2024-11-28
الانهيارات الأرضية في اليمن: كارثة إنسانية تتطلب حلولاً مستدامة
في تحول مفاجئ للأحداث، تشير التقارير الأخيرة إلى تعمق العلاقات بين روسيا ومليشيا الحوثي الإرهابية، حيث تتجاوز هذه العلاقة مجرد الدعم اللوجستي لتصل إلى التعاون العسكري المباشر. هذا التطور الجديد، مدفوعًا بالصراع في أوكرانيا وتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، يهدد بتعقيد الأزمة اليمنية بشكل كبير. فكيف ستؤثر هذه الشراكة على جهود السلام؟ وما هي التداعيات المحتملة على أمن واستقرار المنطقة؟"
ولطالما اتسم الموقف الروسي من الصراع اليمني بالغموض والتناقض. ففي حين تدخلت روسيا عسكريًا في صراعات أخرى بالمنطقة، مثل سوريا وليبيا، إلا أنها اتبعت سياسة أكثر تحفظًا في اليمن. ومع ذلك، فإن تحالفها الاستراتيجي مع إيران، التي تدعم مليشيا الحوثي بقوة، يشير إلى تحول محتمل في موقف موسكو.
قد يكون الدافع وراء هذا التحول هو الرغبة في تقويض النفوذ الأمريكي في المنطقة، أو استغلال الصراع اليمني كأداة ضغط في مفاوضاتها مع الغرب."
- هل موسكو تدعم مليشيا الحوثي فعلا؟
في أكتوبر الماضي، اتهم مسؤولون أمريكيون وبعض الصحف الأمريكية روسيا بالتورط في تزويد مليشيا الحوثي بأسلحة متقدمة لمهاجمة السفن الأمريكية في البحر الأحمر ردا على الدعم الأمريكي المتواصل لأوكرانيا، لكن روسيا نفت تلك الاتهامات، في حين أفادت عدة مصادر بأن إيران تتوسط في محادثات سرية جارية بين روسيا ومليشيا الحوثي لنقل صواريخ مضادة للسفن إلى المليشيات.
ويسلط هذا التطور الضوء على العلاقات المتنامية بين طهران وموسكو، وسط مخاوف من أن يؤثر ذلك على معادلات الصراع في اليمن، لا سيما في ظل ضعف الدعم السعودي للسلطة اليمنية الشرعية ضد مليشيا الحوثي، بينما قد تدعم روسيا مليشيا الحوثي بأسلحة متقدمة لشن هجمات نوعية ضد السفن والقطع الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، لكن تلك المليشيات قد تدخر جزءا كبيرا منها لاستخدامه في معاركها المؤجلة ضد اليمنيين أو ضد السعودية في حال فشلت تفاهماتها معها.
وفي 25 نوفمبر الجاري، أفادت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بأن روسيا بدأت في تجنيد مئات المرتزقة من اليمن للقتال في أوكرانيا بالتنسيق مع مليشيا الحوثي في وقت مبكر من شهر يوليو الماضي، وأن روسيا وعدتهم بأجور عالية وحتى بالجنسية الروسية.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين أمريكيين قولهم إن المصلحة بين الكرملين ومليشيا الحوثي أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل الحرب في أوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم لاندركينغ، قال إن روسيا "تتفاوض بالفعل بنشاط مع مليشيا الحوثي، ونعلم أن هناك فريقا روسيا في صنعاء يتولى هذه القضية". وأضاف: "أنواع الأسلحة التي تُناقَش مثيرة للقلق، وستسمح لمليشيا الحوثي باستهداف السفن بشكل أفضل في البحر الأحمر وربما خارجه".
- محطات في الموقف الروسي من حرب اليمن
بالرغم من أن روسيا امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي دعا مليشيا الحوثي إلى الانسحاب من الأراضي التي سيطروا عليها، ونزع سلاحهم من جانب واحد، وانتقدت التدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، فإن موقفها من طرفي الصراع اتسم بالتوازن الدبلوماسي، فمن جهة ظلت معترفة بالسلطة اليمنية الشرعية، ومن جهة ثانية ظلت محتفظة بتمثيل دبلوماسي في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الانقلابيون (تحالف علي صالح ومليشيا الحوثي)، قبل أن يقتل مليشيا الحوثي حليفهم علي صالح إثر توتر العلاقة بين الطرفين.
فضلا عن ذلك، تجاهلت موسكو مطالب الانقلابيين لها بالتدخل العسكري إلى جانبهم، ولم تعلق عليها ولو بمجرد تعليق، كما أنها لم تعترف بأيٍّ من الإجراءات الأحادية التي اتخذها الانقلابيون، مثل تشكيل حكومة إنقاذ وغير ذلك، ولم تسحب دبلوماسييها من صنعاء إلا بعد اندلاع المواجهات بين طرفي الانقلاب، علي صالح ومليشيا الحوثي، في ديسمبر 2017، وسقوط قذائف بالقرب من مبنى سفارتها بصنعاء.
وبالرغم من تأكيد روسيا الدائم على دعم الحكومة اليمنية الشرعية، كان لافتا تحذيرها من خطط التحالف العربي بقيادة السعودية لتحرير مدينة الحديدة، في مارس 2017، أي قبل معركة الحديدة بعدة أشهر، بذريعة أن ذلك سيقطع وصول المساعدات الإنسانية إلى صنعاء، وسيجبر السكان على الهروب، وفق تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا. وفي أواخر عام 2021، عارضت موسكو تصنيف الولايات المتحدة لمليشيا الحوثي منظمة إرهابية.
وفي 25 يناير الماضي، استقبلت موسكو وفدا من مليشيا الحوثي، واجتمع الوفد مع مسؤولي وزارة الخارجية الروسية، لإجراء محادثات حول التصعيد العسكري في البحر الأحمر، والحرب في اليمن، والعدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وقال الجانبان، في بيانين منفصلين، إن المتحدث باسم مليشيا الحوثي، محمد عبد السلام، الذي ترأس الوفد، اجتمع مع نائب وزير الخارجية والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.
وفي الثاني من يوليو الماضي، استضاف نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، وفدا من مليشيا الحوثي في موسكو، وذكر تقرير لوزارة الخارجية الروسية أن بوغدانوف ناقش مع وفد مليشيا الحوثي تفاقم الوضع في البحر الأحمر، والحاجة إلى حوار بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة.
- دعم أعداء واشنطن
وبعد فشل روسيا في تحقيق أهدافها في الحرب على أوكرانيا، بسبب الدعم المستمر لأوكرانيا من جانب حلف الناتو، هددت موسكو بتزويد الأطراف المعادية للغرب بأسلحة متطورة.
ففي يونيو الماضي، ذكر موقع "في زد" الروسي أن موسكو تفكر في إمكانية تزويد الدول التي تشهد حالة صراع مع الغرب بأسلحة متطورة بعيدة المدى، ردا على استمرار إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا.
وقال موقع "في زد" إن الرئيس فلاديمير بوتين أشار، خلال لقاء على هامش منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادي الدولي، إلى أن موسكو ستدرس الخيارات المتاحة للرد على قرار حلف الناتو بتزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى لضرب روسيا، لافتا إلى أن روسيا قد تتخذ إجراءات مماثلة كرد فعل. ووفقا للموقع الروسي، فإن الخبراء يرون أن لكل دولة من دول الناتو الرئيسية نقاط ضعف يمكن استغلالها ضدها، وأشار إلى أن روسيا يمكن أن تستفيد من دعمها لمليشيا الحوثي في اليمن الذين يستهدفون القواعد والمعدات الأمريكية.
وفي يوليو الماضي، أفادت مصادر إعلامية بأن روسيا تراجعت عن تزويد مليشيا الحوثي بصواريخ ومعدات عسكرية، بعد ضغوط دبلوماسية من السعودية وأمريكا، وكان لرفض الرياض لهذه الخطط دور كبير في دفع موسكو إلى العدول عن قرارها، مع أنها كانت قد أرسلت أفرادا عسكريين لتقديم استشارات لمليشيا الحوثي.
- طهران والرياض.. محور التوازن
تعد السعودية وإيران أبرز الفاعلين الإقليميين في الملف اليمني، وهو ما جعل اليمن نقطة التقاء للسياسات المتضاربة. وفي حين تتخذ إيران من اليمن ساحة لتصفية حسابات إقليمية، فإنها تستغل تحالفها مع موسكو لتحويل اليمن إلى ساحة تصفية حسابات عالمية، أملا في أن يخدم ذلك حلفاءها مليشيا الحوثي بشكل أو بآخر، خصوصا أن السعودية تبدو في موقف متذبذب، حيث تخلت جزئيا عن دعم السلطة اليمنية الشرعية، وتصالحت مع إيران ومليشيا الحوثي، وهو ما تحاول طهران استغلاله لتشكيل موازين جديدة في المشهد اليمني، سواء من خلال التسويات الإقليمية أو الاصطفافات الدولية.
وفي المقابل، تعمل السعودية على تنويع علاقاتها ومحاولة الابتعاد جزئيا من المظلة الأمنية الأمريكية، بعدما استشعرت أن واشنطن بدأت تتخلى عنها، فاتجهت للمصالحة مع إيران والحوثيين وتقوية علاقتها مع روسيا من خلال صفقات السلاح وتنسيق السياسات النفطية ضمن تحالف "أوبك+"، وذلك لإحداث توازن دقيق في علاقاتها مع مختلف القوى الإقليمية والدولية، وبنفس الوقت ستظل حذرة من تعزيز إيران نفوذها في اليمن أكثر مما هو قائم الآن، ونجحت في الضغط على روسيا للتراجع عن تسليح مليشيا الحوثي في يوليو الماضي، وما زالت حريصة على عدم خروج الوضع عن سيطرتها، لكن ليس هناك ما يضمن أن تمضي الأمور كما تريد لها أن تكون.
أما روسيا، فستظل هي الأخرى تسعى للموازنة بين علاقاتها مع طهران والرياض، وفق ما تقتضيه المصلحة مع كل منهما. ففيما يتعلق بالسعودية، فقد تحسنت العلاقة معها كثيرا، لا سيما بعد زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، عام 2017، وتوقيعه عدة عقود أسلحة بين البلدين. وبعد تجميد بعض المبيعات العسكرية الأمريكية للسعودية، عام 2021، بسبب إعادة تقييم العلاقات الدفاعية بين الطرفين، نظرت الرياض إلى روسيا كفرصة لتعزيز تعاونها العسكري، وتم الاتفاق على مزيد من صفقات الأسلحة.
ثم تعززت العلاقات أكثر بين الطرفين بعد توتر العلاقات السعودية الأمريكية، عام 2022، بسبب قرارات تحالف "أوبك+" المتعلقة بخفض إنتاج النفط، وهو ما أثار غضب واشنطن، واعتبرت الرياض أن موسكو تعد شريكا موثوقا في العديد من القضايا الدولية، وساهم ذلك في تقوية العلاقات بين السعودية وروسيا.
وبشأن إيران، فقد تحسنت علاقتها بروسيا كثيرا بعد أن تبين أن إيران تعد مصدرا مهما لتغطية العجز الروسي في بعض الأسلحة خلال حربها على أوكرانيا، مثل الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية. وبالرغم من أن هذا الدعم قد يقرب إيران أكثر من روسيا، ويُعقّد علاقات موسكو ببعض الدول العربية، مما يفاقم التوترات في الشرق الأوسط، فإنه سيكون على روسيا الموازنة بين علاقاتها مع إيران والسعودية، حتى وإن كان ذلك سيضعها في موقف حساس في حال تفاقمت التوترات في الإقليم، وقد يكون الخيار الوحيد أمام موسكو هو العمل على المصالحة بين الأطراف المتصارعة.
وهكذا يتضح أن دور روسيا في اليمن ودعمها المحتمل لمليشيا الحوثي يرتبط بشكل وثيق بعلاقاتها مع إيران والسعودية، فروسيا ستسعى للحفاظ على توازن دقيق بين الطرفين لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط، وبالتالي فموقفها من حرب اليمن أو تسليح مليشيا الحوثي يعكس تعقيدات المشهد السياسي في المنطقة، ومع ذلك يظل اليمن مسرحا لتجاذبات قد تعيد رسم خريطة التحالفات والنفوذ، وسيظل الموقف الروسي في اليمن انعكاسا لمعادلات أوسع تتجاوز حدود الصراع اليمني، وسيظل التوازن في اليمن والإقليم هشا وسيتأثر بأي تصعيد بين الرياض وطهران مستقبلا.
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
2024-10-14 03:09:27
الرئاسي والحكومة.. أسود على الجيش نعام على المليشيات
2022-11-30 09:33:59
الوطن يغرق على نغم في ضفاف النيل
2022-11-14 05:01:41
في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد