عرقلة تصدير النفط اليمني.... صلف حوثي وشيخوخة حكومية 

2022-11-26 00:38:59  أخبار اليوم – تقرير خاص

  

في الوقت الذي تكرر فيه ميليشيا الحوثيين التهديد بوقف تصدير النفط الخام، ومعاودة التصعيد العسكري في مختلف الجبهات الميدانية ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.

ميليشيا الحوثيين المتمردة، تمكنت للمرة الثانية من وقف تصدير شحنة نفط خام عبر ميناء "الضبة" في حضرموت في الثاني والعشرين من نوفمبر الجاري، جاء ذلك بعد تمكن الميليشيا وقف تصدير شحنة سابقة عبر الميناء نفسه في أكتوبر الماضي.

أيضاً تمكنت الميليشيا الحوثية من منع تصدير شحنة أخرى عبر ميناء "قنا" بشبوة في 9 نوفمبر الجاري، من خلال شن هجمات بواسطة طائرات مسيرة، في حين اكتفى مجلس القيادة الرئاسي اليمني بعقد اجتماع تحت لافتة مجلس الدفاع الوطني، في 22 أكتوبر الماضي، صُدر خلاله قرار بتصنيف ميليشيا الحوثيين "منظمة إرهابية".

ووصف القرار بأنه وفقًا لقانون الجرائم والعقوبات والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المصادق عليها من قِبَل الجمهورية اليمنية.

غير أن مجلس القيادة الرئاسي، يبدو خائر القوى وغير قادر على اتخاذ خطوات عسكرية تصادق على قرار تصنيف ميليشيا الحوثيين "منظمة إرهابية".

القرار الذي بموجبه صنفت الحكومة الشرعية ميليشيا الحوثيين كـ "منظمة إرهابية"، لم يحظى حتى وقت كتابة هذا التقرير بأية إجراءات حكومية عسكرية لترجمته على أرض الواقع.

مجلس القيادة الرئاسي الذي قضى بتصنيف ميليشيا الحوثيين، اكتفى فقط بعقد اجتماعات محدودة لمناقشة القرار وما يسميه تجنيب المدنيين أي أضرار ستترتب على تنفيذه، وأيضاً دعوته المجتمع الدولي إلى تصنيف ميليشيا الحوثيين "منظمة إرهابية"، والتحذير من التعامل معها، وعلى ما يبدو أن جعبة مجلي القيادة لم تعد قادرة على حمل المزيد.

في المقابل، تأتي أيضًا ردود فعل التحالف السعودي الإماراتي وبعض الدول الكبرى لتقتصر على التنديد الخجول بهجمات ميليشيا الحوثيين على الموانئ والمنشآت النفطية ووقف إعادة تصدير النفط اليمني.

خطر إقليمي

في السياق يقول الكاتب الصحفي عبد الرحمن مراد: إن " ميليشيا الحوثيين اتخذت قرار وقف تصدير النفط اليمني الخام وعلى ما يبدو أنها قد حسمت موقفها بهذا الصدد، غير أنها في الوقت ذاته اتخذت قرار الوقف إلا في حال الاستجابة لشروطها لتجديد الهدنة وفي مقدمتها تقاسم عائدات النفط والغاز وتسليم رواتب مقاتليها من تلك العائدات".

وأضاف مراد في حديثه لـ"أخبار اليوم": "لكن بما أن التصعيدات السابقة للميليشيا الحوثية على المنشآت النفطية لم تُقابل بردود موازية ومؤلمة قادرة على إخضاع الميليشيا الحوثية وإجبارها على التوقف عن تنفيذ تلك الهجمات، الأمر الذي أغرى الميليشيا بزيادة تصعيدها".

وقال: "إضافة إلى ذلك، كان هناك التصعيد العسكري لمليشيا الحوثيين في عدة جبهات ضد الجيش الوطني الحكومي، بالإضافة لتسرب معلومات تشير إلى أن الميليشيا تسعى لشن عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مناطق ثروات النفط والغاز في محافظتي شبوة ومأرب".

وتابع: "في الواقع التهديدات الحوثية لم تعد تقتصر على الداخل اليمني فقط، بل أنها بدأت بالاقتراب من تهديد أمن الطاقة العالمي وتهديد المصالح الدولية، لاسيما وقد انفجرت ناقلة نفط مملوكة لإسرائيل إثر هجوم بطائرة مسيرة مفخخة قبالة سواحل سلطنة عُمان، اتهمت إيران بتنفيذ العملية".

وأشار إلى أنه: "في 19 نوفمبر الجاري، نشرت ميليشيا الحوثيين صواريخ موجهة مضادة للسفن بالقرب من سواحل الحديدة التي تسيطر عليها، كما أنها تواصل حشد تعزيزات عسكرية إلى جبهات عدة في الداخل، فضلًا عن شن هجمات على مواقع الجيش الوطني واندلاع اشتباكات شبه يومية في بعض الجبهات، وتحديدًا جبهات تعز ومأرب والجوف".

فيما يعتقد مراد، أن ما تسفر عنه المشاورات السرية بين السعودية وميليشيا الحوثيين يغري الميليشيا بالتصعيد أكثر مما يجعلها تميل نحو التهدئة، فعندما تعرض السعودية على الميليشيا الحوثية التكفل بدفع رواتب مقاتليها مقابل وقف تصعيدها العسكري وتحييد مصادر الطاقة عن الهجمات العابرة والموافقة على تجديد الهدنة.

وأشار في حديثه إلى أن ذلك: "يفتح شهية الميليشيا الحوثية للحصول على مكاسب أكثر والتشدد في اشتراطاتها، وفي حال وافق التحالف والمجلس الرئاسي على الاشتراطات الجديدة للميليشيا الحوثية لتجديد الهدنة، فإن الميليشيا ستتقدم بقائمة شروط جديدة، وستتنصل من جميع التوافقات السابقة".

فيما يرى أن، عرض السعودية على ميليشيا الحوثيين التكفل بدفع رواتب مقاتليها مقابل موافقتها على تجديد الهدنة وتحييد مصادر الطاقة عن الهجمات العابرة، فقد يكون طرح مثل ذلك العرض على ميليشيا الحوثيين مقدمة للضغط على المجلس الرئاسي اليمني وإجباره على القبول بتقاسم عائدات النفط مع ميليشيا الحوثيين ودفع رواتب مقاتليها.

ولفت إلى أن الهدف من ذلك ليس التهدئة والتمهيد للحل السياسي للأزمة، وإنما حد تعبيره: "تحييد مصادر الطاقة في السعودية والإمارات عن الصراع، بالإضافة لتوقف التحالف عن تمويل الحرب في اليمن والتخفيف من أعبائها عليه".

عوائق المعركة

تفيد المؤشرات الحالية، إلى أن اليمن لن تشهد معركة عسكرية موسعة، إلا في حال بادرت ميليشيا الحوثيين لإشعالها، وذلك باعتبار أن المخاوف المبالغ فيها من خطر الميليشيا الحوثية على المنشآت النفطية للتحالف السعودي الإماراتي تغري ميليشيا الحوثيين للتصعيد في الداخل اليمني بشكل أكثر.

وبحسب تسريبات، فإن ذلك قد يدفع ميليشيا الحوثيين إلى شن عمليات عسكرية للسيطرة على المنشآت النفطية في محافظتي شبوة ومأرب، ولعلها تسعى جاهزة للبحث عن ضمانات بتحييد التدخل العسكري للتحالف السعودي الإماراتي ضدها بواسطة الطيران الحربي، مقابل عدم شنها هجمات على المنشآت النفطية للتحالف.

وفي سياق متصل، يرى الصحفي محمد المياس أن: "ميليشيا الحوثيين تعتقد أن القوات التابعة للمجلس الرئاسي لن تصمد أمامها ما لم تكن معززة بغطاء جوي من التحالف السعودي الإماراتي، وفي المقابل فالتحالف لن يسمح للميليشيا الحوثية بتحقيق انتصارات ميدانية نوعية والسيطرة على محافظات توجد فيها ثروات نفطية وغازية حتى وإن كانت منشآته النفطية ستتعرض لخطر ما".

وأضاف المياس في حديثه لـ"لأخبار اليوم": "لا يمكن الاستهانة بمسار المعركة في حال توحدت جميع التشكيلات العسكرية مع الجيش الوطني وخاضت جميعها معركة شاملة ضد ميليشيا الحوثيين ".

وقال: "بيد أن ثمَّة عوائق كثيرة لشن عملية عسكرية ضد ميليشيا الحوثيين لإجبارها على التوقف عن شن الهجمات على المنشآت النفطية ووقف تصدير النفط، من أهمها أن المجلس الرئاسي عاجز ومشتت ومنقسم على ذاته"

وتابع: "إذا كان أعضاء المجلس غير قادرين على عقد مجرد اجتماع، فكيف يمكنهم التوافق على شن عملية عسكرية مشتركة وواسعة ضد ميليشيا الحوثيين، كما أنه لا يمكن لأي طرف من أطراف المجلس الرئاسي اتخاذ قرار منفرد بشن عملية عسكرية ضد ميليشيا الحوثيين ".

وأشار إلى أن: "كل طرف يريد الاحتفاظ بقواته لأهداف مؤجلة وعدم تحميلها أعباء الحرب بمفردها نيابة عن الآخرين، وكل طرف سيظل إما في موقف المتفرج أو الدفاع فقط إذا تعرضت مواقعه لهجمات حوثية أو محاولات لدحره منها".

والأهم من ذلك أن قرار المجلس الرئاسي ليس بيده وإنما بيد التحالف السعودي الإماراتي، والتحالف هو وحده من يستطيع اتخاذ قرار بشن عملية عسكرية واسعة ضد ميليشيا الحوثيين من عدمه، وهو وحده من يستطيع إدارة المعركة وفق هواه، ورسم جغرافيا السيطرة لكل طرف.

في حين تقتصر مهمة المجلس الرئاسي على ما سيمليه عليه التحالف، وبما أن التحالف لم تتعرض مصالحه أو منشآته النفطية أو مجمل أراضيه لتهديدات حوثية، فإنه لن يوجه المجلس الرئاسي بشن عملية عسكرية واسعة ضد ميليشيا الحوثيين، وبالتالي فإن ميليشيا الحوثيين هي من بيدها قرار شن حرب من عدمه، وسيكون المجلس الرئاسي في موقف الدفاع فقط.

هكذا تبدو الأوضاع معقدة أمام كل الأطراف، ولن تندلع حالياً معركة واسعة إلا إذا كانت ميليشيا الحوثيين هي من ستشعلها بعد أن تصلها التوجيهات والتعليمات بذلك من طهران.

من المفترض أن الرد على التهديدات المتزايدة لمليشيا الحوثيين على المنشآت النفطية اليمنية يكون حاسماً وعاجلاً، كون تلك التهديدات تعد ضمن الحرب الشاملة التي تشنها الميليشيا على اليمنيين.

لكن على كل حال، ستطول انعكاسات المعركة جميع شرائح المجتمع اليمني الذي لم يعد بمقدوره احتمال مزيد من تبعات الحرب، باعتبار أن وقف تصدير النفط والغاز يندرج ضمن الحرب الاقتصادية، وهي حرب تتعدد فصولها بين تحميل المجتمع أعباء الحرب من خلال الإتاوات الجائرة ونهب رواتب الموظفين والجبايات باسم دعم المجهود الحربي.

ناهيك عن نهب الموارد وتسخيرها في الثراء الشخصي وتمويل الحرب، والسيطرة على السوق المصرفية، ووقف تداول الطبعة الجديدة من العملة، والانقسام المصرفي، وغير ذلك من وسائل الحرب الاقتصادية.

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد