استغلال حوثي للموظفين.. "حولونا إلى متسولين والآن يزعمون محاربة الظاهرة"

2023-05-20 07:35:15 أخبار اليوم/ متابعات

 

يصعد الطفل "إبراهيم" على متن الحافلات المتوقفة، متوسلاً للركاب أن يشتروا منه اللبان والشوكولاتة، وهي طريقة أضطر لها الكثير من الأطفال، الذين باتوا المعيل الوحيد لعائلاتهم، بعد أن كانت تلك العائلات -وحتى وقت قريب- من ميسوري الحال، قبل أن تسيطر ميليشيا الحوثي على المدن وتدفع ثلثي الشعب إلى المجاعة.

يقول إبراهيم "أنا لا أشحت، لكني أتوسل للناس لكي يشتروا مني لأني يجب أن أبيع صندوق الشكولاتة كله لكي أحصل على صافي ربح ٣٠٠ ريال، أساعد بها في نفقات البيت، وأكثر ما يغضبني هو جواب الناس الله كريم أو الله يديلك وكأنني شحات وأنا لست كذلك، إنني أعطيهم شكولاتة مقابل فلوسهم".

على الجانب الآخر من الشارع تقف هناء التي دفعها الفقر والمرض للتسول، تقول "، إن "زوجي المتقاعد انقطع راتبه منذ ثماني سنوات وكان معيل الأسرة الوحيد" وبانقطاع الراتب لم يعد أمامها هي وزوجها إلاّ الخروج للشارع وسؤال الناس من أجل "أنس" طفلهم المعاق ذي الـ١٣ عاما وفقا للصحوة نت.

 

شعب يتسول

يؤكد صالح البالغ من العمر 40 عاماً، أن "الغلاء وانقطاع الراتب" هو من دفعُه للتسول بعد أن أغلقت أمامه جميع الأبواب، ولم يعد يملك حل أخر، داعيا "جماعة الحوثي إلى إطلاق رواتب الموظفين، وإعادة الحياة العامة لسابق عهدها، وبذلك ستختفي ظاهرة التسول تلقائيا".

ويقول أحد النازحين من محافظة حجة، إنه اضطر للتسول نتيجة النزوح ومرض والدته بالسرطان، وعدم قدرته على دفع تكاليف علاجها إلى جانب الإيجار وإطعام أطفاله، محملا ميلشيا الحوثي "مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الناس".

ويضيف لـ"الصحوة نت": "حولونا إلى شعب متسولين على أبوابهم وكنا قبل ذلك في بيوتنا معززين مكرمين"، مشيرا إلى أن "الحوثي وأنصاره أخرجونا من بيوتنا وقطعوا رواتبنا حتى لم نعد نملك سوى طلب مساعدة أهل الخير"، مستدركا "ليرحل الحوثي وجماعته وسنكون بخير ولن تر في اليمن متسولاً أو صاحب حاجة".

 

انقلاب مشؤوم

منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر ٢٠١٤، تزايدت أعداد الفقراء والمشردين بشكل كبير في اليمن، وتشير آخر الإحصائيات إلى أن أكثر من ٨٠ %، من المواطنين اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، وغالبيتهم من الذين ساءت أوضاعهم جراء انقطاع الرواتب وانعدام قيمة الريال اليمني، إضافة لانتشار الأمراض والأوبئة.

وبحسب يوهان موج، المدير القطري لمنظمة كير اليمن أنه في عام 2014، كان هناك 10.5 ملايين شخص يحتاجون للمساعدة ويعانون من الجوع، "أما الآن فيحتاج أكثر من 24 مليون يمني إلى المساعدة ويعاني 20 مليونًا من انعدام الأمن الغذائي الشديد".

 

ملاحقة الفقراء

تشير المعلومات إلى مساعي ميليشيا الحوثي مؤخرا إلى إنشاء مركز لمكافحة التسول في صنعاء، مهمتها، اعتقال المتسولين وملاحقتهم، ويخشى مراقبون من أن يكون الفقراء والمتسولون الذين هم نتيجة لممارسات الميليشيا وانقلابها، هم الهدف الجديد للجماعة لتعويض النقص الحاد في مقاتليها، ونفور القبائل من المضي معها في مشاريع طائفية رجعية ستحول الشعب إلى عبيد لدى الانتهازيين القادمين من كهوف مران.

وهذا ما يخشاه المتسولون الذين ضاقت بهم الحياة وسُبل العيش واضطروا لاختيار هذا الطريق، بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجوههم، وبات طوق النجاة الوحيدة من الموت جوعاً.

ويحذر أستاذ مادة علم الاجتماع "محمد الخولاني" من قيام جماعة الحوثي باستغلال المتسولين، لتنفيذ أجندات استخباراتية لصالح الجماعة، أو تجنيدهم للقتال في الجبهات، خصوصا بعد معارك مأرب وشبوة الطاحنة التي فقد الحوثيون فيها عشرات الآلاف من المقاتلين العام الماضي.

ويشير الخولاني إلى "أن غالبية المتسولين من الأطفال، تحت سن الـ١٨، هو ما يجعلهم هدفا ثمينا لجماعة الحوثي التي تسعى لتحويل هذه الفئة إلى وقود مستمر لحروبها ضد اليمنيين".

وقال في تصريح إعلامي إنه "ثبت لليمنيين بأن الحوثيين غير مهتمين بأوضاع البلد، ولذلك فإن اهتمامهم بظاهرة المتسولين ورائه سر ما:"، مضيفا "جميعنا يعلم كيف جندت هذه الميليشيا أعدادا من المهمشين واللاجئين، وضمتهم في صفوفها، وهي الآن تسعى لضم المتسولين، مستغلة فقرهم الذي أوصلتهم هي إليه، وإذا صح هذا الاعتقاد فإن اليمن مقبلة على كارثة أخرى جديدة من كوارث الحوثي التي لا تنتهي".

 

ماذا نفعل؟

يتحدث المواطن محمد، عن وضع مأساوي له وعائلته والكثير من زملائه الذين صاروا موظفين بالاسم فقط بدون مرتبات، فهو "يعيل أربعة أشخاص ولا يجد عمل يعيل نفسه به وعائلته سوى بيع "الخيار والملح" وهذا العمل لا يغطي احتياجاته واحتياجات أسرته".

ويتساءل ماذا نفعل؟ وأين تذهب أموال الضرائب والزكاة والجمارك وخيرات البلاد؟، ويشير المواطن إلى الهدنة وتوقف الغارات والحرب نوعا ما لكنه يقول "رغم ذلك زادت المعاناة وزاد الفقر والغلاء، وأخص بالسؤال جماعة الحوثي لأنها تحكم كـ"سلطة أمر واقع" في صنعاء حيث أعيش، أين مرتباتنا؟".

ومنذ أبريل 2022م، دخلت هدنة حيز التنفيذ ورغم انتهائها رسميا في أكتوبر الماضي، إلا أن بعض بنودها ما زالت سارية المفعول، كتوقف الغارات، ودخول المشتقات النفطية وتسيير رحلات جوية، لكن لم يتحسن شيء في حياة الناس، فالجماعة التي وعدت بمرتبات وتزعم أنها تخوض الحرب لانتزاع حقوق الفقراء، أضحت تتاجر بالقضايا الإنسانية.

يؤكد حسن وهو مواطن يعمل في بسطة بأحد الشوارع بصنعاء، أن "الأعمال البسيطة التي كان يحصل منها على بعض المال توقفت بسبب الركود الاقتصادي الذي تمر به اليمن في ظل حكم ميليشيا الحوثي، وان حاله كحال غالبية الشعب يعمل يوما واحدا في الأسبوع وباقي الأيام لا يجد عملا ولذلك لجأ إلى طلب الديون من الأقارب وبيع أثاث البيت".

ويقول مصعب وهو من سكان صنعاء القديمة "، إن "اليمنيين في حيرة من أمرهم ولا يعلمون لمن يشتكون، والموت جوعا صار يهدد حياة آلاف الناس وأرباب البيوت عاطلون عن العمل والآباء عجزوا عن إطعام أطفالهم، فإذا كان هذا حال صنعاء العاصمة، فما بالكم بأحوال باقي المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الجماعة الإرهابية".

ويرجع الخبير الاقتصادي "عبد الله الرحبي"، استمرار المعاناة رغم توقف الحرب (نسبياً) إلى السبب الرئيسي الذي دفع اليمن نحو الفقر والمجاعة، مؤكدا أن هذا السبب لم يكن أبدا ما تسميه ميليشيا الحوثي "العدوان".

ويضيف "فساد الحوثيين وعدم قدرتهم على تحمل مسؤولياتهم في موقع السلطة التي أخذوها بالقوة، إضافة إلى استنزاف الموارد المالية بشكل غير مسبوق وتكديس الأموال الطائلة في الأقبية والكهوف"، هو السبب الرئيسي، محذرا من استمرار المجاعة وحرمان الناس من المرتبات سيجعل صنعاء والمناطق الخاضعة للحوثيين "قنبلة موقوتة على وشك الانفجار في وجه الجميع" .

* نقلا عن الصحوة نت

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد