حكومة الغفلة... خيارات البقاء في يد اللاعب الإقليمي

2023-02-06 10:48:40 أخبار اليوم/ تقرير خاص

  

بعد غياب طويل، فشلت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا في الخروج من دائرة الركود السياسي المسيطر على قواها، إذ لم تخرج خلال الفترة الماضية بغير لقاءات شكلية بروتوكولية لا تكاد ترقى لمستوى المرحلة، يأتي ذلك لموازاة الدبلوماسية الدولية، التي تعتبر الملف اليمني عبارة عن محصلة للمصلحة السعودية.

ما تعيشه الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا منذ أكثر من 8 أعوام، من إحباط وفشل وارتباك في الأداء السياسي والعسكري، كل ذلك جاء كنتيجة نهائية لضبابية الرؤية وسياسة اللا وعي السياسي الذي بدا واضحًا، إذ تبدو الحكومة غير مدركة لطبيعة الأحداث وتوجهاتها، في ظل غياب الروافع الوطنية، والاعتماد الكامل على الدور السعودي والإماراتي في المحافل الإقليمية والدولية، لتحديد طبيعة الأزمة اليمنية بما يخدم مراكز النفوذ الإقليمية، كل ذلك عززه الشرخ والانقسام المؤسسي، إضافة لتضارب المشاريع وامتداداتها الإقليمية.

في الوقت الحالي، يقف الخطاب الحكومي محبطًا وقد فقد ثقته بنفسه، إذ لم يعد يرى إمكانية لجنوح ميليشيا الحوثي لمساعي السلام، وهو ما يكشفه السلوك الحوثي السابق مع جميع الاتفاقيات والمعاهدات المنقوضة.

الوضع ذاته يكشف عن حالة اليأس من عدم القدرة على اتخاذ أي رد فعل عسكري تجاه ميليشيا الحوثي، لأسباب تتعلق بما هو مرتبط بتعدد المشاريع لأعضاء المجلس الثمانية، إضافة إلى ارتباطات الحكومة بالمواقف الإقليمية والدولية، تمويلًا ودعمًا ومواقف سياسية.

لكن اليوم وبعد مرور أكثر من سبعة أعوام على قدوم التحالف العربي إلى الأراضي اليمنية، بات واضحًا فشله وتعارض مشاريعه مع أهداف الحكومة الشرعية التي فتَّت خلال الفترة الماضية بفعل سياسة التحالف وأقطابه المتمثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.

في الوقت الحالي، تبدو أن الرياض بشكل خاص وكذلك التحالف العربي قد تخلوا على الحكومة الشرعية، وانصرفوا للخوض في تسويات سياسية مع ميليشيا الحوثي بما يضمن لهم تأمين حدودهم والحفاظ على أمنهم القومي، ليظل السؤال الأبرز حول إمكانية اتخاذ الشرعية قراراتها بنفسها، ولا سيما الخيار العسكري بعيدًا عن الدعم السعودي، أم أن واقعها المزري بعد تورطها في حلف الزهيمر قد كتب لها التفتت والإحباط.

قرار خارجي

 

فقدت الحكومة الشرعية إمكانية اتخاذ القرار فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، لا سيما القرار العسكري الذي تمناه اليمنيون طيلة الفترة السابقة، ففي حين تأخر هذا القرار كثيرًا، تحولت الأزمة اليمنية لتخرج عن الإرادة المحلية، ليصبح قرارها خارجيا صرف.

في هذا السياق، يقول الكاتب والصحفي محمد المياس "حتى اللحظة، لم تسفر اللقاءات السعودية عن نتائج عملية يمكن ترجمتها على أرض الواقع، غير أنها تجسد نموذجًا من المشاورات التي تجريها الحكومة الشرعية لتقدير حجم الضغط الذي يمارس عليها، وعلى التحالف العربي والمنطقة، نتيجة رغبة الأطراف الدولية فعلا بالوصول إلى سلام في اليمن".

وأضاف المياس في حديثه لـ "أخبار اليوم": تأتي رغبة الأطراف الدولية بإيجاد حل للأزمة اليمنية بعد حرب أكلت الأخضر واليابس، وتصلُّب ميليشيا الحوثي، ومقدار الدعم والمحاباة التي تتعرَّض لها، سواء من المؤسسات الدولية- ممثلة بهيئات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها أو عبر سفراء الاتحاد الأوروبي والدول الغربية إجمالا، التي عادة ما تقف وكأنها هي والحوثي طرف واحد.

ويرى أن "الدول الغربية تحاول أن تفرض إرادة ميليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية، ولا تمارس إلا ابتزازا أحادي الاتجاه ضد الحكومة وتفرضه عليها".

وأكد أن "على الحكومة أن تعيد تقدير موقفها، وما الذي يمكن تتخذه"، مشيرا إلى أن "الحكومة إلى اليوم لم تتخذ موقفا سوى مواقفها السابقة؛ ابتداء بتجريم ميليشيا الحوثي واعتبارها جماعة إرهابية، إضافة إلى التصريحات الثلاثة، التي صدرت عن رئيس المجلس الرئاسي، ووزيري الدفاع والإعلام، التي تعد إعلانا بأنه لا جدوى من المتفاوضات مع ميليشيا الحوثي؛ كونها جماعة مسلحة وخلفها داعمون دوليون يوفرون لها غطاء، ولا يمكن أن تستسلم للسلام".

فيما يعتقد أن "الخيار الوحيد والإجباري أمام الحكومة الشرعية هو الخيار العسكري، وخيار تعبئة الداخل بشكل عام، والمراهنة على نفسها، وتجميع شتاتها، والمراهنة على الشعب اليمني، وطرح ممارسات ميليشيا الحوثي بنوع من الشفافية، وإعادة تجسيد علاقاتها مع الشارع اليمني، فلا يمكن أن تنتصر دون أن تراهن عليه".

وقال: "يعرف اليمنيون بعضهم، وخبراء في ميليشيا الحوثي، فهي جماعة مسلحة ملشاوية من حيث المنشأ، وليست مؤهلة لأن تكون جماعة سياسية تلعب دورًا سياسيًا، ولا يمكن أن تخضع لأي تفاوض ما لم تكسر عسكريًا، وهذه قناعة لدى غالبية الشارع اليمني، وأنا أحدهم".

وأضاف: "الحديث اليوم عن جهود السلام لا يعد عن كونه مجرد تصريحات إعلامية، عبر تفاوض غير مباشر ما بين ميليشيا الحوثي والسعودية، وفي هذه المسألة رأت الشرعية بأنه جرى تجاهلها، ودائمًا ما يميل العُمانيون إلى تجاهل السلطة الشرعية، وكأن هناك اعترافا رسميًا بالميليشيا الحوثية، ولا اعتراف بالسلطة الشرعية".

ولفت إلى أن "الحكومة كانت في طور إعادة ترتيب أوضاعها، ولم ترتبها بشكل عام إلى اليوم"، مبينًا أنه "يجب عليها تفعيل مجلس الدفاع الوطني، كمظلة أساسية، والتحرك تحت هذا المجلس بصفة عسكرية، وإسناد هذه المسألة إلى رئيس المجلس الرئاسي، ومساعديه، وهم يمثلون قوى عسكرية موجودة على الواقع".

 

وأشار إلى أن "المؤسسة العسكرية جاهزة وقادرة لخوض أي معركة من المعارك"، لافتًا، إلى أنه "تم إزاحتها أكثر من مرة بمستوى دولي أكثر مما هو إقليمي، حيث تم الضغط على دول الخليج للضغط على الحكومة، وتم إعادتها من نهم، وتم إعادتها من الحديدة، وإيقاف معاركها في أكثر من اتجاه، ودائما جميع الضغوط الدولية تمارس ضد الحكومة، وكأنَّ الغرب هم المستثمرون من المشروع الحوثي في المنطقة".

ويعتقد أن "الوقت أصبح مناسبا جدا أمام الحكومة لاتخاذ إجراءات مغايرة، وأول هذه الإجراءات مناطة بوزير الخارجية، والسلك الدبلوماسي اليمني لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ودول الغرب، على الأقل توجيه رسائل احتجاجية رسمية على هذه المواقف، وما تقوم به الولايات المتحدة من فرض إرادتها، وكأننا تحت حالة انتداب غربي ودون قرار".

وأضاف: "على الحكومة أن تتحرك أيضًا على مستوى جامعات الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وعلى مستوى الإقليم، ويجب أن تكون هناك مواقف صارمة".

بوادر أمل

وفي سياق آخر، قال رئيس دائرة التوجيه المعنوي السابق في الجيش اليمني، اللواء محسن خصروف : "إن لقاءات الرئيس رشاد العليمي، إضافة إلى خطابات رئيس هيئة الأركان الفريق صغير بن عزيز، تبعث التفاؤل"، مشيرا إلى أن "الجميع يتحدثون عن فكرة إعادة الدولة بكل الطرق بما فيها القوة والاتجاه نحو صنعاء".

وأضاف خصروف في حديثه لـ "بلقيس": "حوارات الرئيس العليمي، مع سفراء الاتحاد الأوروبي، وحوارات وزير الدفاع مع ممثل الأمم المتحد، جميعها تعكس انزعاجا في قمة السلطة الشرعية في اليمن من الموقف الدولي المتراخي، الذي يضغط على الشرعية ويمنعها من تحقيق أهدافها بالقوة العسكرية، وفي نفس الوقت يتماهى مع كل تصرفات ميليشيا الحوثي".

وتابع: "الرئيس السابق، عبد ربه منصور هادي، حينما أحال صلاحيته إلى مجلس القيادة الرئاسي، وعيَّن على رأسه رشاد العليمي، والسبعة الأعضاء الآخرين، كلَّف المجلس باستعادة الدولة بالسلم أو بالحرب، وطالما الطرف الآخر لا يريد السلام فلتكن الحرب".

وأشار إلى أن "الحكومة قادرة على استعادة الدولة بالقوة، إذا توفرت الإرادة الوطنية الكبرى، فهي تمتلك جيشًا وطنيًا ومقاومة شعبية ورجال القبائل".

وأضاف ": أتمنى أن تكون باكورة استعادة الدولة بتحرير مدينة تعز، فيها 25 لواء مقاتلين، لو أنهم تبرءوا من الصراعات البينية غير الوطنية، وكرَّسوا كل جهودهم وتدريباتهم وعتادهم لتحرير المدينة لفعلوا، وإذا تحررت تعز ستحرر كل اليمن".

ويرى خصروف أن "المحادثات الجارية بين السعودية وميليشيا الحوثي تبيِّن أن السعودية لا تقيم وزنًا لقيادة الدولة الشرعية"، مشيرًا إلى أنه "لم يحصل في تاريخ الدنيا كلها أن يأتي طرف ثالث للتفاوض مع طرفٍ ثانٍ نيابة عن الطرف الأول".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد