قرار لجنة الدفاع الوطني... التصنيف المتأخر للإرهاب العريق

2022-10-25 01:48:36 أخبار اليوم – تقرير خاص

  

تمارس مليشيا الحوثي جرائم الجماعات الإرهابية، وهي استراتيجيتها في البقاء منذ نشأتها الأولى في جروف مران بصعدة، وفي الوقت ذاته ظلت المليشيا الإرهابية تعامل كأي تيار أو حزب من الأحزاب السياسية، وبذلك حظيت الجماعة بمكاسب كثيرة في سلمها وحربها .

 

خاض الجيش اليمني ست حروب ضد مليشيا الحوثي، خلال الخمس السنوات الأولى من العقد الأول، وهي الحروب التي تدخّلت فيها قوات وتشكيلات مختلفة من الجيش، امتدت حتى سيطرت المليشيا على مقرات الدولة ومعداتها الأمنية والعسكرية .

 

اليوم، وبعد ثمانية أعوام من الحرب المتواصلة في البلاد، التي اندلعت بفعل التمرد والانقلاب الحوثي على الدولة، أصبحت مليشيا الحوثي رسميًا جماعة إرهابية بموجب قرار مجلس الدفاع الوطني، وهو الوصف الذي كانت تستحقه منذ اليوم الأول من ممارستها جرائم الإرهاب قبل نحو عشرون عاماً

 

لكن يظل السؤال الحاضر، والذي كثيرًا ما يراود البعض عن سر توقيت هذا القرار؟ وهل سيقتضي تقديم الخيار العسكري واستئناف معركة التحرير أم أنه سيكون مجرد حبر على ورق؟

 

قرار متأخر 

 

جاء قرار والتصنيف الإرهابي لمليشيا الحوثي الإرهابية بعد أكثر من 20 عامًا، على ممارستها للجرائم بحق الشعب اليمني، بمختلف أنواعها، جرائم فردية وجماعية وجرائم الأعيان المدنية وجرائم فكرية

 

مازال اليمنيون يتذكرون، في حرب صعدة الأولى، حين كانت تسمى جماعة الحوثي المتمرّدة، وهذا يعتبر حماية لها، كون المتمرد يخضع لحماية كأسير حرب أو كمقاتل جريح، سواء في نزاعات مسلحة دولية ونزاعات مسلحة غير دولية

 

لكن ومن خلال القرار الذي يقضي بتصنيفها كجماعة إرهابية تسقط عنها هذه الحماية، وتخضع لقانون الجرائم والعقوبات اليمني، غير أن هذا القرار جاء متأخرًا جدًا، وذلك بسبب تماهي وتخاذل المجتمع الدولي معها، وبسبب ضعف القيادة الشرعية خلال السنوات الحرب

 

لم تتخذ قيادة الحكومة الشرعية قرار تصنيف مليشيا الحوثيين منذ أول يوم من سقوط مؤسسات الدولة وانقلاب المليشيا على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، كذلك مجلس النواب عقد أكثر من لقاء في سيئون وفي عدن ولم يصنفها جماعة إرهابية

 

جاء هذا القرار كرد على الهجوم الحوثي على ميناء الضبة بحضرموت، وبعد أن نفدت معهم كل وسائل الحوار والتفاوض، وزادت جرائمهم وهجماتهم على الأعيان المدنية، سواء في الداخل اليمني أو على المستوى الإقليمي

 

الآن وبعد هذا القرار، لا يتم التعامل مع مليشيا الحوثي وفق القانون الدولي الإنساني، بالذات في المادة الثالثة المشتركة لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تخص النزاعات المسلحة غير الدولية، وإنما تخضع لقانون الجرائم والعقوبات اليمنية، كالجرائم الجسيمة، والأمن القومي الوطني، وجرائم القتل، والمساس بالممتلكات العامة والخاصة

 

لكن يجب أن يكون هناك خطوات عملية لهذا القرار، وللأسف القرارات الدولية بشأن اليمن لم يلحقها أي شيء عملي ضد هذه المليشيات، لذا لم يتغير شيء

 

ومن جهة أخرى، يمكن القول إنه وبهذا القرار تنتهي الهدنة بشكل كلي، وكذلك يجب أن يتوقف الحوار مع هذه المليشيات، ويجب أن يكون هناك تحرك عسكري من الجانب الحكومي .

 

يجب تجفيف منابع الدعم عن المليشيا، ويجب أن يكون هناك دور رئيسي لوزارة الخارجية ووزارة الشؤون القانونية في هذا القرار حتى يصدر به قانون، ويصادق عليه مجلس النواب، أو سيظل حبرًا على ورق

 

محطة جديدة

 

من جهته، يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي: "إن هذا القرار اليوم، وإن جاء متأخرًا، إلا أنه يعني أشياء كثيرة، وعلى المستوى القانوني ننتظر من مجلس القيادة الرئاسي إصدار قرار بقانون يتضمن العقوبات والجرائم والكيانات المتعاملة، إلى غير ذلك ".

 

وأضاف في حديثه لوسائل إعلامية: "قرار مجلس الإنقاذ الوطني استند بديباجته على ثلاثة مستويات.. على القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية، والاتفاقيات البينية، بمعنى أن الدولة موقّعة على اتفاقيات بينها وبين الدول بشأن مكافحة الإرهاب، لذا يجب على هذه الدول أن تلتزم، وكذلك اليمن عضو لدى الأمم المتحدة لذا على الحكومة أن تتحرّك في كافة المستويات ".

 

وأشار إلى أن "هذا القرار يعني بأننا أمام مرحلة جديدة حول آلية المفاوضات والوسطاء والدول التي تستقبل هذه الميليشيات، أي أننا في مرحلة تغيّرت فيها أدوات العمل السياسي مع هذه الميليشيات بصورة كاملة وشاملة ".

 

وقال : " على المستوى القضائي، على النيابة العامة فتح تحقيقات موسّعة مع الجهات التي ساندت هذه الميليشيات وموّلتها بالمال والسلاح وبالقرار السياسي، وعلى المستوى الخارجي على الخارجية اليمنية أن تسعى إلى الدول الصديقة، التي موقّعة معها على اتفاقيات في مكافحة الإرهاب، بشأن إدراج الميليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، ومطالبتها بالمساعدة في القضاء على هذه الميليشيات الإرهابية، وملاحقة الجهات والكيانات التي تعمل معها ".

 

وأضاف : " إذا كانت الحكومة اليوم جادة في استئصال هذه الميليشيات الإرهابية، يجب أن يكون هناك مصالحة داخلية فيما بينها، ويجب أن تتوحد الفصائل العسكرية تحت قيادة واحدة، ويجب أن تلتحم بالشعب، وتتحرك الجبهات، وتتحرك لغة الخطاب الدبلوماسي ".

 

وتابع : " لا أتمنى أن يكون هذا القرار مجرد ردة فعل لرغبة إقليمية بتصنيف هذه الميليشيات كجماعة إرهابية، ثم يصبح قرارا في أدراج المكاتب وانتهى الأمر، فإنه سيكون مجرد حبر على ورق ولا معنى له ".

قرار انفعالي

 

انعكاس سياسي

 

وفي السياق، يعتقد الكاتب والصحفي يعقوب علوان أن هذا القرار يعكس ثقافة رأس الهرم، وهو رئيس المجلس الرئاسي، كون شخصيته قانونية، لذا اتخذ هذا القرار، وهو قرار وليس قانوناً، واعتقد أنه لم يخضعه لدراسة، كونه كان ردة فعل خلال 24 ساعة، وهو هروب من المواجهة الحقيقية، الذي هو مواجهة القوة بالقوة.

 

وقال علوان في حديثه لـ"أخبار اليوم": "ليس هناك قانون في اليمن متعلق بالإرهاب يجرّم هذه الميليشيات، بحيث لا يجري التعامل معها، لذا هذا يعد قرارًا إداريًا أصدره مجلس الدفاع الوطني لا يحمل أي وزن قانوني، وسيذهب أدراج الرياح، ولن يكون له أي أثر على الواقع ".

 

وتابع : " الهدنة جاءت لإيقاف عمليات عسكرية، فأنهتها مليشيا الحوثي بعمليات عسكرية، إذاً بماذا نواجهها هل بقرارات أم بتنديدات أم بالقوة؟ ".

 

وتساءل : " قرارات مجلس الأمن 2216 و2241 أين ذهبت، بينما مليشيا الحوثي تدخل لها الصواريخ والأسلحة، بل وأمام مرأى العالم كله تدخل إليها شحنات الوقود، وتستخدم عائداتها في شراء الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيّرة لضرب القوات الحكومية، وأيضا حتى في حالة الهدنة؟ ".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد