تشهد محافظة حضرموت، الغنية بالموارد النفطية وتعدُّ إحدى المحافظات الاستراتيجية في اليمن، تزايدًا ملحوظًا في التنافس بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد أظهرت ورقة تحليلية حديثة أن السنوات الأخيرة قد شهدت تصعيدًا ملحوظًا في هذه المنافسة.

وسلطت ورقة تحليلية حديثة الضوء على التنافس المتزايد بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن، لاسيما في محافظة حضرموت التي تُعتبر منطقة استراتيجية غنية بالنفط، وتمثل ثلث مساحة البلاد.

وأكدت الورقة، التي أصدرها مركز المخا للدراسات، أن هذا التنافس بين الجانبين يترافق مع خطوات تصعيدية متبادلة.

ودفعت الإمارات بـالمجلس الانتقالي الجنوبي لرفض إنشاء مجلس حضرموت الوطني وتنظيم فعاليات مثيرة للجدل. في المقابل، قامت السعودية بتقديم الدعم للحكومة الشرعية وقوات "درع الوطن" بهدف تعزيز موقفها العسكري والأمني في المحافظة.

وناقشت الورقة البحثية، التي أعدها الدكتور إسماعيل السهيلي، السيناريوهات المحتملة لمسار التنافس السعودي الإماراتي في حضرموت، مشيرةً إلى ثلاثة خيارات رئيسية. الخيار الأول يتمثل في الاستمرار في الوضع الراهن مع الحفاظ على توازن هش بين القوى المتنافسة. أما الخيار الثاني فيتعلق بالتوصل إلى تسوية توافقية بين الرياض وأبوظبي تكفل مصالحهما ضمن إطار دولة يمنية موحدة. في حين أن الخيار الثالث يشير إلى إمكانية تصاعد حدة التنافس، مما قد يفضي إلى اندلاع مواجهات مباشرة بين القوى المدعومة من كلا الطرفين.

أشارت الورقة إلى أن الوضع في حضرموت يبقى معقدًا وحساسًا، مما يستدعي اتخاذ سياسات تهدئة من قِبل جميع الأطراف، والعمل نحو تحقيق تسويات تضمن مصالح الجميع ضمن إطار يمن موحد ومستقر.

كما أوضحت الورقة أن لحضرموت أهمية خاصة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، نظرًا لامتدادها الحدودي الطويل معها والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية الوثيقة التي تربطها بكبريات القبائل الحضرمية في المملكة.

وأكدت التقارير إلى أن الإمارات لم تكن تملك ارتباطًا ملحوظًا بحضرموت قبل انخراطها في التحالف العربي عام 2015. ومع ذلك، فقد اعتبرت هذه المشاركة فرصة لتعزيز وجودها السياسي والعسكري في اليمن، من خلال انتهاج سياسة الانتشار الاستراتيجي خارج حدودها.

وأوضحت الورقة أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد ركزت جهودها على السيطرة على السواحل والموانئ والجزر الاستراتيجية الواقعة في جنوب اليمن. يهدف هذا التركيز إلى تعزيز نفوذها في كل من المحيط الهندي والقرن الأفريقي. في إطار تحقيق هذا الهدف، قامت الإمارات بتأسيس قوات محلية مثل قوات النخبة الحضرمية، التي تم إنشاؤها بهدف السيطرة على مدينة المكلا والمناطق المحيطة بها. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الإمارات الدعم للأجهزة الأمنية المحلية ووفرت الموارد اللازمة لضمان استمرار سيطرتها في تلك المناطق.

 المعطيات أشارت إلى أن المملكة العربية السعودية اعتمدت مجموعة من السياسات والمبادرات لمواجهة النفوذ المتزايد للإمارات في محافظة حضرموت، وتعزيز دور الحكومة الشرعية والمكونات المجتمعية الموالية لها.

وتوضح الجوانب البحثية أن الرياض قد دعمت إنشاء مجلس حضرموت الوطني في يونيو 2023، كهيئة سياسية تعبر عن تطلعات المجتمع الحضرمي، بالإضافة إلى تمويل مشاريع تنموية في المحافظة بهدف تعزيز الاستقرار وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.