علي عنتر.. روح وحدوية وأراده ثورية

2024-10-30 23:13:06 أخبار اليوم /علي محمود يامن

  

اسم تردد صداه كثيرا في ميادين النضال ومعارك الدفاع عن الجمهورية، والثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وحماية المكتسبات الوطنية، في كل مراحل النضال..

السياسي المناضل، والقائد العسكري اليمني الأكثر حضور في النكتة السياسية الشعبية ; ذات المغزى السياسي والاجتماعي.

 ساهم بتطوير القدرات الدفاعية لجيش اليمن جنوبا، وتميز بروح مرحة صادقة، وشخصية صريحة قريبة من البسطاء وملتصقة بالكادحين.

علي أحمد ناصر عنتر: ارتبط اسمه وحضوره في الذاكرة الوطنية الجمعية بالكفاح من أجل الجمهورية، على درب ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، والرابع عشر من أكتوبر المجيدة، يحضر في كل مناسبة تذكر فيها واحدية الثورة.

 - ولد في ربيع عام 1937م، بقرية "الخريبة ولد علي "إحدى قرى الريف اليمني بمحافظة الضالع، ذات الحضور النضالي والسياسي في مسيرة الثورة اليمنية شمالا وجنوبا، وتتميز بكونها في قلب التداخل الجغرافي اليمني، واحد اهم القواسم الوطنية المشتركة، وهي روح وطنية ولادة للأبطال باذخة النضال وافرة العطاء في ميادين الكفاح.

- تلقى مبادئ القراءة والكتابة في كُتّاب قريته، تمرس على أعمال أبناء الفلاحين، وتشرب من الريف قيم الكرم والنخوة والرجولة.

شارك في انتفاضة العام 56م. وشكلت نقطة فارقة في غرس الحسّ الوطني لديه وهو في بواكير صباه، حينها حمل عصاه لتعذر حصوله على السلاح ليشارك في أعمال مقاومة الاحتلال،

وفي ساحة المعركة التي دارت في قرية (الجليلة) وقرية (نعيمة)، وبإصراره حصل على بندقية قديمة نوع (صابة) وشارك مع مجموعة فدائية مسلحة، وضعت كمينًا لدورية بريطانية في منطقة (الضالع) وقد استمرت الاشتباكات لمدة أربعة أيام متتالية ضرب فيها المقاومون اروع الأمثلة في البطولة وانسحبوا نظرا لفارق الإمكانيات.

 لكنه قاتل حتى آخر طلقة في جعبته، ولحق برفاقه إلى مدينة (قعطبة) مركز انطلاق العمليات العسكرية ضد المستعمرين وعملائهم، وترأس فرقة فدائية هاجمت موقع بريطاني في منطقة (الصفراء)، وتمكن مع رفاقه من إصابة عدد من المستعمرين ثم انسحبوا بنجاح.

 - هاجر إلى الكويت للعمل وطلب الرزق، شأن كثير من اليمنيين في حقبة الإمامة والاستعمار التي انتجت الفقر والجهل والمرض، ومن ثم عاد مع عدد من رفاقه في العام 1960م إلى مسقط رأسه، ليمارس العمل الوطني والنضالي ضمن الحركة الوطنية اليمنية.

- في الكويت التحق مبكرا بحركة القوميين العرب وعمل بنشاط بين أوساط العمال اليمنيين المتواجدين في الكويت، وشكل بين أوساطهم خلايا تابعة للحركة.

 وشارك في تأسيس فرع الحركة في محافظة (الضالع)، وتولى قمة هرم المسؤولية في قيادتها.

وفي الـ26 من سبتمبر عام 1962م اندلعت الثورة ضد الإمامة في شمال الوطن قرر عنتر ورفاقه الالتحاق بركب مسيرة الدفاع عن الثورة.

 وعقد أبرز قادة حركة القوميين العرب في (الضالع) اجتماعهم في منزل الشهيد المناضل (علي شائع هادي) حيث قرر المجتمعون الدفاع عن الثورة الوليدة، للقضاء على الحكم الإمامي الكهنوتي السلالي في شمال الوطن، المتخادم مع المحتل البريطاني في وأد أية حركة ثورية ضد المحتل، وتحرك عدد كبير من الفدائيين من مختلف مناطق الجنوب للدفاع عن الجمهورية الفتية.

المناضل علي عنتر أصغر فرد في المجاميع المقاتلة، التي انطلقت من الضالع، شارك مع رفاقه في العديد من المعارك، أبرزها معركة الجميمة بالقرب من قعطبة، وإحباط مع رفاقه تهريب مجموعة من الدبابات من قعطبة إلى الضالع.

شارك ورفاقه في الدفاع عن جمهورية سبتمبر في العديد من الجبهات، في المحابشة وصنعاء وصرواح وعن تلك المرحلة يقول الشهيد في محاضرة:

 "لقد ناضلنا في حرض وفي صرواح وفي المحابشة وفي كل جبل من جبال المحافظات الشمالية، في مواجهة فلول الإمامة وتثبيت ثورة 26 سبتمبر، وناضل إخواننا ورفاقنا من أبناء المحافظات الشمالية نضالاً مستميتاً في شوارع عدن، وفي جبال الضالع، وردفان، بل وفي كل جبل من جبال الشطر الجنوبي، الأمر الذي يؤكد على أن الثورة اليمنية قد شكلت الإطار القوي لوحدتنا الحقيقية..

 وعن دور ثورة سبتمبر في التمهيد لثورة أكتوبر، يؤكد الشهيد في محاضرة له في جامعة عدن بالقول:

"لقد قمنا بالثورة ونتمنى أن نموت ونحن نناضل من أجل تحقيق أهدافها السامية، مؤكداً أن الفضل الأول يعود لأولئك الرواد، الذين فجروا ثورة 26 سبتمبر التي مهدت الطريق أمام قيام ثورة الـ 14 من أكتوبر، بحيث كان حتمياً أننا وبعد أن قضينا على الإمامة، أن يناضل أبناء اليمن شمالاً وجنوباً لتحرير الجزء المحتل من وطنهم من قبضة الاستعمار".

ويضيف: "لقد انطلق المارد الجبار من صنعاء الثورة محققاً أهم انتصار للحركة الوطنية اليمنية.

 - أثناء قيام ثوره 14 أكتوبر 1963 بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل كان ضمن طلائعها الأوائل، حيث عمل ورفاقه على ترتيب العمل العسكري في الضالع وإيصال السلاح للمقاتلين في جبهة ردفان.

وفي عام 64 أرسل أول مجموعة من ثوار 14 أكتوبر للتدريب في تعز بقيادة الشهيد علي شايع هادي.

- وفي صبيحة 22 يونيو 1967م شهدت (الضالع) أكبر وأعنف مسيرة جماهيرية، ومن على متن إحدى الدبابات البريطانية كان عنتر يخاطب الجماهير: (أيها الرفاق.. تحقق النصر.. وتحررت منطقة الضالع من المستعمرين وهو الانتصار الذي صنعته هذه الجماهير الفقيرة بفضل تضحياتها الكبيرة من أجل الحرية والاستقلال).

عين قائدا لجيش التحرير لمنطقة الضالع، وقاد أول عملية عسكرية ضد القوات البريطانية ليلة 24 -7-1964م، ليفتح ثاني جبهة بعد جبهة (ردفان)، دشن بها مرحلة جديدة من حرب العصابات وأظهر شجاعة قوية وقدرات ومهارات قيادية عالية أكسبته الاحترام بين رفاقه كما أصبح اسمه يثير الذعر لدى المستعمرين وأعوانهم.

 - شكلت الوحدة اليمنية وواحدية النضال والثورة أهم مرتكزات الوجدان الوطني والضمير السياسي للشهيد.

وقد أوصى الحزب “الاشتراكي” الحفاظ عليها مهما كان الثمن، واستشهد بتجربته السياسية والنضالية ليؤكد على واحدية الثورة اليمنية ولحمة المصير والهدف.

 وقال مخاطباً الشباب: “لقد عانى آباؤكم من المآسي والويلات ما لم تعانوه، ولحق بنا في الشمال والجنوب ظلم الإمامة والاستعمار، فقد فرض علينا التشطير والجهل والتخلف، فلا تعليم إلا لأبناء الميسورين فيما كنا نخزن حب القمح والذرة لمدة سبع سنوات ليس لوفرته، إنما خوفاً من أن يأتي اليوم الذي لا نجد فيه ما نسد به الرمق”.

وأضاف: “لا بد أن تعي الأجيال التي ستأتي بعدنا أن آباءهم وأجدادهم قد جسدوا الوحدة الوطنية بأسمى معانيها، ولم يزدهم ظلم الإمامة واستعباد الاستعمار إلا إصراراً وتمسكاً بتلاحمهم.. فكنا حينما تنتهي علينا حبوب الطعام أو نجوع في الضالع نذهب لنأتي بالذرة والقمح من إب وليس من استراليا، لإيماننا وقناعتنا بأن اليمن واحد ومعاناته واحدة وتاريخه واحد”.

وتساءل علي عنتر في محاضرته قائلاً: من أنقذ هذا الوطن؟.. أليست الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر؟! ومن حرر هذا الشعب من الاستبداد والاستعباد الإمامي والاستعماري؟ أليست أيضاً الثورة؟!، ومن سيخرج هذا الشعب من دائرة التشطير والتجزئة وموروثاتها؟!.. إنها الثورة أيضاً، خاصة أن من أحكموا علينا تلك القبضة لم يكتفوا بتشطير اليمن إلى جزأين، بل أنهم شطرونا أيضاً داخل كل جزء، فكان صاحب المسيمير غريباً في بلاد الحواشب، وصاحب العوالق عندما يذهب إلى منطقة أخرى يشعر وكأنه في غير وطنه، بل أنهم أرادوا تمزيقنا قرية قرية، ولو لم نتحرك باتجاه تغيير تلك الوضعية لأصبحت حياتنا هدراً.

وأضاف: لا تنخدعوا بالشعارات، لا بد أن يتحلى الجميع بنفس الرجولة والشجاعة التي كانت لدى أولئك الذين صنعوا الثورة والذين قدموا رؤوسهم قرباناً للحرية على طول وعرض اليمن، كما أن علينا أن نحافظ على إنجازات الثورة , وأن نصونها وأن لا نساوم حولها بدافع خلل ما أو مجاملة أو محاباة لبعض من تضررت مصالحهم، وليس من حق أحد أن يمن على اليمن بنضاله، فقد ناضلنا كلنا وكل واحد منا كان مكملاً للثاني، ولكي نضمن استمرارية هذه الانتصارات في المستقبل فلا بد أن نجعل مصلحة الوطن فوق مصالحنا الذاتية، وأقول للشباب ومن خلالكم إلى الأجيال القادمة، راقبوا الممارسات وليس الشعارات، ولا تدعوا أحداً يغالطكم أو يسعى إلى استغفالكم من خلال بعض المفاهيم الخاطئة، فاليمن قد انتصرت ورسمت ملامح طريق المستقبل، وعليكم أن تحافظوا على هذه النجاحات، ولا تكونوا كمن يزرع الثوم ويتطلع لجني البصل”.

وأضاف: “وأقول إن الوحدة آتية، فهي الحقيقة التي ناضل من أجلها أبناء الشعب اليمني، ومن تغضبه هذه الحقيقة فعليه أن يضرب رأسه عرض الحائط.. لقد سالت الكثير من دماء اليمنيين فداء لهذا الهدف الذي يمثل أغلى شيء في حياتهم، ولذلك فقد أكدنا على الحزب الاشتراكي “اليمني” وليس “العدني” أن يضع تحقيق الوحدة اليمنية نصب عينيه وهو الحال الذي ينطبق على إخواننا في شمال الوطن..

"أن الثورة اليمنية قد شكلت الإطار القوي لوحدتنا الحقيقية وعلى الاشتراكي الحفاظ على الوحدة"

 *****

محطات من حياة الشهيد:

- شارك في أعمال المؤتمر الثاني للجبهة القومية في جبلة عام 1966م، حيث تم انتخابه عضو في القيادة العامة للجبهة القومية.

- أعيد انتخابه عضوا في القيادة العامة في المؤتمر الثالث.

- شارك في المؤتمر العام الرابع للجبهة القومية في مدينة زنجبار وأعيد انتخابه عضوا في القيادة العامة.

- تم انتخابه لعضوية اللجنة التنفيذية للجبهة القومية من الفترة 1969م-1972م .

- عين قائدا للجيش العام 69م ثم انتخب عضوا في أول مجلس رئاسي تم تشكيلة 22يونيو 1969م

- عضو مجلس الشعب الأعلى العام 70م.

- عضوا في اللجنة المركزية وفي المؤتمر الخامس والسادس والتوحيدي.

- نائب لوزير الدفاع عام 1970م.

- التحق بأكاديمية الأركان العامة السوفيتية عام 74/ 75م ترقى إلى رتبة مقدم ركن.

- في العام 78 م ترقى بقرار جمهوري إلى رتبة عقيد.

- أعيد انتخابه في الدورة الانتخابية لمجلس الشعب الأعلى عام 1978م، وتم تعيينه نائبا لرئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى.

 - عين نائبا لرئيس مجلس الشعب الأعلى. انتخب عضوا للمكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني

- في العام 81م عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا لدفاع ثم وزيرا للحكم المحلي وعضوا للمكتب السياسي

-- انتخب عضواً في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمره الأول.

- في مايو 1981م تم تعيينه نائب أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع.

- انتخب عضوا في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي في المؤتمر الاستثنائي للحزب.

  • أعيد انتخابه عضوا للمكتب السياسي في المؤتمر الثالث للحزب في أكتوبر 1985م وظل عضوا فيه حتى يوم استشهاده في الأحداث الدامية صبيحة يوم الثالث عشر من يناير 1986م.
              

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
صحفي من تهامة يروي تفاصيل مرعبة لعملية اختطافه وتعذيبه ولحظة مهاجمة الحوثيين لمنزله بالأطقم العسكرية

بينما كنت أمسح رأس طفلي، كانت أصوات المليشيات الحوثية تتردد في أرجاء منزلي الكائن في السلخانة الشرقية، بمديرية الحالي، في يوم 13 نوفمبر 2018. في سردٍ مأساوي مليء بالقهر والألم، يستعرض محمد علي الجنيد، تلك اللحظة الفارقة ال مشاهدة المزيد