ضياع المصلحة اليمنية في تسويات اللاعب الإقليمي

2023-01-09 00:53:35 أخبار اليوم - متابعات

 

كثف الفاعلون الإقليميون عقد اجتماعاتهم بشأن حلحلة الأزمة اليمنية وغاب الفاعل اليمني صاحب الشأن، حيث أعلن وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسلطنة عمان قبل أيام، أن طهرن ومسقط لديهما رؤية موحدة لحل الأزمة في اليمن.

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، التقى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في العاصمة البرازيلية، على هامش مراسم تنصيب رئيس البلاد الجديد، وخلال اللقاء، أكد الوزيران على ضرورة استمرار المباحثات السعودية الإيرانية التي تجري بوساطة عراقية، وكان عبداللهيان قد أعلن في وقت سابق، استعداد بلاده لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وإعادة فتح سفارات البلدين.

تناقش القوى الدولية والإقليمية مصير اليمن، وفق مقاسم مصالحهم الإستراتيجية، فيما تغيب المصلحة اليمنية عن المشهد، وذلك في ظل ضعف الفاعلين المحليين وارتهانهم لمراكز النفوذ الإقليمية.

مؤخرًا تحاول سلطنة عمان لعب دور أكبر في الأزمة اليمنية، إذ يرى مراقبون أن مسقط صارت الوسيط الأكبر بين ميليشيا الحوثيين والسعودية، وكذلك بين ميليشيا الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية، ودول مجلس الأمن الدولي، وتستمد دورها من كونها لعبت ظاهريًا، دور الحياد طول فترة الحرب اليمنية.

لكن وسط كل ذلك، يظل الصمت المخيم على صدر الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، ومجلس القيادة الرئاسي إزاء استبعادهم من هذه المحادثات، أمر أكثر غرابة، إذ إن الحكومة الشرعية طرفًا في حرب ستنتهي بتسويات هي خارجها.

غياب حكومي

يظل السؤال الأبرز في حال نجحت جهود الفاعلون الإقليميون، والتي تنطلق أساسا من مصالح استراتيجية لا علاقة لها بتطلعات اليمنيين ومصالحهم، هل سيعمل هذا النجاح على صناعة حدا للحرب، أم أن مسببات الحرب المحلية ستظل قائمة ليكتوي بنارها اليمنيون وحدهم.

في السياق يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "أي حوار في سلطنة عُمان، أو بين السعودية وإيران، أو بين ميليشيا الحوثيين والسعودية، فهو لا يعبّر عن تطلّعات الشعب اليمني، وأي حوار في هذا الجانب يعني أنه مجرد صراع مصالح اقتصادية بين الإقليم".

وأضاف شمسان في حديثه مع وسائل إعلامية: "المؤلم مما يتم تداوله في وسائل الإعلام، وما يتم تسريبه، أن هناك حوارا سعوديا - إيرانيا، وهذا يعني أن هناك طرفا أساسيا غائبا، وله علاقة رئيسية، وهو الطرف اليمني".

وتابع: "أي حوار سعودي - إيراني هذا يندرج في إطار الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران، وفي إطار الصراع السني - الشيعي، وفي إطار صراع الهيمنة على المنطقة، والسعودية لها أجندة، وإيران لها أجندة، وأمريكا لها أجندة، وهي رهانات إقليمية ودولية، لكن الرهانات المحلية غائبة".

وأردف: "غياب الرهانات المحلية يقودنا إلى إشكال كبير، لأنه لا يوجد من يمثل اليمن، هناك الآن ميليشيا الحوثيين ويمثلون إيران، وهم جزء من هذه الإستراتيجية، ولكن إن تعاملت إيران مع الملف الإيراني فإنها تتعامل معه في إطار اتفاقية منفصلة مع السعودية، ولا علاقة لها بالشأن اليمني، وهناك المجلس الانتقالي له علاقة أخرى، فنحن أمام واقع معقّد، وسنحاول أن نفسّر هذا شيئا فشيئا".

وتساءل: "مشكلتنا في اليمن لا السعودية ولا إيران، فكل منهما لديهما مصالح، لكننا نبحث عن الطرف اليمني، أين هو؟ هل هو متواجد في هذا الحل؟".

وأشار إلى أن "السعودية أنهكت سيادة اليمن، وأوجدت سلطتين في الشمال وفي الجنوب، وأنهكت السلطة الشرعية، وأوجدت سلطة صنعت في الرياض".

ويرى أن "السعودية والإمارات لا ترغبان بالحسم العسكري، لكن الحسم العسكري بيدنا نحن كيمنيين".

تسويات مرحلية

يتساءل البعض حول مدى إمكانية المباحثات الخارجية بين عُمان وإيران والسعودية وميليشيا الحوثيين إيجاد حلٍ للأزمة اليمنية، وهي أدوار خارجية تبحث عن مصالح وتسويات في اليمن، تقترب من وجهات نظرها وأهدافها.

من جهته، يقول الباحث السياسي، البراء شيبان: "لا توجد أي ترتيبات لإيران مع السعودية، ببساطة دائما إيران هي من تسرّب هذه الأخبار، وإن كانت السعودية تريد اتفاقا مع ميليشيا، وقد حاولت أكثر من مرّة، منذ 2016، لكن المحتمل أن تكون هناك تسويات مرحلية، لكن المستحيل أن تكون هناك تسويات نهائية تضمن مصالح السعودية".

وأوضح أن "من يسرّب هذه الأخبار دائما هم الإيرانيون، وبعد هذه التسريبات بفترة وجيزة تتضح أن هذه المحادثات لم تكن جدية".

وأضاف: "عندما سرّبت إيران بأن هناك مباحثات مع السعودية في العراق، قامت ميليشيا الحوثيين بقصف المنشآت النفطية السعودية، بمعنى أن المباحثات غير جدية، ولن تستطيع البناء عليها".

وتابع: "إذا أرادت إيران، أو السعودية، أن تدخل إلى مسألة معقّدة مثل الملف اليمني، فهي تحتاج إلى تفاهمات أكثر تعقيدا، ليس أن يلتقي الطرفان مثلا على هامش لقاء في البرازيل، فهذا مجرد لقاء دبلوماسي".

وقال: "إن السعودية تريد الخروج من اليمن، إذا كانت تستطيع، لكن الواقع صار أكثر تعقيدا من بساطة التقاء إيران بالسعودية، أو أن الوفد الإيراني ذهب إلى عُمان".

وأشار إلى أن "هناك خيارين فقط، إما أن توحّد الأطراف اليمنية صفوفها في وجه ميليشيا الحوثيين، أو أن ميليشيا الحوثيين ستفرض سيطرتها على كل اليمن".

فيما يرى أنه "لا يوجد حل سياسي في اليمن، وأن هناك مبالغة لكمية النفوذ، الذي يملكه المجتمع الدولي داخل اليمن، بل إنه سلّم جميع الأوراق بيد السعودية والإمارات، التي لم تتمكن من حسم المعركة، رغم الفرص المتوفّرة، لكن واقع الحال المجتمع الدولي غير قادر على إيجاد تسوية حقيقية للمشهد المعقد في اليمن".

وأشار إلى أن "الواقع يقول إما أن تتحد الأطراف اليمنية باتجاه عملية عسكرية تستطيع فرض عملية سياسية حقيقية، أو أن ميليشيا الحوثيين ستقوم بفرض سيطرتها على باقي المناطق".

وتابع: "ربما هناك واقع آخر، يقول إن هناك تفاهمات بأن يكون كل طرف في مكانه، لكنها مجرد افتراضات غير واقعية، وإن كانت في الوقت الحالي مناسبة، كون الأطراف منهكة من الصراع، لكن لن تذهب بها إلى تسوية سياسية".

     

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد