الصيادون.. ضحايا صمت الحوثي وجحيم الحرب.. من رزق البحر إلى قبره: حكايات مأساوية من الحديدة

2024-11-07 03:39:51 أخبار اليوم/أحمد حوذان

   

في خضم الحرب الدائرة في اليمن، حيث تتلاشى الأصوات البشرية تحت وطأة الصواريخ والقنابل، تبرز مأساة جديدة تكشف عن حجم المعاناة التي يعيشها اليمنيون. في مياه البحر الأحمر الصافية، حيث اعتاد الصيادون أن يجدوا رزقهم، غرق عدد من الأبرياء، تاركين وراءهم أسرًا مفجوعة وأطفالًا يتامى.

"كانت الحياة في قرية الشجن تتوقف على البحر، ففيه يجد الصيادون رزقهم، ويشكلون شبكة أمان لعائلاتهم. لكن هذا الحلم تحول إلى كابوس، عندما غرق عدد من أبنائها في رحلة صيد، تاركين وراءهم فجوة لا يمكن تعويضها.

محمد، الذي كان يعول أسرة كبيرة، كان من بين الضحايا. زوجته فاطمة، التي ما زالت تبحث عن جثته، تقول بمرارة: "كان البحر بالنسبة لنا مصدر رزق، والآن أصبح مقبرة لأحبائنا. لا نعرف كيف سنعيش بعد رحيله".

أطفال محمد، الذين كانوا ينتظرون عودته بفارغ الصبر، باتوا يتيمين. صورتهم وهم يلعبون على الشاطئ، وهم يحلمون بمستقبل أفضل، تتناقض بشكل صارخ مع واقعهم المرير.

ولكن الأشد مرارة، هو تجاهل مليشيا الحوثي الإرهابية لهذه المأساة الإنسانية. فبدلاً من تقديم العزاء لأسر الضحايا والمساعدة في انتشال الجثث، اختارت الصمت والتجاهل. هذا الصمت المدوي يكشف عن قسوة قلب من يزعمون الدفاع عن المظلومين.

إن غرق الصيادين في الحديدة ليس مجرد حادث عادي، بل هو نتيجة مباشرة للحرب والصراع الذي تشهده اليمن. فالحرب دمرت البنية التحتية، وأدت إلى انتشار الفقر والبطالة، مما أجبر الكثيرين على المخاطرة بحياتهم من أجل لقمة العيش.

إن تجاهل مليشيا الحوثي الإرهابية لمأساة الصيادين هو جريمة إضافية تضاف إلى سجلها الحافل بالانتهاكات. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، وأن يضغط على جميع الأطراف المتنازعة لوقف العنف، وحماية المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية لمن هم في أمس الحاجة إليها.

يقول أحد أهالي الضحايا كعادتهم يذهب أخي محمد وزملائه لأسبوعين وشهر بحثا عن الرزق في البحر ثم يعودون حاملين الخير لأطفالهم وأسرهم ومما قسم لهم الله من رزق كان البحر هادئا قبل الأحداث التي جلبتها مليشيا الحوثي للبحر الأحمر فكانت بمثابة ضربة أولية لمضاعفة معاناة الصيادين من أبناء محافظة الحديدة مما جعلهم عرضة لخطر الاستهداف والألغام الحوثية وكذلك منعهم من العمل والصيد ومزاولة المهنة إضافة إلى محاوله مليشيا الحوثي الضغط عليهم وتجنيدهم في الأعمال الإرهابية

يستطرد محمد وزملاؤه، الذين قاوموا المليشيات، بأنهم كانوا هدفًا آخر للممارسات العنيفة، حيث فقدوا أرواحهم وتركوا أسرًا تعاني من الجوع.

كما أشار إلى أنه قبل اندلاع الحرب المدمرة التي شنتها مليشيا الحوثي، كانت حياة الصيادين وأسرهم مليئة بالسعادة والطمأنينة والهدوء، مضيفًا أن المليشيات حولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق.

كانت شباك الصيد معلقة على الجدار، تتمايل بلطف في نسيم البحر. كانت تذكر فاطمة بأيام سعيدة، عندما كان زوجها يعود محملاً بالأسماك الطازجة. اليوم، تبدو الشباك كأشباح تحكي قصة مأساوية. كلما نظرت إليها، تتذكر ابتسامة محمد وهو يقبل رأس أطفالهما ويعدهم بعودة محملة بالهدايا. الآن، تلك الابتسامة قد غابت، وحل محلها الصمت الحزين والألم الذي لا يوصف."

"كانت عيون فاطمة تلمع حزناً وهي تتذكر آخر لقاء لها بزوجها محمد. كان يقبل رأس أطفالهما ويعدهم بعودة محملة بالهدايا. لم تكن تعلم أن هذا الوداع سيكون أبدياً. تقول فاطمة بصوت يختنق بالبكاء: "كان البحر بالنسبة لنا كل شيء. فيه كنا نجد رزقنا، وعبر أمواجه كنا نتواصل مع العالم الخارجي. اليوم، أصبح البحر قبرًا لأحبائنا، وأصبحنا نعيش في جحيم من الفقر واليأس".

مما يزيد من مرارة الحادثة، هو تجاهل مليشيا الحوثي التام لهذه الكارثة الإنسانية. فلم تبذل أي جهود لإنقاذ الصيادين الغارقين، ولم تقدم أي دعم لأسرهم المتضررة.

 وتترك هذه الحادثة العديد من التساؤلات حول مدى اهتمام المليشيات بحياة المدنيين، وخاصة أولئك الذين يعتمدون على البحر كمصدر رزق.

يأتي هذا الحادث في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، حيث يعاني ملايين اليمنيين من الجوع والفقر والمرض.

وتؤكد هذه الحادثة مرة أخرى أن الصراع في اليمن لا يؤثر فقط على الأطراف المتحاربة، بل يدمر حياة المدنيين الأبرياء."

                 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد