تعيش لبنان واحدة من أصعب لحظاتها في تاريخها الحديث، وذلك بعد تصاعد وتيرة الحرب الإسرائيلية عليها، وقيامها بشن ضربات متتالية بهدف القضاء على زعماء المقاومة هناك، وعلى رأسهم حسن نصرالله زعيم حزب الله، الذي قتل خلال إحدى الغارات الإسرائيلية على الجنوب، لتعيد تلك الحرب إلى الأذهان معاناة اللبنانيين في النزوح أثناء حرب تموز (يوليو) 2006، التي استمرّت 34 يومًا، وأدّت حينها إلى نزوح نحو 600 ألف شخص، وسط تقديرات بنزوح أكثر من نصف مليون لبناني من مناطق الجنوب.

وبعيدا عن الحرب، رغم أن التاريخ اللبناني قديم ويمتد إلى زمن الحضارة الفينيقية القديمة، كما مرّت على لبنان عدّة حضارات وشعوب استقرت فيه منذ عهد الفينيقين، مثل المصريين القدماء، الآشوريين، الفرس، الإغريق، الرومان، الروم البيزنطيين، العرب، إلا أن لبنان المستقل لم تظهر إلا في العصور الحديثة وقبل نحو 80 عاما، حيث ظل طوال الوقت جزءا من الأراضي السورية.

بحسب كتاب "دور الإدارة الأمريكية والقوى الغربية في لبنان 1943-1961" تأليف ياسر طالب الخزاعلة، فإن فكرة تأسيس دولة لبنان، ظهرت ذات طابع مسيحي برعاية فرنسية، وأخذت تتبلور نتيجة العلاقة الوثيقة بين زعماء الكنيسة المارونية وفرنسا، فيما رفض المسلمون هناك هذه التوجه، وعملوا على تأييد حكومة الفيصل العربية، إلى أن جاء قرار الجنرال جورو بفصل لبنان عن سوريا، وإعلان دولة لبنان الكبير في 31 أغسطس في عام 1920، وجاء القرار ليؤكد رغبة فرنسا في إعطاء لبنان طابعا مميزا عن محيطه العربي.

لكن بعيدا عن التاريخ الحديث مر على لبنان القديم، عدد من الحضارات العظيمة،

حضارة التيبى

وتعد حضارة التيبى أو كوبيك تيبى هي أقدم الحضارات الإنسانية عمراً، ومن أقدم الحضارات التي عرفها اللبنانيون عبر تاريخهم، إذ نشأت في منطقة الهلال الخصيب قبل 10 آلاف عام قبل الميلاد، حيث عثر على آثار لهم يعود تاريخها لـ10000 عام قبل الميلاد، وتعتبر تلك الآثار أقدم تماثيل موجودة على سطح الأرض.

ولعل سقوط تلك الحضارة القديمة، محل بحث، ولا يزال لغزًا حير العلماء كثيرًا، حيث أن المكان تعرض للطمر بعناية بالغة تحت الرمال كما لو كان مدفونا، ولكن لا توجد إجابة حقيقية عن سبب دفن هذا الأثر فهل تم دفنه لإخفائه عن أعين الغزاة أو للحفاظ عليه على أمل العودة إليه مرة أخرى؟

الحضارة البابلية

واحدة من أعظم حضارات التاريخ، عرفت قديمًا ببلاد سومر التي وقعت بين نهري دجلة والفرات في العراق، ظهرت ما بين القرنين 6 و18 قبل الميلاد، وكان مركزها مدينة بابل، أسسها حمورابى عام 1763ق.م. وهزم حمورابى الآشوريين في عام 1760 ق.م، وامتدت تلك الحضارة إلى منطقة الهلال الخصيب ومن بينها لبنان.

الحضارة الفينيقية

وهي من أشهر الحضارات التي قامت في لبنان القديم، وكانت واحدة من أعظم الحضارات على مر العصور، شهدتها منطقة الهلال الخطيب قبل 2500 عام قبل الميلاد، ويوافق العلماء عموما على أنها تشمل المناطق الساحلية في شمال فلسطين اليوم ولبنان وجنوب سوريا، أسس أصحابها إمبراطورية واسعة، وأسسوا مستعمرات كثيرة، وصلت إلى قرطاج في تونس حاليا.

لكن تلك الحضارة العظيمة اختفت أيضا، حيث لم يميل الفينيقيون في إقامة دولة قوية على غرار البابليين والآشوريين والمصريين إنما كانوا مقسمين إلى عدة دويلات(مدن)، وكان التنافس سائدا بينها.

 * اليوم السابع