الدور المشبوه للأمريكان في اليمن... الحوثيون وحضلم السيادة.

2022-10-06 03:30:08 أخبار اليوم – تقرير خاص


 


بينما يتطلع اليمنيون إلى أن يصل ساستهم إلى حل شامل لأزمة بلادهم، لا تزال ميليشيات الحوثي تتمترس خلف موقفها الذي يرفض تقديم أي تنازلات لإنهاء معاناة يعيشها أهل اليمن منذ ثمان سنوات، وهي معاناة تسببت وفقًا للأمم المتحدة في مقتل 400 ألف شخص، نتيجة التداعيات غير المباشرة للحرب مثل الجوع والمرض ونقص مياه الشرب.

وهي المعاناة التي بدأت في يوليو 2014 حين سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، بعد انقلابهم على الدولة وسيطرتهم على المرافق الحكومية ومؤسسات الدولة الحيوية بما في ذلك معسكرات الجيش والمقار الأمنية، وفرض سيطرتهم على دار الرئاسية والسلطة الرسمية للبلاد.

ضبابية الأمريكان.

منذ خروج مسلحي الحوثيين من مران بمحافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة الانقلابية، ساهمت السياسة الأمريكية بشكل غير مباشر ودرجة كبيرة، في التطور المتسارع لنفوذ المليشيات التي لم تكن تذكر قبل ذلك، وهي السياسة غير الواضحة في تعاطيها مع المرحلة، والتي تعترف في جانبها المشرق بشرعية الحكومة المعترف بها دوليًا، وتدعو بإنهاء التمرد الحوثي، غير أنها في الوقت ذاتها حافظت على بقاء الجماعة الانقلابية كمعسكر إيراني نشط.

لم يكن للحركة الحوثية الانقلابية ثمَّة حضور مشهود أو تأثير فعلي في واقع الحياة السياسية اليمنية، فضلاً عن مجريات الأحداث الدائرة فيها، سوى قبل بضع سنوات معدودة، مذ تناقلت وسائل الإعلام عن حدوث مواجهات بين القوات الحكومية ومسلحين من أنصار حسين بدر الدين الحوثي في عام 2004م، ودخول الطرفين في حروب ست متقطعة توقفت نهاية 2009م بعد دخول وساطة دولة قطر حيز التنفيذ ،وكان الإعلام حاضراً فيها بشكل ملحوظ وكبير لدرجة أن الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة أخذت في مساحتها حيزاً طغى على ما سواها من القضايا .

ولم يعرف للحركة الحوثية الانقلابية كذلك أي نشاط سياسي وإعلامي في مراحل الظهور الأولى ،وبحدوث المواجهات وخوضها الحروب مع الدولة صار لها مؤخراً قنواتها ووسائلها الإعلامية وأنشطتها المختلفة التي تطورت إلى العمل المسلح، وكان لها الدور المؤثر والبارز في تنامي وتعاظم الظاهرة الحوثية مذ البدايات الأولى لاسيما والمشكلة صارت ذات أبعاد سياسية ومذهبية وطائفية خطرة، وبرزت في ظروف معقدة وشائكة تعدت الإطار المحلي منه إلى الإقليمي إلى الدولي .

وفي إطار التخادم الأمريكي مع مليشيا الحوثيين، جاءت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية في يونيو الماضي، ليكون وبكل تأكيد ملف اليمن أحد أكثر الملفات حضورا، وكان حينها البيت الأبيض قد صرح بأن إنهاء حرب اليمن تمثل أولوية قصوى للإدارة الأمريكية. لكن مراقبين يؤكدون أن أفعال إدارة بايدن لا تصب إلا في مصلحة طرف يمني واحد.

فأول ما قامت به هذه الإدارة هو رفع مليشيا الحوثيين من قوائم التنظيمات الإرهابية - قبلها أعلنت إدارة بايدن عن إنهاء الدعم الأمريكي لعمليات التحالف العربي العسكرية في اليمن.

فضلاً عن تجميد عدد من صفقات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى عدم اتخاذ موقف حازم تجاه استهداف المنشآت النفطية في السعودية التي نفذتها ميليشيات الحوثي.

كل هذه التصرفات السابقة فسرها البعض على أن الإدارة الحالية في البيت الأبيض تتخلى عن حلفائها بسهولة، وتكافئ خصومها بسهولة أيضاً.

حلم السيادة.

تسعى مليشيا الحوثيين لاستلاب سيادة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، في وقت يكتنف الغموض موقف الرياض وتحالف دعم الشرعية عموماً، ففي حين انقضت الهدنة الأممية، كان المتوقع من التحالف بدأ عملية عسكرية واسعة ضد المليشيات الحوثية، غير أنه آثر الصمت على الكلام، وهو ما يبدو بمثابة ضغط جديد على مجلس القيادة الرئاسي للتسليم بواقع الحال.

العروض العسكرية للمليشيات الحوثية، على ما يبدو أنها نجحت بنشر الذعر في نفوس البلاط الملكي للرياض، لاسيما مع ما تشهده طهران من انتفاضات شعبية، تعتقد معها إيران بدعم السعودية للحراك الثوري الذي يتهدد أمن نظام الملالي.

فيما تعيش القوى والأحزاب السياسية اليمنية، حالة من الركود، إزاء التطورات الجديدة في ملف التصعيد الحوثي المدعوم من إيران على الأزمة اليمنية، ليزداد الوضع غموضًا حيال ما إذا كانت المليشيات المتمردة ستتمكن من إجهاض مشروع سيادة الدولة، والسيطرة عليها.

وقال المبعوث الأميركي إنه ينبغي على مليشيات الحوثي إبداء المزيد من المرونة، مؤكدًا أن "جميع القنوات ما تزال مفتوحة، وهو أمر مهم في هذا الوقت الحساس بالنسبة لليمن".

وعبّر المبعوث الأميركي إلى اليمن، عن ثقته "في قدرتنا على الوصول إلى الهدف إذا تخلى الحوثيون عن المطالب المبالغ فيها".

وأكد المبعوث الأميركي إلى اليمن أن "من مصلحة واشنطن وقف أي عدوان حوثي يستهدف المنشآت المدنية في دول الخليج وبالداخل اليمني"، مطالبًا إيران بضرورة "اتباع نهج إيجابي في اليمن".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت إن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق من انتهاء الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن في الثاني من أكتوبر الجاري، دون أن تتوصل الأطراف إلى اتفاق لتمديدها.

وفيما قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة ترحب بدعم الحكومة اليمنية لاقتراح الهدنة الموسع الذي قدمته الأمم المتحدة؛ دعت مليشيات الحوثي لمواصلة المفاوضات "بحسن نية"، مؤكدة أن الخطاب الحوثي الذي يهدد شركات الشحن والنفط التجارية العاملة في المنطقة غير مقبول.


تغييب الحكومة.

أخرجت الحكومة اليمنية من مفاوضات ملف الأزمة اليمنية، لتصبح هذه المحادثات إقليمية، وهو ما يوضح رغبة الوكلاء بالتفرد باليمن كما لو كانت قطعة أرض سائبة تقسم حصصها بين القوى الإقليمية.

أن المفاوضات التي تجريها الرياض وواشنطن مع إيران ومليشيات الحوثي المدعومة من إيران، دون أن يكون هناك أية وجود للجانب الحكومي أو القوى السياسية اليمنية، ليست أكثر من كونها فسحة سياسية غيبت اليمنيين ليتلقف المتفاوضين الإقليميين مخرجاتها دون جدوى.

نجح التحالف العربي بإضعاف الحكومة الشرعية، ثم تخلى عنها لتعيش اليوم أسوأ أيامها، وذلك بسبب خذلانها للجيش الوطني وعدم مصداقيتها في دعم معركة التحرير من المليشيات، وتنصلها عن مهامها الوطنية بعد أن أوكلت مهمة التحرير لحليف لا يكترث لأمرها.

ليس الغريب في تغييب الحكومة، فتلك نتيجة طبيعة لسياسة ثمانية أعوام مارستها الرياض وأبو ظبي، خلفوا وراءهم حكومة منهزمة وضعيفة من الداخل، لكن الغريب في صمت القوى السياسية، إزاء تغييبهم عن المشهد تمامًا.


انتهاء الهدنة.


في السياق يقول السياسي والكاتب الصحفي صدام الحريبي: "يتحدث البعض عن أن الهدنة في اليمن كانت ستستمر وأن هناك ضغوطات مورست على مليشيا الحوثيين للقبول بها بسبب كأس العالم الذي سيقام في قطر منتصف نوفمبر القادم".

ويرى الحريبي في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن هذا موضوع ثانوي جدًا، مؤكدًا على أن إشاعة ذلك وإقناع البعض به هو بفعل فاعل حتى يتم تمرير الهدف الأساسي على حساب قطر وفعاليتها الرياضية الضخمة. حد تعبيره.

وقال: "لذا فالهدف الرئيسي والأساسي من تمديد الهدنة _وما زالت الفكرة قائمة حتى الآن _ والذي يريدون تمريره بهدوء حتى لا يرفع الشعب صوته هو تصدير الغاز اليمني بكميات كبيرة إلى فرنسا وغيرها بعد أن عملت الإمارات على حرمان الشعب اليمني منه لسنوات أمام رضا وصمت من الأشقاء، وها هي تفتح منشأة بلحاف من أجل الأجانب الذين تضرّروا من توقف روسيا عن تصدير الغاز لهم بسبب وقوفهم مع أوكرانيا، حيث حاربت - الإمارات - بشراسة من أجل عدم فتحها لصالح أصحاب الأرض بتواطؤ من الشرعية".

وأشار إلى أن الدليل على ذلك هو: "تصريحات المسؤولين الفرنسيين الذين يمتدحون الشرعية منذ أيام بعد أن كانت فرنسا قد طالبت قبل أسابيع اليمن بدفع تعويضات بخصوص الطائرة اليمنية التي سقطت في العام ٢٠٠٩م كنوع من الابتزاز والضغط من أجل الرضوخ لمطالبها".

وعن أسباب رفض الحوثي للهدنة، يقول الحريبي: "بالتأكيد كان الحوثيون المدعومون من إيران قد وافقوا على الهدنة مبكرا، واستلموا مقابل ذلك سواء أموال أو أسلحة أو مواقف، لكن في اللحظات الأخيرة تدخّلت طهران ومنعتهم من الموافقة والسبب هي الاحتجاجات الأخيرة في إيران وكذا الملف النووي الإيراني".

فيما يعتقد الحريبي أن النظام الإيراني يفكّر بأن السعودية تدعم الاحتجاجات في البلاد، غير أنه لا يوافق على ذلك، وبالتالي فإن الإيرانيين يشترطون سحب الدعم السعودي عن الاحتجاجات مقابل الهدنة في اليمن، وإلا فإن الحوثيين المدعومين من إيران سيقصفون الرياض وغيرها من المناطق السعودية أكثر من أي وقت مضى، وستكون حرباً كبيرة على السعودية".

وأضاف: "قد هدّد الحوثيون المدعومون من إيران خلال هذا الأسبوع صراحة باستهداف السعودية كرسالة يوجهونها للرياض بأنهم سينفذون خيارات إيران، ولاحظوا التواصل المكثّف بين طهران والمجتمع الدولي حول اليمن، وهو بهذا الخصوص".

وتابع: "فالمجتمع الدولي يعمل بكل قوة من أجل تمديد الهدنة والهدف تصدير أو بالأصح نهب الغاز اليمني لأن انتهاء الهدنة والحرب سيشكّل خطرًا على التصدير وسيمنعه، بينما إيران تضغط من أجل إجبار السعودية على سحب يدها من دعم الاحتجاجات وكذا الخروج إلى اتفاق مضمون من أجل البرنامج النووي الإيراني".

فيما يتساءل الحريبي قائلًا: "هل أدرك الشعب اليمني كيف يتم التعامل معه ومع وطنه واستغلاله من أجل مصالح الدول الأخرى وشعوبها، وللأسف فالذي أوصلنا لهذا هو ضعف رأس الدولة وتواطؤ أو ضعف المجلس الرئاسي، وكيد الإمارات التي جعلت منا سلعة ينهشها ويستغلها الآخرون، وبرضا الأشقاء".

وقال: "أما الحوثي فهو مجرّد أداة رخيصة يمرّر أهداف الآخرين وهو صاغر، وتصريحاته الرنانة وتهديداته هي فقط من أجل التمويه على خيانته وارتهانه وتبعيته الرخيصة".

من جهته، يقول الكاتب الصحفي ماجد البعداني: "أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران تستفيد من أي هدنة لتنظيم صفوفها لخوض معارك".

وأوضح البعداني، في حديثه مع "أخبار اليوم": "أن اليمنيون لا يستفيدوا من أي هدنة تم إبرامها بسبب الخروقات المستمرة الحوثيين، سواءً كانت خروقات عسكرية تنفذها الجماعة الانقلابية المدعومة من إيران على جبهات القتال مع الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية، أو سياسية متمثلة بتنصلهم من بنود الهدن والمعاهدات".

وأشار إلى أن: "الأزمات الإنسانية تزداد حتى خلال فترة إبرام الهدنة، مشيرًا إلى أن ذلك يعود لكون جماعة الحوثي لا تحترم تلك الهدن".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد