تصدير النفط... خطر حوثي يهدد مساعي الحكومة 

2022-12-19 01:59:57  أخبار اليوم – تقرير خاص

 

لا تنتهي حدود التحديات التي يصدرها وبشكل متكرر الانقلابيون الحوثيون في وجه الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وهي الحكومة الغارقة في بحر من التهديدات الحوثية والتحديات السياسية والإقليمية، لاسيما بعد استهداف ميليشيا الحوثيين للموانئ النفطية في المحافظات المحررة وتعطيل تصدير النفط

ابتدأت ميليشيا الحوثيين حربها بمهاجمة ميناء "الضبة" النشط في محافظة حضرموت ومينائي "قنا" و "النشيمة" في محافظة شبوة، بالطائرات المسيرة، وهي الموانئ التي تمثل آخر عصب في بنية الاقتصاد اليمني المتهالك أساساً، والمصدر الأكبر للعملة الصعبة في البلاد

كما عمدت ميليشيا الحوثيين إلى منع ناقلات النفط الأجنبية من الاقتراب من منصات الشحن، وذلك منذ انتهاء الهدنة الأممية في البلاد، والتي استمرت خلال الفترة بين الثاني من أبريل والثاني من أكتوبر المنصر

حينها وأعلن المبعوث الأممي عدم توصله لتسوية جديدة لاستمرار الهدنة، وذلك بسبب تقدم ميليشيا الحوثيين باشتراطات سياسية جديدة رفضتها الحكومة الشرعية، ووصفها المجتمع الدولي بالمبالغ فيها .  

 

حينها اشترطت ميليشيا الحوثيين على الحكومة الشرعية دفع مرتبات جنودها المقاتلين تحت مظلتها ضد الحكومة، إلى جانب الموظفين المدنيين، من واردات النفط، وهو الأمر الذي انعكس سلبًا على مباحثات تمديد الهدنة التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ

 

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن تصنيف ميليشيا الحوثيين كـ"جماعة إرهابية" في عقب الهجمات الأخيرة التي استهدفت ميليشيا الحوثيين من خلالها موانئ تصدير النفط اليمني، إلا أنه قرار جاء كهروب من المواجهة العسكرية التي يُجمع المراقبون على كونها السبيل الأجدى لردع الميليشيا المدعومة من إيران

 

خيبة حكومية  

تسببت الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط الخام بتعليق عدداً من القطاعات النفطية عملية إنتاج النفط مع امتلاء الخزانات إثر توقف التصدير، وهو الحال الذي رسي عليه القطاع 9 في منطقة الخشعة في وادي حضرموت

الحال نفسه تحول إليه قطاع "جنة هنت" في عسيلان شبوة ، فيما عدداً من الشركات الأجنبية العاملة في استخراج النفط والتنقيب عنه، دفعتها الاستهدافات التي وصفها المجتمع الدولي بالإرهابية، دفت الشركات إلى التفكير في تعليق عملها في اليمن خلال الفترة الحالية

 

مثلت التطورات التي أعقبت استهدافات ميليشيا الحوثيين انتكاسة كبيرة لجهود الحكومة الشرعية، لا سيما وقد أعلنت منتصف العام الجاري عن اتفاقات أبرمتها مع عدد من الشركات الأجنبية، وذلك ضمن مساعيها لإعادة هؤلاء الشركات إلى البلاد من أجل تشغيل القطاعات النفطية المعطلة بسبب الحرب المستمرة منذ 2015

وكانت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا قد كشفت في وقت سابق عن ارتفاع في إيراداتها من النفط الخام في ظل الارتفاع العالمي لأسعار الخام، حيث وصلت الإيرادات في النصف الأول من العام الحالي إلى 739.3 مليون دولار

هذه التقديرات الإحصائية لإرادات الحكومة من القطاع النفطي جاءت وفق التقرير الصادر عن البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، علماً بأن كمية النفط المصدرة خلال العام الحالي تراوحت بين 55 إلى 60 ألف برميل، وهي أقل من نصف الكمية التي اعتاد اليمن تصديرها قبل اندلاع الحرب

يرى باحث سياسي فضل عدم ذكر اسمه أن: "الميليشيا لا يمكن أن تتوقف عن ممارساتها إلا بعد أن تستولي على كافة الموارد في البلاد، وهي تطالب بنصف الإيرادات، وفي الحقيقة هي تستهدف كل الإيرادات بعد أن نهبوا الاحتياطي النقدي في اليمن، وينهب المواطنين عبر الابتزاز بالجبايات، وتقوم بنهب نصف أموال اليمنيين عن طريق الحوالات، إلى مناطق الشرعية ".

 

الوعد الغائب  

في السياق، تأتي مساعي الحكومة الشرعية لرفع الصادرات النفطية ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهو البرنامج الذي أعلنت عن سعيها فيه منذ تشكيلها أواخر العام 2020 من أجل وضع حد لانهيار قيمة الريال اليمني التي بلغت في أكتوبر العام الماضي في أقصى انهيار له بأكثر من 1,700 ريال يمني مقابل الدولار الأمريكي الواحد، لتقفز الأسعار عقب ذلك إلى حد جنوني أثقل كاهل اليمنيين

وعلى غرار الوعود الحكومية المتكررة بإصلاح الاقتصاد المحلي، وكذا الوعود الجديدة التي ترافقت مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل الماضي، لم تحرز تقدماً ملموساً على أرض الواقع، إلا أنها أوحت بوجود تحركات من نوع ما

هذه الوعود الضبابية أبقت على حالة من التفاؤل في السوق المحلي، وهي التي ساهمت إلى جانب عوامل أخرى، في إبقاء قيمة الريال اليمني في تحسن نسبي طوال العام الجاري، وهو الوضع الأفضل نسبيًا من العام الذي سبقه

وفي سياق الإصلاحات الاقتصادية المعلقة والوعود الوردية، كانت المملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، قد وعدتا برفد البنك المركزي في عدن بملياري دولار، وذلك عقب تسليم الرئيس اليمني السابق عبده ربه منصور هادي على صلاحياته للمجلس الرئاسي بناء على توافق داخلي بين الرياض وأبو ظبي، فضلاً عن مليار و300 مليون دولار إضافية على هيئة منحة وقود ومشاريع تنموية أخرى هي الأخرى عرقلت ولم يتم صرفها

وفي ذلك، يرى خبراء اقتصاديون أنه من شأن الهجمات الحوثية على موانئ النفط تعطيل أكبر مصدر رفد للخزانة اليمنية بالعملة الأجنبية التي يمكن من خلالها تغذية الريال اليمني وإنعاش الاقتصاد المحلي

وثمن مراقبون أنه بإمكان هذه الهجمات إعادة الهلع إلى السوق، خصوصاً مع استمرار تعثر الجهود الحكومية في تحصيل الدعم المالي الموعود من قبل حلفائها في الرياض وأبو ظبي، والذي تحاول الدولتان التنصل منه بأي طريقة كما يشي بذلك بطء الإجراءات والاشتراطات "غير الواقعية" التي تفرضانها على الحكومة اليمنية

 

تهديد للمرتبات  

وفي سياق مختلف، يرجح مراقبون أنه من الممكن أن يكون ضمن تداعيات إيقاف تصدير النفط اليمني، عجز الحكومة الشرعية عن دفع مرتبات الموظفين المدنيين خلال الأشهر القادمة، وهو احتمال مخيف حد تعبير الصحفي "علي عمر"

وقال "عمر" في حديثه لـ"أخبار اليوم": إن "عودة شبح إيقاف المرتبات يحيي في نفس كل موظف حكومي، ذكريات سيئة تعود بهم إلى بدايات أول عام من عمر الحرب اليمنية ". 

وأضاف "عمر": "عندما انقطعت المرتبات عاش الموظفون أسوأ الظروف المعيشية، وهي المرحلة بالغة القسوة، إذ اضطر بعضهم لمزاولة أعمال أخرى بدون خبرة، بل وبالحد الأدنى من الأجر، قبل أن تُستأنف عملية صرف المرتبات لاحقاً ". 

وتابع:" اثنين من أخوتي مدرسين، وفي تلك المرحلة توقفوا كلاهما عن التدريس تحت ضغط الحاجة، ليتجهوا إلى السوق للعمل في الأعمال الحرة، حيث عمل أحدهم في أعمال الطلاء والآخر في الكهربائيات ". 

وأردف "عمر": "وكان أخوتي يتقاضون أجوراً زهيدة، ومع ذلك كانا يشعران بأنهم يجنون ما لا يستحقون، وذلك باعتبار أنهم لا يمتلكان الخبرة الكافية في مجالاتهم الجديدة ". 

وعلى الرغم من أن المرتبات الحالية لا تفي بالحد الأدنى من احتياجات الموظفين الأساسية في ظل جنون الأسعار، إلا أن "عمر" يرى أن وجود "دخل منتظم مهما كان ضئيلاً أمر لا غنى عنه في الظروف الحالية ". 

وأكد: أن "الشعور بالأمان الناجم عن الثقة بوجود مرتب نهاية الشهر وحده يكفي لمنح الموظف الكثير من الطمأنينة ".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد