جنرال لا يمتلك خبرة في الشؤون الدبلوماسية..

ماذا تعني خطوة طهران الخاصة بتعيين رمضاني سفيرًا في صنعاء؟

2024-09-08 02:57:50 اخبار اليوم/ برّان برس / هشام طرموم

   

في ظل تزايد الجهود الأممية والدولية والإقليمية الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن، أعلنت جماعة الحوثي، المدرجة عالميًا في قوائم الإرهاب، عن استقبالها لسفير إيراني جديد بعد نحو ثلاث سنوات من وفاة السفیر السابق، الذي أفادت تقارير إعلامية أنه قُتل في جبهات مأرب.

أثارت هذه الخطوة المفاجئة، خاصةً في ظل الاتفاق السعودي الإيراني والمفاوضات المباشرة بين الحوثيين والسعوديين، العديد من التساؤلات حول دلالاتها وتأثيرها على الجهود الدولية الرامية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن. كما تطرقت إلى مستقبل الهدنة الأممية الهشة التي أُعلنت منذ أبريل 2022، بالإضافة إلى الخيارات المتاحة للحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية.

**مرحلة جديدة**

وفي سياق دلالات هذه الخطوة، صرح الكاتب والباحث اليمني أحمد صالح العطعطي، لوكالة برّان برس، بأن هذه التحول يأتي ضمن إطار انتقال النفوذ الإيراني من مرحلة التوسع البري وفرض السيطرة على أربع عواصم عربية إلى مرحلة التوسع البحري.

وأفاد العطعطي أن هذه التصريحات جاءت نتيجة لعدة رسائل من طهران تشير إلى أن الممر التجاري الحيوي الذي يربط بين الشرق والغرب، المتمثل في البحر الأحمر وخليج عدن، أصبح نطاق نفوذ إيراني بفضل ذراعها في جنوب الجزيرة العربية، المتمثل بجماعة الحوثي.

وبهذا السياق، أوضح أن طهران دخلت في مرحلة جديدة من دعم الحوثيين، والتي تجلت في إعلانها عن تعيين سفير لها لدى الحوثيين. وقد سبقت ذلك تصريحات لقائد الثورة الإيرانية في 13 أغسطس/آب عبر التلفزيون الإيراني، حيث أكد أن إيران ستدعم الحوثيين بكافة الوسائل المتاحة.

ويعتبر المتحدث أن ما حدث هو تعيين قائد إيراني في اليمن تحت غطاء سفير، مشيرًا إلى أن رمضاني هو جنرال في قوات الدفاع الجوي التابعة للحرس الثوري الإيراني، وليس له أي صلة بوزارة الخارجية الإيرانية، وذلك وفقًا لما ورد في صحيفة الاندبندنت.

تتجلى الدلالات العسكرية، وفقًا للباحث العطعطي، في اكتمال التموغر الإيراني في اليمن، وسعيه للسيطرة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وتمديد نفوذه إلى القرن الإفريقي. بالإضافة إلى ذلك، يستمر النظام الإيراني في تعزيز القدرات العسكرية لجماعة الحوثي بما يتناسب مع أهداف الهيمنة الإيرانية، وخصوصًا في مجالات القوات الصاروخية والطائرات المسيرة، نظرًا لأنها تقع ضمن نطاق تخصص القائد السفير.

بحسب الباحث اليمني، تتجلى الدلالات السياسية في إظهار الدعم السياسي المطلق للحوثيين، مما يشير إلى أنهم جزء لا يتجزأ من المنظومة السياسية والدبلوماسية الإيرانية، مما يعزز من النفوذ الإيراني.

وعلاوة على ذلك، يعتبر العطعطي أن هذه الخطوة الإيرانية تمثل رسالة واضحة إلى المملكة العربية السعودية، مفادها أن صنعاء ستكون تحت النفوذ الإيراني، ولا مجال للسعودية فيها.

تطمين واحتواء

من جانبه، قال الصحفي والباحث المختص في الشأن الإيراني، عدنان هاشم، إن تعيين سفير لطهران في صنعاء “تأكيد على استمرار الحوثيين في تعزيز موقعهم كرأس حربة للمحور في وقت تواجه فيه إيران مخاطر الحرب”، لافتًا إلى هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، والتي قال إنها عززت “موقع الحوثيين في محور المقاومة، وبالتالي في الاستراتيجية الإيرانية”.

وبرأيه، فإن الحوثيين كانوا “يشعرون بالشك في وجودهم ضمن المحور الإيراني بعد الاتفاق السعودي/الإيراني برعاية صينية، لذلك أرادت طهران تطمينهم عن طريق تعيين سفيرًا لها”.

من جانب آخر، قال الباحث، إن الحوثيين “متهورون”، ولهذا “ينظر الاستراتيجيون الإيرانيون للجماعة في نهج الحوثيين الصدامي مصدر خطر وإزعاج يمكن أن يجر إيران إلى حرب تحرص طهران على إبعادها عن أراضيها وعدم الدخول لها”.

لذلك، يرى الإيرانيون، وفق الباحث “عدنان”، أن “وجود سفير يشارك بشكل رسمي ومباشر باسم السلطة الإيرانية الجديدة (معظمها من الإصلاحيين) يساعد في تخفيف حدة خطاب الحوثيين، ومنع انجرار بلادهم إلى حرب”، معتبرًا إعلان بعثة إيران في الأمم المتحدة موافقة الحوثيين على قطر الناقلة سونيون مؤشراً على ذلك.

وبالإضافة لما سبق، اعتبر هذه الخطوة “رسالة لدول الجوار الخليجي، مفادها أن التخلي عن الحوثيين في الوقت الحالي أصبح صعباً.. وهذا يعني أن التفاهمات التي رعتها بكين لتخفيف المعضلة الأمنية بين ضفتي الخليج بحاجة إلى مراجعة من صناع القرار في طهران والرياض”، حد قول الباحث.

استجابة للتطورات

عن توقيت الخطوة وسياقاتها، قال الكاتب والباحث “العطعطي”، إنها تأتي تزامنًا مع “ارتفاع حدة التوتر بين إيران والقوى الدولية نتيجة توسيع إيران لنفوذها من البر العربي إلى البحر، واستهداف خطوط الملاحة الدولية”.

واستجابة لهذه التطورات، أوضح أن “إيران ووفقًا لاستراتيجيتها المعروفة بنظرية «ام القرى»، والتي تؤكد أن الجمهورية الاسلامية يجب أن تنقل عناصر التوتر والصراع والخطر في حال توقعه من مجال الاستهداف المباشر لإيران إلى الصراع مع الأذرع والكيانات الموالية «كالحوثيين وحزب الله والحشد وغيرها”.

ومن دلالات التوقيت، تحدث “العطعطي”، عن “استكمال طهران احتواء الانتفاضة الداخلية التي اندلعت نهاية 2022، والتي دفعتها لتوقيع اتفاق تفاهمات وإعادة علاقات مع السعودية العام الماضي في محاولة للتفرغ للجبهة الداخلية وبالتالي تأخير تعيين خلفًا لسفيرها لدى جماعة الحوثي حسن إيرلو، إضافة إلى توحيد جبهتها الداخلية بانتخاب رئيس ذي ميول إصلاحية خاضع للحرس الثوري”.

ولهذا يرى أنها “اطمأنت إلى الجبهة الداخلية، وانتقلت إلى الاهتمام بالجبهة الخارجية بأسلوب تصعيدي يعكس ثقتها في إجراءاتها السابقة، وحاجتها لأن تبعث رسالة للإقليم بأنها من الآن ستكون اللاعب الأوحد شمال اليمن”.

رمضاني والسلام

وعن تأثير هذه الخطوة على خارطة الطريق وجهود السلام في اليمن، قال “العطعطي”، إنها “تصعيدًا، وموقفًا واضحًا يلغي خارطة السلام الحالية، ويعتبرها شيئًا من الماضي تجاوزها الواقع”. وهذا برأيه يأتي “وفق التكتيك الإيراني الذي يناور حتى يتم صناعة واقع جديد يتجاوز المرحلة التي يعيشها الآخرون”.

وتوقع الباحث العطعطي، في حديثه لـ“برّان برس”، أن هذا التصعيد “سيكون له تأثير سلبي على الاتفاق مع السعودية، والذي كان من ضمن أهدافه تخفيض عناصر التوتر في اليمن”.

وقال إن “النوايا الحقيقة لإيران لا تتجه نحو السلام”، معتبرًا حديثها عن السلام “مجرد تكتيكات تتناقض مع تحركاتها الواقعية لتحقيق مزيد من المكاسب السياسية والاستراتيجية على حساب استمرار المعاناة الإنسانية في اليمن”.

وأوضح أن السفير “لا علاقة له بوزارة الخارجية ولا بالحكومة الإيرانية، وهو جنرال يعمل ضمن قوات الدفاع الجوي التابعة للحرس الثوري المرتبطة بقيادة الثورة في إيران، وعضو في قيادة قوات فيلق القدس المكلفة بالسيطرة على المنطقة العربية من خلال نشر الفوضى، وإسقاط الأنظمة، وتوسيع النفوذ العسكري، والأمني والسياسي الإيراني”.

من جانبه، استبعد الباحث في شؤون الخليج وإيران، عدنان هاشم، أن يكون للسفير الإيراني الجديد لدى الحوثيين تأثير في محادثات السلام، حيث أن أهداف الحوثيين واضحة؛ يريدون كل الأراضي وعائدات النفط والغاز ومعظم السلطة”.

وأضاف “هاشم” في حديثه لـ“برّان برس”، أن الحوثيين “يشعرون أنهم في مكان أعلى بكثير من الحكومة المعترف بها دولياً، ويريدون حواراً مع الأحزاب والكيانات وليس مع الحكومة ولن يتخلوا عنها، فهم من يعقدون الوصول للسلام ولا أحد غيرهم”.

بناء نظام ولي فقيه

وعن الدور الذي سيقوم به السفير الإيراني، قال الباحث عدنان هاشم، إنه “بالنظر إلى دور السفير السابق فإنه يساعد في بناء نظام ولي فقيه في مناطق الحوثيين أشبه بالموجود في إيران، واستنساخه”.

وأضاف أنه “في العادة سيحرص على أن تبقى جماعة الحوثي متوحدة بدون انقسامات في الوقت الحالي مع احتمالات دخول إيران في حرب إقليمية”.

أمام الباحث العطعطي، فرأي في حديثه لـ“بران برس”، أن السفير الإيراني “سيمارس القيادة الفعلية على المستوى الأعلى للجماعة الحوثية، وسيكون على رأس الضباط والخبراء الإيرانيين واللبنانيين الذين يعملون في المستويات القيادية الأخرى للجماعة”.

وإضافة إلى ذلك، قال إنه سيقوم بـ“توجيه أنشطة الجماعة العسكرية والأمنية بما يتماشى مع أولويات قيادة الثورة الإيرانية وتنفيذ استراتيجيتها في المنطقة.. وميدانيًا، سيتولى الإشراف على مواصلة بناء القدرات العسكرية والتنظيمية للحوثيين؛ بما يكفل القدرة على تنفيذ الاستراتيجية الإيرانية”.

وتتمثل هذه الاستراتيجية، وفق “العطعطي”، في “مواصلة توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، وفي مقدمتها استهداف المملكة العربية السعودية التي تعتبرها إيران العائق الأكبر والعدو الأول الواقف أمام استكمال تنفيذ استراتيجيتها”.

خيارات الرد

عن خيارات الحكومة اليمنية للرد على هذه الخطوة، قال الباحث العطعطي، إنه “يمكنها توظيف مركزها القانوني القوي والإجماع الدولي بالاعتراف بها والاستفادة منه في محاصرة الحوثي وعزلة، إضافة إلى نقل جميع أنشطة الدولة المركزية من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن”.

وأضاف أنه يمكنها أيضًا “تنشيط الديبلوماسية في عزل جماعة الحوثي، وتوظيف التصعيد الإيراني المتمثل في سلوكها الدبلوماسي الشاذ والوحيد من نوعه في العالم، والمخالف للبروتوكول الدبلوماسي الدولي بالتعامل مع سلطة الميليشيا الانقلابية المتمردة المتمثلة في جماعة الحوثي في سياق نشر الفوضى والقرصنة في المنطقة واستهداف طرق الملاحة، هذا بالنسبة للخيار السياسي”.

ومن خيارات الحكومة أيضا، وفق العطعطي، “الخيار العسكري المتمثل في تنفيذ إعلان نقل السلطة المتضمن توحيد القوات العسكرية والأمنية، وإعادة بنائها وتأهيليها استعدادًا لمعركة حتمية ضد الذراع الإيرانية في اليمن، وتوظيف التصعيد الإيراني والتوتر مع القوى الدولية في دعم إجراءات الحكومية والضغط على الأطراف المتلكئة والمترددة ضمن نطاق الشرعية”.

لا موقف سعودي

وأما عن تأثير هذه الخطوة على الاتفاق السعودي الإيراني، لا يستبعد “العطعطي”، أن “تصعيدًا من هذا النوع سيكون له تأثير سلبي على الاتفاق، خصوصًا وأن من أهدافه تخفيض عناصر التوتر في اليمن”، لافتًا إلى أن إيران أبدت “استعدادها للتعامل الإيجابي مع أي خارطة طريق، وأيدت ضمنيًا المبادرة السعودية والأممية”.

وعن موقف السعودية، قال إنها “تتعامل بنفس طويل مع السلوك الإيراني في الإقليم، وبحدة نسبية مع السلوك الإيراني السلبي المباشر مع المملكة”. ولهذا قال إن “المملكة ستجعل دعم إيران من عدمه لخارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة هي المحك الذي يترجم السلوك الإيراني ويتحدد على ضوئه الموقف السعودي من إيران”.

وبرأيه فإن “المملكة تركز على الأهداف النهائية كإحلال السلام، وضمان إيجاد الردع والحماية للملكة تجاه التهديدات المستقبلية المحتملة” ويجري هذا برأيه، “عبر توقيع اتفاقيات وعقد صفقات دفاعية وأمنية مع القوى الكبرى والعمل على إيجاد تفوق اقتصادي مطلق في المنطقة عبر تنفيذ رؤية ٢٠٣٠، التي تعتقد أنها ستكون سلاح فعال في جذب مزيد من الحماية والمساهمة في هزيمة المنافسين”.

واستدرك: “بينما إيران تركز على التكتيكات وتراكم عناصر القوة وصولا للهيمنة والتقدم بخطوات على كل ما كان ماضي أو حاضر”، حسب قوله.

وغير بعيد، استبعد الباحث عدنان هاشم، صدور موقف رسمي عن السعودية “خاصة أن المملكة تعتبر نفسها في الوقت الحالي وسيطاً، وهي ضمن جهد دولي للضغط دبلوماسياً على الإيرانيين بتخفيف حدة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر”.

وفي 27 أغسطس/ آب 2024، كشفت جماعة الحوثي المصنفة على قوائم الإرهاب، عن هوية “سفير” جديد لإيران لديها، وسط غموض عن كيفية وصوله إلى العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الجماعة.

والأحد 1 سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت جماعة الحوثي عن استقبال رئيس مجلسها السياسي، مهدي المشاط، لمن وصفته بسفير إيران الجديد في صنعاء، يدعى “علي محمد رمضاني”، خلفًا للسفير السابق حسن إيرلو، الذي قضى بظروف غامضة أواخر العام 2021.

وفي مارس/آذار 2023، أعلنت الصين عن نجاحها في إعادة العلاقات بين طهران والرياض، بعد سنوات من القطيعة، إثر اتهام الأخيرة للأولى بالتدخل في شؤون المنطقة الداخلية، ودعم مليشيات مسلّحة لزعزعة الاستقرار.

                                           

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
صحفي من تهامة يروي تفاصيل مرعبة لعملية اختطافه وتعذيبه ولحظة مهاجمة الحوثيين لمنزله بالأطقم العسكرية

بينما كنت أمسح رأس طفلي، كانت أصوات المليشيات الحوثية تتردد في أرجاء منزلي الكائن في السلخانة الشرقية، بمديرية الحالي، في يوم 13 نوفمبر 2018. في سردٍ مأساوي مليء بالقهر والألم، يستعرض محمد علي الجنيد، تلك اللحظة الفارقة ال مشاهدة المزيد