سفن غارقة تروي سيرة الحرب العالمية الأولى.. "لآلئ مضيق الدردنيل" في الذكرى الـ108 لمعركة جناق قلعة

2023-03-20 01:31:49 أخبار اليوم/ متابعات

 

 

تسلط السفن الغارقة في مضيق الدردنيل شمالي غرب تركيا خلال الحرب العالمية الأولى الضوء على تاريخ معركة "جناق قلعة" البحرية وتقود العلماء في أبحاثهم التي تتناول تاريخ هذه المعركة البحرية التي دارت رحاها قبل 108 أعوام.

ويطلق على المنطقة التي تحتوي على حطام السفن الغارقة في مضيق الدردنيل خلال معركة "جناق قلعة" عام 1915، اسم منتزه "غاليبولي" التاريخي تحت الماء.

وأحيت تركيا أمس السبت 18 مارس/آذار، الذكرى السنوية لانتصار الدولة العثمانية في معارك "جناق قلعة" ضد الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918)، حيث حاولت قوات بريطانية وفرنسية ونيوزيلندية وأسترالية، احتلال إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، وباءت بالفشل.

وكانت المعركة التي وقعت بمنطقة "غاليبولي" في ولاية جناق قلعة حاليا حدثا تاريخيا، حيث انتصرت فيها القوات العثمانية بقيادة مصطفى كمال باشا (أتاتورك لاحقا) وآخرين، على قوات الحلفاء بقيادة الجنرال البريطاني قائد قوة مشاة البحر المتوسط إيان هاملتون والقوات الفرنسية بقيادة الجنرال هنري غورو (المندوب السامي الفرنسي على سوريا ولبنان لاحقا).

وأدى ذلك النصر لظهور مصطفى كمال بصفته بطلا وطنيا في الأناضول وإسطنبول، ما مهّد لاحقا لبروزه قائدا لـ"حرب الاستقلال" التركية خلال أيام الدولة العثمانية الأخيرة.

إستراتيجية المعركة

وقال الدكتور مدحت أتاباي، عضو الهيئة التدريسية في قسم تاريخ الجمهورية التركية، التابع لقسم التاريخ في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة "18 مارت جناق قلعة" (مارس/آذار)، إن معارك جناق قلعة تعتبر من أوائل المعارك في العالم، التي شاركت فيها قطعات برية وبحرية وجوية.

سفن الدردنيل الغارقة.. ملخص الحرب العالمية الأولى

 

وأضاف أتاباي لوكالة الأناضول "لم يكن عبور المضيق سهلاً، تمت حماية الممرات المائية الضيقة من خلال وحدات عسكرية برية (عثمانية) استخدمت الحصون والبطاريات والألغام البحرية المستخدمة عام 1915".

وتابع "لهذا السبب سعت القوات البحرية البريطانية والفرنسية في البداية لإزالة الألغام وفتح الطريق أمام السفن الحربية لعبور الدردنيل والسيطرة على الموقف جوا".

وأضاف "كان الهدف النهائي لتلك القوات بحسب جميع التقارير الاستخباراتية هو الوصول إلى إسطنبول والقضاء على الإمبراطورية العثمانية وإقصاء حكومتها".

وقال أيضا "في الوقت الذي ظن فيه الحلفاء أن الطريق بات مفتوحًا نحو إسطنبول، شن الأتراك هجومهم الكبير الذي بدأ في 18 مارس/آذار 1915، وأدى إلى غرق 3 سفن حربية وإعطاب 4 سفن أخرى، حيث فقد البريطانيون في الواقع نصف أسطولهم البحري".

لآلئ المضيق

وأوضح أتاباي أن السفن الغارقة في مضيق الدردنيل "لا تقتصر على السفن التي غرقت في 18 مارس/آذار 1915 وحسب، بل هناك سفن غرقت خلال عمليات نزع الألغام البحرية التي قامت بها قوات الاحتلال في 19 فبراير/شباط 1915".

وتابع "إضافة إلى ما سبق، تضم المنطقة حطاما لـ16 سفينة حربية أخرى للحلفاء غرقت في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، إلى جانب سفن حربية تابعة للدولة العثمانية، ومعظمها كانت تحمل جنودًا ومؤنًا ومراكب شراعية وتزرع ألغامًا".

وقال أتاباي: "السفن الغارقة في المنطقة يمكن تسميتها بلآلئ المضيق، وبعضها يقع في المنطقة التي تبدأ من الخليج وعند مدخل المضيق وحتى مخرجه أو على الشاطئ أو في الأجزاء الوسطى منه".

وأضاف "بالطبع تسبب غرق هذه السفن أيضًا في فقدان العديد من البحارة حياتهم، كما حملت هذه السفن معها العديد من المواد الحربية إلى قاع البحر".

وختم أتاباي بأن "الباحثين في تاريخ الحروب يعكفون منذ سنوات على دراسة حطام السفن الموجودة في الدردنيل ومسحها بواسطة نظام للمسح يفيد في الأبحاث العلمية والأكاديمية"، وأردف أن "بعض هذه السفن الغارقة موجودة على عمق قريب جدًا من السطح، بينما استقرت سفن أخرى في أعماق يزيد بعضها على 100 متر".

سفن غارقة

يضم منتزه "غاليبولي" التاريخي تحت الماء قطعا بحرية مهمة غارقة مثل السفن الحربية "دبليو بيتش" ( W Beach )، و"هليس بارجس" ( Helles Barges )، وسفينة "أرطغرل" الحربية.

كما يضم سفن "آري بورنو" ( Ariburnu )، و"كوتشوكبوني" ( Kuchukbuno )، و"أري بورنو لايتر" ( Ariburnu Layter )، ويضم أيضا سفن "طوزلا" ( Tuzla )، و"ببك قايالقلري" ( iBebek Kayalikları )، و"الغواصة مانعة" ( Mania )، وتوفر هذه السفن الحربية الغارقة وغيرها وجهة فريدة لعشاق الغوص بين النباتات البحرية والسفن الحربية التاريخية.

وفي الذكرى السنوية الـ108 للمعركة قام فريق تصوير تركي بقيادة تحسين جيلان بتصوير حطام كاسحة الألغام البريطانية "لوندي" ( Lundy ) التي يبلغ وزنها 188 طنًّا، والموجودة في مضيق الدردنيل على عمق 27 مترًا، والكائنات البحرية حولها.

كما جرى تصوير المدمرة البريطانية "إتش إم إس لويس" ( HMS Louis )، والتي غرقت في الدردنيل بعد اصطدامها بزورق خلال معركة جناق قلعة، ويوجد حطامها الآن في منطقة رملية على عمق 10-12 مترًا، وتعتبر مقصدًا لعشاق الغوص.

كما أظهرت الصور السفينة الحربية البريطانية "إس إس ميلو") التي جرى بناؤها عام 1865 واستخدمت لنقل المعدات العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى.

وقد ظهر حطام السفينة محاطا بالرمال وأعشاب البحر، على عمق 5-7 أمتار، فيما غطت الشعاب المرجانية أجزاء واسعة من سفينتين غارقتين، بريطانية وأسترالية، كانتا تستخدمان لنقل البضائع والجنود، قبل أن يستقر حطامهما على عمق 25 مترًا في مضيق الدردنيل.

وظهر في صور جيلان أيضًا حطام السفينة الحربية البريطانية "إتش إم إس ماجيستيك" ( HMS Majestic ) على عمق 18 مترًا، والتي نسفتها غواصة ألمانية قبالة ساحل رأس "سد البحر" عند مدخل مضيق الدردنيل، والتي تعتبر واحدة من أهم السفن الغارقة في منتزه "غاليبولي" التاريخي تحت الماء.

كما صور جيلان وفريقه حطام السفن البريطانية "إتش إم إس تريومف" ( HMS Triumph ) و"إس إس بريسلاو" ( SS Breslau )، والغواصة الفرنسية "سفير" ( Saphir )، والغواصة البريطانية "إتش إم إس إي14" ( HMS E14 )، والسفينة الحربية العثمانية "مسعودية".

المصدر : الجزيرة + الأناضول

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد