حالة طوارئ وانتشار عسكري استثنائي.. الحوثيون في حالة رعب بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر

2024-09-26 03:17:54 أخبار اليوم - متابعات

   

تشهد ثلاث مدن يمنية خاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية حالة طوارئ غير معلنة تزامنًا مع اقتراب الذكرى الثانية والستين لثورة 26 سبتمبر (أيلول).

تأتي هذه الإجراءات في ظل المخاوف من إمكانية اندلاع انتفاضة شعبية.

وقد قامت الميليشيات بنشر قواتها في الشوارع والأحياء داخل هذه المدن، كما أغلقت ساحة السبعين المخصصة للعروض الرئيسية في جنوب صنعاء، واستمرت حملات الاعتقال.

ومع أن الميليشيات الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء عادت وأعلنت احتفالها بالذكرى السنوية للثورة التي أطاحت بأسلاف زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، فإنها واصلت حملة المطاردة والاعتقالات للنشطاء، وأرسلت تعزيزات من عناصر المخابرات النسائية إلى مدينة الحديدة، كما نشرت قوات كبيرة في جنوب مدينة صنعاء وفي أحياء مدينة إب.

وذكر سكان في صنعاء وإب والحديدة لـ"الشرق الأوسط" أن مخابرات الميليشيات واصلت حملة المداهمة والاعتقالات التي طالت المئات في المدن الثلاث لمنع الاحتفال بالذكرى السنوية للثورة.

وترافقت هذه الحملة - بحسب المصادر - مع انتشار أمني غير مسبوق؛ إذ تمركزت قوات كبيرة في الشوارع ومداخل الأحياء في جنوب صنعاء والواقعة بالقرب من ميدان السبعين، وهو ساحة العروض الرئيسية في المدينة.

كما أعلنت الحكومة الانقلابية تنظيم حفل لإيقاد الشعلة في ميدان التحرير، وسط المدينة، في محاولة لامتصاص النقمة الشعبية.

تعزيز أمني

في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) ذكر السكان أن الميليشيات الحوثية عززوا قواتهم في المدينة، ونشروا قواتهم في شوارع وأحياء المدينة، واعتقلوا النشطاء الذين دعوا للاحتفال بذكرى الثورة.

وأفادت المصادر بأن الميليشيات استدعت وحدات قتالية من خطوط التماس مع القوات الحكومية في محافظتي تعز والضالع المجاورتين؛ لتعزيز قبضتها على أحياء المدينة التي باتت مركزاً لمعارضة نظام حكمها.

وذكر السكان أن الاعتقالات طالت مسؤولي الأحياء والذين يتهمون بالتواطؤ مع الداعين لإحياء المناسبة.

ورغم إجراءات القمع التي تتبعها الميليشيات مع الداعين للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم، فإن السكان استمروا في رفع الأعلام الوطنية على قمم الجبال وفي الأرياف، كما رددت المدارس الأناشيد الوطنية المكرسة للاحتفال بالمناسبة، فيما استمر النشطاء والمنظمات في إصدار بيانات التنديد والاستنكار لحملة الاعتقالات.

هذه التطورات ترافقت وتأكيد نشطاء أن الحوثيين يخططون لاستهداف النساء في صنعاء وإب، وأن اتهامات "بشعة" قد جهزت لهن بالاتفاق مع مسؤولي الأحياء والتشكيلات الأمنية النسائية المعروفة بـ"الزينبيات" والأمن الوقائي وباقي الجهات الأمنية، كما تولت هذه المجموعات مراقبة مراسلات مجموعات "واتساب" لمن يدعو للاحتفال بثورة "26 سبتمبر" واستدعائهم وسجنهم.

تهديدات حوثية

هدّد أحد القيادات المقربة من زعيم ميليشيا الحوثي، بقطع رؤوس جميع الذين يحتفلون بذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962، التي ألغت الحكم الإمامي في البلاد.

 ويأتي هذا التهديد في سياق الحملة التي تقوم بها الميليشيات لقمع أي مظاهر احتفالية بهذه المناسبة.

واتهم رئيس وكالة سبأ التابعة للميليشيات نصر الدين عامر، في فيديو تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، المحتفلين بذكرى الثورة بأنهم أدوات الصهيونية.

وأشار إلى أن هناك مساعي لاستخدام أوراق في الجبهة الداخلية وتحريك الشارع لإثارة الفوضى والقلاقل، مما يستهدف الأمن والسكينة العامة للناس، وهذا أمر مرفوض تماماً.

وأضاف عامر أن "القوى الوطنية في الداخل متفقة على كيفية الاحتفال بالأعياد الوطنية، وما دون ذلك فهو تصرف من العدو، وأي واحد يقول إنه غبي وغير فاهم، وراح يميناً أو يساراً فهو يتحمّل مسؤولية نفسه، لأنه حين نقول عدو، مفهوم ماذا نعني بعدو، ومفهوم كيف نتعامل مع العدو، فنحن مع العدو لا نرحم أبداً، والمطلوب من الأجهزة الأمنية أن تحمي البلد والناس من العدو، ومعروف كيف تتعامل مع العدو".

وتابع: "واحد يلعب برأسه أو بذيله هذا تابع للعدو، ومعروف كيف نتعامل مع العدو. نحن آخر من يرحم العدو، نحن لا نرحم الأعداء أبداً، ولا نشفق بهم، هذا للعلم والإحاطة، ولتكون الصورة واضحة تماماً".

وأشار القيادي الحوثي إلى بيان حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء) الذي دعا لعدم افتعال أي مشكلة والاحتفال بالأعياد الوطنية في أماكنها المخصصة وفق ما تقيمه الدولة بدون أي حركة، مضيفاً: "يعني أن أي تحرك يميناً أو يساراً واضح ومكشوف أنه تقف خلفه أدوات صهيونية وأدوات المتصهينين الذين يحركونهم في الداخل، وأنها حركات تابعة للعدو، ولا يوجد التباس حول ذلك".

واستطرد: "لا تقل لي إننا نخاف من الرأي العام الدولي أو التصنيفات أو العقوبات، فنحن آخر ناس نخاف من هذه الأشياء، ولا نفكر فيها، يعني لو يطلعوا بخيط وينزلوا بشعرة كما يقول المثل الشعبي، لن يكون إلا الصحيح".

واعتبر القيادي الحوثي الاحتفال بذكرى سبتمبر محاولة للي ذراع جماعته لوقف عملياتها العسكرية، وقال: "عملياتنا العسكرية لن تتوقف أبداً، ومن يريد أن يضغط علينا ويلف ويدور ويلوي ذراعنا لن يستطيع أبداً، ومن يحاول أن يلوي ذراعنا نخلع رأسه، وهذه طبيعتنا وأسلوبنا، ولا نهتم للرأي العام ولا لأحد أبداً".

وتضاف تهديدات القيادي الحوثي إلى سلسلة التهديدات الصريحة التي أطلقها عدد من قيادات الميليشيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ضد كل من يفكر في الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، حيث حذرت من حملات قمع واسعة وعمليات اختطاف وحتى القتل، وذلك في مسعى منها لإسكات أي صوت معارض وكبت الحريات العامة.

وفي سلسلة من التغريدات المثيرة للجدل، هدد قادة حوثيون بارزون، مثل محمد علي الحوثي عبدالله النعمي وأحمد مطهر الشامي، بمعاقبة كل من يشارك في الاحتفالات، مستخدمين عبارات تحريضية ووعود باستخدام القوة واتهامهم بالعمالة، مما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذين تحت سيطرة الجماعة.

ومن تلك التهديدات ما كتبه القيادي الحوثي عبدالله النعمي: "إخراج النساء إلى الشوارع للرقص والتصفيق والتصفير بدعوى الاحتفال بثورة الـ 26 من سبتمبر ثم الدفع بهن للاحتكاك برجال الأمن ثم تجهيز قناصين لقنص وقتل البعض منهن كل هذا المخطط قد كشف وتسرب وقد تم القبض على بعض العناصر الموكل إليها تنفيذ المخطط ومع ذلك سيفشلون بإذن الله ومكر أولئك هو يبور".

من جانبه قال عضو المجلس السياسي التابع للميليشيات محمد علي الحوثي: " رفعوا علم ثورة 26 في عدن إذا كان الأخوة في الجنوب رافضين رفع العلم والاحتفال بثورة 26 سبتمبر فيها".

وقال أحمد مطهر الشامي: " ما أجمل الصميل الجمهوري لوما يقرح فوق راس الجملوكيين" مع ارفاق صورة لهراوات في إشارة إلى نية الجماعة استخدام القوة ضد المحتفلين، وهي ذات الصورة والتهديد الذي أطلقه رئيس لجنة الأسرى التابعة للميليشيات وصاحب التاريخ السيئ في تعذيب المختطفين في سجون الميليشيات عبدالقادر المرتضى.

وكان زعيم الميليشيات قد أطلق تحذيراً شديد اللهجة في خطابه الأخير واتهم المحتفلين بالثورة بالعملاء، وأطلق عليهم مصطلح "الجملوكيين" الذي أمست تستخدمه القيادات الأخرى في وصفهم.

وتشن ميليشيا الحوثي منذ مطلع شهر سبتمبر، حرباً على اليمنيين الذين دعوا أو عبروا عن تقديرهم لثورة سبتمبر، واختطفت نحو 300 ناشط وصحفي وأكاديمي وزعيم قبلي، جلهم في محافظة إب، ثم في صنعاء وذمار والحديدة وعمران وحجة وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وذلك على خلفية دعوتهم للاحتفاء بذكرى الثورة.

كما نشرت الميليشيات عناصرها في عدد من الشوارع لا سيما في إب والحديدة، وقطعت ساحات أقيمت فيها الاحتفالات الشعبية بالمناسبة العام الماضي، كما استدعت شخصيات ووجاهات اجتماعية وحذرتهم من الاحتفاء بذكرى الثورة، كما أجرت قيادات في الميليشيات اتصالات بنساء خرجن العام الماضي للاحتفال في صنعاء وإب وحذرتهن أيضا من الخروج يوم الخميس، واحتجزت سيارات بذريعة الاشتباه في حوادث مرورية، وبعد المتابعة أبلغ أصحابها أنه لن يسمح بخروجها إلا بعد 26 سبتمبر، وذلك لمشاركتها في احتفالات الذكرى قبل عام.

تنديد حكومي

قال وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، ماجد فضائل، إن القمع الذي يمارسه الحوثيون ومنع الاحتفالات بذكرى "ثورة 26 سبتمبر"، مؤشر خطير لسير الميليشيات الحوثية نحو إعادة فرض نموذج من الحكم الاستبدادي الطائفي، ورأى أن التحولات الأخيرة في ممارسات الجماعة تجاه الهوية الوطنية تعكس مخاوفها من فقدان السيطرة على مناطق نفوذها.

وأكد فضائل، وهو عضو الوفد الحكومي المتعلق بملف الأسرى، أن حملات الاختطافات جزء من حملة أوسع لإسكات الأصوات التي تنادي بالقيم الجمهورية والتعددية الفكرية. وأضاف أن النظام الحوثي يعتمد على القمع والاستبداد لإسكات أي صوت يخالف توجهاته أو يهدد نفوذه.

واتهم المسؤول اليمني الميليشيات الحوثية بالسعي لإزاحة المناسبات الوطنية من الذاكرة الجمعية لليمنيين؛ لأنها تُشكل تهديداً لسلطتها، مستغلة المناسبات الدينية أداةً لتحقيق أغراضها السياسية.

ورأى أن محاولة إبراز الاحتفالات الدينية على حساب الاحتفالات الوطنية يعكس توجه الحوثيين لربط السلطة الدينية بالسلطة السياسية، في محاولة لإعادة إنتاج نموذج مشابه لما كان عليه الحال قبل النظام الجمهوري.

                                         

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
صحفي من تهامة يروي تفاصيل مرعبة لعملية اختطافه وتعذيبه ولحظة مهاجمة الحوثيين لمنزله بالأطقم العسكرية

بينما كنت أمسح رأس طفلي، كانت أصوات المليشيات الحوثية تتردد في أرجاء منزلي الكائن في السلخانة الشرقية، بمديرية الحالي، في يوم 13 نوفمبر 2018. في سردٍ مأساوي مليء بالقهر والألم، يستعرض محمد علي الجنيد، تلك اللحظة الفارقة ال مشاهدة المزيد