نوفمبر/تشرين الثاني.

"جيش من العمال"

وسينفق الأثرياء آلاف الدولارات في الليلة، على غرف مزودة بأقبية نبيذ داخل فندق تتمتع ردهته بإحدى أكبر الثريات في العالم. لكن جبالا من الرمال لا تزال على السلالم ولم تُثبت بعض النوافذ الزجاجية الداكنة، في هذا المعلم الواقع على الواجهة البحرية لمدينة لوسيل، بالقرب من الملعب الذي سيستضيف المباراة النهائية في 18 ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب مهندس يعمل في المشروع: "الجميع يعمل على مدار الساعة". و أضاف هذا الخبير: "يتعين علينا الانتظار لمعرفة ما إذا كان سيتم تثبيت كل شيء لإرضاء الاشخاص الذين يدفعون مبالغ مرتفعة". وأصر متحدث باسم مجموعة "أكور" التي ستدير فندقي فيرمونت ورافلز في أبراج كتارا انهما سيكونان جاهزين لـ"ضيوف فيفا" خلال المونديال ثم يتم افتتاحهما رسميا بعد البطولة، ويجري العمل بوتيرة متسارعة في جميع أنحاء الدوحة. على بعد أربعين كيلومترا في مجمع بروة براحة الجنوب، ينخرط جيش من العمال تحت الأضواء الكاشفة ليلا والشمس الحارقة نهارا، في تجهيز شقق للجماهير الباحثة عن إقامة بكلفة 84 دولارا في الليلة الواحدة، للحصول على سرير فولاذي في غرفة مشتركة.

"في سباق مع الوقت"

ويتوقع أن يستوعب مجمع بروة، الواقع تقريبا في الصحراء، أكثر من 7500 زائر، وسيستخدم لاحقا لآلاف العمال الأجانب الذين يحافظون على حركة الاقتصاد القطري المعتمد على النفط والغاز.

وأوضح مصدر في المشروع الذي يبتعد نحو 10 كيلومترات عن محطة للمترو، بأن مئات الغرف لم تجهز بعد وأن العمال منكبون "في سباق مع الوقت".

كما قال متحدث باسم اللجنة العليا للمشاريع والإرث المنظمة: "كل خيارات الإقامة في كأس العالم فيفا 2022 ستكون جاهزة في الوقت المناسب قبل قدوم المشجعين، الفرق والمسؤولين إلى قطر من أجل البطولة". وأضاف ان "قائمة مريحة" ستكون بتصرف الفرق والجماهير.

وعلى طرفي نقيض، ستلعب الأبراج الفخمة وغرف العمال البسيطة دورا رئيسا في إسكان مشجعي المنتخبات المشاركة.

ويقدر المنظمون قدوم أكثر من مليون زائر وتجهيز 130 ألف غرفة في فنادق، شقق، سفن سياحية وخيم في الصحراء. إلا أن بعض المشجعين اشتكوا بالفعل من الأسعار المرتفعة وتوافر الغرف.

في المقابل، تتوقع مدن خليجية أخرى، على غرار دبي، ارتفاعا في الحجوزات مع قدوم مشجعين مترددين بالبقاء في قطر. يرجع ذلك إلى اتهامات تنفيها الدوحة، في ما يتعلق بحقوق العمال الأجانب، عدم توفر الكحول، تقييد الحريات العامة والأثر البيئي.

بعض الأسعار خيالية!

وسيكون هناك ثلاث سفن سياحية في ميناء الدوحة بمقدورها استيعاب حتى 13 ألف شخص ينفقون بين 179 و800 دولار في الليلة. ومقابل 423 دولارا لليلة الواحدة، يستطيع المشجعون أن يبيتوا في خيم مكيفة على شاطئ البحر في الخور، شمال الدوحة، مزودة بحمامات داخلية، شاشات تلفزيون وملحقات مترفة. كما يتم نصب ألف خيمة تقليدية حيث يمكن للمشجعين تجربة التخييم على الطريقة القطرية دون تكييف. ولم يعلن المنظمون بعد عن الأسعار.

ويسعى بعض الملاك القطريين إلى الاستفادة من كأس العالم، ويطلبون ما يزيد عن 4 آلاف دولار في الليلة الواحدة لشقق الدوحة. وشاليه واحد من غرفتي نوم معروض على موقع بوكينغ دوت كوم بنحو خمسين ألف دولار في الليلة.

وفيما حجز الاتحاد الدولي (فيفا) 80 بالمئة من 30 ألف غرفة فندقية في الدوحة، تُعرض بعض الأجنحة في السوق المفتوحة مقابل 5,500 دولار في الليلة، ويقول مسؤول تنفيذي في مجال السفريات في الدوحة: "هناك الكثير من المفاوضات الجارية بشأن الأسعار". وشدد ناصر الخاطر الرئيس التنفيذي لكأس العالم 2022 في مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع على أن الإقامات الرسمية حصلت على دعم لإبقاء الأسعار منخفضة إذ "يوفر القطاع الخاص أيضا وحدات سكنية ولهم الحق في تحديد السعر الذي يرونه مناسبا".

من جهة أخرى أعلنت العاصمة الفرنسية باريس انضمامها إلى عدة مدن في الامتناع عن عرض مباريات مونديال قطر 2020 الذي ينطلق الشهر القادم، على شاشات عملاقة أو تخصيص أماكن للمشجعين. وبرر رؤساء بلديات المدن الفرنسية قرارهم بمسألة حقوق الإنسان وما يشاع عن أعداد كبيرة من الوفيات بين العاملين في منشآت المونديال القطري وملاعبه الثمانية، فضلا عن توفير الطاقة في وقت تمر فيه أوروبا بأزمة غاز بسبب الحرب في أوكرانيا.

انضمت باريس إلى مدن فرنسية عدة في الامتناع عن عرض مباريات مونديال قطر 2022 الذي ينطلق في 20 الشهر المقبل، على شاشات عملاقة أو تخصيص أماكن للمشجعين من أجل متابعة الحدث الكروي الأهم على الإطلاق.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن نائب الرئيس المسؤول عن الرياضة في بلدية باريس بيار رابادان قوله "بالنسبة لنا، لم يكن وارداً إقامة أماكن مخصصة لنقل المباريات لعدة أسباب: الأول هو شروط تنظيم كأس العالم هذه، سواء من الناحية البيئية أو الاجتماعية. والثاني هو التوقيت وواقع أنها (تمتد) في كانون الأول/ديسمبر".

وسارت باريس على خطى مدن فرنسية عدة مثل مرسيليا وبوردو ونانسي وريمس أو ستراسبورغ وليل وروديه التي اتخذت قراراً مماثلاً بشأن الحدث الذي تنظمه قطر بين 20 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر.

وبررت بلدية مرسيليا التي يرأسها الاشتراكي بينوا بايان وبمشاركة تحالف كبير من اليساريين والبيئيين، قرارها بالقول إن "هذه البطولة تحولت تدريجياً إلى كارثة إنسانية وبيئية لا تتوافق مع القيم التي نريد أن نراها تُحمَل من خلال الرياضة لاسيما كرة القدم"، وشددت البلدية في بيان على أن "مرسيليا، الملتزمة بشدة بقيم المشاركة والتضامن في الرياضة وملتزمة ببناء مدينة أكثر بيئية، لا يمكنها المساهمة في الترويج لكأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر".

بدوره، قال رئيس بلدية بوردو بيار هورميك لوسائل الإعلام بينها "لدي انطباع حقيقي أنه إذا استضافت بوردو أماكن المشجعين هذه، سأكون شريكاً في الجريمة" في "هذا الحدث الرياضي الذي يمثل جميع الانحرافات الإنسانية والبيئية والرياضية"، ورأى هورميك أنه "لا يمكنك أن تدعو مواطنيك إلى الرصانة (في استهلاك الطاقة) وأن تكون في نفس الوقت متواطئاً في انحراف من هذا النوع على صعيد الطاقة"، مضيفاً أن "أولئك الذين منحوا في 2010 كأس العالم لقطر كانوا بعيدين سنوات ضوئية عن رصانة الطاقة"، وأوضح رئيس البلدية البيئي الذي تم انتخابه في 2020، أن القرار لم يكن ليتغير لو أقيمت كأس العالم في فصل الصيف، مشدداً على أن قرار الامتناع عن وضع شاشات عملاقة سيبقى ساريا، حتى لو تأهل المنتخب الفرنسي حامل اللقب إلى المباراة النهائية، وبرر رؤساء البلديات قرارهم أيضاً بمسألة حقوق الإنسان وما يشاع عن أعداد كبيرة من الوفيات بين العاملين في منشآت المونديال القطري وملاعبه الثمانية.

وفي حين أن الحصيلة الرسمية لا تتعدى 3 وفيات، ذكرت منظمة العمل الدولية في تقرير أن 50 عاملاً توفوا في حوادث في قطر عام 2020، وأصيب 500 بجروح خطيرة، وشدد رابادان على أن "كل هذه الأسباب تجعلنا نقول إنها (نهائيات مونديال قطر) نموذج لأحداث كبرى لا نريد أن نرى استمرارها وتتعارض مع ما نريد تنظيمه في باريس.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد