عام من الفشل... مجلس القيادة الرئاسي بين أهداف التماسك ومشاريع التفكك

2023-02-01 19:27:36 اخباراليوم / تقرير خاص

 

بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي النتيجة النهائية لمخرجات مؤتمر الرياض الثاني، والذي عمل على حل الرئيس الشرعي السابق لليمن، عبدربه منصور هادي من صلاحياته، بدعوى توحيد الحكومة الشرعية للسير نحو مرحلة جديدة في تأريخ البلاد.

تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي اعتبره مراقبين نتيجة لتوافق مسبق بين الرياض وأبو ظبي، قائدتي التحالف العربي في اليمن، بهدف رسم شكل المرحلة جديدة في اليمن تهدف لتصحيح مسار المعركة، لا سيما بعد تصاعد قدرات ميليشيات الحوثي الإيرانية العسكرية المتمثلة باستهداف منشآت حيوية في السعودية والإمارات.

حينها ويشكل مبدئيا، أُعتبر قرار تشكيل مجلس القيادة الرئيس بالنسبة لكثيرين، مؤشرًا على مساعي التحالف العربي لتوحيد القوى العسكرية المناهضة لميليشيا الحوثي وإنهاء حالة الانقسام والتشظي الحاصلة في معسكر الجيش الوطني والقوات الأخرى التابعة والمدعومة من دولتي التحالف.

لكن الآن وبعد أكثر من تسعة أشهر على تشكيل المجلس، يتمحور السؤال الأكثر حضورًا على الساحة اليمنية، حول مدى نجاح هذا الرؤى التي تحدثت كثيرًا عن مفهوم توحيد مكونات الحكومة الشرعية المناوئة لميليشيا الحوثي، فهل تمكن المجلس بعد كل هذا الوقت من تحقيق أدنى تقدم في مساعي التوحيد وإنهاء التشظي المستمر، أم أن حالة الانقسام ما تزال مهيمنة على المشهد في الجانب الحكومي.

أهداف متأخرة

يعاني مجلس القيادة الرئاسي منذ إعلان انتقال السلطة في أبريل/ نيسان 2022 من مشاكل عدة، هي نتاج طبيعي لتعارض مشاريع أعضائه، وهي المشاريع التي لم يستطع المجلس تذويب أهدافها في رؤية واحدة في مواجهة المتمردين الحوثيين، الذين تعززت قوتهم أكثر عقب قرار انتقال السلطة في الحكومة الشرعية، إذ استطاعت استغلال تناقضات المجلس الرئاسي بما يصب في قوة موقفها. ففي الوقت الذي تراجعت فيه قوة الحكومة الشرعية في المفاوضات، ارتفعت نبرة ميليشيا الحوثي بفرض مطالبها على سير المحادثات خلال 2022.

يقول الصحفي محمد المياس إن: "التحالف السعودي الإماراتي كان ينشد من خلال إنشاء مجلس القيادة الرئاسي، جمع الفصائل المسلحة في جبهة الحكومة الشرعية تحت مظلة واحدة بهدف توحيد أهداف هذه القوى في مواجهة ميليشيا الحوثي ".

وأضاف المياس في حديثه لـ "أخبار اليوم": "لكن ها هو المجلس سيكمل العام الأول، ولم يحقق أي تقدم في أي جبهة، بل إنه لم يستطع توحيد مواقف أعضائه بما يعزز من وحدته الداخلية، مما يؤكد أن هدف التحالف من إنشاء المجلس هو الإمعان في تمزيق وحدة جبهة الحكومة لصالح خدمة مشاريع دولتي التحالف داخل مناطق سيطرة الحكومة".

ويرى أن: "الاجتماع الافتراضي الذي عقده أعضاء المجلس مؤخرًا، أراد إيصال رسالة إعلامية مفادها أن المجلس ماضٍ في تجاوز مشكلاته، لا سيما وأن هذا الاجتماع يأتي بموازاة اجتماعات للحكومة بهدف مواجهة تداعيات توقف إنتاج وتصدير النفط جراء هجمات ميليشيا الحوثي على موانئ التصدير في مناطق سيطرة الحكومة خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني".

واستدرك: "لكن اجتماع مجلس القيادة الرئاسي لن يستطيع رأب الصدع، الذي يحول بين وحدة مواقف أعضائه؛ لأن كل عضو يعمل في سياق مشروع مختلف، وإن تقاربت بعضها، إلا أن المصالح الإقليمية قد حددت لكل عضو أو فصيل، مسارا يمضي في إطاره بعيداً عن قرار مجلس القيادة الرئاسي، الذي ليس لديه سلطة بأي حال من الأحوال على الفصائل المسلحة التي يقودها معظم أعضاء المجلس الذين يتلقون تعليماتهم من الممول للأسف الشديد".

مسارات ممولة

تتحرك لفصائل المسلحة المنضوية قياداتها ضمن مجلس القيادة تتحرك وفق مشاريع ممولها، وبالتالي فتأثير مجلس القيادة عليها محدود، إذ إن المجلس لا يدفع مرتبات المسلحين تحت ألويتها، مثلا، فكيف يفرض قراره عليها؟

الهدف من إنشاء هذه الفصائل ووضع قياداتها ضمن مجلس القيادة هو إيجاد أكثر من مركز قرارا داخل المؤسسة الحكومية اليمنية، وبالتالي تتدخل هذه المراكز في صنع القرار الحكومي؛ وهو القرار الذي يتبلور في الأخير لصالح الممول لهذه القوات، أي لصالح السعودية والإمارات.

يحاول رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي تقديم صورة إعلامية تُفيد بأن المجلس هو صاحب السلطة الفعلية، بينما هو في الأخير ليس سوى عباءة لقوى تحمي مشاريع مختلفة مهمتها إضعاف الحكومة اليمنية وإطالة أمد الأزمة والحرب، وقبل هذا توسيع دائرة الخلاف اليمني داخل مؤسسة الحكومة المعترف بها دوليا.

في مفاوضات التسوية ستفرض هذه الفصائل مواقفها، وستضع أهدافها على الطاولة حينها، وبالتالي سيكون على الحكومة إيجاد تسوية أولية لتوحيد كيانها قبل الذهاب إلى تسوية نهائية مع ميليشيا الحوثي وبقية المكونات السياسية ممثلة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

وفي السياق نفسه، حذر الصحفي المياس: "من أن يكون الهدف من إنشاء هذه الفصائل ووضعها ضمن هيئة مجلس القيادة الرئاسي، هو إلغاء المكونات اليمنية السياسية المدنية ممثلة في الأحزاب والمنظمات ومكونات المرأة والشباب وغيرهم ممن ينشدون دولة يمنية مدنية ديمقراطية حرة، وحصر التسويات في هذه الفصائل التي تمتلك قوات على الأرض، ولها مقاعد في السلطة، وترفض، للأسف، إقامة دولة يمنية مدنية ديمقراطية موحدة".

وقال: "قراءة تعقيدات المشهد اليمني مفتوحة على فضاءات تذهب بالقارئ إلى مسافات بعيدة؛ لأن العامل الإقليمي صار له ثقله وحسابات فصائله التي خلطت الأوراق، وهي تحدق برؤيتها نحو تقسيم اليمن … وهو تقسيم لم تتضح خريطته جليًا حتى الآن، لكن التقسيم هو ما يرمي له الإقليم، وبالتأكيد هناك قوى أكبر من الإقليم تتحكم بالمصالح الإقليمية والبيادق المحلية، وتضع نصب عينيها إفراغ اليمن من عوامل قوته ليصبح تحت سيطرة إقليمية لخدمة مصالح دولية".

وأشار الى أن: "صحيفة إماراتية أكدت افتتاحيتها قبل أيام قليلة على وحدة اليمن، لكن، للأسف، تم حذف الافتتاحية من موقع الصحيفة خلال ساعات".

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد