تفكيك الجيش... مشروع إماراتي وتنفيذ حكومي

2022-12-13 00:48:35 أخبار اليوم – تقرير خاص

 

في الوقت الذي أُنْشِئ فيه مجلس القيادة الرئاسي لتوحيد الصف الجمهوري وبناء معسكر حكومي متماسك، تأتي المساعي الإماراتية لضرب دعوى التحول العسكري للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وذلك من خلال أجندات تمثل الهيكل الرئيسي لقوام الحكومة ذاتها.

ملف جرحى الجيش الوطني، الملف الشائك الذي لا يكاد ينتهي الحديث عنه، حتى تعود أناته لتسمع من جديد، إضافة لمستحقات الجيش من القوة العاملة، ففي حين كان يفترض بالحكومة الشرعية، رعاية جرحى الجيش الوطني وصرف مستحقاتهم كانت المساعي معاكسة لهذا التوجه وكلها مؤشرات تكشف عن التوجه الساعي لتفكيك الجيش الوطني وإرهاقه، وذلك ضمن مسلسل إجهاض مشروع إعادة الدولة اليمنية الشرعية المستمر منذ قرابة عقد كامل.

معين عبدالملك رئيس الحكومة اليمنية، هو أول من تجرى على يديه مشاريع تمزيق وإرهاق الجيش، لاسيما وقد تكررت قراراته بعرقلة مستحقات جرحى الجيش الوطني ونفذ تعليماته وزير المالية، ليبقى السؤال المحوري حول الدور الذي يلعبه معين عبدالملك من خلال مساعيه المستمرة لاستهداف الجيش وإرهاقه.

في المقابل، يأتي الدور العسكري لدولة الإمارات والتي ما تزال حاضرة في المشهد اليمني كقوة عسكرية ضمن ما يُعرف بتحالف دعم الشرعية، يأتي دورها العسكري لتفكيك الجيش وخلق مسارات ومبررات لشرعنة وجودها الاحتلالي في اليمن.

وفيما يتعلق بمبررات خلقتها دولة الإمارات لشرعنة وجودها من خلال أجندات تمثل قيادات الصف الأول للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، فوجئ الرأي العام بإعلان الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، الخميس، خبر توقيع اتفاقية تعاون عسكري وأمني مع الإمارات، وهي الاتفاقية المريبة والتي تسعى لشرعنة الوجود الإماراتي في اليمن.

ومنذ العام 2015، تعيش اليمن وجودًا عسكريًا وأمنيًا إماراتيًا بدون غطاء قانوني مباشر، حيث تعمل الإمارات من خلال صفتها كعضو في التحالف الذي تقوده السعودية، ولم يعد فيه غيرها والإمارات.

توقيع هذه الاتفاقية سيجعل منها أول مرجع قانوني ينظم أو يبرر التدخل العسكري والأمني الإماراتي المباشر في اليمن، بعيدًا أو بمعزل عن الحضور السعودي.

جراح غائرة

في السياق أعلنت اللجنة الطبية العسكرية، إيقاف علاج جرحى القوات المسلحة وإعادة جميع المتواجدين منهم في الخارج، محملة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة مسؤولية ما وصل إليه وضع الجرحى من تعفن للإصابات وخسارة للأرواح.

وقالت اللجنة إنها "وقفت في اجتماعها أمام الوضع الذي يمر به جرحى الجيش الوطني من إهمال ونسيان - نخشى أن يكون متعمدًا– من مجلس القيادة الرئاسي ومن حكومة الدكتور معين عبدالملك، والتي لم تصرف ولم تعتمد أي مبلغ لعلاج الجرحى الأبطال الذين ضحوا بدمائهم من أجل استعادة الجمهورية".

وأضافت أنه و"رغم التفاؤل بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي والوعود بتشكيل هيئة وطنية لرعاية الجرحى ورصد المبالغ اللازمة لرفع معاناتهم وتخفيف آلامهم، إلا أنه وبعد مرور سبعة أشهر، لم يتحقق أي مما وعدوا به، بل تم قطع المخصص الذي كان يصرف بين فينة وأخرى من الحكومة لعلاج الجرحى".

وقالت اللجنة العسكرية إن "الحال وصل بالجرحى إلى تسول علاجهم في شوارع القاهرة مع الأسف الشديد.. ومع ذلك لا مجيب لهم ولا مسعف لجراحهم؛ فتعفنت الجراح وفاضت أرواح البعض إلى بارئها تشتكي إلى الله إهمال المسؤولين وتخاذل المعنيين".

وأشارت إلى "قيام وزارة المالية بمصادرة مبلغ (12 مليون دولار) كانت قد قامت برصده ضمن ميزانية وزارة الدفاع ولم نكن نعلم به إلا مصادفة عندما أخبرنا بأمر من وزارة المالية بسحب المبالغ من حساب وزارة الدفاع إلى حساب خاص بوزارة المالية، رغم المتابعة الحثيثة من ممثل وزارة الدفاع لدى وزارة المالية".

ولفت بيان اللجنة إلى توجيه عشرات المذكرات وعقد لقاءات مع البرلمان والحكومة والمجلس والأشقاء في السعودية، وإعداد تصور لإنشاء هيئة لرعاية الجرحى وتسليمها لرئيس مجلس القيادة.

وقال البيان "يؤسفنا إعلان "توقيف العلاج في الخارج وإعادة جميع الجرحى المتواجدين في الخارج إلى أرض الوطن مع نهاية شهر ديسمبر من العام الجاري، ورفع الكشوفات المقر سفرها بعد إعادة التقييم إلى القيادة لعمل الحلول اللازمة لاستكمال علاجهم".

وأضاف: "نحمل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة المسؤولية الكاملة في ما وصل إليه وضع الجرحى، ويتحملوا أمام الله كل روح زهقت بسبب التأخر في العلاج".

كما حملت اللجنة في بيانها الثلاثاء، "وزارة المالية الوزر الأكبر من الحاصل للجرحى بسبب سعيها لسحب مبلغ رصدته لعلاج الجرحى ولم تصرفه لهم"، معتبرةً "هذا التصرف من باب الاستهتار بأرواح الجرحى والعبث بحياتهم".

مشروع ممنهج

تمكنت دولة الإمارات من استبدال قيادات الصف الأول للجيش اليمني في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، بشخصيات تابعها وممالأة لها سياسيًا، ويأتي ذلك ضمن مخطط أبو ظبي لتغليف الحكومة الشرعية وجيشها بأسباب الانهزام.

تساؤلات عديدة أثارها الرأي العام اليمني عن الأهداف من اتفاقية التعاون العسكري والأمني للحكومة اليمنية مع دولة الإمارات، لاسيما وأنها تأتي في مرحلة يبرز فيها الوجود الإماراتي في اليمن من خلال ميليشيات تدعمها أبو ظبي كقوات المجلس الانتقالي وقوات طارق صالح وقوات العمالقة أو من خلال وجودها كقوة احتلال في جزيرتي سقطرى وميون وغيرها، بما في ذلك وجود بعض قواتها في قاعدة عسكرية بمطار الريان بالمكلا في محافظة حضرموت.

وقالت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية، الخميس، إن وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري وقع "مع وزير العدل الإماراتي، عبدالله النعيمي، نيابة عن وزير الدولة لشؤون الدفاع، اتفاقية التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب، وذلك ضمن الجهود الرامية لتعزيز التنسيق العسكري والأمني بين البلدين الشقيقين"

من جهتها، رفضت ميليشيا الحوثيين الاتفاقية. وقال حسين العزي، نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ غير المعترف بها، “تحاول أبو ظبي باتفاقها استعمال المرتزقة كغطاء بائس لإطالة تواجدها غير المشروع في أراضينا وهذا غير مقبول”.

وقال مصدر مطلع إن: "توقيت توقيع الاتفاقية يأتي بهدف الحصول على مبرر قانوني لاعتبار ما تقوم به الإمارات داخل الأراضي اليمنية جزءا من هذه الاتفاقية".

وأشار إلى كلمتي (محاربة الإرهاب) اللتين وردتا في خبر التوقيع "وهما كلمتان مطاطيتان تفتحان الباب لتفسير لا حدود له، بل تتيحان للإمارات التدخل في مواجهة أي مكون يمني تراه تهديدا للأمن"

وأضاف "كما أن عدم نشر نصوص الاتفاقية أو أبرز بنودها يذهب بالتفسير إلى مناطق بعيدة، أبرزها أن ثمة عناصر أو بنودا لو نشرت ستثير ردود فعل ضد الاتفاقية، لأنه جرت العادة في الأخبار الرسمية كهذه أن تتم الإشارة إلى أبرز بنود اتفاقيات التعاون العسكري والأمني".

وتساءل ذات المصدر "علاوة على ذلك، لماذا وقع اليمن اتفاقية تعاون عسكري وأمني مع الإمارات بمنأى عن تحالف دعم الشرعية، وما تبقى منه مع السعودية؟

يوحي ذلك أن الاتفاقية اقترحتها وطلبتها الإمارات، ولأن الحكومة اليمنية فيها من الضعف الكثير ما يجعلها تعجز عن الرفض، وبناءً على ذلك فإن بنودها تصب في صالح حضور الإمارات في اليمن".

وتثار أخبار بين وقت وآخر عن استحداثات تقوم بها القوات الإماراتية في مناطق وجزر يمنية، وكأن الإمارات من خلال هذه الاتفاقية تريد الحصول على صبغة قانونية، لكل هذه الأعمال التي هي في حقيقتها أعمال احتلال وتقسيم.

وقال المصدر "لكن ما يثير القلق أكثر هو ما قد يترتب على الاتفاقية في المرحلة المقبلة على صعيد ما قد يستجد على صعيد حضور الإمارات في المشهد اليمني عسكريًا وأمنيًا".

وكانت أبو ظبي أعلنت في 2019 إعادة انتشار قواتها في اليمن، وهو ما تم التعامل معه كانسحاب من الحرب، بينما مازالت قواتها موجودة في أكثر من منطقة، علاوة على وجود أذرعها ممثلة في قوات الأحزمة الأمنية وقوات النخبة وقوات الساحل الغربي وقوات العمالقة.

وكشفت صور الأقمار الصناعية، مستهل العام وفي منتصفه، قيام القوات الإماراتية باستحداث مدرج طيران وبعض المرافق في جزيرة "ميون" على البحر الأحمر بالإضافة إلى إنشاء بعض المرافق ضمن مشروع استحداث قاعدة عسكرية في جزيرة "عبد الكوري"، إحدى جزر أرخبيل سقطرى اليمني الواقع على المحيط الهندي.

كل ذلك تقوم به الإمارات من خلال أجنداتها داخل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، مع استمرارها في الوقت ذاته باستهداف الجيش الوطني كصمام أمان أخير يهدد وجودها من خلال مضيه في مساعي بناء الدولة اليمنية.

     

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد