بين الفساد.. والفكـر الفاسد

2010-05-10 16:42:32

لاشك أن الحديث عن الفساد في بلادنا وما ينشر عنه بصفة دائمة بوسائل الإعلام أقل بكثير من الحجم الطبيعي لذلك الفساد الذي تعاني منه اليمن خاصة في الظرف الراهن وإذا كان من مظاهر الفساد استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مصالح شخصية فإن أنواعه مختلفة وأشكاله متعددة كفساد الضمير والنفس معاً وتلك آفة كبيرة وإشكالية قائمة في الواقع لأن الطبيعة البشرية مسكونة بنزعتي الخير والشر والحق والباطل ولا يعني ذلك تبريراً للفساد أو القول بأن البلد كلها فاسدة وإنما تعاني اليمن من فساد مركب يتربع على كل شيء ويتداخل بين ما هو أخلاقي وسياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي تلك آفة أخرى ابتليت بها اليمن، خاصة في السنوات الأخيرة حيث يتحدث الفاسدون عن الشرف كأنهم آخر الرجال المحترمين وربما يتهمون غيرهم ويرفعون في وجوههم أصابع الاتهام كستار دخان يخفون وراءه تصرفات وأفعال يجرمها القانون، الذي تحت مظلته تفشى الخداع والنفاق والرياء وذلك من أشد أنواع الفساد والذي ينخر في الجهاز الحكومي كالسوس، وما كان لذلك الفساد أن يصير ظاهرة عامة يشكو منها الجميع إلا نتيجة حتمية لوجود الفكر الفاسد وهو أظهر في الآونة الأخيرة حقيقة جديدة مفادها أن المشكلة في الفساد العمومي وخاصة المالي والإداري فحسب وإنما في الفكر الفاسد الذي يغذي ذلك الفساد حتى وصلت نتائج ذلك الفساد المدمر ليشمل جميع مرافق الحياة لذلك لن ينتهي الفساد إلا بانتهاء الفكر الفاسد الذي هو ممارسة ممنهجة للفساد والمفسدين وشعاراً رئيسياً للفاسدين وبقدر ما هو فساد حقيقي يستند إلى فكر فاسد فإنه من صنع عقول محترفة تهيئ الأجواء السياسية والاقتصادية لمزيد من الغضب والاحتقان والتمرد والعصيان خاصة والفقراء المتضررون من ذلك الفساد هم الغالبية العظمى من الشعب مقتنعين بأن الفاسدين هم الذين يختطفون لقمة عيشهم، كما أن أولئك الفاسدين أيضاً وراء نشر الحقد والغل والكراهية بين المواطنين وهو أمر يهدد السلام الاجتماعي والوئام المدني ولم يعد خافياً على أحد بأن الفساد يستهدف إظهار البلد بصورة مشوهة كما هي عليه الآن حيث تنعدم فيها ثقة الناس بأنفسهم.

في مرحلة هي أشد مما سبق وأن مرت بها اليمن حتى جعل الفكر الفاسد الجميع بلا نزاهة ولا نزهاء في اليمن وأن الكل ضالع في تزوير الواقع بدليل أن الحكومة لا تتستر على ذلك الفساد فقط لكنها مظلة لاستمرار الفاسدين في فسادهم حتى يتمدد الفكر الفاسد وينتج المزيد من الفاسدين إضافة إلى الاختلال الكبير المتمثل باستمرار أجندة الأزمات التي جرى صناعتها وأجنده أزمات أخرى يجري تجهيزها وتفجيرها في وجه الناس "الفقراء والبسطاء" بهدف تضليل وعيهم من جانب وللقضاء على رصيد الثقة المتبقي لديهم حتى أن رعاية الحكومة لذلك الفساد يعني دفع أولئك الناس من خلال السياسات الخاطئة إلى حافة الثورة والتمرد لأن كل الأزمات التي مرت بها اليمن لم تكن عفوية ولكن كانت نتيجة لفعل فاعل تداخل بين ماهو داخلي وما هو خارجي ولم تكن كما يقولون سبب نقص الإمكانيات أو شحة الموارد وإنما نتيجة حتمية لمؤامرات لوبي الفساد الخفي، ودليل آخر يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك ليس فشل الحكومة في توفير احتياجات الناس فحسب وإنما اختارت دور اللاعب الحقيقي في إدارة الأزمات السابقة واللاحقة.

ولا يجرؤ أحد في هذه المرحلة سواءً في السلطة أو المعارضة على تبرئة نفسه من الفساد وتأثيراته التي تجتاح اليمن ونحن هنا لا نكرس ثقافة اليأس والإحباط لكن الحكومة بوضعها القائم غير قادرة على الحد من الفساد لأنها أحد أبرز نتائجه بسبب أن الفساد بات منظومة متكاملة تعمل بأداء وفعالية وهو ما يجعلنا نعلم أن التخلص من الفساد لن يكون إلا متى ما تم التخلص من الفكر الفاسد والقضاء عليه.<

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد